حديث رد الشمس لعلي رضي الله عنه وأرضاه

بواسطة | محمد ناصرالدين الألباني
2005/05/29
(971) (اللهم إن عبدك علياً احتبس نفسه على نبيك، فرد عليه شرقها. (وفي رواية): اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس، قالت أسماء: فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعدما غربت).
موضوع. أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/9) من طريق أحمد بن صالح: حدثنا ابن أبي فديك: حدثني محمد بن موسى عن عون بن محمد عن أم جعفر عن أسماء بنت عميس "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بـ(الصهباء) ثم أرسل علياً عليه السلام في حاجة فرجع وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي (فنام) فلم يحركه حتى غابت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (فذكره باللفظ الأول وزاد): قالت أسماء: فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض، ثم قام علي فتوضأ وصلى ثم غابت، وذلك في (الصهباء) قال الطحاوي: (محمد بن موسى هو المدني المعروف بـ (الفطري) وهو محمود في روايته، وعون بن محمد، هو عون بن محمد بن علي بن أبي طالب، وأمه هي أم جعفر ابنة محمد بن جعفر بن أبي طالب" وأقول: وهذا سند ضعيف مجهول، وكلام الطحاوي عليه لا يفيد صحته، بل لعله يشير إلى تضعيفه، فإنه سكت عن حال عون ابن محمد وأمه بينما وثق الفطري هذا، فلو كان يجد سبيلاً إلى توثيقهما لوثقهما كما فعل بالفطري فسكوته عنهما في مثل هذا المقام مما يشعر أنهما عنده مجهولان، وهذا هو الذي ينتهي إليه الباحث، فإن الأول منهما، أورده ابن أبي حاتم (3/1/386) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأما ابن حبان فأورده في "الثقات" (2/228) على قاعدته في توثيق المجهولين وأما أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، فهي من رواة ابن ماجة، أخرج لها حديثاً واحداً في "الجنائز" رقم (1611) وقد أعله الحافظ البيوصيري بأن في إسناده مجهولتين، إحداهما أم عون هذه، وقد ذكرها الحافظ في "التهذيب" دون توثيق أو جرح وقال في "التقريب" (مقبولة) يعني عند المتابعة وإلا فهي لينة الحديث عنده.
قلت: وقد توبعت من فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، وهي ثقة فاضلة إلا أن الطريق إليها لا يصح، أخرجه الطحاوي (2/8) والطبراني في الكبير من طريق الفضيل بن مرزوق عن إبراهيم ابن الحسن عن فاطمة بنت الحسين عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحي إليه، ورأسه في حجر علي، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صليت يا علي! قال: لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ……." فذكره. الرواية الثانية: قال الهيثمي في "المجمع" (8/97) بعد أن ساق هذه الرواية والتي قبلها ومنه نقلت الزيادة فيها: "رواه كله الطبراني بأسانيد، ورجال أحدهما رجال الصحيح غير إبراهيم بن حسن وهو ثقة وثقه ابن حبان، وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها".
قلت: بل هي معروفة، فهي فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب كما تقدم والظاهر أنها وقعت في معجم الطبراني منسوبة إلى جدها علي بن أبي طالب، ولذلك لم يعرفها الهيثمي. والله أعلم.
أما قوله في "إبراهيم بن حسن" أنه ثقة ففيه تساهل لا يخفى على أهل العلم لأنه لم يوثقه غير ابن حبان كما عرفت، وهو قد أشار إلى توثيقه إياه إنما بناه على توثيق ابن حبان، وإن كان هذا معروفاً بالتساهل في التوثيق فمن اعتمد عليه وحده فيه تساهل وقد أورد إبراهيم هذا ابن أبي حاتم (1/1/92) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وهو في أول المجلد الثاني من "كتاب الثقات" لابن حبان ثم إن فضيل بن مرزوق وإن كان من رجال مسلم فإنه مختلف فيه، وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب": "صدوق يهم" وقال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام له طويل هذا الحديث في "منهاج السنة" (4/189) (وهو معروف بالخطأ على الثقات، وإن كان لا يتعمد الكذب، قال فيه ابن حبان: "لا يخطئ على الثقات، ويروي عن عطية الموضوعات" وقال فيه أبو حاتم الرازي "لا يحتج به" وقال فيه يحيى بن معين مرة: "هو ضعيف" وهذا لا يناقضه قول أحمد بن حنبل فيه: "لا أعلم إلا خيراً" وقول سفيان: "هو ثقة" فإنه ليس ممن يتعمد الكذب ولكن يخطئ، وإذا روى له مسلم ما تابعه عليه غيره، لم يلزم أن يروي ما تفرد به، مع أنه لم يعرف سماعه عن إبراهيم ولا سماع إبراهيم من فاطمة ولا سماع فاطمة من أسماء، ولا بد في ثبوت هذا الحديث من أن يعلم أن كلاً من هؤلاء عدل ضابط، وأنه سمع من الآخر وليس هذا معلوماً".
