نقابة إسطانبول

بواسطة | مشرف النافذة
2005/04/16
أول ما ظهر مركز نقيب الأشراف في عهد السلطان با يزيد الأول سنة 1400 م . ولكنه ألغي في عهد السلطان محمد الفاتح ، ثم أعيد العمل به في عهد با يزيد الثاني ، واستمر حتى آخر العهد العثماني . ومن الناحية التاريخية فقد كان مركز نقيب الأشراف من بين المراتب الأربع الأولى لطبقة العلماء ، وهم من الأدنى إلى الأعلى : قاضي اسطمبول ، قاضي عسكر الأناضول ، قاضي عسكر روميلي ، وشيخ الاسلام . فقد كان دائما واحد من هؤلاء على الأقل من الأشراف أو الأسياد !! ؛ وإذا ما حصل خلاف حول تعيين نقيب الأشراف ، فإن الأعلى مرتبة من بين الأسياد أو الأشراف يتقلد هذا المنصب . وتتم مراتب التنصيب عند الصدر الأعظم في الباب العالي . وكان نقيب الأشراف – اثناء مراسم التنصيب أو التهاني الخاصة عند السلطان – يتبوأ الصف الأول من بين رجالات الدولة ، حيث كان يقوم بمبايعة السلطان أولاً ، ثم يقوم بنفسه ، أو مع شيخ الاسلام سوية بتقليد السيف للسلطان . بعد ذلك ، أصبح نقيب الأشراف القيم الأول على تركة النبي صلى الله عليه وسلم ، وخصوصاً الراية المقدسة ؟! أو السنجق الشريف ؟! . وإذا ما خرج السلطان في حملة ، فقد كان على نقيب الأشراف أن يكون في ركابه ، وكان له سلطة على كل أمير ، كما كان له نواب في كل المقاطعات يتبعون له ، شأنهم في ذلك شأن حامل الراية المقدسة …" أهـ[1] . وممن تولى هذه النقابة :" السيد عبدالقادر القيصري نقيب الأشراف بالممالك العثمانية ، من بيت معروف بصحة النسب في مدينة قيصرية ، دخل دار السلطنة في ابتداء أمره ، وجدّ واشتغل ، ثم لازم المولى بهاء الدين زاده ، وسلك طريق القضاء ، فولي قضاء بلدته قيصرية ، وما انعزل عنها بقريب حتى طلب من طرف السلطنة ، وأعطي نقابة الأشراف بالممالك ، وكان النقيب إذ ذاك السيد يحيى قد مات ، وكان ذلك في شهر ربيع الآخر سنة ثمان بعد الألف ، فاستمر نقيباً إلى أن مات ، وكان فاضلاً أديباً شاعراً … وكانت وفاته في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وألف ، وولي النقابة بعده السيد ياوز المعروف بـ:" ياوز أمير " … " أهـ [2]. وممن تولاها " السيد محمد بن محمد بن برهان الحسيني الشهير بـ:"شيخي " ، وبـ:"العلامة الحميدي" الأصل القسطنطيني المولد ، نقيب الأشراف بممالك الروم المحروسة ، العالم الحبر المتبحر في المعقول والمنقول … عزل عن قضاء القدس ، فوجه اليه قضاء الغلطة ، ثم صار نقيب الاشراف مكان ابن عمه الشريف المذكور آنفا _ هو :المولى السيد محمد بن برهان الشهير بـ:"شريف " – وقد مدح الأدباء النقيب الحميدي عندما تولى النقابة ، ومما قاله أحمد بن شاهين : ثناءٌ لآلِ المصطفى وسنآءُ بمطلع سعد لم تنله ذُكاءُ و أنَّى لشمسِ الأُفقِ مطلع سؤدد له من علا نور النبي سناءُ و كلُّ فخارٍ بعدَ نورِ محمدٍ نبيِ الهدى في العالمين مناءُ وكتب إليه في جواب كتاب ورد إليه منه : ما لنا في الندى عليك اختيار كل ما يمنح الشريفُ شريفُ قال المحبي : وحكى والدي قال : أخبرني الشهاب الخفاجي ، وأنا بمصر في سنة ستين وألف أنه كان في يوم من اليام في مجلسه الرفيع المقام مع جماعة من الفضلاء وزمرة من الماجد النبلاء ، فاحتجب الشهاب الخفاجي عن المجلس لأجل الدخان ؟ وكان المنع عنه قد حصل من حضرة السلطان ، ولما عاد إلى المجلس أنشد الشهاب هذين البيتين : إذا شرب الدخان فلا تلمنا وجُدْ بالعفوِ يا روضَ الأماني تريد مهذباً من غيرِ ذنبٍ وهل عودٌ يفوحُ بلا دخانِ فأجابه نقيب الأشراف الحميدي في الحال على الارتجال : إذا شُرِبَ الدخانُ فلا تلمني على لومي لأبناء الزمانِ أريد مهذباً من غيرِ ذنبٍ كريحِ المسكِ فاحَ بلا دخانِ ثم عزل الحميدي عن النقابة ، وأعطي قضاء مكة ، فسافر بحراً ، فلما وصل إلى ثغر جدة أدركه الموت ، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وألف [3]. وكان لنقيب الأشراف دور بالغ في تهدئة بعض الأمور الخطيرة والنوازل الكبيرة ، التي كانت تعصف بالخلافة ، " ومن ذلك ما جرى في سنة 1655م من انتفاضة السيباهيون والانكشاريون ، ومطالبتهم باعدام الصدر الأعظم بشير باشا وشيخ الاسلام أسعد زاده أبو سعيد . وقد هاجم المتظاهرون السراي أولاً ، ثم منزل شيخ الاسلام ، ونهبوهما . وفي سبيل تهدئة الأمور ، وافق جميع أعضاء مجلس الدولة ، ممن كانوا حاضرين ، على إعدام الصدر الأعظم وشيخ الاسلام . غير أن نقيب الأشراف عارض إعدام شيخ الاسلام قآئلاً : سيكون فساد كبير إذا ما أعدم ، فإذا كان الرجل الذي يحمل شرف لقب شيخ الاسلام يعدم ، كأي مجرم عادي ، فإن ذلك سيكون فعلة شنعاء ، ثم إن شرف العلماء سيتلطخ ، وسيقتلون بعد ذلك بالتاكيد أي واحد منا تحت أي حجة . إن إعدام شيخ الاسلام لا يمكن أن يتم إلا على جثثنا . هذا الاعتراض من نقيب الأشراف منع من قتل شيخ الاسلام ، فنُفي … " أهـ [4].

بحث سريع