محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري

بواسطة | د. محمد إسماعيل المقدم
2005/05/18
محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري
( ت 910)
ولد سنة سبع وأربعين وثمان مئة بمدينة جونبور بشرق الهند ، وطلب العلم من بعض المشايخ ، ثم اشتغل بالعبادة والرياضة ، حتى ترك الأهل والأولاد ، وخرج يتجول في الفيافي ، والصحاري ، والجبال ، ورجع بدعوى المهدية ، فأخذ يبشر الناس بمهديته من بلد إلى بلد ، وتبعه أناس كثيرون مُغترين بزهده وتقشفه ، كشأنهم وراء كل ناعق ، وفي سنة 901 هـ سافر للحج ، وادعى في مكة المكرمة أنه مهدي ، ومن تبعه فهو مؤمن ، ثم رجع إلى الهند ، وأخذ يتجول من بلد إلى بلد يدعو الناس إلى مهديته ، وتوجه إلى خراسان ، ولعله أراد أن يطبق عليه حديث الرايات السود من خراسان ، ولكن حالت بعض الموانع دونه ، فمات ، وهو ينتظر الدخول في خراسان ، وكانت وفاته سنة 910 هـ(1) .
واختلف الناس في ِشأنه ، وقال اللاهوري في (( خزينة الأصفياء )) : إنه قال : (( أنا مهدي )) في غلبة الحال ، ولكنه تاب عن ذلك القول في حالة الصحو ، والإفاقة كغيره من الصوفية . وأما أصحابه الجهلة ، فإنهم لم يعتبروا إقالته ، فأصروا على أنه مهدي موعود ، وضلوا عن الطريق ، وأضلوا كثيراً من الناس ، واخترعوا مذهباً جديداً ، وانتسبوا إلى الفرقة المهدوية .
وقال أبو رجاء محمد الشاهجهانبوري في (( الهدية المهدوية )) : ( إن الجونبوري لم يمنع أصحابه من ذلك ، ( أي من نسبه المهدوية إليه ) ، وبدّل اسم أبيه بعبد الله ، واسم أمه بآمنه ، وأشعهما في الناس ، وصنف كتابا في أصول ذلك المذهب … ، ومنها :
(( أنه مهدي موعود ، وأنه أفضل من أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي – رضي الله عنه الله عنهم – ، بل إنه أفضل من آدم ، ونوح وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى – على نبينا وعليهم السلام )) .
* ومنها : أنه كان مساوياً لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في المنزلة ، وإن كان تابعاً له في الدين .
* ومنها : أنه ما خالف من الكتاب والسنة قوله وفعله فهو غير صحيح.
* ومنها : أن الجونبوري ، وسيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم كلاهما مسلمان كاملان ، وسائر الأنبياء ناقصوا الإسلام .
* ومنها : أن الجونبوري شريك في بعض الصفات الإلهية بعد فوزه بالرسالة ، والنبوة(1) . وقد عاثت هذه الفرقة فساداً في ذلك العصر ، فزعموا أن شيخهم هو إمام ذلك العصر ، وأن من لم يدخل في طاعته فقد مات ميتةً جاهلية ، وقتلوا كثيراً من مخالفيهم ، واستباحوا اغتيالهم ، ولقد ألف علي المتقي(1) صاحب (( كنز العمال )) رسالتين للرد عليهم ، وهما (( الرد على من حكم وقضى أن المهدي قد جاء ومضى )) ، قال فيه :
(( ومن قبائحهم أنهم يعتقدون أن من أنكر بهذا السيد الماضي الذي ادعى المهدوية فهو كافر ، وبهذا الاعتقاد يُكفرون المسلمين ، ويكفرون بتكفيرهم ، وقال في كتابه الآخر (( البرهان في علامات مهدي آخر الزمان )) :
(( كفى دليلاً على بطلان اعتقاد هذه الطائفة قتلهم العلماء ، فإن خصلتهُم هذه تدل على عدم الدليل على اعتقادهم ، وعجزهم عن إثبات معتقدهم )) (1) .
و قال البرزنجي : (( وقد سمعت كثيراً – من القادمين من بلاد الهند إلى الحرمين من العلماء والصلحاء – أن أولئك القوم إلى الآن على ذلك الاعتقاد الخبيث ، وأنهم يُعرقون بالمهدوية ، وربما سُمُّوا بالقتالية ، لأن كل من قال لهم : (( إن اعتقادكم باطل )) ، قتلوه ، حتى إن الرجل الواحد منهم يكون بين الجمع الكثير من المسلمين ، فإذا قيل له : (( إن اعتقادك باطل )) ، قتل القائل ، ولا يبالي : أيُقْتلُ أو يَسْلمُ ؟ ) (1)

بحث سريع