حديث المؤاخاة

بواسطة | محمد ناصرالدين الألباني
2005/05/30
(2657) (إني محدثكم بحديث فاحفظوه، وحدثوا به من بعدكم: إن الله تبارك وتعالى اصطفى من خلقه خلقاً، ثم تلا هذه الآية "الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس" خلقاً قد خلقهم للجنة، وإني أصطفي منكم من أحب أن أصطفيه، ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة. قم أبا بكر فقام.. الحديث. وهو طويل جداً في ثلاث صفحات وفيه قصة مؤاخاته صلى الله عليه وسلم بين بعض الصحابة، بين أبي بكر وعمر، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين طلحة والزبير، وسعد وعمار، وأبي الدرداء وسلمان، ويتخلل ذلك ذكر بعض فضائلهم منها ما يصح وهو قليل، كقوله في أبي بكر "لو كنت متخذاً خليلاً، لاتخذتك خليلا" ومنها ما لا يصح وهو الأكثر، كقوله لسلمان "أنت منا أهل البيت، فقد أتاك الله العلم الأول والعلم الآخر، والكتاب الأول والكتاب الآخر"!
وفي آخر الحديث المؤاخاة بينه وبين علي وأنه قال له: "والذي بعثك بالحق، ما أخرتك إلا لنفسي فأنت عندي بمنـزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وأنت أخي ووزيري ووارثي.. وأورثت الأنبياء، كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة…) الحديث بطوله.
منكر. جداً بل موضوع ظاهر الوضع.أخرجه البزار في "مسنده" (3/215-217) وعبد الله بن أحمد في "الفضائل" (2/638/1085) والقطيعي في "زياداته عليه" (2/666/667) والطبراني في "المعجم الكبير" (5/215-353) من طريقين عن عبد المؤمن بن عباد بن عمرو العبدي: حدثنا يزيد بن معن –وقال الآخر- زيد بن معن- حدثني عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة، فجعل يقول: أين فلان؟ أين فلان؟" فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم، حتى اجتمعوا عنده فقال: فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، مسلسل بالعلل:
الأولى: عبد المؤمن العبدي هذا، قال ابن أبي حاتم (3/1/66) عن أبيه: "ضعيف جداً" وقال البخاري "لا يتابع على حديثه" وذكره الساجي وابن الجارود في "الضعفاء" كما في "اللسان" وشذ ابن حبان فكره في "الثقات" (8/1170).
الثانية: زيد أو يزيد بن معن، لم أعرفه، ويحتمل أن يكون محرفاً من "يحيى ابن معن" تحرف على (العبدي) فقد جاء في "الميزان" وذيوله: "يحيى بن معن عن سعد بن شرحبيل، مجهول، كشيخه" وقال الحافظ في "اللسان" "وفي الثقات" لابن حبان [(9/260) في طبقة تبع أتباع التابعين]: "يحيى بن معن الانصاري عن أبيه عن سعيد بن المسيب وعنه أهل المدينة".
قلت: (الحافظ) فيحتمل أن يكون هو: يحيى بن المنذر الكندي عن إسرائيل. ضعفه الدارقطني وغيره وقال العقيلي: في حديثه نظر".
الثالثة: عبدالله بن شرحبيل وهو ابن حسنه، ذكره ابن حبان في "ثقات التابعين" (5/14) برواية ثقتين عنه، ولم يذكر فيه البخاري وابن أبي حاتم جرحاً ولا تعديلاً.
الرابعة: الرجل القرشي الذي لم يسم، فهو مجهول.
ثم رأيت الحديث قد أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (2/361/598) بإسناد يختلف عن هذا فقال: "سألت أبي عن حديث رواه حسان بن حسان عن إبراهيم بن بشر عن يحيى ابن معين (!) عن إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى قال.. فذكره مختصراً ملخصاً وقال "قال أبي: هذا حديث منكر وفي إسناده مجهولون".


السلسلة الضعيفة

بحث سريع