التخطيط الناجح

بواسطة | متعب بن مسعود الجعيد
2005/05/08
النجاح مطلبٌ مُلِحٌّ تتشوَّف إليه الأرواح الوثَّابة ، وغايةٌ تتبارى الأنفس في
طلبها ؛ بل النفس الطموح تكاد ألا تَمَلَّ من اللَّهث وراءه ، والتضحية من أجله .
وهو مقصد الإسلام ؛ فما جاء الإسلام إلا لسعادة الناس وإنجاحهم في أُولاهم
وأُخراهم ؛ ولذا علَّم النبي صلى الله عليه وسلم سلمان الخير دعاءاً يقوله ويواظب
عليه ، فأمره أن يدعو بهذه الدعوات : « اللهم إني أسألك صحةً في إيمان ، وإيماناً
في حسن خلق ، ونجاحاً يتبعه فلاح ، ورحمة منك وعافية ، ومغفرة منك
ورضواناً » [1] .
ومن قواعد النجاح العظمى ما يسمى بـ ( التخطيط ) ، فإن أنت رُمْتَ النجاح
فإنه لا بد أن تلج من بوَّابته ، و « لا يمكن أن تتخذ أولى خطواتك على طريق
النجاح بلا خطة » [2] .
والتخطيط يدور على محاور ثلاثة :
أولها : الهدف ؛ إذ لا بد للإنسان من هدفٍ يسعى إلى تحقيقه ؛ فالسير بغير
هدف مضيعة للوقت والجهد ، والسائر بدون هدف مثله كرُبَّان السفينة الذي لا
يعرف أين يتجه ؛ فهو يخبط خبط عشواء ، ويهيم على وجهه تتقاذفه الأمواج [3] .
وثانيها : الزمن ؛ حيث يتعين جعل مدة زمنية لتحقيق ذلك الهدف .
فمتى « لم يكن لديك توقيت سليم للخطة ؛ فإنك لا تستطيع الجزم بمتى
ستنتهي : اليوم ، أو غداً ؟ وستمتد الخطة إلى ما لا نهاية في المستقبل » [4] .
وثالثها : الوسائل والطرق الموصلة إلى تحقيق ذلك الهدف ؛ فإذا لم يعرف
العامل الطريق الموصل إلى هدفه ؛ فإنه لن يصل إلى مقصوده ؛ ولذا يقول ابن قيم
الجوزية رحمه الله : « طالب النفوذ إلى الله والدار الآخرة ؛ بل إلى كل علمٍ
وصناعة ورئاسة ؛ بحيث يكون رأساً في ذلك مقتدى به : يحتاج أن يكون شجاعاً
مقداماً حاكماً على وَهْمِه ، غير مقهور تحت سلطان تخيُّله ، زاهداً في كل ما
سوى مطلوبه ، عاشقاً لما توجَّه إليه ، عارفاً بطريق الوصول إليه والطرق القواطع
عنه » [5] .
ويقول أيضاً : « الجهل بالطريق وآفاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع
الفائدة القليلة » [6] .
تلك هي محاور التخطيط ، ولكن ها هنا أمورٌ ينبغي مراعاتها :
أولاً : « لا تباشر التخطيط وبخاصة في الأمور المهمة إلا بعد الحصول على
قدرٍ كافٍ من الراحة والهدوء ؛ واعتدال المزاج والشعور بالثقة وعدم القلق والتوتر
والإحباط ؛ لأن التخطيط يحتاج منك إلى جميع قواك الذهنية من تفكير وتذكير
وخيال ، وهذا لا يتأتى إلا عندما يكون الإنسان في الحالة الذهنية والنفسية والجسمية
المناسبة لذلك . وهذا في الأحوال الطبيعية ، أما في الأحوال الاضطرارية ،
فللضرورات أحكامها » [7] .
ثانياً : « الإنسان لا بد أن يكون في تحديد أهدافه والسعي لتحقيقها صاحب
طموح ونفسٍ توَّاقة لمعالي الأمور ؛ فالحياة محدودة ، والفرص قد لا تتكرر ، ومن
قضى أوقاته ومضت حياته في الاشتغال بتوافه الحياة وصغارها عاش في قاعها ،
ولم يتسنَّ له الرقي إلى ذُرَاها وقممها » [8] .
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : « إن لي نفساً تواقة : تمنيت الإمارة
فنلتها ، وتمنيت أن أتزوج بنت الخليفة فنلتها ، وتمنيت الخلافة فنلتها ، وأنا الآن
أتوق للجنَّة وأرجو أن أنالها » [9] .
ثالثاً : استشعر فضائل الهدف الذي تريد تحقيقه ومنافعه ؛ فمتى كانت منافع
الهدف عظيمة كانت النفس أشد حرصاً على تحصيله ؛ خلافاً لِما منفعته قليلة ؛ فإن
الحركة تجاهه قطعاً ستكون ضعيفة [10] .
فطالب العلم الشرعي مثلاً الذي يهدف إلى أن يكون من أهل العلم والنُّهى إذا
استشعر فضائل العلم ، وأن « ثوابه يصل إلى الرجل بعد موته ما دام يُنتَفع به ،
فكأنه حيٌّ لم ينقطع عمله ، مع ما له من حياة الذكر والثناء » [11] : تتوق نفسه إلى
أن يجدَّ السير في طلب العلم واكتسابه ، وأن يُشمِّر عن ساعد الجد وساقه ،
ويستسهل في طريقه الصعاب ، ويتلذذ بما يواجهه من مشاق .
