بعض ما ابتدعته قريش في دين إبراهيم عليه السلام

بواسطة | مشرف النافذة
2005/04/06
وذكر ابن إسحاق ما كانت قريش ابتدعوه في تسميتهم الحمس، وهو الشدة في الدين والصلابة.
وذلك لأنهم عظموا الحرم تعظيماً زائداً؛ بحيث التزموا بسببه أن لا يخرجوا منه ليلة عرفة، وكانوا يقولون: نحن أبناء الحرم، وقطان بيت الله. فكانوا لا يقفون بعرفات. مع علمهم أنها من مشاعر إبراهيم عليه السلام – حتى لا يخرجوا عن نظام ما كانوا قرروه من البدعة الفاسدة، وكانوا يمنعون الحجيج والعمّار – ما داموا محرمين – أن يأكلوا إلا من طعام قريش، ولا يطوفوا إلا في ثياب قريش، فإن لم يجد أحد منهم ثوب أحد من الحمس؛ طاف عرياناً ولو كانت امرأة، ولهذا كانت المرأة إذا اتفق طوافها لذلك؛ وضعت يدها على فرجها وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
قال ابن إسحاق: فكانوا كذلك حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه القرآن رداً عليهم فيما ابتدعوه، فقال: ﴿ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس﴾؛ أي: جمهور العرب من عرفات، ﴿واستغفروا الله إن الله غفور رحيم﴾[البقرة:199].
وقد قدمنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقف بعرفات قبل أن ينزل عليه؛ توفيقاً من الله له.
وأنزل الله عليه ردّا عليهم فيما كانوا حرموا من اللباس والطعام على الناس ﴿يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾ الآية [الأعراف:31و32].
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة، فتقول : من يعيرني تطوافاً؟ تجعله على فرجها، وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله
فنزلت هذه الآية : ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد﴾ [الأعراف: 31].
رواه مسلم.
وقال عروة:
كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس – والحُمس : قريش وما ولدت – وكانت الحمس يحتسبون على الناس؛ يعطي الرجل الرجل الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأة المرأة الثياب تطوف فيها، فمن لم تعطه الحمس طاف بالبيت عرياناً.
وكان يفيض جماعة الناس من (عرفات)، وتفيض الحمس من (جمع).
وعن عائشة رضي الله عنها:
أن هذه الآية نزلت في الحمس (وفي رواية: كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ) ، وكانوا يسمون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بـ(عرفات)، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي (عرفات) ثم يقف بها، ثم يفيض منها، فذلك قوله تعالى ): ﴿ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس﴾ [البقرة: 199]، قال: كانوا يقيضون من (جمع) ، فدفعوا إلى (عرفات).
رواه البخاري بهذا التمام (818 – مختصره) ومسلم (4/43) بحديث عائشة.

بحث سريع