يا أبا الحس! أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، وينفع بهن من علمته،

بواسطة | محمد ناصرالدين الألباني
2005/05/09
(3374) (يا أبا الحس! أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، وينفع بهن من علمته، ويثبت ما تعلمت في صدرك؟ قال: أجل يا رسول الله! فعلمني. قال: إذا كان ليلة الجمعة، فإذا استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر –فإنها ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب، وقد قال أخي يعقوب لبنيه "سوف أستغفر لكم ربي" يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة- فإن لم تستطع، فقم في وسطها، فإن لم تستطع فقم في أولها، فصل أربع ركعات: تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة (يس) وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و (حم) الدخان، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب و "الم. تنزيل" السجدة، وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب و(تبارك) المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله، وأحسن الثناء على الله وصلي عليّ، وأحسن، وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين، والمؤمنات، ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبداً ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني. اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام! أسألك يا الله يا رحمان بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلواه على النحو الذي يرضيك عني. اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام! أسألك يا الله يا رحمان بجلالك ونو وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تعمل به بدني؛ فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
يا أبا الحسن! فافعل ذلك ثلاث جُمع أو خمس، أو سبع، تجاب بإذن الله، والذي بعثني بالحق! ما أخطأ مؤمناً قط. قال عبد الله بن عباس: فوالله! ما لبث علي إلا خمساً أو سبعاً حتى جاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس، فقال: يا رسول الله إني كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات، أو نحوهن، وإذا قرأتهن على نفسي تفلتن، وأن أتعلم اليوم أربعين آية أو نحوها، وإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني، ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددت تفلت، وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفاً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: مؤمن –ورب الكعبة-! يا أبا الحسن).
منكر. أخرجه الترمذي (2/275)، والحاكم (1/316/317)، والأصبهاني في "الترغيب" (127/2) وابن عساكر في "جزء أخبار حفظ القرآن" (ق84/2-86/1) والضياء في "المختارة" (65/64/1-2) من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي عن الوليد بن مسلم: حدثنا جريج عن عطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طلاب فقال: بأبي أنت وأمي تفلت هذا القرآن من صدري، فما أجدني أقدر عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:..فذكره.
وقال الترمذي: "حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حدث الوليد بن مسلم".
قلت: كذا وقع في طبعة بولاق والدعاس: "حسن.." وقد نقل الحافظ ابن عساكر عبارة الترمذي المذكورة دون لفظة: "حسن" وكذلك الحافظ الضياء، وهو الأقرب إلى الصواب واللائق بهذا الإسناد؛ فإن الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية كما سيأتي، فهو علة الحديث، وإن خفيت على كثير كالحاكم وغيره؛ فإنه قال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين" وتعقبه الذهبي بقوله: "هذا حديث شاذ، أخاف أن لا يكون (كذا ولعل الصواب: أن يكون موضوعاً، وقد حيرني والله جودة سنده"!
قلت: وكأن الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى لم يتذكر قوله في "الميزان": "قلت: إذا قال الوليد: عن ابن جريج، أو عن الأوزاعي؛ فليس بمعتمد؛ لأنه ليس يدل عن كذابين، فإذا قال: حدثنا فهو حجة، وقال أبو مسهر: كان الوليد يأخذ م ابن السفر حديث الأوزاعي، وكان ابن السفر كذاباً وهو يقول فيها: الأوزاعي. وقال صالح جزرة: سمعت الهيثم بن خارجة يقول: قلت للوليد بن مسلم: قد أفسدت حديث الأوزاعي! قال: وكيف؟ قلت: تروي عنه عن نافع، وعنه عن الزهري، وعنه عن يحيى، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع: عبد الله بن عامر الأسلمي، وبينه وبين الأوزاعي: قرة، فما يحملك على ذلك؟ قال: أنبل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلا(!).