رابعاً : وضوح الهدف أمرٌ رئيس في عملية التخطيط ؛ ولذا يلزم المرء أن
يُعيِّن هدفه بدقة ووضوح ؛ فمتى كان هدفه واضحاً فإنه حينئذٍ يمتلك المقدرة على أن
« يتجاوز العقبات والعراقيل ، ويُنتِج في وقت قصير ما يحتاج غيره إلى أضعاف
الوقت حتى ينتجه » [12] .
خامساً : من الخطأ أن يبدأ الشخص بأهداف متعددة ؛ لأن ذلك يُشتته ويضعف
قواه ؛ بل المتعين عليه أن يبدأ بهدف واحد يجمع همَّه عليه ، ويجعله أصلاً تندرج
تحته العديد من الأهداف [13] .
ويُشترط في الهدف أن يكون مشروعاً ؛ لأن من الأهداف ما لا يجوز للفرد أن
يسعى له أو يفكر فيه ، فضلاً عن أن يتصدى لإنجازه وتحقيقه ، وذلك كالسعي في
الأرض بالفساد على اختلاف صوره ، فهو وإن عاد على فاعله بلذَّةٍ أو نفعٍ عاجل ؛
إلا أنه في موازين الحق مردود وباطل ؛ كما قال تعالى : ] وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ
عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً [ ( الفرقان : 23 ) [14] .
ولا ريب أن النجاح والتفوق مطلبٌ ومقصد ؛ إلا أن « سعينا لتحقيق النجاح
لا بد أن ينضبط بضوابط الشرع ، ويلتزم بالآداب والوسائل المقبولة » [15] .
سادساً : يجب أن يكون الهدف واقعياً مقدوراً عليه ؛ فلا يكون خيالياً ، ولا
يعني هذا أن يكون سهلاً متواضعاً جداً ، بل الأمران كلاهما التعلق بالأهداف
الخيالية ، أو الانشغال بالأهداف المتواضعة مَضْيَعة للوقت ، وإهدار للطاقات [16]
سابعاً : حتى يكون الهدف متحققاً يتعين تجزئته إلى أهداف مرحلية تكون
قصيرة المدى ؛ لأنها إذا كانت كذلك فإن « من شأنها أن تقودك إلى تحقيق هدفك
على المدى الطويل ؛ لأن أهداف المدى القصير ستوفر لك شعوراً بالنجاح على
أساس يومي ، وستوفر لك خبرة ثمينة تساعدك في تحقيق الإنجازات » [17] .
وإعطاء كل مرحلة وقت بداية ووقت نهاية من الضرورة بمكان ، ولْيؤخَذْ
بعين الاعتبار كون ذلك الوقت مناسباً ، فلا يكون قصيراً لا يكفي لإنهاء العمل
فيُصاب العامل بعدها بالإرهاق والإحباط ، ولا يكون أيضاً طويلاً فيصاب الإنسان
حينها بالفتور والتواني [18] .
ثامناً : اجعل تركيزك منصبّاً على جهة واحدة ، واجمع كُلِّيتك على شيء واحد ،
ف « إذا بدأت بشيءٍ فلا تتركه حتى ينتهي . إذا فعلت ذلك فإنك تنهي في يوم
أكثر مما ينهي الناس في أسبوع » [19] .
تاسعاً : « إن أول طريق النجاح في الحياة هو نجاحك في إدارة ذاتك والتعامل
مع النفس بفعالية » [20] ؛ فالذي لا يحسن استغلال وقته أنى له أن يحقق أهدافه
فضلاً عن أن يكون ناجحاً في عمره وحياته ؟
قال ابن عقيل رحمه الله : « إن أجلَّ تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو
الوقت ؛ فهو غنيمة تُنتهَز فيها الفرص ؛ فالتكاليف كثيرة ، والأوقات خاطفة » [21] .
فالمتعين على العامل حينئذ أن يحدد الأولويات ، وأن يعرف ما الذي يبدأ فيه ،
وما الذي يؤخره وينحِّيه ، وأن يقدم الأهم على المهم ، والمهم على غير المهم ،
والفاضل على المفضول [22] .
قال ابن الجوزي رحمه الله : « ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه ، وقدر
وقته ، فلا يُضيِّع منه لحظة في غير قربة ، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول
والعمل » [23] .
وليحذر المرء من الخلط بين الحركة والتقدم ؛ فالحركة تكون في اتجاهات
مختلفة أو متضادة ، بل قد تكون في المكان نفسه خلافاً للتقدم فإنه يكون إلى الأمام
نحو الهدف [24] .
عاشراً : عند وضع الخطة لا بد أن يكون التخطيط مرناً بحيث يُترَك وقتٌ
كافٍ للأعمال الطارئة غير المتوقعة ، ف « الخطط اليومية الجامدة المحشوة أكثر
من اللازم تنهار عندما تحدث أزمة » [25] .