قلت: ثم إن في هذه الطريق ما يخالف الطريق الأولى، ففيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقظاناً يوحى إليه حينما كان واضعاً رأسه في حجر علي رضي الله عنه، وفي الأولى أنه كان قائماً وهذا تناقض يدل على أن هذه القصة غير محفوظة كما قال ابن تيمية (4/184).
والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: (1/356) "موضوع بلا شك، وقال الجوزقاني: هذا حديث منكر مضطرب" ثم أعله بالفضيل هذا فقط، وفاته جهالة إبراهيم ولم يتعقبه السيوطي في هذا، وإنما تعقبه في تضعيف الفضيل فقال في "اللآلئ" (1/174) الطبعة الأولى (ثقة صدوق، واحتج به مسلم في صحيحه وأخرج له الأربعة) وهذا ليس بشيء وقد عرفت الجواب عن ذلك مما سبق ثم ساق له السيوطي طرقاً أخرى كلها معلولة، وأما قول الحافظ في "الفتح" (6/155) "وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في "الموضوعات" وكذا ابن تيمية في كتاب "الرد على الروافض" في زعمه وضعه، والله أعلم" فهو مع عدم تصريحه بصحة إسناده فقد يوهم من لا علم عنده أنه صحيح عنده! وهو إنما يعني أنه غير موضوع فقط، وذلك لا ينفي أنه ضعيف كما هو ظاهر. وابن تيمية رحمة الله لم يحكم على الحديث بالوضع من جهة إسناده وإنما من جهة متنه، أما الإسناد فقد اقتصر على تضعيفه، فإنه ساقه من حديث أسماء وعلي بن أبي طالب وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة:ثم بين الضعف الذي في أسانيدها وكلها تدور على رجال لا يعرفون بعدالة ولا ضبط وفي بعضها من هو متروك منكر الحديث جداً.
وأما حكمه على الحديث بالوضع متناً، فقد ذكر في ذلك كلاماً طويلاً متيناً جداً، لا يسع من وقف عليه، إلا أن يجزم بوضعه، وأرى أنه لا بد من نقله ولو ملخصاً ليكون القارئ على بينة من الأمر، فقال رحمه الله: "وحديث رد الشمس" قد ذكره طائفة كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما، وعدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المحققون من أهل العلم والمعرفة بالحديث، يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع، كما ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" ثم ذكر حديث "الصحيحين" في حبس الشمس لنبي من الأنبياء، وهو يوشع بن نون، كما في رواية لأحمدوالطحاوي بسند جيد كما في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" رقم (202) ثم قال: "فإن قيل: فهذه الأمة أفضل من بني إسرائيل، فإذا كانت قد وردت ليوشع في الماضي أن ترد لفضلاء هذه الأمة؟ فيقال يوشع لم ترد له الشمس، ولكن تأخر غروبها وطول له النهار، وهذا قد لا يظهر للناس، فإن طول النهار وقصره لا يدرك، ونحن إنما علمنا وقوفها ليوشع بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً لا مانع من طول ذلك، لو شاء الله لفعل ذلك لكن يوشع كان محتاجاً إلى ذلك لأن القتال كان محرماً عليه بعد غروب الشمس، لأجل ما حرم الله عليهم من العمل ليلة السبت ويوم السبت، وأما أمة محمد فلا حاجة إلى ذلك، ولا منفعة لهم فيه فإن الذي فاتته العصر إن كان مفرطاً لم يسقط ذنبه إلا بالتوبة، ومع التوبة لا يحتاج إلى رد وإن لم يكن مفرطاً كالنائم والناسي فلا ملام في الصلاة بعد الغروب، وأيضاً فبنفس غروب الشمس خرج الوقت المضروب للصلاة، فالمصلي بعد ذلك لا يكون مصلياً في الوقت الشرعي ولو عادت الشمس وقول الله تعالى "فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) يتناول الغروب المعروف، فعلى العبد أن يصلي قبل هذا الغروب وإن طلعت ثم غربت، والأحكام المتعلقة بغروب الشمس حصلت بذلك الغروب، فالصائم يفطر ولو عادت بعد ذلك لم يبطل صومه، مع أن هذه الصورة لا تقع لأحد ولا وقعت لأحد فتقديرها تقدير ما لا وجود له. وأيضاً فالنبي صلى الله عليه وسلم فاتتة صلاة العصر يوم الخندق فصلاها قضاء هو وكثير من أصحابه، ولم يسأل الله رد الشمس وفي "الصحيح" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه بعد ذلك لما أرسلهم إلى بني قريظة "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" فلما أدركتهم الصلاة في الطريق، قال بعضهم: لم يرد منا تفويت الصلاة، فصلوا في الطريق فقالت طائفة: لا نصلي إلا في بني قريظة" فلم يعنف واحدة من الطائفتين، فهولاء الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلوا العصر بعد غروب الشمس، وليس علي بأفضل من النبي صلى الله عليه وسلم فإذا صلاها هو وأصحابه معه بعد الغروب، فعلي وأصحابه أولى بذلك، فإذا كانت الصلاة بغد الغروب لا تجزئ أو ناقصة تحتاج إلى رد الشمس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى برد الشمس وإن كانت كاملة مجزئة فلا حاجة إلى ردها، وأيضاً فمثل هذه القضية من الأمور العظام الخارجة عن العادة التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها، فإذ لم ينقلها إلا الواحد والاثنان علم كذبها في ذلك.
