من أبعاد فتنة حسين الحوثي-1

بواسطة | محمد الأحمدي
2005/05/11
خاص: موقع آل البيت
ولد حسين بن بدر الدين بن أمير الدين بن الحسين بن محمد الحوثي عام 1956 في قرية آل الصيفي بمنطقة حيدان التابعة لمحافظة صعدة الواقعة على بعد 240 كلم شمال غرب صنعاء قبل نحو ست سنوات من اندلاع الثورة اليمنية التي قضت على الحكم الإمامي المتوكلي الذي استمر لأكثر من 11 قرنا امتدادا للدولة الزيدية التي تأسست في جبال صعدة.
وينتهي نسب الحوثي إلى الأسرة الهاشمية وإلى رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ويعد والده بدر الدين الحوثي أحد أبرز المرجعيات الشيعية للمذهب الزيدي في اليمن الذي ينتمي إليه أيضا الرئيس علي عبد الله صالح، وسيأتي ذكر نبذة مختصرة عنه.
تعليمه
تلقى حسين بدر الين الحوثي تعليمه المبتدئ في مدارس دينية سنية بينما ينتمي إلى أسرة عريقة في التشيع للزيدية، عندما التحق بـ(المعاهد العلمية) التي كانت حركة الإخوان المسلمين تديرها قبل أن تتحول إلى حزب سياسي عام 1990 باسم (التجمع اليمني للإصلاح)، ويعد ذلك من المفارقات اللافتة في شخصية الرجل.
كما تلقى العلم على يد والده وعلماء المذهب الزيدي، التحق بعدها بكلية الشريعة في جامعة صنعاء وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون، وتعمق الحوثي في دراسة أصول المذهب الزيدي وعلومه الشرعية وتاريخه السياسي في اليمن.
كما التحق الحوثي بإحدى الجامعات السودانية لتحضير ماجستير في علوم القرآن ونال الماجستير بتفوق عام 2000م، لكنه ما لبث أن مزق الشهادة معتبرا أن الشهادات الدراسية ليست في الحقيقة سوى تعطيل للعقول.
عمله السياسي
قرر الحوثي في عام 1992م الانخراط في العمل السياسي كمؤسس لـ(حزب الحق) المعارض الذي جرى تأسيسه من قبل علماء ومثقفين ورجال قبائل ينتمون للمذهب الزيدي.
وقد ساند الحزب الاشتراكي اليمني (الشريك في الحكم آنذاك) تأسيس حزب الحق في إطار حساباته السياسية وحرصه على إيجاد قوى سياسية باتجاه ديني لمواجهة خصمه اللدود التجمع اليمني للإصلاح.
في عام 1993 فاز الحوثي في الانتخابات النيابية بأحد مقاعد مجلس النواب عن حزب الحق في الدائرة رقم (269) محافظة صعدة، وحصل على مانسبته 37.68% من إجمالي عدد الذين أدلوا بأصواتهم في تلك الانتخابات في نطاق الدائرة.
لكنه تراجع عن ترشيح نفسه في انتخابات عام 1997م لينصرف إلى الدعوة وتأسيس منتدى “الشباب المؤمن” الذي استقطب العديد من المثقفين من المذهب الزيدي. وأنشأ مركز الهادي لتحفيظ القرآن والعلوم الشرعية في مران (صعده) لتدريس فقه الزيدية، ومعه عقائد المعتزلة والإثنا عشرية.
ويشهد زملاء وأساتذة وأصدقاء الحوثي له بالذكاء والتفوق العلمي والتوسع في الدراسات الإسلامية والمذهبية لكنهم يأخذون عليه تشدده وتعصبه المذهبي.
قبل ثلاثة أعوام رفع حسين الحوثي شعار (الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود..النصر للإسلام)، وكان هدفه من هذا الشعار بحسب أتباعه هو تعبئة الشارع اليمني ضد “الغطرسة الأمريكية”.
وللحوثي دروس ومحاضرات صدر منها خلال عام واحد فقط 43 محاضرة أفرغت في ملازم ونزلت للتداول في الأسواق، تكلم فيها عن مسائل في العقيدة والتفسير والسياسة، وتطرق للعديد من القضايا المعاصرة منها قضية فلسطين والاحتلال الأمريكي للعراق، وهي سلسلة محاضرات سميت بـ(من هدي القرآن الكريم)”، كما ألف رسالة بعنوان (الجواب الكاشف عن مسائل الأفريقي إلياس، ويليه الجواب الوافي على مسائل العراقي).
ومنذ العام الماضي وبعد ازدهار نشاط “الشباب المؤمن” وتوسيع قاعدته في أوساط الشباب من أبناء المذهب الزيدي في مختلف المدن اليمنية قام الحوثي بتسيير التظاهرات المعادية للولايات المتحدة.
تمرده
جرت مواجهات بين أنصاره والقوات اليمنية خلال الشهور الماضية واعتقلت أجهزة الأمن المئات من أتباعه.
ورفض الحوثي –الذي رصدت السلطات مكافأة مقدارها 55 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات لاعتقاله- الحوار مع الحكومة كما رفض مبادرات الوسطاء للعدول عن تشدده المذهبي قبل اندلاع المواجهات في صعدة في 18 يونيو الماضي في جبال مران حيث تمركز مع المئات من أنصاره.
