أهل زوجته يتنادون بسيدي ومولاي لأنهم من آل البيت ما حكم ذلك ؟

بواسطة | إدارة الموقع
2004/12/06

أهل زوجتي يقولون عن أنفسهم إنهم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهم ينادون بعضهم دائمًا بـ: (سيدي ومولاي فلان). تناقشت مع زوجتي وقلت لها: إن ذلك لا يجوز شرعًا، حتى و إن كانوا من آل البيت. وهي ترفض ذلك، هل يجوز شرعًا التنادي بهذه الألقاب؟ وهل من حقي الطلب من زوجتي ألا تستعمل هذه الألقاب، وما قول الشرع إن رفضت ذلك مع علمها أني أكره ذلك؟.الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
   فقد اختلف أهل العلم في جواز إطلاق لفظ السيد على المخلوق، وذلك نظرًا لما جاء في الحديث أن وفدًا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم, فقالوا : أنت سيدنا. فقال: "السَّيِّدُ اللهُ …"الحديث. رواه البخاري في الأدب المفرد (211) وأبو داود (4806) والنسائي في الكبرى (10074)وغيرهم .
   كما جاء في تفسير اسم الله ( الصمد) بأنه السيد الذي تصمد إليه الخلائق ..( راجع تفسير سورة الإخلاص) . وبالمقابل جاءت نصوص أخرى أطلق فيها لفظ سيد على بعض المخلوقين مثل:
  - قوله صلى الله عليه وسلم: "أنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يومَ القِيامَةِ". رواه مسلم (2278)وغيره.
  – وقوله صلى الله عليه وسلم: "قُومُوا إلَى سيِّدِكُمْ". رواه البخاري (3043) ومسلم (1768).
  – وقوله صلى الله عليه وسلم, في الحسن: "إنَّ ابْنِي هَذا سَيِّدٌ ..". رواه البخاري (2704).
  - وقوله صلى الله عليه وسلم, في الحسين: "الحسَنُ والحُسَينُ سَيِّدا شَبابِ أهلِ الجنةِ". رواه الترمذي (3768).
  - وقوله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة،رضي الله عنها: "أَلَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُوني سيدةَ نساءِ المُؤمنين، أو سيدةَ نساءِ هذه الأُمَّةِ؟". رواه البخاري (6285) ومسلم (2450).
  - وقول عمر، رضي الله عنه : أبو بكر سيدنا ، وأعتق سيدنا. [يعني بلالاً] رواه البخاري (3754).
    وعند التأمل في هذه النصوص يظهر – والله أعلم – أن السيادة على نوعين :
  النوع الأول: سيادة مطلقة، بمعنى الملك المطلق التام، والتدبير المطلق والتصرف المطلق، ونحو ذلك من المعاني التي لا تليق إلا بذي الجلال والإكرام ، فهذه لا تكون إلا لله تعالى، فليس لأحد غير الله ملك مطلق ، ولا تصرف مطلق ، ولا نحو ذلك من المعاني . وعلى هذا تفهم النصوص التي جاء فيها أن (السيد الله) .
   النوع الثاني: سيادة مقيدة، بمعنى الشرف والطاعة والإمرة، ونحو ذلك من المعاني المقيدة بنسبة ، أو إضافة إلى شيء معين، كالعلم والنسب والكرم والشجاعة، والرئاسة، فهذا النوع من السيادة محدود زمانًا ومكانًا، وعلى قوم دون قوم، وعلى نوع دون نوع. وعلى هذا تفهم النصوص الواردة بإطلاق لفظ سيد على بعض المخلوقين.
    وإذا تبين هذا فلا مانع من إطلاق هذا النوع من السيادة على من يستحقه من المخلوقين، بل ومخاطبته بذلك، وفق الشروط التالية :
   1. أن تكون السيادة مقيّدة لا مطلقة .
