شعر الشريف السبتي ( ـ 760هـ)

بواسطة | محمد هيثم غرّة(*)
2005/05/18



لمحة عن الشاعر وحياته([1]):
هو أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن علي بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن ناصر بن جنون بن القاسم بن الحسن بن الحسين بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ولد في السادس من ربيع الأول سنة سبع وتسعين وستمائة في سبتة (وهي مدينة في المغرب الأقصى) كانت تصطخب بالعلماء والأدباء وتعجُّ بالمفكرين والفقهاء منذ القرن السابع بفضل ما انثال عليها من الأندلسيين المهاجرين من بلادهم بسبب الحروب.
نشأ الشريف في هذه المدينة وتلقى فيها علومه وثقافته وظهر نبوغه في الأدب واللغة، وساعده على ذلك كون أبيه من علماء سبتة البارزين في الفقه والأدب.
ويذكر هنا أن كثيراً من الكتب التي ترجمت للشريف نسَبتْه إلى غرناطة وجعلت اسمه مقترناً بها فكانت تقول (الشريف الغرناطي) وهي نسبة غير دقيقة جاءته من انتقاله إلى غرناطة وقيامه بمنصب القضاء فيها.
ثم ارتحل الشريف عن سبتة إلى الأندلس وهو في عنفوان شبابه، وسبب الارتحال أنه لم يهنأ له في سبتة عيش. ولم يطمئن له بال، يقول:
لولا مضاربُ من آل النبيّ بها
وهُنَّ ما هُنَّ من طيب ومن كرم
لقلت لا جادها صوب الحيا أبداً
إلا بناقع سمِّ أو عبيط دم
فتصدر للإقراء والتدريس في مالقة (وهي مدينة في الأندلس على شاطئ البحر)، وعندما شاع فضله، وذاع صيته اتصل برئيس الكتاب وهو يومئذ الشيخ العلامة أبو الحسن بن الجياب، فجعله أبو الحسن في ديوان الإنشاء، ثم قاضيا في مالقة، فأخذ الشريف يشتد في نصرة المظلوم والضرب على يد الظالم. ونقل بعدُ من قضاء مالقة إلى قضاء غرناطة، كان ذلك سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة في زمن سابع ملوك بني نصر أمير المسلمين في الأندلس يوسف بن إسماعيل المكنَّى بأبي الحجاج. إلا أن الشريف عُزل بعد أربع سنوات من القضاء من غير زلة تحفظ ولا هناة تؤثر، فالتفت إلى التدريس وتفرّغ للإقراء، والتف حوله طلبة العلم يأخذون منه وينهلون من معين معرفته، ثم أعيد إلى القضاء في غرناطة وبقي فيه إلى أن توفاه الله ضحى يوم الخميس الحادي والعشرين من سنة ستين وسبعمئة.
رثاه شعراء كثيرون، ومن أبرزهم تلميذه ابن زَمْرَك الذي قال:
أغرى سراةَ الحيّ بالإطراق
نبأٌ أصمَّ مسامعَ الآفاق
أمسى به ليلُ الحوادث داجياً
والصبحُ أصبح كاسفَ الإشراق
فُجعَ الجميعُ بواحدٍ جُمعتْ لـه
شتى العلا ومكارمُ الأخلاق
ثقافة الشريف:
كانت ثقافته موضع احترام القوم في عصره ومحطَّ تقديرهم وإعجابهم، فقد كان عالماً وفقيهاً جليلاً وعلماً بارزاً من أعلام اللغة العربية في ذلك العصر، يقول تلميذه ابن خلدون (التعريف بابن خلدون ص61): "إنه شيخ الدنيا جلالة ووقاراً ورياسة وإمام اللسان حوكا ونظما في نظمه ونثره".
شيوخه وتلاميذه:
قرأ الشريف القرآن الكريم على أبيه، وأخذ عنه كثيراً من علوم اللغة العربية، لذلك كان شيخه الأول، وبعده أبو عبد الله محمد بن هانئ اللخمي السبتي، وأبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد الفهري السبتي الرحالة المشهور، وأبو إسحاق الغافقي، وأبو عبد الله القرطبي، وغيرهم.
أما تلاميذه فكثيرون، أشهرهم أبو عبد الله لسان الدين بن الخطيب الشاعر الأديب، والمؤرخ الكبير ابن خلدون، والوزير الشاعر محمد بن يوسف بن زَمْرَك، وأحمد بن حسين المعروف بابن قنفذ صاحب (الوفيات).
مؤلفاته:
ـ التقييد الجليل على كتاب التسهيل.
ـ تقييد على درر السمط في خبر السبط لابن الأبار.
ـ جُهد المُقِلّ (وهو ديوان شعره الذي أهداه إلى تلميذه ابن الخطيب)
ـ الدرة النَحوية في شرح الآجُرّوميّة.
ـ رفع الحُجِّب المستورة عن محاسن المقصورة.
ـ شرح التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي.
ـ شرح القصيدة الخزرجيّة في العروض والقوافي.
ـ اللؤلؤ والمرجان من بحر أبي البركات بن الحاج يستخرجان.
ـ مختصر في الوثائق.
شعره:
كان الشريف إلى جانب ما ذكر شاعراً مطبوعاً، وله في الشعر ـ كما يقول تلميذه ابن الخطيب ـ (الإحاطة 2/185): القِدْح المعلّى والحظ الأوفر والدرجة العليا، ونظمه ـ كما يقول النباهي ـ (تاريخ قضاة الأندلس ص165): كلُّه رائق المعنى صريح الدلالة صحيح المعنى.
وديوان شعره مفقود، قال ابن سودة في (دليل مؤرخ المغرب الأقصى ص427): وقفنا على طرف منه حين البحث في الخرم بخزانة القرويين وقد دخله التلاشي جِدًّا والأمر لله.
ومن حسن الحظ أن كتب التراجم قد احتفظت بالمقدمة التي قدمها بها الشريف ديوان شعره (جهد المقلّ) والتي تضمنت كثيراً من ضروب الزينة اللفظية وهي تمثل أيضاً قيمة النثر الفني وروعة التأليف عند أبي القاسم الشريف.
قال فيها: (الإحاطة 2/186).