واتهمت صنعاء الحوثي بأنه أعلن نفسه أميرا للمؤمنين وبإثارة نعرة طائفية تضر بالوحدة الوطنية، لكنه نفى ذلك مؤكدا أن عداءه لأميركا هو الذي حرك الحكومة اليمنية ضده.
الحوثي الأب يثأر لولده!!
هو بدرالدين بن أميرالدين بن الحسين بن محمد الحوثي ولد في 17 جمادى الأولى سنة 1345هـ بمدينة ضحيان، ونشأ في محافظة صعدة، من كبار علماء الشيعة، جارودي المذهب، يرفض الترضية على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكذلك لا يترضى على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق. هاجم الصحيحين والسنن في كثير من مؤلفاته، واتهم الإمام البخاري ومسلم بالتقول والكذب على رسول الله إرضاءً للسلاطين؛ ومنه ورث ابنه حسين هذا المذهب، وسار عليه أنصارهم وأتباعهم!
شغل بدرالدين الحوثي منصب نائب رئيس حزب “الحق”، الذي يرأسه مجد الدين المؤيدي، إلا أن الخلاف اشتد بينهما حتى حدث الانقسام بينهما، فقدم بدر الدين استقالته من حزب “الحق” ومعه عدد كبير من القيادات الشابة في الحزب، ومنهم ابنه حسين وبقية أبنائه، وقد وزعت الاستقالة الجماعية وانتشرت في أرجاء محافظة صعدة.
استطاع بدرالدين مع القيادات التابعة له تأسيس ما يسمى بـ”منتدى الشباب المؤمن”، فأقيمت المنتديات الصيفية في أكثر من مديرية، وكان بدرالدين يضفي عليها الشرعية المذهبية، ويبارك جهودها، ويحث القبائل على تسجيل أبنائهم فيها. وكان الشباب وأغلبهم من صغار السن يشاهدون في هذه المنتديات أفلام الفيديو التي تحكي كيف تم سقوط نظام الشاه في إيران، وكيف قامت ثورة الخميني، وتظهر صور الممثلين وهم يواجهون زحف الدبابات، ولا ينحنون برؤوسهم أمام كثافة النيران، وتصيب أحدهم الرصاصة فينزف دماً وهو يهتف: “الله أكبر، الموت لأمريكا”، وتظهر بعض الصور وشباب الثورة قد ربطوا أرجلهم لكي لا يفروا أمام زحف جيوش الشاة! وكان أحد قادتهم يقوم بالتعليق أحياناً على هذه الأشرطة، ويحث الشباب في المنتديات على التشبه بإخوانهم شباب الثورة الخمينية، والوقوف في وجوه الطغاة!
بينما الحقيقة أكبر من تمثيل سينمائي، فلا شباب إيران أطاحوا بنظام الشاة، ولا شباب منتديات الحوثي فهموا كذب التمثيليات!
ومن مشائخ بدر الدين الحوثي، والده السيد أمير الدين الحوثي المتوفي سنة 1394 هـ، وعمه الحسن بن الحسين الحوثي المتوفي سنة 1388هـ، وجل قرائته عليهما.
أجازه عدد من علماء الزيدية ذكرهم في كتابه (مفتاح أسانيد الزيدية)، وفي مقدمة كتابه (شرح أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي)، عكف على التدريس والتأليف، وتتلمذ على يديه عشرات من أتباع المذهب الزيدي، وله اليد الطولى في الرد على المخالفين للزيدية، وله العديد من المؤلفات المطبوعة والمخطوطة، منها تفسيره للقرآن الكريم، وله اجتهادات معروفة في الوسط الزيدي.
مؤلفاته
له مؤلفات عديدة منها:
1- تفسير جزء تبارك وجزء عم.
2- التيسير في التفسير، طبع منه تفسير الفاتحة والبقرة وآل عمران في مجلد.
3- تحرير الأفكار عن تقليد الأشرار، طبع سنة 1414هـ، وهو في الرد على “شبهات” من يصفهم بـ”الوهابيين” “المتمسلفين”، وضمنه مباحث في الأصول والحديث.
4- الإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز (مطبوع).
5- الزهري أحاديثه وسيرته (مطبوع).
6- الغارة السريعة في الرد على الطليعة، يعتقد أنه في الرد أحد كتب الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله (مطبوع).
7- شرح أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي عليهم السلام (مخطوط).
8- طرق تفسير القرآن الكريم.
9- كشف الغمة في مسألة اختلاف الأمة (مخطوط).
10- المجموعة الوافية في الفئة الباغية (مخطوط).
11- القاضب الخافض لهامات النواصب (مخطوط)
12- التحذير من الفرقة (مطبوع).
13- أحاديث مختارة في فضائل أهل البيت عليهم السلام.
أما رسائله وكتيباته فتشمل:
1- إرشاد الطالب إلى أحسن المذاهب.
2- إيضاح المعالم في الرقى والتمائم.
3- بيان الرهان من القرآن على تخليد أولياء الشيطان في النيران.
4- التبيين في الضم والتمين.
5- آل محمد ليسوا كل الأمة.
6- الجواب على الحكمي.
7- الزيدية في اليمن.
8- الفرق بين السب والقول الحق.
9- من هم الرافضة.
10- من هم الوهابية.
11- المطرفية.