حادي عشر : إذا خطط الإنسان لتحقيق هدفٍ ما ، وكان ذلك التخطيط بعد
رويَّة واستشارة : فلا يُفسدنَّ تخطيطه بالتراجع والنكوص ، ولا يسمحن لنفسه أن
تتردد في ذلك ، بل عليه أن يَغُذَّ السير حتى يُحقّق مبتغاه [26] .
قال الله تعالى : ] فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [ ( آل عمران : 159 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما راجعه بعض أصحابه في ترك الخروج
قبيل غزوة أحد : « إنه ليس لنبي إذا لبس لأْمَته أن يضعها حتى يقاتل » [27] .
ثاني عشر : لا بد من تقويم كل إنجاز « فمن الضروري أن تتوقف بين الفينة
والأخرى ، وتعود إلى الوراء لتقيِّم إنجازك ، وترى إلى أي مدى بلغت في سبيل
تحقيق هدفك ، وستجد أنك سوف تحتاج إلى إجراء بعض التعديلات الطفيفة بين
الحين والآخر لكي تصل إلى هدفك البعيد بشكل أفضل » [28] .
وهذا الفعل منك مدعاة لتحقيق النجاح ؛ فأنت « لا تشعر بالنجاح حتى تعرف
أن عليك عدد كذا من الخطوات ، وتعرف كم قطعت ، وكم بقي عليك » [29] .
أسباب إخفاق التخطيط :
*من أعظم أسباب إخفاق التخطيط : عدم مقدرة الشخص على التكيف مع
المستقبل ، والعجز عن معايشة الأحداث والوقائع المستقبلية مما يحول بينه وبين
النجاح فيما خطط له ؛ وذلك أنه لا يشعر بالأمان من بقاء تخطيطه فترة طويلة ؛
لأن المستقبل يحمل في طياته الكثير من النتائج غير الممكنة أو التي لم تكن متوقعة .
إلا أنه ينبغي على المخطط أن يأخذ في الحسبان أنه لا يعمل في عالم يتسم
بالصداقة والاستمرار دائماً ، أو بالصراعات والاضطرابات أيضاً ، بل يجب أن
يأخذ في الاعتبار أبعاد تلك التغيرات وخاصة العوامل الخارجية التي ربما تؤثر
بدرجة كبيرة في عملية التخطيط ؛ ولذا لا بد أن يكون التخطيط مرناً حتى يتلاءم
مع التغيرات المتوقعة وإلا وجد المخطِّط نفسه تائهاً في مستقبل لا يستطيع
الاستمرار عليه [30] .
*من الأسباب أيضاً : المخطِّط ذاته ، والعامل نفسه ، وذلك بأن يكون المرء
غير قادرٍ على إدارة ذاته والالتزام بتخطيطه ، فالانضباط الذاتي هو أساس التخطيط ،
بل إن أعظم تخطيط وأفضل تدبير لا يُجْدِي ولا يساوي شيئاً إذا لم يكن من ينفذه
ويقوم به منضبطاً ذاتياً ، وملتزماً بما خطط له [31] .
* ومن أعظم الأسباب : البيئة المحيطة بالفرد والتي تقلل من شأن التخطيط ،
بل تقرر ضرورة البعد عنه حتى أصبحت العشوائية والفوضوية سمة بارزة لتلك
البيئة الموبوءة [32] .
ولا ريب أن الإنسان ابن بيئته ، وأنه حساس بطبعه ، فما لم يكن قادراً على
مدافعة ذلك وإلا فسينجرف ولا بد .
ومن الأسباب المؤثرة أيضاً : التسويف والتأجيل ؛ فإذا كان العامل يؤجل
أعماله ولا ينجزها أولاً بأول ، بل أصبح التسويف هِجِّيراً [**] له : فإن تخطيطه لن
يفلح لا محالة ؛ لأنه قد لا يتمكن من إنجازه مستقبلاً [33] .
قال ابن حزم رحمه الله : « قلَّما رأيت أمراً أُمكِنَ فضُيِّع إلا فات ، ولم يكن
بعدُ » [34] .
*آخر الأسباب : المبالغة في تطلُّب الكمال ؛ فمن تطلَّب الكمال في كل عمل
يعمله فإنه قد رام محالاً ؛ ولا يستطيع أن ينجز شيئاً ؛ لأن الكمال عزيز ولا يكون
في عمل البشر ، ولكن حَسْب المرء أن يبذل جهده ، وأن يستفرغ وسعه في إنهاء
العمل وإتقانه ، وما لا يُدرَك كله لا يُترَك جُلُّه ، وكم دَفَنَ تطلُّبُ الكمال أعمالاً كانت
تستحق أن تظهر في الوجود [35] .
تنبيهات ذات بال :
ثَمَّ تنبيهات ينبغي أن يُلتفَت إليها عند التخطيط :
أولها وأُسُّها ، وقبل أن يخطط المرء لأهداف يريد تحقيقها ، وأشياء يروم
نوالها : أن يجعل الله نصب عينيه ، وأن يستعين به ويتوكل عليه ؛ فلا حول ولا
قوة إلا به ، ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : « إنه ليقف خاطري في المسألة
والشيء أو الحالة فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر ،
وينحل إشكال ما أشكل .
قال : وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني
ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي » [36] .