   2. أن يكون من تطلق عليه أهلاً للسيادة، بأن يصدق عليه معنى من معاني السيادة أو أكثر، مما يتعارف عليه الناس .
   3. أن يكون من تطلق عليه صالحًا تقيًّا ، فلا يصح إطلاقها على من ليس كذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ : سَيِّدُنَا". أخرجه أحمد ( 22939) وأبوداود (4977) والنسائي في الكبرى (10073). ويلتحق بالمنافق الكافر؛ لأن السيادة فيها نوع رفعة لا يستحقها الكافر، لقوله تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)]النساء:من الآية141[. ولحديث: "الإسلامُ يَعْلُو ولا يُعْلَى عَلَيْه". أخرجه الدارقطني 3/252 والبيهقي 6/205، وكذلك الفاسق المجاهر بمعاصيه ، فلا يجوز تسويده ، إذ ليس لفاسق رفعة على الصالحين . وقد يستثنى من هذا حالة الإخبار ، فيطلق على الكافر ونحوه لفظ سيد قومه ، وسيد الشعب الفلاني ، على سبيل الإخبار بأنه سيد لقومه فحسب ، لا على سبيل الإكرام والإجلال .
   4. أن يكون المقصود من إطلاق هذا اللقب التقدير والاحترام فحسب . . ألا يترتب على إطلاقه محذور شرعي، كإعجاب المخاطَب، وخنوع المخاطِب، لأنها حينئذٍ تكون وسيلة إلى أمر محرَّم شرعًا، وما أدى إلى الحرام فهو حرام . وقد تعارف الناس منذ زمنٍ على تلقيب أولاد فاطمة، رضي الله عنهم، بنت النبيّ صلى الله عليه وسلم – بالسادة ، وهذا اللقب أخص من لقب الشريف ، لأن الشريف يطلق من قديم على كل هاشمي ، فيدخل فيه أولاد فاطمة وغيرهم من بني هاشم،رضي الله عنهم، بخلاف (السيد) فلا يطلق إلا على أولاد فاطمة، رضي الله عنها.
    وعليه فلا مانع من تلقيب من كان من ذرية فاطمة،رضي الله عنها- بلفظ (سيد)، بشرط صحة نسبه إلى فاطمة،رضي الله عنها، بحيث لا يكون منتحلاً لهذا النسب الكريم، ولا دَعِيًّا..، إضافة إلى الشروط السابق ذكرها وهي :
   1.أن تكون السيادة مقيّدة لا مطلقة، وتقييدها هنا بالنسب، أي أنه سيد في نسبه.
   2.أن يكون أهلاً للسيادة، وأهليته هنا صحة نسبه إلى فاطمة،رضي الله عنها، فكيف إذا انضم إلى ذلك أنواع أخرى من السيادة ؟!
   3.وأن يكون صالحًا تقيًّا .
   4. وأن يكون المقصود من إطلاقه عليه التقدير والاحترام لا غير .
   5. وألا يترتب على ذلك محذور شرعي .
    وبعد هذا التقعيد نقول للأخ السائل – حفظه الله: ينبغي عليك، أخي الكريم:
   أن تتفاهم مع زوجتك في هذه المسألة – وغيرها – بالحسنى، حتى تصلا إلى حلٍّ مشترك يرضي الطرفين ، ويحفظ الودَّ بينكما، مع مراعاة العرف الاجتماعي لديكم بما يحققُ المصلحة للجميع ، وذلك وفق الشروط المذكورة في الجواب أعلاه.
   وعلى الزوجة الفاضلة تَفَهُّمُ موقف زوجها، وطاعته بالمعروف ، والنـزول عند رغبته، إذا لم يمكن حسم الموضوع إلا بذلك؛ فإن لقب السيادة ليس من الأمور الواجب التقيد بها، كما أنه ليس من الألقاب المحرَّمة بإطلاق، بل هو من الأمور المباحة، حسب التفصيل السابق .
   فعلى الزوجين الكريمين التفاهم بالمعروف، بما يديم العشرة الحسنة بينهما، ولا يُخِلُّ بعلاقتهما بأقاربهما. والله أعلم وأحكم .
 __________________
  المصدر : الاسلام اليوم .

بحث سريع