12- النصيحة المفيدة.
هل كان الحوثي الأب مع ابنه في أحداث التمرد الأولى؟!
حاول كثير من الناس التفريق بين توجه الأب وتوجه الابن، ووصفوا الأب بأنه علاَّمة ناسك متعبد معتزل، لا يعرف عن تصرفات ابنه ولا يرتضي منها شيئاً، ولكن المتابع للأحداث يعرف جيداً أن حسين لا شيء بدون والده، ولو كان أباه مخالفاً له لما استطاع أن يجمع حوله أحداً، فالمرجعية للأب، ووثوق الناس فيه؛ ولقد كان الحوثي (الأب) يبارك كل جهود ابنه، ويصفه بالمصلح الكبير والمجدد للمذهب الزيدي. حتى قال قولته المشهورة: “لقد كانت طاعة حسين لي واجبة، فأصبحت طاعتي لحسين اليوم واجبة”. وقد صرح الحوثي (الأب) في حديث لصحيفة (الوسط) الأهلية بقوله: إنه لم يكن على الحياد في حرب ابنه مع الدولة، بل هو مع ابنه، وحرب ابنه لصالح الإسلام والمسلمين، كما سيأتي.
عندما هزم الحوثي الابن في جبال مران أراد الحوثي الأب أن يستأنف القتال، ولكن بعد استرداد الأنفاس والاستفادة من الوقت فأظهر للدولة بأن غايته إطلاق المسجونين من أنصار ابنه، بينما المتابع للأحداث يعرف أنه كان يهدف من رواء ذلك إلى إتاحة الفرصة لمن كان بعيداً من أنصاره وهارباً الالتحاق بالجبهة الثانية في الرزامات، وكذلك شراء ما أمكن من الأسلحة التي لم تكن موجودة عند ابنه حسين، ودراسة الأخطاء في الجولة الأولى من الحرب وعدم تكرارها. وبالفعل استطاع أنصاره الالتحاق بجبهة الرزامات، فأتوا من خولان، ومن العاصمة صنعاء، والمحويت، وحجة، وعمران، وحراز.
ولقد كان الحوثي مستميتا في محاولة إطلاق سراح المسجونين، لمعرفته بأنهم الخلص من أتباعه، والأقدر على المقاومة والقتال لوقت أطول، إلا أن القيادة الأمنية والعسكرية لم تحقق طلبه! مما جعله يعود من صنعاء صفر اليدين، وتبخرت كل حيله وأمانيه.
صحيفة (الوسط)
لقد فجر الحوثي الأب قنبلة سياسية عندما قال في مقابلة نشرتها أسبوعية (الوسط) الأهلية قبيل تفجر الحرب مجدداً وإعلان التمرد الثاني إن الرئيس علي عبد الله صالح خاف أن يأخذ حسين الحوثي منه الولاية، لذلك كان حريصا على إبعاد ولده، وأضاف موجها كلمة للرئيس صالح “يحكم الله بيننا يوم القيامة لقد قتل أربعة من أولادي وثلاثة من أولاد أخي”.
وقد أعطى الحوثي (الأب) لأتباعه إشارة عبر صحيفة (الوسط) للاستعداد للمواجهة واستئناف الجولة الثانية من التمرد، عندما سئل هل يمكن أن تتجدد المواجهة؟ فأجاب: الله الذي يعلم، ثم أضاف: لقد وعدنا الرئيس أن يطلق سراح المعتقلين، وعليه أن يفي بوعده؛ وشكك الحوثي في مقتل ابنه حسين حتى يُبقي الأمل قائماً لدى أتباعه. وفعلاً سرى هذا التشكيك حتى غدى يقيناً لدى الكثير بأن حسين لم يقتل، وأن عليهم أن يواصلوا المسير. وقال “لم نتسلم جثته، لا هو ولا غيره لكنه أكد عدم ندمه على مقتله “لأن الشهادة سعادة” حسب قوله.
ورفض الحوثي الكبير (82عاما) الإقرار بشرعية الرئيس صالح من عدمها، قائلاً ” لا تحرجوني”، وشدد على الموقف الصائب والحق لولده حسين في حرب صعدة. وحمّل الرئيس صالح مسؤولية ما حدث، نافيا في ذات الوقت أن يكون ولده حسين قد دعا إلى الإمامة، وأكد أنه كان يدافع عن الإسلام ضد ما تحوكه أميركا من مكائد للإسلام بإعلان الشعار الإسلامي حتى يكون حاجزا ما بين المسلمين وبينها.
ودافع عن موقف ابنه وأتباعه من تنظيم الشباب المؤمن وقال إنه كان إلى جانب ابنه أثناء الحرب، معتبرا أن الحرب في جبال صعدة كانت لدفع الضرر عن الإسلام وحمايته، وكشف عن سفره إلى إيران عام 1993 فرارا من الحملات العسكرية، إلا أنه نفى أن يكون قد تسلم أي دعم منها.
وقال إن الإمامة هي في البطنين، مشترطا أن يكونوا مع كتاب الله واعتبر أن هناك نوعين من الحكم الأول يسمى الإمامة وهذا خاص بآل البيت والثاني يسمى الاحتساب ويكون في أي مؤمن عدل، ولا يكون إلا إذا انعدم الإمام.