"الحمد لله نُرَدِّدُهُ أخرى الليال، فهو المسؤول أن يعصمنا من زلل القول وزلل الأعمال، والصلاة على سيدنا محمد خاتم الإرسال.
هذه أوراق ضمنتها جملة من بنات فكري، وقطعاً مما يجيش به في بعض الأحيان صدري، ولو حزمت لأضربت عن كتبها كل الإضراب، ولزمت في دفنها وإخفائها دِيْنَ الأعراب، لكنني آثرت على المحو الإثبات وتمثلت بقولهم إن خير ما أوتيته العرب الأبيات، وإذا هي عُرضت على ذلك المجد، وسألها كيف نجت من الوأد، فقد آويتُها من حرَمكم إلى ظلّ ظليل، وأحللتُها من بنائكم مُعَرَّساً ومقيل، وأهديتُها عِلْماً بأن كرمكم بالإغضَاء عن عيوبها جدُّ كفيل، فاغتنم قلة التهدية مني إن جهد المقل غبر قليل، فحسبها شرفاً أن تبوأت في جنابك كنفاً وداراً، وكفاها مجداً وفخراً أن عقدتَ بينها وبين فكرك عقداً وجواراً".
ولما كان ديوان شعره مفقوداً فقد حاولت أن أجمع ما تناثر من شعره في كتابه (رفع الحجب المستورة) وفي الكتب التي تحدثت عنه أو ترجمت له فلم يتجاوز ذلك مئة وخمسين بيتاً.
والأغراض الشعرية التي طرقها الشريف متنوعة، مدح صادقاً لم يرجُ الجزاء، ورثى باكياً الأهل والأصدقاء، وتغزل عاشقاً بمن اختصها من النساء، وتشبب متيماً قل عنده الرجاء، وبكى شبابه وزهد، ووصف وأجاد.
لكن أبرز هاتيك الأغراض وأشيعها في شعره الغزل والوصف.
أما الغزل فقد جاء عنده في سبع قصائد (منها مقطوعات) وأشهرها قصيدته التي على النون والتي تجاوزت الثلاثين بيتاً، وهي أطول قصائده على الإطلاق. وغزله على نوعين:
حسّي: ذكر فيه اللثم والتقبيل واحمرار الوجنات كما في المقطوعة الثامنة، وهفهفة القد وطول الجيد كما في المقطوعة الثانية والعشرين.
وعذري: ذكر فيه صدود المحبوب وبخله بالوصال، وشبّه نفسه فيه بالشاعر "توبة" فلقد أصابه في الحبّ ما أصابه كما في القصيدة السابعة والعشرين.
وأما الوصف فقد جاء عنده في ثماني مقطوعات لم تتجاوز الواحدة منها عشرة الأبيات، وصف دولاب الماء وناعورة السقي والزورق والمنزل والرمح ودواة الحبر وشقائق النعمان.
وما يلفت النظر في مجموعه الشعري قصيدتُه التي قالها حينما أجبر على مغادرة سبتة موطن رأسه والارتحال إلى الأندلس، فقد جاءت معبرة عن نفسية الرجل الذي لم يقدِّر الناس علمه وأدبه وأخلاقه وعمله وفضله. (القصيدة الرابعة والعشرون).
وكأنني بأصحاب تلك المصادر التي ذكرت الرجل أو ترجمت له قد اكتفت باختيار أمثله من شعره فأخذوا ما أخذوا وذكروه، وتركوا ما تركوا وأهملوه فضاع. وهذا عندي من باب التخمين قد يصحُّ وقد لا يكون صحيحاً.
وبعد:
فلقد وجدت الشريف شاعراً مطبوعاً ليس عنده تكلف، ينساب شعره عذباً زلالاً في جداول الفكر والقلب، ما رأيتُ عنده ما كان يطغى على شعر تلك المرحلة من الزخرفة الكلامية والحلل البديعية إلا ما تسرَّب منها عفو الخاطر.
ووجدتُ ألفاظه رقيقة مأنوسة بعيدة عن الغرابة أو التعقيد اللذين كثيراً ما يلاحظهما المرء في شعر العلماء والفقهاء والمُحدِّثين واللغويين، لذلك شُبِّه شعره بالنجوم لو نظمتْ سلكاً، وهو يجري مع النفوس ويملكها ملكاً.
وتزخر قصائده بالمصطلحات التاريخية والفقهية والاجتماعية ممَّا يدلُّ على تنوّع ثقافته واختلاف مقاصده العلمية والأدبية (كما في القصيدة السابعة والعشرين).
ولا أزعم أن المعاني التي جاء بها الشريف معان جديدة، ولكنه ألبسها لبوساً حسناً من اللفظ وكساها من الحُلى البلاغية ما جعلها وكأنها تعرض لأول مرة، حتى قال فيها شيخه ابن هانئ السبتي: غرَّاء جالبة السرَّاء، آخذة بمجامع القلوب، موفية بجوامع المطلوب جالية لصدأ القلوب (النبوغ المغربي 488).
(1)
قال في النعمان (شقائق النعمان) موريّاً: (من الوافر)
1 ـ حدائقُ أنبتتْ فيها الغوادي
ضروبَ النَّوْرِ رائقة البهاء
2 ـ تجودُ بكلِّ هطّالٍ كفيلٍ
لها في كلِّ يوم بارتواء
3 ـ فما يبدو بها النعمانُ إلا
نسبناهُ إلى ماءِ السماء
التخريج والتوثيق:
الأبيات في: رفع الحجب المستورة 1/156، ونفح الطيب 5/198، والوافي في الأدب العربي 2/439، والأدب المغربي 241، وهي ـ ما عدا الثاني ـ في النبوغ المغربي 23.
الشروح والتعليقات:
1 ـ الغوادي: ج غادية وهي السحابة تمطر غدوة، النَّوْر: الزهر الأبيض.
2 ـ ماء السماء: ورّى الشاعر هنا بذكر اسم ملك العرب النعمان بن المنذر بن ماء السماء.
