الوهابية و آل البيت

بواسطة | الشيخ ابن باز
2005/04/17
هل صحيح أن الوهابية تناصب آل البيت العداء ، وأنها تنتقص من سيد الخلق ، وما حقيقة الدعوة الوهابية؟ ولماذا تحارب بهذا الشكل؟ .
الوهابية منسوبة إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المتوفى سنة 1206 هـ ، وهو الذي قام بالدعوة إلى الله سبحانه في نجد ، وأوضح للناس حقيقة التوحيد والشرك ، ودعا الناس إلى توحيد الله وإفراد العبادة له سبحانه ، وترك التعلق على أصحاب القبور ، ممن يسمون بالأولياء ، ودعاؤهم من دون الله والاستغاثة بهم والاستعاذة بهم والنذر لهم ، وهكذا من يتعلق بالجن أو بعض الأشجار والأحجار ، وأوضح للناس هو وأتباعه من العلماء : أن هذا هو الشرك الأكبر ، وكان ذلك في منتصف القرن الثاني عشر الهجري ، إلى أن توفي رحمه الله في التاريخ المذكور ، وساعده في ذلك ونصر دعوته الإمام محمد بن سعود رحمه الله ، جد الأسرة المالكة اليوم من آل سعود ، وناصر دعوته وقام بها كل من لديه علم بما بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق ، فانتشرت دعوته رحمه الله في نجد وملحقاتها ، وأيدها علماء السنة في نجد والحجاز واليمن ، وفي مصر والشام والعراق ، والهند وغيرها .
وحقيقتها هي الدعوة إلى ما بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من توحيد الله ، والإخلاص له ، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وذلك بالإخلاص لله ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وترك ما عليه عباد القبور والأولياء من دعوة غير الله والاستغاثة بغير الله والذبح والنذر لغير الله ، وعاداها وأنكرها الجهال الذين لم يعرفوا ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق ، أو من نقلت لهم على غير حقيقتها ممن جهلها أو تعمد الكذب عليها .
والشيخ محمد رحمه الله وأتباعه الذين ناصروا دعوته ، كلهم يحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين ساروا على نهجه عليه الصلاة والسلام ، ويعرفون فضلهم ، ويتقربون إلى الله سبحانه بمحبتهم والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والرضا ، كالعباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبنائه ، وكالخليفة الرابع الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأبنائه الحسن والحسين ومحمد رضي الله عنهم ، ومن سار على نهجهم من أهل البيت في توحيد الله وطاعته ، وتعظيم شريعته ، كما أن الوهابية يسيرون على منهج السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان في العقيدة والقول والعمل ، ويبغضون من خالف سيرتهم ، وخرج عن نهجهم من سائر الطوائف ، وهذا هو الحق الذي يجب على كل مسلم أن يسير عليه ، ويعتقده ويدعو إليه ، كما قال الله سبحانه :" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الاخر و ذكر الله كثيراً " . " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم و الذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم و مما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده " . وقال سبحانه :" و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و أعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم " . و قال النبي صلى الله عليه وسلم :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " الحديث متفق عليه . و كان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته : " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم و شر الأمور محدثاتها و كل بدعة ضلالة " أخرجه مسلم في صحيحه . وقال عليه الصلاة والسلام : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة " .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
و مما ذكرنا يعلم السائل وغيره أن الوهابيين وهم أتباع الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله الذين ناصروا دعوته وساروا عليها ، وأوضحوها للناس ، ليسوا مبتدعة ، وليسوا ينصبون العداوة لأهل البيت ، أو يتنقصون النبي محمدا عليه الصلاة والسلام ، بل هم على طريقة السلف الصالح ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان ، وهم يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة صادقة أعظم من محبتهم لأنفسهم ووالديهم والناس أجمعين ، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب إليه من ولده و والده والناس أجمعين " .
ولما قال له عمر رضي الله عنه : لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال : " لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك " ، فقال له عمر : لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي ، فقل له صلى الله عليه وسلم :" الآن يا عمر " . أي قد تم الإيمان وكمل لكونه صلى الله عليه وسلم أحب إلى كل مؤمن من نفسه . و من أدلة صدق المحبة اتباعه صلى الله عليه وسلم ، والتمسك بما جاء به ، والحذر مما يخالف ذلك ، لقول الله عز وجل :" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم " .
أما الذين عادوا هذه الدعوة فهم الجهال بها ، أو أصحاب الهوى الذين باعوا آخرتهم بدنياهم وتابعوا أهل الباطل في عداء الحق ، إما عن جهل أو عن هوى ، كما فعلت اليهود في عداء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما بعثه الله به من الهدى ، حسدا وبغيا واتباعا للهوى ، نسأل الله العافية والسلامة .


المصدر : فتاوى ابن باز ، المجلد التاسع ، من أسئلة صحيفة المسلمون ، بإملاء سماحته في 12/3/1417هـ.

بحث سريع