وحمل الحوثي الكبير في أول ظهور إعلامي له على علماء الزيدية الذين أفتوا بضلال ولده حسين وقال “إنهم تابعون للدولة ويخافون بطشها، وبالتالي فلا يعد مرجعية من أفتى بالباطل”، واتهم السلطة بتقوية جانب السنة على حساب آل البيت المستضعفين، وأكد أن الاستهداف الذي مورس على المذهب الزيدي من قبل السلطة سيزيده قوة “لأن أتباعه هم رجال أقوياء وأبطال”، وقال إن التقوى عند آل البيت أقوى من غيرهم، مشيرا إلى أن لقب “سيد” هو تمييز للنسب النبوي.
الحوثي يعيد الحرب جذعة
عاد الحوثي (الأب) إلى معقله في الرزامات، وهناك خطب في أنصاره، وحثهم على الجهاد والتضحية والاستشهاد، وأنهم لم يعد بينهم وبين الجنة إلا أن يهاجموا العساكر فيقتلوا. ودعا أنصاره أن يستهدفوا كل من يلبس بدلة عسكرية، “حتى ولو كان محصل ضرائب أو سائق سيارة الكدم والروتي” –على حد تعبيره، وأن يستهدفوا كل سيارة تحمل لوحة حكومية.
وهنا انقسم أنصاره إلى مجموعتين، مجموعة تقود حرب عصابات واستنزاف، وأخرى تبقى في الرزامات لمواجهة زحف الدولة القادم.
واستطاعت المجموعة الأولى تنفيذ عمليات خاطفة على النقاط العسكرية أو المسئولين العسكريين أو المدنيين أو المشايخ والشخصيات المتعاونة مع الدولة، وتمكنت فرقة منها من اقتحام مدينة صعدة التي لم تكن مطوقة أمنياً، وتحصنوا بالأبنية ومنازل السكان، وأطلقوا النيران على نقطة عسكرية في الشارع العام، لكنهم تلقوا صفعة قوية من قبل قوات الأمن، حيث قتل جميع أفراد المجموعة المهاجمة إلا ثلاثة منهم وقعوا في الأسر بعد أن استطاعوا قتل خمسة جنود واثنين من الضباط، وكان عدد المجموعة يصل إلى ثمانية وعشرين فرداً لقوا مصرعهم برغم ما بحوزتهم من تعاويذ وتصاريف وحروز.
وفي خلال عشرة أيام تمت السيطرة الشاملة على قرى آل شافعة والرزامات، وانتهى التمرد واختفى الحوثي مخلفاً وراءه عشرات القتلى من أنصاره.
الحوثي الأب والمصير المجهول:
يتناقل الكثير أن الحوثي قد استطاع الهرب -وبتكتم شديد- عن أتباعه وأنصاره المقاتلين قبل أن تهاجم الدولة قرية الرزامات؛ لأنه وقبل الهجوم حاصرت الدولة كل مداخل ومخارج الرزامات، والحوثي لكبر سنه وتقدمه في العمر لا يستطيع الهرب راجلاً وهروبه على سيارة غير ممكن؛ لوجود نقاط التفتيش الكثيرة. ولا تزال الأنباء متضاربة حول مصيره أو هروبه.
الحكومة اليمنية كيف تعاملت مع الأزمة..؟!
- 30 يونيو 2004م: عقدت اللجنة الرئيسية بمجلس الشورى اجتماعها الأسبوعي، حيث وقفت أمام الأحداث التي جرت في بعض مديريات محافظة صعدة نتيجة إقدام حسين بدر الدين الحوثي على “ارتكاب العديد من الأفعال المخلة بالأمن والاستقرار والسلام الاجتماعي”، وأفشل بتعنته كل محاولات درء الفتنة وحقن دماء المواطنين في المنطقة برفضه للاستجابة للجنة الوساطة التي شكلها رئيس الجمهورية لإقناعه بإنهاء تمرده وتسليم نفسه للسلطات بشكل طوعي والاحتكام إلى القانون والدستور. وقد عبر أعضاء اللجنة الرئيسية، عن استنكارهم وإدانتهم لكل محاولات “الخروج عن الدستور والقانون والشرعية والنظام الديمقراطي التي مارسها ويمارسها المذكور وخاصة ما يتصل منها بإثارة النعرات المذهبية والطائفية والعرقية”.
- 3 يوليو 2004م: استمع مجلس النواب (البرلمان)، إلى تقرير عن الأوضاع الأمنية بمحافظة صعدة قدمه اللواء الدكتور رشاد محمد العليمي وزير الداخلية، أوضح فيه الحقائق حول ما قام به حسين بدر الدين الحوثي وأتباعه في مديرية حيدان محافظة صعدة من “خروج عن الثوابت الوطنية ودستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة، وارتكابه وأتباعه عدد من الجرائم كالحرابة والقتل العمد ومقاومة السلطات وإتلاف الأموال العامة والإخلال بالأمن والاستقرار”.
- 27 يوليو 2004م: أصدر الرئيس علي عبدالله صالح، توجيها بتوسيع عضوية لجنة المساعي المكلفة من قبله للمرة السادسة لإقناع حسين بدر الدين الحوثي ومن معه بتسليم أنفسهم للسلطات.. وذلك من أجل حقن الدماء وصيانة الأرواح والممتلكات.