وثانيها : على العامل أن يؤمن بقضاء الله وقدره ، وأن يصبر على مُرِّه ؛ فإذا
خطط وبذل وسعه وطاقته ثم لم يكلل سعيه بنجاح فلْيصْبر ولا يحزن ، ولْتطب نفسه
بقضاء الله ، ولْيعلمْ أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ،
ولْيجتهدْ ولا يتوقف عن مسيرته ، بل يحاول المرة تلو المرة ، فإن لم يصل بعد ذلك
إلى مبتغاه ، ولم يتحقق ما كان يصبو إليه ؛ فإن إخفاقه ذلك لا يلام عليه .
قال ابن الجوزي رحمه الله : « الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي ، فينبغي لذي
الهمة ألا يقصر في شوطه ، فإن سبق فهو المقصود ، وإن كَبَا جواده مع اجتهاده لم
يُلَم » [37] .
وثالثها : « اعلم أن في كل إنسان صفات ضعف وصفات قوة ، وهو أعلم
الناس بحقيقة نفسه ما لم يكابر أو يجهل ؛ فالعاقل الموفق هو من وجه حياته وعمله
وتخصصه نحو ما فيه من صفات القوة ، ونأى بنفسه وحياته عن نقاط الضعف في
شخصيته ، فكم من جوهرة تخطف الأبصار بأصفى الأشعة وأبهاها : مُستكنَّة في
أغوار المحيطات المظلمة ، وكم من زهرة استقامت على عودها في الصحراء :
مضيعة شذاها العطري مع سافيات البيداء ، ولو اكتُشفت هذه وتلك لكان لهما شأن
آخر » [38] .
وأخيراً : ليعلم العامل أنه لا بد أن يعتري تخطيطه آفات ، وتواجهه في
طريقه عوائق ؛ إذ النجاح الكبير غالباً يسبقه إخفاق ؛ فليس الناجح هو الذي لا
يسقط ، بل الناجح حقاً هو الذي يقوم من سقوطه سريعاً ، وقد استفاد من سقوطه ،
وكما قيل : « وربما صحت الأجسام بالعلل » [39] .
وليعلم أيضاً أن ليس بين الإخفاق والنجاح إلا صبر ساعة ، وأن العبرة ليست
بنقص البدايات ، وإنما العبرة بكمال النهايات ، وأن الناجحين لم يصلوا إلى ما
وصلوا إليه إلا بعد فشل أو إخفاق تعرضوا له وانتصروا عليه ، ف « لم يقم أحدٌ
بالتوجه نحو هدف مهم إلا وقاسى مرات عديدة من الخيبة قبل تحقق الهدف » [40] .
ولْيصبر المرء وليصابر ، ولْيتغلب على العقبات ، ولا يستسلم للإخفاق ؛ بل
عليه أن يعيد ويكرر مرات تلو مرات .
قال ابن سينا : « قرأت كتاب ( ما بعد الطبيعة ) لأرسطو ، فما فهمته حتى
قرأته أربعين مرة » [41] .
النجاح مطلبٌ مُلِحٌّ تتشوَّف إليه الأرواح الوثَّابة ، وغايةٌ تتبارى الأنفس في
طلبها ؛ بل النفس الطموح تكاد ألا تَمَلَّ من اللَّهث وراءه ، والتضحية من أجله .
وهو مقصد الإسلام ؛ فما جاء الإسلام إلا لسعادة الناس وإنجاحهم في أُولاهم
وأُخراهم ؛ ولذا علَّم النبي صلى الله عليه وسلم سلمان الخير دعاءاً يقوله ويواظب
عليه ، فأمره أن يدعو بهذه الدعوات : « اللهم إني أسألك صحةً في إيمان ، وإيماناً
في حسن خلق ، ونجاحاً يتبعه فلاح ، ورحمة منك وعافية ، ومغفرة منك
ورضواناً » [1] .
ومن قواعد النجاح العظمى ما يسمى بـ ( التخطيط ) ، فإن أنت رُمْتَ النجاح
فإنه لا بد أن تلج من بوَّابته ، و « لا يمكن أن تتخذ أولى خطواتك على طريق
النجاح بلا خطة » [2] .
والتخطيط يدور على محاور ثلاثة :
أولها : الهدف ؛ إذ لا بد للإنسان من هدفٍ يسعى إلى تحقيقه ؛ فالسير بغير
هدف مضيعة للوقت والجهد ، والسائر بدون هدف مثله كرُبَّان السفينة الذي لا
يعرف أين يتجه ؛ فهو يخبط خبط عشواء ، ويهيم على وجهه تتقاذفه الأمواج [3] .
وثانيها : الزمن ؛ حيث يتعين جعل مدة زمنية لتحقيق ذلك الهدف .
فمتى « لم يكن لديك توقيت سليم للخطة ؛ فإنك لا تستطيع الجزم بمتى
ستنتهي : اليوم ، أو غداً ؟ وستمتد الخطة إلى ما لا نهاية في المستقبل » [4] .
