تربية الأبناء .. من معالم الهدي النبوي

بواسطة | مشرف النافذة
2005/05/10

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

وصية الله للأباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم قال تعالى{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق….الآية}
فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما فسادهم من قبل الأباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا أبائهم كباراً كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال ياأبت إنك عققتني صغيرا ًفعققتك كبيراً وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً .
لقد من الله علينا بمنهج تربوي عملي ثري فريد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتدى به واستن بسننه صحابته والسلف الصالح من بعده.
هذا المنهج من الثراء بالتطبيقات العلمية عند السلف الصالح يكون فخراً للمربين وتغذية للأطفال.وتجميع دقائق هذا المنهج موضوع طويل الذيل,ولكننا نجتزئ بالبعض للدلالة على ما وراءه.لقد أدرك الصحابة بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم أهمية توجيه الطفل وتربيته وعدم استصغاره ودور الوالد الهام في التوجيه والتربية.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه"ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه،كما ينتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟"ثم يقول أبو هريرة {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}.
وضرب صلى الله عليه وسلم بنفسه المثل في تربية الأطفال وتوجيههم.وأعظم ما كان يربى عليه الطفل هو العقيدة الإسلامية الصافية، ومن خلال تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأطفال نلاحظ عدة أسس في تثبيت هذه العقيدة:
1)تلقين الطفل كلمة التوحيد.
2)ترسيخ حب الله سبحانه وتعالى وحب النبي صلى الله عليه وسلم في قلبه.
3)تعليم الطفل للقران.
4)ثبات الطفل على العقيدة
5)شمولية العقيدة( الاستعانة بالله ومراقبته والإيمان بقضائه والتوكل عليه..)
6)تعظيم أمر الله ونهيه والتأدب بأدبه
إذا تأملنا صفحات القرآن نجد أن الرسل والأنبياء يعنون عناية كبيرة بسلامة عقيدة أبنائهم فمن ذلك قوله تعالى{ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن لله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}وهذا لقمان يوصي ابنه فيقول:{يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أوفي السموات أوفي الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير }.ونلاحظ أن سورة الإخلاص التي تمثل الاعتقاد العقلي وسورة الكافرون التي تمثل الاعتقاد العملي من قصار السور ما ذاك إلا إشارة لسهولة حفظهما وفهمهما على جميع فئات الناس بما فيهم الأطفال.
ومن اهتمام الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بالأطفال اهتمامه بدعوتهم للإسلام وقد ضم الرعيل الأول علي بن أبي طالب الذي لم يتجاوز العاشرة ، حتى إنه في زيارته وعيادته للأطفال كان يدعوهم بحضور أبائهم للإسلام .روى الإمام عبد الرزاق في المصنف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له جار يهودي لا بأس في خلقه مرض ابن له فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فقال أتشهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله فنظر الفتى إلى أبيه فسكت أبوه وسكت الفتى فأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الكلمة وفي المرة الثالثة قال له أبوه أجب أبا القاسم ففعل فمات فأرادت اليهود أن تليه فقال صلى الله عليه وسلم نحن أولى به منكم فغسله رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفنه وصلى عليه.
وقدم على عمر رضي الله عنه رجل من تغلب فقال له عمر إنه كان لكم في الجاهلية نصيب فخذوا نصيبكم من الإسلام فصالحه على أن اضعف عليهم الجزية وأن لا ينصروا أبنائهم.وهذا تنبيه للأجيال القادمة بأن تهتم بالأطفال ولا يتركوهم هملا تعصف بهم الرياح.
وقد أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أن يكون الأذان أول ما يطرق سمع الطفل عند ولادته فتكون كلمة التوحيد أول ما يطرق سمعه كما في الحديث الذي رواه البيهقي وحسنه الألباني.
قال الإمام ابن القيم فإذا كان أول نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده وأنه سبحانه فوق ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أين ما كانوا ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن بحيث إذا دعي الطفل عقل على أنه عبد الله وأن الله سيده ومولاه .
