…فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه، ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي

بواسطة | محمد ناصرالدين الألباني
2005/05/10
(85) (يقتل عند كنـزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم، ثم ذكر شيئاً لا أحفظه،فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه، ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي) (وفي رواية:إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان، فأتوها ولو حبواً…. الخ).
منكر. أخرجه ابن ماجة (518-519) والحاكم (4/463-464) من طريقيين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان مرفوعاً بالرواية الأولى، وأخرجه أحمد (5/277) عن علي بن زيد، والحاكم (4/502) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء عن أبي قلابة به، لكن علي بن زيد وهو ابن جدعان ولم يذكر أبا أسماء في إسناده وهو من أوهامه، ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في كتاب "الأحاديث الواهية" (1445) مختصراً وابن حجر في "القول المسدد في الذب عن المسند" (صـ45)، وقال: "وعلي بن زيد فيه ضعيف" وبه أعله المناوي في (فيض القدير)، فقال: "نقل في الميزان عن أحمد وغيره تضعيفه ثم قال الذهبي: لا أراه حديثاً منكراً" وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" قال ابن حجر: ولم يصب، إذ ليس فيهم متهم بالكذب. انتهى".
فقلت: وفي هذا الكلام أخطاء يجب التنبيه عليها:
1- إعلاله الحديث بابن جدعان يوهم أنه تفرد به، وليس كذلك فقد تابعه خالد الحذاء عند الحاكم وابن ماجة كما تقدم وهو ثقة من رجال "الصحيحين".
2- إنه يوهم أن ابن الجوزي أورده من طريق بن جدعان، وليس كذلك فإنما أورده في "الموضوعات" (2/39) عن طريق عمرو بن قيس عن الحسن عن أبي عبيده عن عبد الله -يعني ابن مسعود- مرفوعاً نحو الرواية الثانية عن ثوبان، ثم قال ابن الجوزي "لا أصل له عمرو لا شيء ولم يسمع من الحسن، ولا سمع الحسن من أبي عبيده"
قلت: ولا أبو عبيدة سمع من أبيه ابن مسعود، وتعقبه السيوطي في "اللآلئ" (1/437) بحديث ابن ثوبان هذا، وقد قال في "الزوائد" (ق249-2): "إسناده صحيح، ورجاله ثقات" وقال الحاكم "صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي! مع أنه يقول "في الميزان" "أراه منكراً" كما تقدم، وهذا هو الصواب وقد ذهل من صححه عن علته وهي عنعنة أبي قلابة، فإنه من المدلسين، كما تقدم نقله عن الذهبي وغيره في الحديث السابق، ولعله لذلك ضعف الحديث ابن علية من طريق خالد كما حكاه عنه أحمد في "العلل" (1/356) وأقره، لكن الحديث صحيح المعنى دون قوله "فإن فيها خليفة الله المهدي" فقد أخرجه ابن ماجة (2/517-518) من طريق علقمة عن ابن مسعود مرفوعاً نحو رواية ثوبان الثانية.
وإسناده حسن بما قبله، فإن فيه يزيد بن أبي زياد، وهو مختلف فيه، فيصلح للاستشهاد به، وليس فيه أيضاً ذكر "خليفة الله" ولا "خراسان".
وهذه الزيادة "خليفة الله" ليس لها طريق ثابت ولا ما يصلح أن يكون شاهداً لها، فهي منكرة، كما يفيده كلام الذهبي السابق، ومن نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن يقال: فلان خليفة الله. لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص والعجز، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقال في "الفتاوى" (2/461) "وقد يظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي، أن الخليفة هو الخليفة عن الله ، مثل نائب الله والله تعالى لا يجوز له خليفة، ولهذا "قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله! فقال: لست بخليفة الله، ولكن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبي ذلك" بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم اصحبنا في سفرنا هذا، واخلفنا في أهلنا" وذلك لأن الله حي شهيد مهيمن قيوم حفيظ غني عن العالمين، ليس له شريك ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف، وسمي خليفة، لأنه خلف عن الغزو وهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى، وهو منـزه عنها، فإنه حي قيوم، شهيد، لا يموت ولا يغيب.. ولا يجوز أن يكون أحد خلفاً منه، ولا يقوم مقامه، إنه لا سمي له ولا كفء، فمن جعل له خليفة، فهو مشرك به".

السلسلة الضعيفة

بحث سريع