(2)
وقال وقد وخطه الشيب: (من الطويل)
1 ـ دعتْني إلى لهو التصابي وما درتْ
بأنّ زمان اللهو عنيَ ذاهبُ
2 ـ فقلتُ لها مالي وللّهو بعدما
تولَّى الصبا وازورَّ للغيدِ جانبُ
3 ـ وقد وخطتْ بيضٌ من الشعر لمَّتي
تخبِّر أنَّ البيض عني رواغبُ
4 ـ أألهو وفجرُ الشيب قد لاح بدؤهُ
بفَوْدي فقالت: أوّلُ الفجر كاذبُ
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 2/30، وذكريات مشاهير رجال المغرب 21.
الشروح والتعليقات:
2 ـ ازورّ: أعرض، الغيد: ج غيداء وهي الحسناء تتثنّى في لين ونعومة.
3 ـ وخطه الشيب: خالط سواد شعره، اللمة: بكسر اللام شعر الرأس المجاور شحمة الأذن.
4 ـ الفَوْد: جانب الرأس مما يلي الأذن إلى الأمام.
(3)
وقال متغزلاً: (من الوافر)
1 ـ وأحورَ زانَ خديّه عِذارٌ
سبى الألبابَ منظرهُ العجابُ
2 ـ أقول لهم وقد عابوا غرامي
به إذ لاح للدمع انسكابُ
3 ـ أبعد كتاب عارضه يُرَجّى
خلاصٌ لي وقد سبقَ الكتابُ
التخريج التوثيق:
الأبيات في شذرات الذهب الجزء السادس وفيات 761، ونفح الطيب 5/195.
الشروح والتعليقات:
1 ـ الأحور من الحور وهو شدّة بياض العين مع شدة سوادها، والعِذار للغلام جانب لحيته، وسبى: أسر، والألباب: العقول.
3 ـ العارض: صفحة الخد.
(4)
وقال متغزلاً وذكر الشَّعَر: (من البسيط)
1 ـ غزالُ أُنْسٍ كم استدنيتُهُ فنأى
عنّي وأعرضَ مُزورّاً بجَانبهِ
2 ـ طالتْ عليَ ليالٍ في هواهُ كما
طالتْ عليه ليالٍ من ذوائِبهِ
التخريج والتوثيق:
البيتان في رفع الحجب المستورة 1/35، والنبوغ المغربي 736، والوافي في الأدب العربي 2/436، وذكريات مشاهير رجال المغرب 22.
الشروح والتعليقات:
2 ـ الذوائب جمع ذؤابة وهي ضفيرة الشعر المرسلة.
(5)
وقال في دولاب: (من الوافر)
1 ـ ومُترعةٍ يَعُلُّ الروضُ منها
إذا عَلَّتْ من الماءِ الفراتِ
2 ـ بدا دولابُها فلكَاً ولاحتْ
بدائرهِ كواكبَ سائراتِ
3 ـ إذا ما الروضُ قابلهُنَ كانتْ
عليهِ بكُلِّ سعدٍ طالعاتِ
4 ـ تراها إنْ شعاعُ الشمسِ لاقى
بياضَ الماءِ مشرقة الإياةِ
5 ـ وأعجبُ أنَّهُنَّ ذواتُ نَوْءٍ
غزيرٍ وهي تغربُ خاوياتِ
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 1/136 ـ 137، وتاريخ قضاة الأندلس 174، والوافي في الأدب العربي 2/435، وهي في ذكريات مشاهير رجال المغرب 23 جاء فيه صدر البيت الخامس كما يلي: وأعجبُ أنها دارت بنوء.
الشروح والتعيلقات:
1 ـ المترعة: المملوءة ماء، علَّ: شرب ثانية أو تباعاً، الفرات: الشديد العذوبة.
2 ـ كواكبَ: حالٌ صاحبها فاعل لاحت.
3 ـ السعد: اليُمن وهو نقيض النحس، وسعود النجوم عدة كواكب يقال لكل واحد منها سعدُ كذا.
4 ـ الإياة، بفتح الهمزة وكسرها نور الشمس وضَوْءُها، والجمع آياء وإياء كـ أكَمة وإكام.
5 ـ النوء: المطر الشديد.
(6)
وقال ـ وهو في سن الصغر ـ يصف زورقاً ركبه: (من الكامل)
1 ـ وغيبةِ الإنشاءِ سرْنا فوقها
والبحرُ يسكنُ تارةً ويموجُ
2 ـ عُجنا نؤمُّ بها معاهدَ طالَما
كرمتْ فعاجَ الأنسُ حيثُ نعوجُ
3 ـ وامتدَّ مِنْ شمسِ الأصيلِ أمامَنا
نَوْرٌ لـه مرأىً هناكَ بهيجُ
4 ـ فكأنَّ ماءَ البحرِ ذائبُ فضةٍ
قدْ سالَ فيهِ مِن النُّضارِ خليجُ
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 1/134، والوافي في الأدب العربي 2/435، وفيه (مرة) مكان (تارة) في عجز البيت الأول.
الشروح والتعليقات:
1 ـ عاج: عرج، معاهد: منازل.
3 ـ الأصيل: الوقت حين تصفر الشمس لمغيبها.
4 ـ النضار: الذهب، وقد طابق بينه وبين الفضة، الخليج: نهر يشتق من نهر كبير.
(7)
وقال في الخال: (خال من يهواه): (من الكامل)
1 ـ كم قلتُ للرشأ الذي ما عنهُ لي
صبرٌ ولا ليَ عن هواهُ براحُ
2 ـ ما لاحَ خدُّكَ والسوادُ شعارُهُ
إلا انثنيتُ ودمعيَ السفاحُ
التخريج والتوثيق:
البيتان في نثير فرائد الجمان 235، وبغية الوعاة 1/39، والوافي في الأدب العربي 2/441، وذكريات مشاهير رجال المغرب 21، وفيه (سواه) مكان هواه في عجز الأول.
الشروح والتعليقات:
1 ـ الرشا: ولد الظبية إذا قوي ومشى وهو هنا المحبوب، البراح: المتسع من الأرض والمراد هنا المفر.
2 ـ قوله (والسواد شعاره): يريد الخال وهو شامة سوداء في الخد.