وانشقاق القمر كان بالليل وقت نوم الناس، ومع هذا فقد رواه الصحابة من غير وجه وأخرجوه في (الصحاح) و"السنن" "والمسانيد" من غير وجه، ونزل به القرآن ، فكيف ترد الشمس التي تكون بالنهار، ولا يشتهر ذلك، ولا ينقله أهل العلم نقل مثله؟ ولا يعرف قط أن الشمس رجعت بعد غروبها، وإن كان كثير من الفلاسفة والطبيعيين وبعض أهل الكلام ينكر انشقاق القمر وما يشبه ذلك، فليس الكلام في هذا المقام، لكن الغرض أن هذا من أعظم خوارق العادات في الفلك، وكثير من الناس ينكر إمكانه، فلو لوقع لكان ظهوره ونقله أعظم من ظهورما دونه ونقله، فكيف يقبل وحديثه ليس له إسناد مشهور، فإن هذا يوجب العلم اليقيني بأنه كذب لم يقع، وإن كانت الشمس احتجبت بغيم ثم ارتفع سحابها فهذه من الأمور المشاهدة، ولعلهم ظنوا أنها غربت ثم كشف الغمام عنها، وهذا إن كان قد وقع ففيه أن الله بين له بقاء الوقت حتى يصلي فيه، ومثل هذا يجري لكثير من الناس. ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالى "ثم تفويت الصلاة بمثل هذا إما أن يكون جائزاً، وإما أن لا يكون، فإن كان جائزاً لم يكن على علي رضي الله عنه إثم إذا صلى العصر بعد الغروب، وليس علي، أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نام النبي صلى الله عليه وسلم ومعه علي وسائر الصحابة عن الفجر حتى طلعت الشمس، ولم ترجع لهم إلى الشرق، وإن كان التفويت محرماً، فتفويت العصر من الكبائر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" وعلي كان يعلم أنها الوسطى وهي صلاة العصر وهو قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس، ملأ الله أجوافهم وبيوتهم ناراً" وهذا كان في الخندق، وهذه القصة كانت في خيبر، كما في بعض الروايات وخيبر بعد الخندق، فعلي أجل قدراً من أن يفعل هذه الكبيرة ويقره عليها جبريل ورسول الله، ومن فعل هذا كان من مثالبه لا من مناقبه، وقد نزه الله علياً عن ذلك ثم إذا فاتت لم يسقط الإثم عنه بعود الشمس.