قلت فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهم ضعفاء [أحاديث] مناكير، فأسقطتهم وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الإثبات ضعف الأوزاعي! فلم يلتفت إلى قولي".
قلت: ومعنى هذا الذي رواه الهيثم بن خارجة –وهو ثقة من شيوخ البخاري- أن الوليد بن مسلم يدلس التسوية أيضاً، وهو أن يسقط من سنده غير شيخه ولذلك قال الحافظ فيه: "ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية".
وبناءً عليه فقول الذهبي في صدر كلامه عن الوليد: "..فإذا قال: حثنا (ابن جريج) فهو حجة" فيه قصور لا يخفى، فالصواب واشتراط تصريحه بالتحديث في شيخه وسائر الرواة الذين فوقه، لنأمن بذلك من شر تدليسه تدليس التسوية، ولوا ذلك لكان إسناد هذا الحديث صحيحاً، لكون الوليد قد قال فيه: حدثنا ابن جريج كما رأيت، فلما لم يتابع التصريح بالتحديث فوق ذلك قامة العلة في الحديث؛ لاحتمال أن يكون بين ابن جريج وعطاء وعكرمة أحد الضعفاء؛ فدلسه الوليد، كما في الأمثلة التي رواها الهيثم بن خارجة رحمه الله تعالى، وقد وافق الذهبي في هذه الغفلة ابن كثير في "فضائل القرآن" (ص92) فتبعه! مع جزمه بأن الحديث بين الغرابة بل النكارة.
وأما قول الضياء عقب الحديث: "وقد ذكر شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي أن هذا الحديث لا يصح لتفرد الوليد ابن مسلم به. وقال: قال علماء النقل: كان يروي عن الأوزاعي أحاديث، هي عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء، عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي، مثل نافع والزهري فيسقط أسماء الضعفاء، ويجعلها عن الأوزاعي عنهم. قلت (القائل هو الضياء): وهذا القول لم يذرك شيخنا من قاله، وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثه في "صحيحهما".. وقد رواه الطبراني من غير حديثه".
قلت: قد عرفت من قال ذلك من المتقدمن، ومنهم الإمام الدارقطني؛ قإنه قال كما في "التهذيب": "كان الوليد يرسل؛ يروي عن الأوزاعي أحاديث عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء…"، إلخ ما نقله عن ابن الجوزي.
وأما اتفاق الشيخين على إخراج حديثه، فلعلهما لا يخرجان له إلا ما اطمأنا من تدليسه. على أن في الطريق إليه سلمان بن عبد الرحمن الدمشقي وليس من رجال الشيخين، ثم هو صدوق يخطئ؛ كما في "التقريب"، فيحتمل أن يكون على "الفوائد المجموعة" (ص43).
وأما رواية الطبراني فمما لا يفرح به! لأنها من طريق محمد بن إبراهيم القرشي: حدثنا أبو صالح عن عكرمة عن ابن عباس به، نحوه.
أخرجه اغبن السني في "عمل اليوم والليلة" (572) ولطبراني في "المعجم الكبير" (3/144/2)، والعقيلي في "الضعفاء" صـ 369/2/1) في ترجمة القرشي: وعلقه من الطريق الأولى ثم قال: "ليس يرجع من هذا الحديث إلا صحة، وكلا الحديثين ليس له أصل، ولا يتابع عليه".
وأبو صالح هو إسحاق بن نجيح الملطي، وهو وضاع دجال. ومن طريقه أخرجه أبو أحمد الحاكم في "الكنى" (ق 235/1-2) وقال: "وهذا حديث منكر، وأبو هذا رجل مجهول وحديثه هذا يشبه حديث القصاص".
والحديث أورده ابن الجوي في "الموضوعات" من الوجهين، وسلم له السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (2/67) أعلاله الطريق الأولى بتدليس الوليد تدليس التسوية، وأخذ يناقشه في زعمه أن هشام بن عمار تفرد به عن الوليد، ولاحقيقة أنه ليس كذلك كما سبق. ولكن ما الفائدة من هذه المناقشة مادامت العلة كامنة فيمن فوقه! ولعل ابن الجوزي أراد أن يقول: تفرد به الوليد، فوهم فكتب: تفرد به هشام.
وجملة القول؛ أن هذا الحديث موضوع كما قال الذهبي في "الميزان"، وقال أيضاً: وهو من أنكر ما أتى به الوليد بن مسلم. وابن الجوزي ما أبعد عن الصواب أيضاً: وهو من أنكر ما أتى به الوليد بن مسلم. وابن الجوزي ما أبعد عن الصواب حين أورده في "الموضوعات" ومن تعقبه، فلم يأت بشيء يستحق النظر فيه.

السلسلة الضعيفة

بحث سريع