(8)
وقال في اللثم: (من الوافر)
1 ـ ظفرتُ بلثمِها فبدا احمرارٌ
بوجنتها يزيدُ القلبَ وجداً
2 ـ فأغراها بيَ الواشي فظلتْ
تلومُ ولم أكنْ ممنْ تعدى
3 ـ فما كانتْ سوى قُبَلٍ بعينٍ
جنينُ أقاحيا وغرسْنَ وَرْدا
التخريج والتوثيق:
الأبيات من ديوانه المفقود (جهد المقل) ذكرت في تاريخ قضاة الأندلس 175، النبوغ المغربي 736، الوافي في الأدب العربي 2/440، تاريخ الأدب العربي لفروخ 6/477، وذكريات مشاهير رجال المغرب 21؟
الشروح والتعليقات.
2 ـ أغرى: حض على.
3 ـ الأقاحي: ج أقحوان وهو نبات عشبي أوراق زهره صغيرة وجميلة.
(9)
وقال يصف ناعورة ماء: (من الطويل)
1 ـ وذي فلكٍ ما دارَ إلا قضى بأن
يُعادَ إلى الروضِ الشبابُ جديدا
2ـ تجودُ بنوءِ الفرغِ فيه كواكبٌ
فتَسقي وهاداً ريُها ونُجودا
3 ـ إذا الكوكبُ المائيُّ مِنهُن قُورنت
به أنجمُ الأزهارِ كُن سُعودا
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 1/136، والوافي في الأدب العربي 2/435.
الشروح والتعليقات:
الوهاد: ج وَهْدة وهي الأرض المنخفضة، والنُّجود ج نَجْد وهو ما ارتفع من الأرض من تل أو جبل. وقد طابق الشاعر بين الوهاد والنجود.
(10)
وقال في منزل مضمنا: (مجزوء الكامل المرفل)
1 ـ يا راكباً يطْوي المطِيْ…..
يُ بهِ الفلا بيداَ فبيدا
2 ـ متوسداً أعضادهَا
يرمي بها البلدَ البعيدا
3 ـ دعْ عنكَ أعمالَ الركا
بَِ وحُط عنهُن القتودا
4 ـ وانزلْ به بيتاً لآ
لِ البيتِ بالعلياء شيدا
5 ـ للضيفِ فيه حكمُهُ
منهمْ ويُولونَ المزيدا
6 ـ لمْ يذخروا عنك الطَّرِيـ
قَ إذا أتيتَ ولا التليدا
7 ـ خلقٌ لهم ورثوهُ عَنْ
عمْرو الذي هَشَمَ الثريدا
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 1/100 والوافي بالأدب العربي 2/439.
الشروح والتعليقات:
1 ـ المَطيّ ج مطيّة وهي الدابة يركب ظهرها، والبيد ج بيداء وهي الفلاة.
2 ـ الأعضاد ج عضد وهي ما بين المرفق والكتف.
3 ـ القُتود جمع القتَد وهو خشب الرحل.
6 ـ ذخر: خبأ، الطريف: الجديد والمستحسن، التليد: القديم، وقد طابق بينهما.
7 ـ الشطر الثاني تضمين من قول الشاعر:
عمرو الذي هشَم الثريدَ لقومه
ورجال مكةُ مسنِتون عجافُ
(11)
وقال يصف دولاب السقي: (من الطويل)
1 ـ وذاتِ حنينٍ تَستهلُّ دموعُها
سجاماً إذا يحدو ركائبَها الحادي
2 ـ تعجبتُ أنْ ليستْ تريمُ مكانَها
ولم تخلُ من تأويبِ سيْرٍ واسئاد
3 ـ وأرصدتُها في الروض أية عدةٍ
فكانتْ لدفع المحْلِ عنهُ بمرصادِ
4 ـ تخَالفَ ماءُ المزنِ حُكماً وماؤُها
وكلٌ على روضِ الرُبا رائحٌ غادِ
5 ـ فَيُنجدُ هذا بعدَ أن كانَ مُتْهِماًً
وذاكَ تراهُ مُتهِما بعدَ إنجادِ
6 ـ لِئن قذفتْ ذوبَ اللُجينِ على الثرى
لقد خلَّصتْهُ القُضْبُ حَلْياً لأجيادِ
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 1/136، والنبوغ المغربي 765، والوافي بالأدب العربي، 2/432، وذكريات مشاهير رجال المغرب 22.
الشروح والتعليقات:
1 ـ تستهل دموعها: أي تتساقط، سجاماً: انصباباً، وقد استعار الدموع للماء.
2 ـ الإسئاد: سير الليل كله.
3 ـ المَحْل: الجَدْب ويُبْس الأرض.
4 ـ المُزْن: السحاب، الربا: ج ربوة وهي ما ارتفع من لأرض.
5 ـ ينجد: يصيب المكان المرتفع، يتْهم: يصيب الأرض المنخفضة.
6 ـ اللجين: الفضة، الثرى: التراب، الأجياد: ج جيد وهو العنق.
(12)
وقال في الليلِ والشَّعَر: (من البسيط)
1 ـ ليلٌ وليلٌ ففرعٌ وارفٌ ودُجىً
طالا فوا حَزَني مِما أكابدُهُ
2 ـ شاهدتُ في ذاكَ بدراً لا أهيمُ به
وهِمْتُ في ذا ببدرٍ لا أشاهِدُهُ
التخريج والتوثيق:
البيتان في رفع الحجب المستورة 1/35، والوافي بالأدب العربي 2/436، والأدب المغربي 240.
الشروح والتعليقات:
1 ـ الفرع: الشعر، وارف: طويل ممتد.
(13)
وقال في وجوب القناعة: (من الوافر)
دَع الدنيا مذممةً فليستْ
لطالِبها سوى ندمٍ وحَسرَه
وخذْ منها القليلَ يكنْ كفافاً
فحسبُكَ مِنْ غِنىً ماءٌ وكِسْرَه
التخريج والتوثيق:
البيتان في رفع الحجب المستورة 2/53.
الشروح والتعليقات:
2 ـ كسْرة: قطعة من الخبز.


(*)جامعة دمشق ـ كلية الآداب، قسم اللغة العربية.