وثالثها : الوسائل والطرق الموصلة إلى تحقيق ذلك الهدف ؛ فإذا لم يعرف
العامل الطريق الموصل إلى هدفه ؛ فإنه لن يصل إلى مقصوده ؛ ولذا يقول ابن قيم
الجوزية رحمه الله : « طالب النفوذ إلى الله والدار الآخرة ؛ بل إلى كل علمٍ
وصناعة ورئاسة ؛ بحيث يكون رأساً في ذلك مقتدى به : يحتاج أن يكون شجاعاً
مقداماً حاكماً على وَهْمِه ، غير مقهور تحت سلطان تخيُّله ، زاهداً في كل ما
سوى مطلوبه ، عاشقاً لما توجَّه إليه ، عارفاً بطريق الوصول إليه والطرق القواطع
عنه » [5] .
ويقول أيضاً : « الجهل بالطريق وآفاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع
الفائدة القليلة » [6] .
تلك هي محاور التخطيط ، ولكن ها هنا أمورٌ ينبغي مراعاتها :
أولاً : « لا تباشر التخطيط وبخاصة في الأمور المهمة إلا بعد الحصول على
قدرٍ كافٍ من الراحة والهدوء ؛ واعتدال المزاج والشعور بالثقة وعدم القلق والتوتر
والإحباط ؛ لأن التخطيط يحتاج منك إلى جميع قواك الذهنية من تفكير وتذكير
وخيال ، وهذا لا يتأتى إلا عندما يكون الإنسان في الحالة الذهنية والنفسية والجسمية
المناسبة لذلك . وهذا في الأحوال الطبيعية ، أما في الأحوال الاضطرارية ،
فللضرورات أحكامها » [7] .
ثانياً : « الإنسان لا بد أن يكون في تحديد أهدافه والسعي لتحقيقها صاحب
طموح ونفسٍ توَّاقة لمعالي الأمور ؛ فالحياة محدودة ، والفرص قد لا تتكرر ، ومن
قضى أوقاته ومضت حياته في الاشتغال بتوافه الحياة وصغارها عاش في قاعها ،
ولم يتسنَّ له الرقي إلى ذُرَاها وقممها » [8] .
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : « إن لي نفساً تواقة : تمنيت الإمارة
فنلتها ، وتمنيت أن أتزوج بنت الخليفة فنلتها ، وتمنيت الخلافة فنلتها ، وأنا الآن
أتوق للجنَّة وأرجو أن أنالها » [9] .
ثالثاً : استشعر فضائل الهدف الذي تريد تحقيقه ومنافعه ؛ فمتى كانت منافع
الهدف عظيمة كانت النفس أشد حرصاً على تحصيله ؛ خلافاً لِما منفعته قليلة ؛ فإن
الحركة تجاهه قطعاً ستكون ضعيفة [10] .
فطالب العلم الشرعي مثلاً الذي يهدف إلى أن يكون من أهل العلم والنُّهى إذا
استشعر فضائل العلم ، وأن « ثوابه يصل إلى الرجل بعد موته ما دام يُنتَفع به ،
فكأنه حيٌّ لم ينقطع عمله ، مع ما له من حياة الذكر والثناء » [11] : تتوق نفسه إلى
أن يجدَّ السير في طلب العلم واكتسابه ، وأن يُشمِّر عن ساعد الجد وساقه ،
ويستسهل في طريقه الصعاب ، ويتلذذ بما يواجهه من مشاق .
رابعاً : وضوح الهدف أمرٌ رئيس في عملية التخطيط ؛ ولذا يلزم المرء أن
يُعيِّن هدفه بدقة ووضوح ؛ فمتى كان هدفه واضحاً فإنه حينئذٍ يمتلك المقدرة على أن
« يتجاوز العقبات والعراقيل ، ويُنتِج في وقت قصير ما يحتاج غيره إلى أضعاف
الوقت حتى ينتجه » [12] .
خامساً : من الخطأ أن يبدأ الشخص بأهداف متعددة ؛ لأن ذلك يُشتته ويضعف
قواه ؛ بل المتعين عليه أن يبدأ بهدف واحد يجمع همَّه عليه ، ويجعله أصلاً تندرج
تحته العديد من الأهداف [13] .
ويُشترط في الهدف أن يكون مشروعاً ؛ لأن من الأهداف ما لا يجوز للفرد أن
يسعى له أو يفكر فيه ، فضلاً عن أن يتصدى لإنجازه وتحقيقه ، وذلك كالسعي في
الأرض بالفساد على اختلاف صوره ، فهو وإن عاد على فاعله بلذَّةٍ أو نفعٍ عاجل ؛
إلا أنه في موازين الحق مردود وباطل ؛ كما قال تعالى : ] وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ
عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً [ ( الفرقان : 23 ) [14] .
ولا ريب أن النجاح والتفوق مطلبٌ ومقصد ؛ إلا أن « سعينا لتحقيق النجاح
لا بد أن ينضبط بضوابط الشرع ، ويلتزم بالآداب والوسائل المقبولة » [15] .
سادساً : يجب أن يكون الهدف واقعياً مقدوراً عليه ؛ فلا يكون خيالياً ، ولا
يعني هذا أن يكون سهلاً متواضعاً جداً ، بل الأمران كلاهما التعلق بالأهداف
الخيالية ، أو الانشغال بالأهداف المتواضعة مَضْيَعة للوقت ، وإهدار للطاقات [16]
سابعاً : حتى يكون الهدف متحققاً يتعين تجزئته إلى أهداف مرحلية تكون
قصيرة المدى ؛ لأنها إذا كانت كذلك فإن « من شأنها أن تقودك إلى تحقيق هدفك
على المدى الطويل ؛ لأن أهداف المدى القصير ستوفر لك شعوراً بالنجاح على
أساس يومي ، وستوفر لك خبرة ثمينة تساعدك في تحقيق الإنجازات » [17] .
