الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه ومن والاه ، وبعد : فإن قضية " المهدي " في تاريخ الإسلام قد ادعاها أقوامٌ كثر ، كما ادعيت لأشخاص لم يثبت أنهم أدعوها لأنفسهم ، و لكن لغلو من الأتباع أو لسوء استدلال بالنصوص أو لجهل أو تعصب ، أو لاندراج المدعى له في عموم الاهتداء ، و دخوله في المعنى العام للمهدية ، لذلك ولغيره أصبحوا يذكرون في قائمة من ادعى المهدية ، وقد يكونون أنبياء مكرمون ، كما ادعي ذلك في عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ، و قد يكونون خلفاء عادلين مهديين كعمر بن عبد العزيز ، أو غيره من الخلفاء ، و قد يكونون صلحاء و زهاد كمحمد بن عبد الله النفس الزكية ، و قد يكونون ملوكاً و أمراء صالحون ، و قد يكونون ثائرون و طلاب ملك و إمارة ، كابن تومرت ، و قد يكونون من أئمة الطرقية الصوفية ، كمهدي السودان وقد يكونون من أئمة أهل البدع من الروافض وغيرهم ، كما قد يكونون من أهل الهوس والجنون و الاختلال النفسي و الاضطراب العاطفي ، فيدعى له منزلة المهدية ، أو يدعي ذلك لنفسه ..
و الذي عليه جماهير أهل السنة النبوية :
أن المهدي من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، من ولد فاطمة رضي الله عنها ، يخرج في آخر الزمان ، وقد امتلأت الأرض ظلماً وجوراً ، فيملؤها قسطاً وعدلاً ، وهذا هو القول الصحيح الذي تشهد له الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و أقره كبار المحدثين ، والحُفاظ ، و المحققين في القديم ، والحديث ، إلا من لا يعتد بخلافه .
و نظراً لخطورة ما يترتب على دعوى المهدية ، فقد رأينا أن من الفائدة أن نفرد أدعياء المهدية هؤلاء ، بتراجم خاصة نذكر فيها ما يعين المسلم على إدراك و تصور الباطل في ثنايا هذه الدعاوى و أهلها .
- لقد راودت فكرة المهدية كثيراً من الناس ، حتى ادعاها بعضهم لنفسه ، إما لوجود (( بعض )) العلامات فيه ، أو لتكلفة الاتصاف بها .
- ومنهم فرقٌ ضالة حورت فكرة المهدية ، وتناولتها بالتعديل والتحريف ، لينطبق وصفها على شخص معين تمحوروا حوله على أنه المهدي المنتظر .
- ومنهم من لم يدّع المهدية لنفسه إطلاقاً ، ولكنه كان متحلياً بصفاتٍ طيبة جعلت محبيه وأتباعه المبهورين به يدّعون أنه المهدي المنتظر .
- ومنهم من اجتمع فيه صفات طيبة ، وإنجازات واقعية رائعة ، في خدمة الدين ، ولم يدع المهدية لنفسه ، ولا ادعاها له أحد ، ولكن أطلق عليه وصف (( المهدي )) بالمعنى العام لا الخاص .
- ومن مدعي المهدية من طبع أثراً عميقاً في أحداث التاريخ ، حيث قامت له دعوة وكيان ، ومنهم من خمل ذكرهم ، فعاشوا وماتوا دون أضواء ولا ضوضاء .