([1]) ترجمته في الإحاطة 2/181. والتعريف بابن خلدون ص61. وتاريخ قضاة الأندلس ص171، ووفيات ابن قنفذ ص361، ونثير فرائد الجمان ص231، ونثير الجان ص145، والدرر الكامنة 3/352، وشذرات الذهب الجزء السادس وفيات 761هـ، والديباج المذهب ص290، ونفح الطيب 5/189، ودرة الحجال 2/268، وبغية الوعاة 1/39، وشجرة النور الزكية ص233، وتاريخ الأدب لبروكلمان 11/318، والنبوغ المغربي ص211.
{mospagebreak}




(14)
وقال في الغزل موريّاً: (من الطويل)
1 ـ وأحورَ وَسْنانِ الجفونِ مرابطٍ
سبى حُسْنُهُ لبَّ اللبيب وصبرَهُ
2 ـ حَمى ثغرَهُ عني بمرهفِ جفنِهِ
ولا غروَ أنْ يحمي المُرابطُ ثغرَهُ
التخريج والتوثيق:
البيتان في نثير فرائد الجمان 234.
الشروح والتعليقات:
1 ـ الحور: شدة بياض العين مع شدة سوادها، الوسنان: النعسان، المرابط في الثغر: حامية من العدو، سبى: أسر، اللبّ: العقل.
2 ـ ثغره في الشطر الأول فمه، الجفن المرهف: اللطيف الآسر، لا غرو: لا عجب، وقد وقعت التورية هنا في (ثغر ـ يحمي ـ مرابط).
(15)
وقال يصف زيارة محبوبته له وفراقها مع الصبح: (من الكامل)
1 ـ زارتْ بأكرمِ ليلةٍ وفَّى بها
حقَّ الصبابةِ زائرٌ ومَزورُ
2 ـ نتطارحُ الشكوى وقد شَرَدَ الكرى
عنّا فَننجدُ في الهوى ونَغورُ
3 ـ ثم انجلى الإصباحُ فالتَفَتَتْ كما
يَرنو غزالُ الرَبرَبِ المذعورُ
4 ـ حتى إذا قامتْ تَمدُّ بنورِها
متبلّجَ الإصباحِ حينَ يُنيرُ
5 ـ طارَ الفؤادُ فظلتُ أعجبُ وهو في
شَركِ الهوى قد صيد كيفَ يطيرُ؟
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 2/39، النبوغ المغربي 736، ذكريات مشاهير رجال المغرب 21.
الشروح والتعليقات:
2 ـ نتطارح الشكوى: يبثها بعضنا لبعض، الكرى: النعاس أو النوم.
3 ـ الربرب: القطيع من بقر الوحش أو الظباء، المذعور: الخائف.
4 ـ متبلج الإصباح: إشراقته وإضاءته.
5 ـ الشرك: حبائل الصيد.
(16)
وقال في الغزل : (من الوافر)
1 ـ ولا كمنمنمِ الخدّينِ غالتْ
بدائعُ حُسنهِ حُسنَ اصطباري
2 ـ رأى الألحاظَ تجرحُ وَجْنَتَيْهِ
فسنَّ عليهما وردَ العِذارِ
التخريج والتوثيق:
البيتان في نثير فرائد الجمان 235.
الشروح والتعليقات:
1 ـ المنمنم: المزخرف والمرقش والمزين، غالى: بالغ وفاقَ.
2 ـ العذار للغلام: جانب لحيته.
(17)
وقال في دواة: (من الوافر)
1 ـ وناصعةِ البياضِ تخيّرِوها
من العاجِ الموشّح بالنُّضار
2 ـ أقولُ وقد صببتُ الحبرَ فيها
كذاكَ الليلُ يولجُ في النهارِ
التخريج والتوثيق:
البيتان في ذكر مشاهير رجال المغرب 235.
الشروح والتعليقات:
1 ـ العاج: ناب الفيل، والنضار: الذهب.
2 ـ الشطر الثاني فيه نظر إلى الآية الكريمة ]يولج الليل في النهار[
(18)
وقال على جهة الدعابة في رجل كان كثيراً ما يحضر عند الطعام ويدعى إلى الولائم فلا تفوته:
(من مجزوء الرجز)
1 ـ قالوا أبو بكرٍ متى
ما حَضرَ الأكلُ طلعْ
2 ـ وإن تكن وليمةٌ
يَخبُّ فيها ويضَعْ
3 ـ ما أعجبَ السعدَ الذي
ساعدَ ذلكَ اللُّكَعْ
4 ـ فقلتُ: حقاً قلتُمُ
لكنهُ سعدُ بلعْ
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 1/106، والنبوغ المغربي 917، وذكريات مشاهير رجال المغرب 23.
الشروح والتعليقات:
2 ـ الخبب والوضع ضربان من العدو أو المشي.
3 ـ اللكع: اللئيم أو الأحمق.
4 ـ سعد بلع: اسم لأحد منازل القمر.
(19)
قال يمدح المقام السلطاني النصري: (من البسيط)
1 ـ لم يبرحِ المجدُ يَسمو ذاهباً بِهِمُ
حتى أجازَ الثريَّا وهوَ ما قَنِعا
التخريج والتوثيق:
البيت في رفع الحجب المستورة 1/21، ودرة الحجال 2/168
الشروح والتعليقات:
1 ـ الثريا: مجموعة من النجوم، قال الشاعر معلقاً على هذا البيت (فقولي: وهو ما قنع، من التبليغ الذي أفاد زيادة في المعنى ظاهرة).
(20)
وقال في وصف دولاب السقي: (من البسيط)
1 ـ وذاتِ سيرٍ إذا حتَّتْ ركائِبَها
حنّتْ فراقتْك في مرأىً ومُستَمَعِ
2 ـ كأنّها فلكٌ دارتْ كواكبُهُ
على الرياض بنومٍ غيرِ منقشعِ
3 ـ تماثِلُ السحْبَ صوباً بل تخَالِفُها
إذا استهلّ حيا الهتانةِ الهمِعِ
4 ـ هذي من الماء تُعلي كلَّ منخفِضٍ
وتلكَ تُنزلُ منُهُ كلَّ مرتَفِعِ.
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 1/136، والوافي بالأدب العربي 2/435
الشروح والتعليقات:
1 ـ السير: قطعة مستطيلة من الجلد، وذات سير كناية عن دولاب السقي.