ومن المعاني التي يربى عليها الطفل وترسخ في ذهنه حب الله والاستعانة به ومراقبته والإيمان بقضاء الله وبقدره والتسليم لأمره وغير ذلك من معاني العقيدة التي إن رسخت في النفس كان لها أثرٌ عظيم ٌعلى السلوك.
وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب لنا مثلاً في تربية هذا الغلام الناشئ؛ إنه حبر الأمة فيما بعد ابن عباس رضي الله عنهما قال ابن عباس رضي الله عنهما:كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال:يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشي لن ينفعوك إلا بشي قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على أن يضروك بشي لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف . وفي رواية : احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى ربك في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطئك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا. فإذ حفظ الطفل هذا الحديث وفهمه جيدا كان له أثر عظيم في مسيرة حياته العملية كلها. إن لهذا الحديث قوة عظيمة في حل المشكلات بفضل تأثير روحانيته فله القدرة في دفع الطفل إلى الأمام بفضل استعانته ومراقبته وله القدرة على صنع رجل ايجابي ثابت الجنان قوي الإيمان . وفي مسند الإمام احمد جاء مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اسر ابني عوف فقال له: أرسل إليه فقل له إن رسول الله يأمرك أن تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فاتاه الرسول فاخبره فاكب يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وكانوا قد شدوه بالقد فسقط عنه فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها فإذا هو يسرح القوم الذين شدوه فصاح بها فأتبع آخرها أولها فلم يفاجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب فقال أبوه عوف ورب الكعبة فقالت أمه واسوأتاه عوف كئيب بألم ما فيه من القد فاستبق الأب والخادم إليه فإذا عوف قد ملا الفناء إبلا فقص على أبيه أمره فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اصنع ما كنت صانعا بإبلك ونزل قوله تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
ومن النماذج التطبيقية :
· كان عمر بن الخطاب رضي الله يسير في الطريق وهو أمير المؤمنين وكان مجموعة من الأطفال يلعبون في الطريق فلما رأوه هربوا منها إلا واحدا هو عبد الله بن الزبير فتعجب عمر منه وسأله عن سبب عدم هربه فأجابه لم أكن مذنبا فأهرب منك ولم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك .
· خرج ابن عمر في سفر فرأى غلاما يرعى غنما فقال له تبيع من هذه الغنم واحدة فقال إنها ليست لي فقال قل لصاحبها إن الذئب قد اخذ منها واحدة فقال الغلام فأين الله؟ فكان ابن عمر يقول بذلك .
· وكان لبعض المشايخ تلاميذ فكان يخص أحدهم بإقباله عليه دون غيره فقالوا له في ذلك فقال أبين لكم فدفع إلى كل واحد من تلامذته طائرا وقال له اذبحه حيث لا يراك أحد ودفع إلى هذا أيضا فمضوا ثم رجع كل منهم وقد ذبح طائره وجاء هذا بالطائر حيا فقال هلا ذبحته فقال أمرتني أن أذبحه حيث لا يراني أحد فلم أجد موضعا لا يراني فيه أحد فقال الشيخ لهذا أخصه بإقبالي .
· وقال سهل بن عبد الله التستري : كنت وأنا ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يوما ألا تذكر الله الذي خلقك فقلت كيف أذكره ؟ فقال بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك :الله معي الله ناضري الله شاهدي ،فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال قل كل ليلة سبع مرات فقلت ثم أعلمته فقال قل كل ليلة إحدى عشر مرة فقلته فوقع حلاوته في قلبي فلما كان بعد سنة قال لي خالي احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك ثم قال لي خالي يوماً يا سهيل:من كان الله معه وناظراً إليه وشاهده أيعصيه؟إياك والمعصية.فكنت أخلو بنفسي فبعثوا بي إلى المدينة فمضيت إلى الكتاب فتعلمت القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين وكنت أصوم الدهر وقوتي من خبز الشعير اثنتي عشرة سنة.
