…وإني سميت ابني الحسن والحسين، كما سمى به هارون ابنيه

بواسطة | محمد ناصرالدين الألباني
2005/05/09
(3706) (سمى هارون ابنه: شبراً وشبيراً، وإني سميت ابني الحسن والحسين، كما سمى به هارون ابنيه).
ضعيف. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/101/2778)، والبخاري في "التاريخ" (1/2/147) والديلمي (2/217) من طريق يحيى الحماني: حدثنا عمرو بن حريث، عن برذغة بن عبد الرحمن، عن أبي الخليل، عن سلمان الفارسي مرفوعاً.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ برذعة بن عبد الرحمن؛ قال الذهبي في "الضعفاء والمتروكين": "منكر الحديث بمرة". وعمرو بن حريث؛ مجهول؛ كما قال ابن عدي، وقال البخاري عقبه: "إسناده مجهول".
وعمرو بن حريث؛ مجهول؛ كما قال ابن عدي، وقال البخاري عقبه: "إسناده مجهول".
قلت: وفي معناه ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (823) وابن حبان (2227)، والحاكم (3/165و 180)، وأحمد (1/98) والطبراني (1/100/2773) عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: لما ولد الحسن سميته حرباً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اروني ابني، ما سميتموه؟" قال: قلت: حرباً، قال: "بل هو حسن" فلما ولد الحسين سميته حرباً، فجاء رسول الله صلى عليه وسلم فقال: "أروني ابني ما سميتموه؟". قال:قلت: حرباً فقال: "بل هو حسين". فلما ولد الثالث سميته حرباً، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أروني ابني ما سميتموه؟". قلت: حرباً! قال: "بل هو محسن"، ثم قال: "سميتهم بأسماء ولد هراون: شبر وشبير ومشبر" وقال الحاكم: "صحيح الإسناد".
ثم أخرجه الطيالس (129)، والحاكم (3/168) من طريقين آخرين، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ به. وقال الحاكم أيضاً: "صحيح الإسناد"! وسكت الذهبي هنا، وأحال به على الموضوع الأول، وهناك وافقه على التصحيح، وها منه عجيب!! فإن هانئا ًهذا لم يرو عنه غير أبي إسحاق وحده، ولازمه أنه مجهول، وهذا ما صرح به الإمام ابن المديني، كما صرح بذلك الذهبي نفسه وغيره. وقال الشافعي: "لا يعرف، وأهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله"؛ كما في "التهذيب"، فلا ينفعه بعد ذلك قول النسائي فيه: "ليس به بأس" وبالأولى أن لا ينفعه ذكر ابن حبان إياه في "الثقات"؛ لاشتهاره بتساهله في التوثيق، ولذلك لم يسع الحافظ في "التقريب" إلا أن يقول فيه "مستور"! وكأن غفل عن هذا فقال في ترجمة (المحسن) من "الإصابة" –بعد ما عزاه لأحمد-: "إسناده صحيح"! واغتر به محقق "تحفة المودود" (132) فسكت لعيه!! وأيضاً فأبو إسحاق –وهو السبيعي- مدلس مختلط وقد عنعنه، فأنى للحديث الصحة؟!
وله طريق أخرى عند الطبراني (2777) عن يحيى بن عيسى الرملي التميمي: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال علي: كنت رجلاً أحب الحرب، فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن، فلما ولد الحسين هممت أن أسميه حرباً، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم "إني سميت ابني هذين باسم ابني هارون: شبراً وشبيراً".
قلت: وهذا إسناد ضعيف منقطع؛ سالم بن أبي الجعد عن علي مرسل؛ كما قال أبو زرعة. والرملي صدوق يخطئ؛ كما قال الحافظ.
ثم أخرج هو (2778)، والبخاري في "التاريخ" (1/2/147) عن أبي غسان مالك بن إسماعيل: حدثنا عمران بن حريث، حدثنا برذعة بن عبد الرحمن، عن أبي الخليل، عن سلمان مرفوعاً: "سميتهما –يعني الحسن والحسين- بابني هارون: شبراً وشبيراً".