2 ـ الرياض: ج روضة وهي البستان أو الأرض ذات الخضرة والماء، منقشع: منكشف.
3 ـ صوباً: انصباباً، والصَّوْب هو المطر بقدَر، لا ينفع ولا يؤذي، استهلَّ: انهلَّ، الحيا: المطر: الهتّانة: السحابة، الهمع: الماطرة.
(21)
وقال في وصف الرمح: (من الكامل)
1 ـ وأصمَّ ممطولِ الكعوبِ إذا اقتضى
مُهَجَ الكُماةِ فديْتُه لا يُمطَلُ
2 ـ متوقدٌ حتى أقولَ أذابلٌ
بيديَّ منهُ أم ذبالٌ مشعلُ
3 ـ لولا التهابُ النصل أينَع عُودُهُ
مما يعلُّ من الدماءِ وينهلُ
4 ـ فاعجبْ لـه إن النجيع بطرْفِهِ
رمدٌ ولا يخفَى عليهِ مقتلُ
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 2/12، والنبوغ المغربي 766، والوافي بالأدب العربي 2/438، وذكريات مشاهير رجال المغرب 22.
الشروح والتعليقات:
1 ـ ممطول الكعوب: الرمح المضروب طولاً من مطَلَ الحديد إذا مدّه ليطول والمهج: ج مهجة وهي القلب أو الروح أو النفس، الكماة: ج كمي وهو الشجاع المقدام البطل: لا يُمْطَلُّ: لا يؤجل.
2 ـ ذبال: ج ذبالة وهي الفتيلة، والذابل: الرمح.
3 ـ النصل: حديدة الرمح، يعلّ: يشرب ثانية، ينهل: يشرب حتى الارتواء.
4 ـ النجيع: الدم.
(22)
وقال متغزلاً: (من السريع)
مهفهفُ القدّ بديعُ الحلا
يعطي بجيد للرشا الخاذلِ
رمى بنبْلِ اللحظِ في مهجةٍ
غادَرَها بِشُغُلٍ شاغلِ
وانعطف الصدغانِ في خدِّه
رَدَّكَ لأمينِ على نابلِ
التخريج والتوثيق:
الأبيات من ديوانه المفقود (جهد المقلّ)، ذُكِرَتْ في تاريخ قضاة الأندلس 176، والوافي بالأدب العربي 2/440.
الشروح والتعليقات:
1 ـ مهفهف: الضامر البطن الدقيق الخصر، الرشأ: ولد الظبية إذا قوي وقد خفف من الهمز في البيت لضرورة الوزن، الخاذل: المتخلف عن قطيعه.
2 ـ النبل: السهام، اللحظ: العين، المهجة: القلب.
4 ـ الصدغان: مثنى صدغ وهو الشعر المتدلي بين العين والأذن أو مكانه، وهما صدغان، اللأمة: أداة الحرب من رمح ودرع… والنابل: الذي معه نبل يرمي به.
(23)
وقال يرثي صديقه ابن هانئ السبتي: (من الطويل)
1ـ سقى اللهُ بالخضراءِ أشلاءَ سؤددٍ
تَضمنَهُنَّ التُربُ صوبَ الغمائِمِ
التخريج والتوثيق:
البيت في الوافي بالأدب العربي 2/443.
الشروح والتعليق:
أشلاء: ج شلو وهو العضو، والأشلاء الأعضاء بعد التفرق والبلى، والغمائم ج غمامة وهي السحابة، وهذا البيت مطلع قصيدة الشريف في رثاء صديقه.
(24)
وقال لما نبتْ به سبتة فغادرها إلى الأندلس:
(من البسيط)
1 ـ يا أيُها الراكبُ المزجي ركائبَهُ
يحثُها السيرُ بينَ الغَوْرِ والأكمِ
2 ـ أبلغْ بسبتة أقواماً ودونَهمُ
عرضُ الفلا وذميلُ الأينقِ الرسُمِ
3 ـ وُلجَّ ذي ثبجٍ طامٍ كأن بهِ
أعلامَ لبنانَ أو كثبانَ ذي سَلَمِ
4 ـ ألوكةً من غريبٍ دارهُ قَذف
مرماهُ، لا صددٍ منهم ولا أممِ
5 ـ إني بأندلسٍ آوي إلى كنفٍ
للمجدِ رحبٍ وظلٍ للعُلا عممِ
6 ـ وإن غرناطة الغرّا حللتُ بها
فصرتُ مِنْ ريبِ هذا الدهرِ في حرمِ
7 ـ ليستْ كأخرى خَلا ربعٌ بها وجفا
رهطٌ وأُخْفِرَ ما للمجدِ مِن ذممِ
8 ـ وأنْكرتني مغانيها وما عُرِفَت
إلا بقوميَ في أيامنا القُدم
9 ـ لولا مضاربُ من آل النبيِّ بِها
وَهُنَّ ما هُنَّ مِن طيبٍ ومِن كَرمِ
10 ـ وفتيةٌ مِن بني الزهراءِ قد كَرَموا
لهمْ أوامرُ مِن ودٍّ وَمِنْ رحمِ
11 ـ لقلتُ لا جادها صوبُ الحيا أبداً
إلا بناقعِ سُمٍّ أو عبيطِ دمِ|
12 ـ لا يُسفحنَّ عليها الدمعُ مِنْ جَزَعٍ
يوماً ولا يُقْرعَنَّ السنُ مِن ندمِ
13 ـ ما ضرَّني أنْ نَبا بي أو نَأى وطني
منها وليْ شرفُ البطحاءِ والحرمِ.
|
التخريج والتوثيق:
الأبيات في تاريخ قضاة الأندلس 175.
الشروح والتعليقات:
1 ـ المزجي: السائق، الغَوْر: المنخفض من الأرض، الأكم: ج أكمة وهي الرابية أو التل.
2 ـ الذميل: من ذمل البعير إذا سار سيراً سريعاً، الأَينقُ: ج ناقة وهي أنثى الإبل، الرسم: من رسمت الناقة أي أثرت في الأرض من شدة الوطء.
3 ـ الثبج من البحر أعالي موجه، ومن الرمل ما غلظ من وسطه.