- 16 أغسطس 2004م: التقى الرئيس علي عبدالله صالح بنادي ضباط الشرطة في العاصمة صنعاء، بأعضاء مجلسي النواب والشورى وأعضاء المجالس المحلية والمشائخ الاجتماعية، الذين قدموا من محافظة صعدة لمناقشة ما يجري في منطقة مران ومناطق أخرى في المحافظة بفعل التمرد الذي أعلنه حسين بدر الدين الحوثي..
- 10 سبتمبر 2004م: وجه الرئيس علي عبدالله صالح برقية تهنئة إلى وزيري الدفاع والداخلية، وقائد المنطقة الشمالية الغربية، وقائد القوات الجوية والدفاع الجوي، وكافة قادة القوات المسلحة والأمن، ووسائل النقل العسكري، وأعضاء السلطة المحلية بمحافظة صعدة، عبر فيها عن تهانيه لهم جميعا بما تحقق من نصر في القضاء على “التمرد وإخماد الفتنة التي أشعلها حسين بدرالدين الحوثي ومن ناصره بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ودحر ذلك المخطط التخريبي الذي استهدف النيل من الوطن وأمنه واستقراره”، على حد قوله.
- 26 سبتمبر 2004م: شهد رئيس الجمهورية الاحتفال الذي أقيم بساحة الأمن المركزي بصنعاء، بمناسبة تخريج عدد من الدفع الجديدة من الكليات والمعاهد العسكرية والأمنية في إطار الاحتفالات الوطنية بأعياد الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر، وفي الاحتفال ألقى رئيس الجمهورية كلمة،قال فيها: “إننا إذا كنا قد ترفعنا منذ فترة طويلة عن الإشارة إلى عيوب النظام الملكي المتخلف الذي كان سائداً في اليمن من قبل, بعد قيام الثورة وترسيخ جذورها وعدم نبش الماضي، إلا أن هؤلاء هم السبب بإثارتهم من وقت لآخر للنعرات، فالبادئ اظلم، ولذا فلابد أن نرد على ذلك بتوعية وتحصين شبابنا وشعبنا من أولئك الرجعين المتخلفين..”، مذكرا بالحرب الأخيرة التي أشعلها الحوثي.
الأزمة تتجاوز الداخل اليمني إلى الخارج
الحكومة تتهم جهات خارجية
اتهمت الحكومة اليمنية وعلى لسان أكثر من مسئول جهات خارجية بتمويل ودعم التمرد، كان آخر ذلك تصريحات وزير الخارجية اليمني الدكتور القربي خلال زيارته للمملكة العربية السعودية مطلع إبريل الماضي، حيث أوضح أنه يجري حالياً التحقيق لمعرفة مصادر التمويل المالي التي قال إنها من جهات خارجية سيتم الإعلان عنها في نهاية التحقيقات. وفي وقت سابق تزايد الحديث، وإن بشكل غير علني، عن الدعم الخارجي الذي يحصل عليه أنصار الحوثي، خاصة بعد أن كشفت المحاكمات التي جرت لاثنين من أنصار الحوثي عن ارتباطات للحوثي بمرجعيات شيعية في العراق وإيران.
وكان بدرالدين الحوثي قد نفى أن يكون هو أو نجله قد تلقيا دعما من إيران، وقال في سياق مقابلة صحافية نشرت قبل أسبوع من المواجهات الثانية مع قوات الجيش إن نجله كان يتلقى دعماً من عدة جهات لم يسمها، مشيراً إلى أن هذا الدعم لم يتجاوز المواد التموينية كالدقيق والأرز والسكر.
وبرر لجوءه إلى طهران التي عاد منها إلى اليمن مؤخرا بخشيته من الحملات العسكرية التي شنتها السلطات عقب أحداث حرب مران.
زقزوق: فهم مغلوط لأصول الإسلام
الحكومة المصرية وعلى لسان وزير الأوقاف رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الدكتور حمدي زقزوق، أكدت على أن ما فعله المدعو”الحوثي” وأمثاله، ناتج عن فهم مغلوط لأصول العقيدة الإسلامية التي تدعو إلى الوسطية والاعتدال. وقال الوزير المصري:” إن الإسلام دين الوسطية وليس دين الغلو والتطرف، وما سعى إليه أولئك القلة ما هو إلا محاولة لإعادة اليمن إلى الوراء. ودان زقزوق ,محاولة الحوثي وأتباعه نشر الفتنة بين شعب عرف عنه الوسطية والاعتدال. وأشاد بحكمة القيادة السياسية اليمنية التي بادرت إلى تشكيل لجنة للحوار الفكري مع المغرر بهم من الشباب، وقال” لقد اطلعت على ما تقوم به اللجنة بنفسي، مع المغرر بهم من أبناء اليمن، وذلك نابع مما يمتلكه اليمن من موروث حضاري وثقافي أصيل.
مجلس التعاون الخليجي يتضامن
-في 16 يوليو 2004م: أكدت المملكة العربية السعودية تضامنها مع الجمهورية اليمنية في مواجهة أعمال التخريب ومحاولة النيل من الأمن والاستقرار التي قام بها المدعو حسين بدر الدين الحوثي في مديرية حيدان محافظة صعدة.. وقال مصدر سعودي مسئول “إن المملكة العربية السعودية تابعت خلال الأيام الماضية بألم شديد الحوادث المؤسفة التي قامت بها مجموعة من المتطرفين في جبل مران في الجمهورية اليمنية الشقيقة”.