ومن المعالم التربوية التي يتربى عليها الطفل وترسخ في ذهنه حب الرسول صلى الله عليه وسلم.ونلاحظ في سلوك أولاد الصحابة سرعة استجابتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفيذ أوامره.
وفي البخاري ومسلم عن أنس ابن مالك أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام فسلم علينا فبعثني في حاجته.وخدم أنس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو طفل صغير عمره عشر سنين لمدة عشرة أعوام.
وجاء ابن الزبير وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره الزبير بذلك فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلاً وبايعه.
وكان أطفال الصحابة يقاتلون من يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وقصة معاذ ومعوذ ابني عفراء وقتلهم أبي جهل ،يقول عبد الرحمن بن عوف وقف غلام عن يميني يسألني يا عم دلني على أبي جهل فيقول له ومالك يا بني من أبي جهل فيقول له والله إن رأيته لأقتلنه لقد كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم غلام عن يساري فسألني مثل الأول .
وكان أبناء الصحابة يحفظون أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.في البخاري عن سمرة بن جندب قال كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً فكنت أحفظ منه ما يمنعني من القول إلا ها هنا رجالا هم أسن مني.
وكان السلف يعطون مكافآت للأطفال على حفظ الأحاديث النبوية، و المكافآت حقيقة أمر تربوي في التشجيع على التعليم.
قال إبراهيم بن أدهم: قال لي أبي: يا بني اطلب الحديث كلما سمعت حديثا و حفظته فلك درهم فطلبت الحديث على هذا.
وكان أطفال السلف يرحلون في طلب العلم. فهذا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم الحافظ الجواد الثقة قال الذهبي:اعتنى به أبوه وارتحل ولقي الكبار وطال عمره وتفرد.
وهذا الإمام شيخ الإسلام سيد العلماء العاملين طلب العلم وهو حدث باعتناء والده قال سفيان :ينبغي للرجل أن يكره ولده على العلم فإنه مسئول عنه.
وبنات السلف كن يحفظن حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال الزبيدي:كان للإمام مالك ابنة تحفظ علمه يعني الموطأ وكانت تقف خلف الباب فإذا أخطأ التلميذ نقرت الباب.
وكان عروة بن الزبير يسمع الحديث على خالته عائشة وهو غلام وكان السلف يعلمون أبنائهم المغازي والسير.
فعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال كان أبي يعلمنا المغازي والسرايا ويقول:يا بني إنها شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها.
وكان أطفال الصحابة يحفظون أوصافه الشريفة صلى الله عليه وسلم فعن صالح بن مسعود التابعي قال: قلت لأبي صحيفة رضي الله عنه وهو من صغار الصحابة حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:كان رجلاً أبيض قد شمط عارضاه.
أما تعليم القرآن فهو أصل راسخ من أصول التربية وترسيخ العقيدة قال الحافظ السيوطي :تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام فينشئون على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل أن تتمن الأهواء منها وقبل سوادها بفعل المعصية والضلال.
وقال ابن خلدون:تعليم القرآن الولدان شعار من شعائر الملة أخذ به أهالي الملة ودرجوا عليه في جميع عصورهم لما يسبق إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده بسبب آيات القرآن ومتون الأحاديث وصار القرآن أصل التعليم.
وانطلق السلف والصحابة يعلمون أولادهم القرآن وينشئونهم على حبه وتلاوته،حتى إنه من شدة حرص على ارتباط أبنائهم بالقرآن وحصول البركة لأولادهم ما روى الطبراني عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده ودعا لهم.
قال الشافعي حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر.وحفظ سهل بن عبد الله القرآن وهو ابن ست سنين وغيرهم كثير.
وقد ضاقت المساجد بالصبيان حتى اضطر الضحاك بن مزاحم معلم الصبيان ومؤدبهم أن يطوف على حمار ليشرف على مكتبه الذي بلغ عددهم ثلاثة آلاف صبي وكان لا يأخذ أجراً على عمله.