4 ـ ألوكة: رسالة، قذف: بعيد، الأَمَم: القريب.
7 ـ أخفر: نقض عهده، ذمم: ج ذمَّة وهي هنا الحق والحرمة والعهد.
11 ـ لا جادها: لا نزل بها، الحيا: المطر، ناقع سمٍّ: السم المنقوع، وعبيط دم: الدم السائل حديثاً.
13 ـ نبا بي: جفاني.
(25)
وقال يهنئ المقام العليَّ النصري بموت عدوه: (من الوافر)
1 ـ ولو أملى لـهُ الإمهالُ حتَّى
تسيرَ إليه بالجيشِ اللُّهام
2 ـ لَجَرَّعَهُ سيوفُكَ أيَّ كأسٍ
مثملة مِنَ الموتِ الزؤامِ
3 ـ وكنت متـى تشُب وقودَ حربٍ
على الأعداءِ مشعلةِ الضرامِ
5 ـ جعلتَ النصر بين يديك فيها
طليعة جيشك السامي القتامِ
6 ـ فتثخنُ في عِداك بكل أرضٍ
سعودُكُ قبل إثخانِ الحسامِ
التخريج والتوثيق:
الأبيات في رفع الحجب المستورة 1/90.
الشروح والتعليقات:
1 ـ اللهام: الجيش العظيم.
2 ـ مثملة: مملوءة مسكرة، الزؤام: العاجل أو الكريه.
3 ـ الحِمام: الموت.
4 ـ تشبُّ: توقد، الضرام: الاشتعال.
5 ـ القتام: الغبار الأسود.
6 ـ تثخن في عداك: تبالغ في قتلهم، الحسام: السيف.
(26)
وقال فيما يتعلق بطول الليل وذكَرَ انبلاج الصبح بعد ذلك: (من الطويل)
1ـ خليليَّ كمْ مِن ليلةٍ قَد سهرتُها
أراقبُ فيها النجمَ والنجمُ حيرانُ
2 ـ وقَد حالَ دونَ الصبحِ بحرٌ مِنَ الدُجى
إلى أنْ نجا مِن غمرِهِ وهوَ عُريانُ
التخريج والتوثيق:
البيتان في رفع الحجب المستورة 1/55، والوافي بالأدب العربي 2/435
الشروح والتعليقات:
3 ـ الدجى: ج دجية وهي الظلمة، الغمر: الماء الكثير.
(27)
وقال متغزِّلاً بمولاه الرومي: (من الوافر)
1ـ دعيني من مقال العاذلَيْنِ
وخلِّي بين تَهْيامي وَبيْني
2ـ ومَنْ يَكُ سالياً فلديَّ حبٌّ
سلوُّ القلبِ عنهُ غيرُ هَيْن
3ـ علقتُ فمقلتي للنوم حربٌ
بأعزلَ وهو شاكي المقلتينِ
4 ـ مليحِ الدل شاقتْ كلَّ قلبٍ
شمائلُهُ وراقتْ كلَّ عينِ
5ـ جَنَى وحمى فلم أطلُب بثأري
محاجرَهُ ولم أتقاضَ دَيْني
6 ـ أهيمُ بخدِّه وَبمَبْسَمِيهِ
فأنسب بالحمى والأبرقيْنِ
7 ـ عقدتُ مع الغرامِ فبعتُ فيهِ
وقاري والتصبرَ صَفْقَتَيْنِ
8 ـ وهمتُ بناعمِ العطفين فيهِ
عذابُ الصبِّ عذبُ المرشفيْنِ
9 ـ تُدير عليَّ عيناهُ كؤوساً
كانَّ سُلافهَا مِنْ رأسِ عينِ
10 ـ فأحلفُ بالمحصَّبِ والمُصلَّى
وأعلامِ الصَفا والمأزمِينِ
11 ـ لأنتصرنَّ بالأجفانِ حتَّى
تكونَ دموعُها في الحب عونيِ
12 ـ وحينَ تعرَّفوا كَلْفِي، وقلبي
يصونُ السَرَّ عنهمْ كلَّ صوْنِ
13 ـ كففتُ المقلتين لِيشهدا لي
فَجَرَّحَتِ الدموعُ الشاهدينِ
14 ـ فلو أبصرْتَ ناظريَ المعنَّى
وماءَ الدمعِ فوقَ الوجنتينِ
15 ـ بَصُرتَ بوردتين يسحّ منها
سكيبُ القطْرِ فوقَ بهارتينِ
16 ـ إذا أعرضتَ أعرضَ كلُ صبرٍ
وآذنَ نومُ أحداقي بِبَيْنِ
17 ـ ولم تبدُ الرياضُ بحسنِ زيّ
ولم تزهُ الربا بكمال زينِ
18 ـ كأنَ نسيمَها مما أقاسي
يهبّ عليلهُ بالأبردينِ
19 ـ كأنَ الزهرَ غبُّ سما بَكَتْهُ
لما أبدي حمامُ الشاطئَينِ
20 ـ أهيجُ لها الهوى وتهيجهُ لي
فَنُلفى في الهوى متطارحينِ
21 ـ وقد هاجَ الحمامُ الوجدَ قبلي
لتوبة عندَ بطنِ الواديينِ
22 ـ بعيشكَ هل ترى ثاني وحيدٍ
يُرى بكَ ثالثَاً في النيربينِ
23 ـ وهلْ يدنو من الآمال صبٌّ
بعيدٌ بينَ هدبِ الناظرينِ
24 ـ فإن يَكنِ الجمالُ حباكَ ملكاً
وأيَّد ناظريكَ بحاجبينِ
25 ـ فمَا أرضى لملكك أنَّ كسرى
وقيصرَ في مقام الحاجبينِ
26 ـ وإنّ أقلَّ حظٍّ يُبتغى من
رضاكَ يفي بملْك الحارثينِ
27 ـ تُخبِّرُني وفي عطفيك لينٌ
فعالُكَ عن فؤادٍ غير لينِ
28 ـ وأعرفُ في لحاظك ما رأتْ في
ظبا الثقفي قاتلهُ الحسينِ
29 ـ وألقي في الهوى بيدي ومَالي
على فتكاتِ لحظك من يدينِ
30 ـ علامَ الغبُ عني لا أغبتْ
بكَ الخيراتُ هامية اليدينِ
31 ـ ولا جرتِ الرياحُ عليك إلا
صباً وسقى محلَّكَ كلُّ جونِ
التخريج والتوثيق:
الأبيات ما عدا البيت السادس والعشرين والحادي والثلاثين في نثير فرائد الجمان 232، وكلُّها في الوافي بالأدب العربي 2/439، وذكريات مشاهير رجال المغرب 24 ـ 25.