- وفي 13 سبتمبر 2004م: عبر المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن تأييده للجمهورية اليمنية في معالجتها للأعمال “الإرهابية” التي جرت بمحافظة صعدة جراء تمرد الحوثي والتي أنهيت مؤخرا، وأكد المجلس في بيانه الختامي الصادر عن الدورة الثانية والتسعين للمجلس الذي اختتم أعماله بمدينة جدة، أن مبادئ الدين الإسلامي الحنيف تحرم وتجرم القيام بأي عمل يؤدي إلى الاعتداء على الأبرياء وإيذائهم وتهديد الأمن والسكينة العامة.
حوزة النجف تتدخل
وبعد صمت طويل أصدرت الحوزة العلمية في النجف بيانا انتقدت فيه الحكومة اليمنية على أسلوب تعاملها مع تمرد الحوثي، وفي الوقت ذاته انتقدت المتمردين ضمنيا على التحرك المسلح وتعريض “الأبرياء للقصف والهتك والتدمير”، على حد قولها. ومعلوم أن البيانات الموقعة باسم الحوزة العلمية في النجف غالبا ما تعبر عن رأي الدائرة المقربة جدا من المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني. وجاء في البيان الذي حمل عنوان (نداء إلى محافل حقوق الإنسان في العالم)،ونشرته صحيفة (الشرق الأوسط) بتأريخ السبت 16/4/2005م، الموافق 6/3/1426هـ، أن الشيعة في اليمن سواء الزيدية منهم أو الإمامية الأثنا عشرية “يتعرضون لحملة مسعورة من الاعتقالات والقتل المنظم منذ نشوب الأزمة بين الحكومة وبين حسين الحوثي وأتباعه”، واتهم البيان الحكومة اليمنية بحظر دخول وسائل الإعلام المحايدة والعالمية تلك المناطق التي يدور فيها القتال، والتي “تتم فيها تصفية الشيعة بشكل جماعي لا سابق له في تاريخ اليمن إلا ما حصل بعد انقلاب السلال على حكم الإمامة”. في إشارة إلى ثورة 26 سبتمبر عام 1962 العسكرية اليمنية التي قامت بمساندة مصرية لحكومة السلال الجمهورية. وأضاف البيان أن الحكومة اليمنية تعاملت مع أزمة الحوثي بشمولية غير منطقية و”عممت المشكلة مع أن حركة الحوثي لا تمثل إلا تيارا محدودا في الزيدية لا يتوافق معه الكثير من نفس الزيدية وجميع الشيعة الإمامية تقريبا، فليس من نهج الأمامية ولا بقية الزيدية التحرك المسلح في مثل هذه الظروف وتعريض الأبرياء للقصف والهتك والتدمير”. وتابعت الحوزة العلمية في النجف في بيانها بالقول إنه “مما يزيد الأمر سوءا تبني الحكومة اليمنية بشخص رئيسها خطابا طائفيا معاديا بشكل صريح لعقائد الزيدية والإمامية وصل إلى حد تسفيه مبدأ الإمامة الذي تقول به هذه الفرق الإسلامية”. وطالب البيان جميع المحافل الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة العالم الإسلامي والجامعة العربية التدخل لدى الحكومة اليمنية لوقف ما وصفه بالاضطهاد الديني والقتل الجماعي الذي يمارس بحجة إخماد التمرد في جبال مران في محافظة صعدة حيث خلطوا الحابل بالنابل، ولم تميز الحكومة في تطويق الأزمة بين من حمل السلاح وبين من كان مسالما بعيدا عن ساحة الصراع. كما طالبت الحوزة العلمية في النجف الحكومة اليمنية برفع اليد عن المعتقلين في السجون الذين لم يحملوا سلاحا ولم يكن لهم ذنب إلا أنهم من الناشطين في نشر الثقافة والفكر الشيعي زيدياً كان أو إمامياً.
وجمعية علماء اليمن ترد
وفي ردها على بياني حوزتي النجف وقم أكدت جمعية علماء اليمن الرسمية أن الإمامية الإثنا عشرية غير موجودة في أرض اليمن أصلاً.
وقال بيان صادر عن الجمعية إن مايزعم من اضطهاد للشيعة الزيدية والإمامية الاثنا عشرية كما يقولون ينافي الواقع الذي يعيش فيه أبناء اليمن قاطبة وفق ثوابت شرعية وقانونية ودستورية لا فرق بين مذهب ومذهب يدل على ذلك تعايش المذهبين الزيدية والشافعية خلال مئات من السنين دون خلاف أو نزاع، أما الإمامية الإثنا عشرية فهي موجودة في أماكنها ولا وجود لها في اليمن أصلاً، وهناك من يحاول إثارة الفتنة، وأضاف البيان أن ما حصل من تمرد عناصر محدودة في بعض مناطق صعدة لا يعبر عن المذهب الزيدي .. وطالب البيان الحوزتين في النجف وقم، اللتان نسب لهما بيانان حول أحداث صعدة، أن لا يستقيا معلوماتهما من وسائل الإثارة .. وأهاب البيان اليمن بالشعب اليمني أن يقف وقفة رجل واحد إزاء كل فتنة أو فكر منحرف خارج عن ثوابت الأمة الدينية والوطنية.