وقال البخاري عقبه: "إسناده مجهول".
قلت: يشير إلى برذعة وعمرو؛ قال الذهبي في الأول منهما: "‘ن أنس، له مناكير، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به". وعمرو بن حريث؛ قال ابن عدي: "مجهول".
قلت: ويعارض ما تقدم حديثان:
الأول: ما رواه إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي: حدثنا عبد الله بن محمد ابن عقيل، عن محمد بن علي رضي الله عنه عن علي رضي الله عنه: أنه سمى ابنه الأكبر حمزة، وسمى حسيناً جعفراً، باسم عمه، فسماهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حسناً وحسيناً. أخرجه الطبراني (رقم- 2780) وغيره، كما بينه في "الصحيحة" (2709).
قلت: وسنده حسن؛ لولا أن محمد بن علي –وهو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب- لم يسمع من جده عليه رضي الله عنه. ورواه الحاكم (4/277).
وابن زرارة؛ صدوق، وخالفه العلاء الرقي فقال: (حدثنا عبيد الله…. عن ابن محمد بن عقيل، عن أبيه، عن علي). أخرجه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد" ورده الذهبي بقوله: "قلت: قال أبو حاتم: العلاء منكر الحديث".
والثاني: ما رواه محمد بن فضيل، عن علي بن ميسر، عن عمر بن عمير، عن عروة بن فيروز، عن سورة بنت مشرح قالت: كنت فيمن حضر فاطمة رضي الله عنها حين ضربها المخاض في نسوةٍ، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "كيف هي؟" قلت: إنها المجهودة يا رسول الله! قال: "فإذا هي وضعت فلا تسبقيني فيه بشيء". قلت: فوضعت، فسروه، ولففوه في خرقة صفراء، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما فعلت؟". فقلت: قد ولدت غلاماً وسررته ولففته في خرقة! قال: "عصيتين؟" قالت: أعوذ بالله من معصيته ومن غضب رسوله! قال: "ائتني به"، فأتيته، فألقى عنه الخرقة الصفراء، ولفه في خرقة بيضاء، وتفل فيه، وألبأه بريقه، فجاء علي رضي الله عنه، فقال: "ما سميته يا علي؟" قال: سميته جعفراً يا رسول الله! قال: "لا، ولكن حسن، وبعده حسين، وأنت أبو حسن الخير". روه الطبراني في "الكبير" (3/23/2542و 24/311/7869.
قلت: وهذا إسناده مسلسل بالمجهولين: علي بن ميسر فمن فوقه. وقد ساقه الذهبي في ترجمة ابن ميسر إلى ابن فيروز؛ وقال "إسناده مظلم، والمتن باطل". ونقل ابن حجر في "الإصابة" عن ابن عبد البر أنه قال: "إسناده مجهول". وقال ابن الهيثمي (9/175): "رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما عمر بن فيروز وعمر بن عمير، ولم أعرفهما، وبقية رجاله وثِّقوا".
وأقول: فيه ملاحظتان:
الأولى: أنني لم أره عند الطبراني إلا بالإسناد المذكور في الموضعين المشار إليهما.
والأخرى: قوله: "عمرو بن فيروز"؛ لعله خطأ في الناسخ، والصواب: "عروة بن فيروز" كما في "المعجم" في الموضعين أيضاً، ومن العجيب أن صاحبنا الأخ حمدي السلفي نقله عنه في الموضعين دون أن ينتبه لمخالفته لما فيه "المعجم"!
(تنبيه)" ادعى الشيخ عبد الحسين الشيعي في كتابه "المراجعات" ص (145) أن الحاكم صحح هذا الحديث على شرط الشيخين، مشيراً إلى الجزء الثالث والصفحتين السابقتين. وهذا كذب؛ فإنه ليس فيهما إلا التصحيح المطلق الذي ذكرنا. وإنما صرحت بالتكذيب ولم أقتصر على قولي: "خطأ" كم اهو الواجب عادة؛ لأني بلوت عليه الكذب المذكور في غير ما حديث واحد؛ فانظر الحديث الآتي برقم (4892).

السلسلة الضعيفة

بحث سريع