اما تضحية وجهاد أطفال الصحابة والسلف الصالح فان التاريخ والسير تحفل بالكثير الطيب من النماذج الرائعة :
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:كان يعرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناء الصحابة فيلحق من أدرك منهم فعرضت عاما فألحق غلاما وردني فقلت يا رسول الله لقد ألحقته ورددتني ولو صارعته لصرعته قال فصارعته فصرعته فألحقني .
وروى الحاكم في مستدركه عن زيد بن حارثة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغر ناسا يوم أحد منهم زيد بن حارثة والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وسعد وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله . وروى سعد بن أبي وقاص قال رأيت أخي عمير بن أبي وقاص رضي الله عنه قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يتوارى فقلت مالك يا أخي قال إني أخاف أن يراني رسول الله فيستصغرني فيردني وأنا أحب أن الخروج لعل الله يرزقني الشهادة .
وكان الصحابة يصطحبون أبناءهم في المعارك حتى يشبوا على معاني الجهاد والشجاعة .
أخرج البخاري عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : في الزبير ثلاث ضربات إحداهن في عاتقه وإني كنت أدخل أصابعي فيها ألعب بها وأنا صغير .
قال له أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم (للزبير) يوم اليرموك ألا تشد فنشد معك قال : إن شددت كذبتم قالوا لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوفهم فجاوزهم وما معه أحد ثم رجع مقبلا فأخذ فضربوه ضربة على عاتقه فيها ضربة يوم بدر وكان معه ابنه عبد الله وهو ابن عشر سنين فحمله على فرسه واخترق به الصفوف .
ومن معالم التربية الهامة ، التربية على تعظيم أمر الله وطاعته والتأدب بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم . عن أبي الحوراء قال قلت للحسن ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أذكر أني أخذت تمرة من نمر الصدقة فجعلتها في فيَ فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابه فجعلها في التمر فقيل له : يا رسول الله
ما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي قال: إنَا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.
وقال عليه الصلاة والسلام لعمرو بن أبي سلمه وكان يأكل معه: يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك.
ومن حرص السلف كانوا يرسلون أولادهم إلى حيث ينهلون الأدب ولذا كان يقال للمعلم: المؤدب (ولا خير في علم بلا أدب).
عن سعيد بن عقير حدثنا يعقوب عن أبيه أن عبد العزيز بن مروان بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده وكان يلزمه الصلوات فأبطأ يوما عن الصلاة فقال له : ما حبسك قال : كانت مرجلتي تسكن شعري فقال : بلغ من تسكين شعرك إن تؤثره على الصلاة وكتب بذلك إلى والده فبعث عبد العزيز بن مروان رسولا إليه فما كلمه حتى حلق شعره .
وكان صلى الله عليه وسلم يتحبب للأطفال ويهش لهم وإذا علا الطفل ظهره الشريفة وإن كان في الصلاة لم يعجل حتى يقضي الطفل نهمته وكان يقبَل الأطفال ويغمرهم بالعطف والحب و وعض يوما أحد شيوخ الأعراب عندما قال : إن لي عشرة من الولد ما قبَلت أحدا منهم فقال صلى الله عليه وسلم : وما أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك .
قال أسامة بن زيد رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني والحسن ويقول: اللهم إني أحِبُهما فأحِبَهما.
وعن عدي بن ثابت رضي الله عنه عن البراء قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن : اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه . وفي ذلك أحاديث متواترة .

هذا قليل من كثير من معالم تطبيقية في منهج تربية الأطفال رسم معالمها وطبقها المصطفى صلى الله عليه وسلم وسار على نهجه صحابته والسلف الصالح من بعده. نسأل الله لهذه الأمة أن تعود لسابق عزها ومجدها وتنهل من موردها العذب حتى تسعد في الدارين.

بحث سريع