كتابات وآراء حول القضية
منذ متى وأصنام الحوزة تنطق؟!
تحت هذا العنوان كتب الباحث العراقي المقيم في اليمن نزار العبادي ينتقد بيان الحوزة العلمية في النجف حول أحداث صعدة. حيث قال الكاتب -في مقاله الذي نشره موقع (المؤتمر نت) الرسمي: “في صغرنا علمونا أننا -الشيعة الإثني عشرية- نحيا ونموت على حب الحسين بن علي -عليه السلام- ودربونا كيف نشق الصدور، وندمي الرؤوس ..لكنهم لم يجرؤوا أن يخبرونا: أن أئمة بيت النبوة كانوا فكراً وعقيدة ونضالاً، بينما أئمة هذا الزمان أصنام بلا فكر، ولا عقيدة، ولا نضال! وأن الإمام الحسين جابه دولة الفساد بسيفه، فيما احتمى أئمة العصر بدروع الاحتلال وتقدموا أرتال كل جيوش الغزو على ظهر دبابة تعلوها بيارق الصليب”.
وقال: “كنا نسينا أن في النجف الأشرف حوزة تقول بوجوب الإمامة لولا أن ناطقاً رسمياً أمريكياً في قوات التحالف أعلن قبيل التاسع من أبريل 2003م أن كتائب المارينز أمَنت دخول عدد من علماء الحوزة الشيعية إلى مدينة النجف، ولعل ما زاد يقيننا بالناطق الأمريكي هو إعلان طهران مغادرة علماء حوزة عراقيين أراضيها متوجهين إلى النجف بصحبة فيلق بدر”.
وقال متسائلاً: “منذ متى وأصنام الحوزة تنطق بالفتاوى المناصرة للمظلومين والمضطهدين في العالم وهي التي تغمض الأعين وتصم الآذان عن كل الفضائح المخزية في العراق بدأً من اغتصابات أبو غريب، مروراً بمجازر الإبادة الوحشية لأهالي الفلوجة، وغيرها من مدن العراق ووصولاً إلى إرهاب السيارات المفخخة التي أسقطت مؤخراً بعملية واحدة في (الحلة) ما يزيد عن 135 مواطناً عراقياً بريئاً، لا ذنب لهم سوى أنهم أولو شئون بلادهم لرجال الحوزة الشيعية”.
ونصح الكاتب من يقتدي بالحسين بن علي بن أبي طالب “أن يتمثل بالمدلولات الإنسانية النبيلة لثورته، فإصلاح الأمم يبدأ بإصلاح الذات، وتهذيبها على المحبة والوئام لتكون القاعدة المتينة لانطلاقة أي تغيير مرجو فالحسين توجه بأهل بيته والأقربين لمقارعة الفساد؛ لأنهم الأقوى إيماناً وعقيدة وصلاحاً ..وكان الأولى بالحوزة أن تستكمل ترتيب البيت العراقي وتعيد بناءه قبل أن تفكر باليمن وأهلها” وختم مقاله بالقول: “ومن هذا المنطلق- أعتقد- بصفتي أحد أبناء المذهب الإمامي الإثنى عشري-أن الشيعة بأمس الحاجة إلى نبذ العصبية المذهبية، والتخلي عن الشعارات والبكائيات؛ لكي لا تغيب عن أنظارهم المدلولات الجوهرية لمعنى الاقتداء بآل بيت رسول الله”.
قبل أن تصبح صعدة دارفور أخرى
وتساءل الكاتب المصري فهمي هويدي في مقال له في جريدة (الشرق الأوسط) “إلى متى يظل العالم العربي متفرجاً على ما يحدث في اليمن؟ ليست عندي إجابة على السؤال، لكن أتمنى ألا يظل بلا إجابة”، وبهذا التساؤل بدأ حول الأحداث الجارية في اليمن جراء فتنة الحوثي. وقال إنه نقل عن بعض أصدقائه اليمنيين في داخل اليمن القول “إن حسين الحوثي كان عضواً في مجلس النواب، وأنه كان مقبولاً من القيادة السياسية وليس بعيداً عنها، ولأنه كان منخرطاً في بعض الأنشطة السياسية المعارضة في صنعاء؛ فقد أرادت عناصر في القيادة إضعاف تلك القوى وتفتيتها، فشجعته على الانفصال لإنشاء تنظيمه المستقل “الشباب المؤمن” وهناك من يذهب إلى أنها قدمت له تمويلاً لذلك الغرض. وبعد أن قطع شوطاً في تأسيس حركته، اختلف الحوثي مع الحكومة خصوصاً في أعقاب احتلال العراق حيث أعلن الرجل معارضته للاحتلال، ومضى هو وأتباعه يجهرون بتلك المعارضة بمختلف السبل، حتى أصبحوا يرددون في مختلف المناسبات هتافات تنادي: الموت لأميركا.
بمضي الوقت تطور الخلاف السياسي وأدى إلى تباعد المواقف بين جماعة الحوثي والسلطة، وغذى ذلك الخلاف وعمق الاختلاف المذهبي التقليدي في اليمن، بين الشوافع والزيدية”.