الشروح والتعليقات:
1 ـ التهَيام: الشغف بالحبّ.
2 ـ السالي: من سلا بمعنى نسي.
3 ـ الأعزل: من لا سلاح معه، الشاكي: التامّ السلاح، وفي هذا البيت ما يسمى عند البلاغيين مراعاة النظير وذلك بين الكلمات (حرب ـ أعزل ـ شكي).
4 ـ الدلّ: الدلال، الشمائل: الطباع والصفات.
5 ـ محاجر: ج مَحْجر وهو ما يحيط بالعين.
6 ـ أنسب من النسيب وهو التعريض بالهوى والتغزل وذكر المحاسن، والنسيب بالمواضع حنين إليها، والأبرقان: هما أبرقا حجر اليمامة كما في اللسان.
7 ـ الوقار: الرزانة والحلم، والصفقة: البيعة.
8 ـ العِطفان مثنى عِطْف وهو جانب الشيء، الصبّ: العاشق، المرشفين: الشفتين.
9 ـ السّلاف: الخمر أول ما تُعصر، والمراد في البيت شدة ما فعلته علينا المحبوب بالشاعر.
10 ـ المحصّب: موضع رمي الجمار بمنى، المأزمان: مثنى مأزم وهو الطريق ما بين الجبلين جبل الصفا وجبل المروة.
12 ـ الكلف: شدّة الحبّ والولع.
14 ـ المُعَنَّى: المتعب أو المعذب.
15 ـ يسحُّ: يصبُّ، البهار: زهر طيب الرائحة ينبت أيام الربيع.
16 ـ البيْن: الفرقة، أي أن النوم يفارق عينيه لإعراض المحبوب عنه.
18 ـ الأبردان: الغداة والعشيّ.
20 ـ أهيج: أثير وأحرك، والهوى: الحب، تُلفى: من ألفى بمعنى وجد، متطارحين: من تطارح العاشقان بمعنى ألقى كل منهما سبب هياج الهوى على الآخر.
21 ـ توبة بن الحمير صاحب ليلى الأخيلية.
23 ـ صبّ: محبّ، الهدب: شعر أشفار العين.
26 ـ لعلَّ الحارثين هما الحارث بن عمرو بن حجر جد امرئ القيس، والحارث بن أبي شمر الغساني، وهما من ملوك العرب في الجاهلية.
28 ، ظبا: ج ظبة وهي حدّ السيف أو السنان.
30 ـ الغبّ هنا الزيارة القليلة من قولهم (زُرْ غبَّاً تَزدَدْ حُبّاً)، ولا أغبَّتْ أي لا قطعت ولا قلُت.
31 ـ رياح الصبَّا: رياح تهبُّ من جهة الشرق. وهي رياح محبوبة وممدوحة. والجون: المطر.
(28)
وقال متغزلاً: (من البسيط)
1 ـ وفي عذِارِكَ لي عذرٌ أقيمُ به
عذرَ المتيَّم تبكيتاً للاحيهِ
2 ـ وذاكَ أنّي أرى ماءَ النعيمِ جَرى
في صحنِ خدِّك فاخضرَّتْ نواحيهِ
التخريج والتوثيق:
البيتان في نثير فرائد الجمان 235
الشروح والتعليقات:
1 ـ العِذار للغلام جانب لحيته، تبكيتاً: تقريعاً وتوبيخاً. اللاحي من لحى بمعنى لام وقرع وقبِّح.


مصادر البحث ومراجعه :
ـ الإحاطة في أخبار غرناطة ـ لسان الدين بن الخطيب ـ تح: محمد عبد الله عنان ط1 ـ 1974م.
ـ الأدب المغربي ـ محمد بن تاويت ومحمد الصادق عفيفي ـ بيروت ـ ط1 ـ 1960م.
ـ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ـ جلال الدين السيوطي ـ تح: محمد أبو الفضل إبراهيم ـ مصر ـ مطبعة عيسى البابي الحلبي ـ ط1 ـ 1964م.
ـ تاريخ الأدب العربي ـ عمر فروخ ـ الجزء السادس.
ـ تاريخ قضاة الأندلس ـ علي بن عبد الله النباهي ـ بيروت المكتب التجاري للطباعة والنشر ـ بلا.
ـ التعريف بابن خلدون ـ ابن خلدون ـ تح: محمد بن تاويت الطنجي ـ مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ـ 1951.
ـ درّة الحجال في أسماء الرجال ـ أحمد بن القاضي المكناسي ـ تح: محمد الأحمدي أبي النور ـ القاهرة ـ 1970م.
ـ ذكريات مشاهير رجال المغرب ـ عبد الله كنون ـ الجزء الحادي والعشرون.
ـ رفع الحجب المستورة عن محاسن المقصورة ـ الشريف السبتي ـ مصر ـ مطبعة السعادة ـ 1344هـ.
ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ـ عبد الحي الحنبلي ـ بيروت ـ دار المسيرة ـ ط2 ـ 1979م.
ـ النبوغ المغربي ـ عبد الله كنون ـ بيروت ـ دار الكتاب العربي ـ 1961م.
ـ نثير فرائد الجمان ـ ابن الأحمر ـ تح: د. محمد رضوان الداية ـ بيروت ـ بلا.
ـ نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب ـ المقَري التلمساني ـ تح: إحسان عباس ـ بيروت دار صادر ـ 1968.
ـ الوافي بالأدب العربي في المغرب الأقصى ـ محمد بن تاويت ـ الدار البيضاء ـ 1982م.
ـ وفيات ابن قنفذ ـ عادل نويهض ـ بيروت ـ دار الآفاق الجديدة ـ ط3 ـ 1980م.















بحث سريع