وإعطاء كل مرحلة وقت بداية ووقت نهاية من الضرورة بمكان ، ولْيؤخَذْ
بعين الاعتبار كون ذلك الوقت مناسباً ، فلا يكون قصيراً لا يكفي لإنهاء العمل
فيُصاب العامل بعدها بالإرهاق والإحباط ، ولا يكون أيضاً طويلاً فيصاب الإنسان
حينها بالفتور والتواني [18] .
ثامناً : اجعل تركيزك منصبّاً على جهة واحدة ، واجمع كُلِّيتك على شيء واحد ،
ف « إذا بدأت بشيءٍ فلا تتركه حتى ينتهي . إذا فعلت ذلك فإنك تنهي في يوم
أكثر مما ينهي الناس في أسبوع » [19] .
تاسعاً : « إن أول طريق النجاح في الحياة هو نجاحك في إدارة ذاتك والتعامل
مع النفس بفعالية » [20] ؛ فالذي لا يحسن استغلال وقته أنى له أن يحقق أهدافه
فضلاً عن أن يكون ناجحاً في عمره وحياته ؟
قال ابن عقيل رحمه الله : « إن أجلَّ تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو
الوقت ؛ فهو غنيمة تُنتهَز فيها الفرص ؛ فالتكاليف كثيرة ، والأوقات خاطفة » [21] .
فالمتعين على العامل حينئذ أن يحدد الأولويات ، وأن يعرف ما الذي يبدأ فيه ،
وما الذي يؤخره وينحِّيه ، وأن يقدم الأهم على المهم ، والمهم على غير المهم ،
والفاضل على المفضول [22] .
قال ابن الجوزي رحمه الله : « ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه ، وقدر
وقته ، فلا يُضيِّع منه لحظة في غير قربة ، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول
والعمل » [23] .
وليحذر المرء من الخلط بين الحركة والتقدم ؛ فالحركة تكون في اتجاهات
مختلفة أو متضادة ، بل قد تكون في المكان نفسه خلافاً للتقدم فإنه يكون إلى الأمام
نحو الهدف [24] .
عاشراً : عند وضع الخطة لا بد أن يكون التخطيط مرناً بحيث يُترَك وقتٌ
كافٍ للأعمال الطارئة غير المتوقعة ، ف « الخطط اليومية الجامدة المحشوة أكثر
من اللازم تنهار عندما تحدث أزمة » [25] .
حادي عشر : إذا خطط الإنسان لتحقيق هدفٍ ما ، وكان ذلك التخطيط بعد
رويَّة واستشارة : فلا يُفسدنَّ تخطيطه بالتراجع والنكوص ، ولا يسمحن لنفسه أن
تتردد في ذلك ، بل عليه أن يَغُذَّ السير حتى يُحقّق مبتغاه [26] .
قال الله تعالى : ] فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [ ( آل عمران : 159 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما راجعه بعض أصحابه في ترك الخروج
قبيل غزوة أحد : « إنه ليس لنبي إذا لبس لأْمَته أن يضعها حتى يقاتل » [27] .
ثاني عشر : لا بد من تقويم كل إنجاز « فمن الضروري أن تتوقف بين الفينة
والأخرى ، وتعود إلى الوراء لتقيِّم إنجازك ، وترى إلى أي مدى بلغت في سبيل
تحقيق هدفك ، وستجد أنك سوف تحتاج إلى إجراء بعض التعديلات الطفيفة بين
الحين والآخر لكي تصل إلى هدفك البعيد بشكل أفضل » [28] .
وهذا الفعل منك مدعاة لتحقيق النجاح ؛ فأنت « لا تشعر بالنجاح حتى تعرف
أن عليك عدد كذا من الخطوات ، وتعرف كم قطعت ، وكم بقي عليك » [29] .
أسباب إخفاق التخطيط :
*من أعظم أسباب إخفاق التخطيط : عدم مقدرة الشخص على التكيف مع
المستقبل ، والعجز عن معايشة الأحداث والوقائع المستقبلية مما يحول بينه وبين
النجاح فيما خطط له ؛ وذلك أنه لا يشعر بالأمان من بقاء تخطيطه فترة طويلة ؛
لأن المستقبل يحمل في طياته الكثير من النتائج غير الممكنة أو التي لم تكن متوقعة .
إلا أنه ينبغي على المخطط أن يأخذ في الحسبان أنه لا يعمل في عالم يتسم
بالصداقة والاستمرار دائماً ، أو بالصراعات والاضطرابات أيضاً ، بل يجب أن
يأخذ في الاعتبار أبعاد تلك التغيرات وخاصة العوامل الخارجية التي ربما تؤثر
بدرجة كبيرة في عملية التخطيط ؛ ولذا لا بد أن يكون التخطيط مرناً حتى يتلاءم
مع التغيرات المتوقعة وإلا وجد المخطِّط نفسه تائهاً في مستقبل لا يستطيع
الاستمرار عليه [30] .