وقال الكاتب إن التنوع المذهبي يثري المجتمع ولا يفتته، لكنه “يطفو على السطح في فترات الضعف والتوتر”. وقال: “ورغم أن الزيدية يعدون من الناحية الفقهية أقرب إلى أهل السنة، إلا أن الحوثي وجماعته ذهبوا بعيداً حتى أصبحوا أقرب إلى الشيعة الإثنى عشرية، وأغلب الظن أن هتافهم : الموت لأميركا وإسرائيل كان من أصداء ذلك التقارب؛ لأنه ذات الشعار الذي رفعته الثورة الإسلامية في إيران طيلة ربع القرن الأخير”.
إلى أن قال: “قد لا تكون بعض هذه الروايات دقيقة، لكن ما وجدته محل اتفاق بين جميع من رجعت إليهم أن دور السلاح في المسألة كان أكبر بكثير من دور السياسة، وأن جهود أجهزة الأمن ظلت مقدمة على مساعي القوى السياسية، كما أنني لا أستطيع أن أتجاهل ملاحظة أحد السياسيين اليمنيين المستقلين الذين حدثتهم في الموضوع، أن الأمر في صعدة إذا لم يتم احتواءه فقد يتفاقم، ويتحول إلى (دارفور) أخرى. تشد انتباه العالم الخارجي والمنظمات الدولية، وتهدد استقرار اليمن وتفجر فيه صراعات أخرى”.
وفي نهاية مقاله تساءل الكاتب: “هل يستطيع اتحاد علماء المسلمين -الذي لم تصبه شيخوخة بعد- أن يفعل شيئاً يعيد الوئام إلى اليمن ويهدئ خواطر الغاضبين في صعدة، قبل أن تتحول إلى (دارفور) أخرى؟”.
رد يمني
هذا المقال لاقى معارضة في اليمن ورد عليه الكاتب فيصل الصوفي في مقال نشره موقع (المؤتمر نت) الإلكتروني، ونقلته صحف الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام). ومما جاء فيه “إن الطريقة التي تعاملت بها الصحافة المحلية ومراسلو الصحف ووسائل الإعلام الخارجية مع الأحداث في صعدة منذ يونيو 2004م وحتى الآن قد نجحت في رسم صورة مشوشة ومبالغ في حجمها لدى الذين يتابعون التغطية الإعلامية لتلك الأحداث من خارج اليمن، بمن فيهم كاتب بارع ومدقق مثل فهمي هويدي، الذي ربط ربطاً تعسفياً بين (صعدة ودارفور!) تحت ضغط المعلومات التي تلقاها كغيره من المتلقين في الخارج حول الوضع، وهو الأمر الذي رسم في أذهان المتابعين من بعيد صورة غير حقيقية لحجم الحدث وتداعياته، ونعتقد أن الكاتب قد عوض نقص المعلومات لديه حول حقيقة ما جرى في صعدة بالتعامل مع التغطية الإخبارية التي قدمتها الصحف ووسائل الإعلام مع القضية”.
حوار مع شقيق المتمرد
وأجرت صحيفة (الشرق الأوسط) حواراً مع البرلماني يحيى الحوثي شقيق حسين الحوثي والذي كان موجوداُ في السويد، قال فيه إن وجوده في العاصمة السويدية استوكهولم ليس لغرض طلب اللجوء السياسي في السويد، وإنه “سيعود إلى بلاده عندما ينتهي من جولته السياحية والكشوف الطبية التي يجريها”.
وقال إن حل مشكلة التمرد المسلح في صعدة في يد الرئيس علي عبد الله صالح وحده. وطلب من الرئيس اليمني أن يضع حداً “لتقتيل واعتقال الزيديين”. وأضاف”نطلب من الرئيس أن يرحمنا ويرحم سن والدي بدر الدين الحوثي، 82 عاماً”. وكان يحيى الحوثي وهو نائب في البرلمان اليمني يتحدث عبر الهاتف لـ(الشرق الأوسط)، وقال إن والده الهارب بدر الدين الحوثي “رجل طاعن في السن ومصاب بالربو وأمراض أخرى. وأفاد إنه لا توجد اتصالات هاتفية بينه وبين والده الهارب لكنه مطمئن عليه؛ لأنه موجود تحت رعاية من يطمئن إليهم”. وقال إن والده موجود في مكان ما باليمن. وأوضح أن القوات الحكومية قتلت 4 من أشقائه الـ 13، وهناك ثلاثة في السجون اليمنية. ووصف مشكلة التمرد المسلح بأنها قديمة وليست حديثة، وادعى أن الهدف من الحملة المسلحة “كان قتل والده أو اختطافه للقضاء على معنويات الزيديين”.
واعترف يحيى الحوثي أن جماعة (الشباب المؤمن) الشيعية موجودة لمواجهة ما وصفه بـ”المد السلفي” وأكد الحوثي أن مشكلة الزيديين في اليمن قديمة؛ لأن أئمة الحكم قبل الثورة كانوا منهم مثل الإمام البدر، والإمام أحمد. وقال إن الزيديين الذين ينتشرون ما بين ذمار جنوباً وصعدة شمالاً “لم يعادوا أحداً من أبناء اليمن، وعلاقتنا طيبة بـ(الشوافع) الذين يمثلون الأغلبية”. وأضاف قائلاً “إن منع الحكومة علمائنا من تدريس المذهب الزيدي في المدارس أدى إلى تفاقم المشكلة”.

يتبع…

بحث سريع