وأيضاً فإذا كانت هذه القصة في خيبر في البرية قدام العسكر، والمسلمون أكثر من ألف وأربعمائة كان هذا يراه العسكر ويشاهدونه، ومثل هذا مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فيمتنع أن ينفرد بنقله الواحد والاثنان، فلو نقله الصحابة لنقله منهم أهل العلم، كما نقلوا أمثاله، لم ينقله المجهولون الذين لا يعرف ضبطهم وعدالتهم، وليس في جميع أسانيد هذا الحديث إسناد واحد يثبت، تعلم عدالة ناقليه وضبطهم، ولا يعلم اتصال إسناده وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر "لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" فنقل ذلك غير واحد من الصحابة وأحاديثهم في "الصحاح" و"السنن" و"المسانيد" وهذا الحديث ليس في شيء من كتب الحديث المعتمدة، ولا رواه أهل الحديث ولا أهل السنن ولا المسانيد بل اتفقوا على تركه، والإعراض عنه، فكيف يكون مثل هذه الواقعة العظيمة التي هي –لو كانت حقاً- من أعظم المعجزات المشهورة الظاهرة ولم يروها أهل الصحاح والمسانيد، ولا نقلها أحد من علماء المسلمين حفاظ الحديث، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث المعتمدة، قال: وهذا مما يوجب القطع بان هذا من الكذب المختلق (قال): وقد صنف جماعة من أهل الحديث في فضائل علي كالإمام أحمد وأبي نعيم والترمذي والنسائي وأبي عمر بن عبد البر وذكروا فيها أحاديث كثيرة ضعيفة، ولم يذكروا هذا لأن الكذب ظاهر عليه بخلاف غيره" ثم ختم شيخ الإسلام بحثه القيم بقوله "وسائر علماء المسلمين، يودون أن يكون مثل هذا صحيحاً لما فيه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وفضيلة علي عند الذين يحبونه ويتولونه، ولكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب فردوه ديانة والله أعلم" وقد مال إلى ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في حديث تلميذاه الحافظان الكبيران ابن كثير والذهبي، فقال الأول منهما بعد أن ساق حديث حبس الشمس ليوشع عليه السلام (1/323) من (تاريخه) "وفيه أن هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام، فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه، أن الشمس رجعت حتى صلى علي بن أبي طالب صلاة العصر، بعد ما فاتته بسبب نوم النبي صلى الله عليه وسلم على ركبته، فسأل رسول الله أن يردها عليه حتى يصلي العصر فرجعت، وقد صححه أحمد بن صالح المصري، ولكنه منكر ليس في شيء من الصحاح والحسان وهو مما تتوافر الدواعي على نقله، وتفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها والله أعلم" وقال الذهبي في "تلخيص الموضوعات" "أسانيد حديث رد الشمس لعلي ساقطة ليست بصحيحة، واعترض بما صح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن الشمس لم تحبس إلا ليوشع بن نون، ليالي سار إلى بيت المقدس" وقال شيعي: إنما نفى عليه السلام وقوفها، وحديثنا فيه الطلوع بعد المغيب فلا تضاد بينهما، قلت: لو ردت لعلي لكان ردها يوم الخندق للنبي صلى الله عليه وسلم أولى: فإنه حزن وتألم ودعا على المشركين لذلك. ثم نقول لو ردت لعلي لكان بمجرد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لما غابت خرج وقت العصر ودخل وقت المغرب، وأفطر الصائمون وصلى المسلمون المغرب، فلو ردت الشمس للزم تخبيط الأمة في صومها وصلاتها، ولم يكن في ردها فائدة لعلي، إذ رجوعها لا يعيد العصر أداءاً: ثم هذه الحادثة العظيمة لو وقعت لاشتهرت وتوفرت الهمم والدواعي على نقلها، إذ هي في نقض العادات جارية مجرى طوفان نوح، وانشقاق القمر" هذه كله كلام الذهبي نقلته من "تنـزيه الشريعة" لابن عراق (1/379) وهو كلام قوي سبق جله في كلام ابن تيمية، وقد حاول المذكور رده من بعض الوجوه فلم يفلح، ولو أردنا أن ننقل كلامه في ذلك مع التعقيب عليه لطال المقال جداً، ولكن نقدم إليك مثالاً واحداً من كلامه ما يدل على باقيه، قال: "وقوله: ورجوعها لا يعيد العصر أداء، جوابه: إن في "تذكرة القرطبي" ما يقتضي أنها وقعت أداء قال رحمه الله: فلو لم يكن رجوع الشمس نافعاً، وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه الصلاة والسلام" والجواب على هذا من وجوه:
أولاً: أن يقال أثبت العرش ثم أنقش.
ثانياً: لو كان الرجوع نافعاً ويتجدد الوقت به لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق وأولى به في غزوة الخندق، لاسيما ومعه علي رضي الله عنه وسائر أصحابه صلى الله عليه وسلم كما تقدم عن ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ثالثاً: هب أن في ذلك نفعاً، ولكنه على كل حال هو نفع كمال، وليس ضرورياً، بدليل عدم رجوع الشمس له صلى الله عليه وسلم في الغزوة المذكورة، فإذا كان كذلك فما قيمة هذا النفع تجاه ذلك الضرر الكبير الذي يصيب المسلمين بسبب تخبطهم في صلاتهم وصومهم كما سبق عن الذهبي؟!
وجملة القول: أن العاقل إذا تأمل فيما سبق من كلام هؤلاء الحفاظ على هذا الحديث من جهة متنه، وعلم قبل ذلك أنه ليس له إسناد يحتج به، تيقن أن الحديث كذب موضوع لا أصل له.

السلسلة الضعيفة

بحث سريع