*من الأسباب أيضاً : المخطِّط ذاته ، والعامل نفسه ، وذلك بأن يكون المرء
غير قادرٍ على إدارة ذاته والالتزام بتخطيطه ، فالانضباط الذاتي هو أساس التخطيط ،
بل إن أعظم تخطيط وأفضل تدبير لا يُجْدِي ولا يساوي شيئاً إذا لم يكن من ينفذه
ويقوم به منضبطاً ذاتياً ، وملتزماً بما خطط له [31] .
* ومن أعظم الأسباب : البيئة المحيطة بالفرد والتي تقلل من شأن التخطيط ،
بل تقرر ضرورة البعد عنه حتى أصبحت العشوائية والفوضوية سمة بارزة لتلك
البيئة الموبوءة [32] .
ولا ريب أن الإنسان ابن بيئته ، وأنه حساس بطبعه ، فما لم يكن قادراً على
مدافعة ذلك وإلا فسينجرف ولا بد .
ومن الأسباب المؤثرة أيضاً : التسويف والتأجيل ؛ فإذا كان العامل يؤجل
أعماله ولا ينجزها أولاً بأول ، بل أصبح التسويف هِجِّيراً [**] له : فإن تخطيطه لن
يفلح لا محالة ؛ لأنه قد لا يتمكن من إنجازه مستقبلاً [33] .
قال ابن حزم رحمه الله : « قلَّما رأيت أمراً أُمكِنَ فضُيِّع إلا فات ، ولم يكن
بعدُ » [34] .
*آخر الأسباب : المبالغة في تطلُّب الكمال ؛ فمن تطلَّب الكمال في كل عمل
يعمله فإنه قد رام محالاً ؛ ولا يستطيع أن ينجز شيئاً ؛ لأن الكمال عزيز ولا يكون
في عمل البشر ، ولكن حَسْب المرء أن يبذل جهده ، وأن يستفرغ وسعه في إنهاء
العمل وإتقانه ، وما لا يُدرَك كله لا يُترَك جُلُّه ، وكم دَفَنَ تطلُّبُ الكمال أعمالاً كانت
تستحق أن تظهر في الوجود [35] .
تنبيهات ذات بال :
ثَمَّ تنبيهات ينبغي أن يُلتفَت إليها عند التخطيط :
أولها وأُسُّها ، وقبل أن يخطط المرء لأهداف يريد تحقيقها ، وأشياء يروم
نوالها : أن يجعل الله نصب عينيه ، وأن يستعين به ويتوكل عليه ؛ فلا حول ولا
قوة إلا به ، ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : « إنه ليقف خاطري في المسألة
والشيء أو الحالة فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر ،
وينحل إشكال ما أشكل .
قال : وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني
ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي » [36] .
وثانيها : على العامل أن يؤمن بقضاء الله وقدره ، وأن يصبر على مُرِّه ؛ فإذا
خطط وبذل وسعه وطاقته ثم لم يكلل سعيه بنجاح فلْيصْبر ولا يحزن ، ولْتطب نفسه
بقضاء الله ، ولْيعلمْ أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ،
ولْيجتهدْ ولا يتوقف عن مسيرته ، بل يحاول المرة تلو المرة ، فإن لم يصل بعد ذلك
إلى مبتغاه ، ولم يتحقق ما كان يصبو إليه ؛ فإن إخفاقه ذلك لا يلام عليه .
قال ابن الجوزي رحمه الله : « الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي ، فينبغي لذي
الهمة ألا يقصر في شوطه ، فإن سبق فهو المقصود ، وإن كَبَا جواده مع اجتهاده لم
يُلَم » [37] .
وثالثها : « اعلم أن في كل إنسان صفات ضعف وصفات قوة ، وهو أعلم
الناس بحقيقة نفسه ما لم يكابر أو يجهل ؛ فالعاقل الموفق هو من وجه حياته وعمله
وتخصصه نحو ما فيه من صفات القوة ، ونأى بنفسه وحياته عن نقاط الضعف في
شخصيته ، فكم من جوهرة تخطف الأبصار بأصفى الأشعة وأبهاها : مُستكنَّة في
أغوار المحيطات المظلمة ، وكم من زهرة استقامت على عودها في الصحراء :
مضيعة شذاها العطري مع سافيات البيداء ، ولو اكتُشفت هذه وتلك لكان لهما شأن
آخر » [38] .
وأخيراً : ليعلم العامل أنه لا بد أن يعتري تخطيطه آفات ، وتواجهه في
طريقه عوائق ؛ إذ النجاح الكبير غالباً يسبقه إخفاق ؛ فليس الناجح هو الذي لا
يسقط ، بل الناجح حقاً هو الذي يقوم من سقوطه سريعاً ، وقد استفاد من سقوطه ،
وكما قيل : « وربما صحت الأجسام بالعلل » [39] .
وليعلم أيضاً أن ليس بين الإخفاق والنجاح إلا صبر ساعة ، وأن العبرة ليست
بنقص البدايات ، وإنما العبرة بكمال النهايات ، وأن الناجحين لم يصلوا إلى ما
وصلوا إليه إلا بعد فشل أو إخفاق تعرضوا له وانتصروا عليه ، ف « لم يقم أحدٌ
بالتوجه نحو هدف مهم إلا وقاسى مرات عديدة من الخيبة قبل تحقق الهدف » [40] .
ولْيصبر المرء وليصابر ، ولْيتغلب على العقبات ، ولا يستسلم للإخفاق ؛ بل
عليه أن يعيد ويكرر مرات تلو مرات .
قال ابن سينا : « قرأت كتاب ( ما بعد الطبيعة ) لأرسطو ، فما فهمته حتى
قرأته أربعين مرة » [41] .

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط ، (10/155) ، رقم (9329) و الحاكم في المستدرك ، (1/ 523) ، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي ، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع رقم (1293) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(2) تضمين من : « النجاح للمبتدئين » ، لـ (زيج زيجلر) ، ص 118 ، مكتبة جرير .
(3) انظر : دروس نفسية للنجاح والتفوق ، أحمد البراء الأميري ، ص 114 ، دار المعرفة للاستشارات التربوية ، دار الناشر الدولي للنشر والتوزيع .
(4) اقتباس من : « كيف تكون عملياً أكثر » لسامي بن تيسير سلمان ، ص 44 دار المؤتمن للنشر .
(5) الفوائد ، لابن القيم الجوزية ، ص 246 ، دار النفائس .
(6) الفوائد ، ص 223 .
(7) من : « حتى لا تكون كلاًّ » (طريقك إلى التفوق والنجاح) ، عوض بن محمد القرني ، ص 38 ، دار الأندلس الخضراء .
(8) المرجع السابق ، ص 22 .
(9) عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين ، عبد الستار الشيخ ، ص 34 ، دار القلم .
(10) انظر : علم نفس النجاح ، برايان تريسي ، ص 52 ، دار الثقافة للجميع ، ترجمة بتصرف د عبد اللطيف الخياط .
(11) تضمين من : « مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة » ، لابن قيم الجوزية ، (1/525) ، دار ابن عفان ، ضبطه وعلق عليه علي حسن عبد الحميد .
(12) اقتباس من : « علم نفس النجاح » ، ص 43 .
(13) انظر : المرجع السابق ، ص 50 .
(14) انظر : « حتى لا تكون كلاًّ » ، ص 17 ، 18 .
(15) من : « دروس نفسية » ، ص 8 .
(16) انظر : « حتى لا تكون كلاًّ » ، ص 16 .
(17) تضمين من : « الإنسان والتفكير الإيجابي/ دراسة تربوية نفسية إدارية » ، عيسى بن علي الملا ، ص 151 ، مطابع الابتكار .
(18) انظر : « طريق النجاح دليل عملي للتفكير والتخطيط والإنجاز » راشد بن حسين العبد الكريم ، ص 21 ، مطابع الحميضي ، و « حتى لا تكون كلاًّ » ، ص 23 .
(19) تضمين من : « علم نفس النجاح » ، ص 56 .
(20) اقتباس من : « حتى لا تكون كلاًّ » ، ص 53 .
(21) الذيل على طبقات الحنابلة ، لابن رجب الحنبلي ، (1/143) ، دار المعرفة .
(22) انظر: قيمة الزمن عند العلماء لعبد الفتاح أبو غدة ، ص 106 ، مكتب المطبوعات الإسلامية .
(23) صيد الخاطر ، لابن الجوزي ، ص 57 ، دار اليقين ، تحقيق : الدكتور عبد الرحمن البر .
(24) انظر : طريق النجاح ، ص 26 .
(25) من : كيف تنجح في العمل واكتساب الجانب النفسي ، لـ (فرد أي أوز) ، ص 15 ، دار إحياء العلوم .
(26) انظر : علم نفس النجاح ، ص 54 ، وطريق النجاح ، ص 66 .
(27) أخرجه أحمد ، (23/100) ، وصححه ا لأرناؤوط في تخريجه للمسند ، كما صححه الألباني في تعليقه على فقه السيرة (ص 269)، وانظر : السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية (ص 381) .
(28) اقتباس من : « الإنسان والتفكير الإيجابي » ، ص 152 .
(29) تضمين من : « علم نفس النجاح » ، ص 52 .
(30) انظر : « أصول الإدارة والتنظيم » ، لعمر الجوهري ، ص 65 .
(31) انظر : طريق النجاح ، ص 22 .
(32) انظر : علم نفس النجاح ، ص 44 .
(**) هجيراً : أي عادة .
(33) انظر : علم نفس النجاح ، ص 57 .
(34) مداواة النفوس ، لابن حزم الأندلسي ، ص 166 ، دار المشرق العربي ، تحقيق : عادل أبو المعاطي .
(35) انظر : طريق النجاح ، ص 67 .
(36) العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ، لابن عبد الهادي ، ص 5 ، دار الكتب العلمية ، تحقيق : محمد حامد الفقي .
(37) صيد الخاطر ، ص 577 .
(38) تضمين من : « حتى لا تكون كلاًّ » ، ص 58 ، 59 .
(39) انظر : طريق النجاح ، ص 57 .
(40) اقتباس من : « علم نفس النجاح » ، ص 54 .
(41) « صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل » ، لعبد الفتاح أبو غدة ، ص 196 ، دار القلم .
{moscomment}

بحث سريع