أحمد بن مسعود بن حسن بن أبى نمى

بواسطة | المحبي
2005/06/04
(الشريف أحمد ) بن مسعود بن حسن بن أبى نمى الشريف الحسنى احد أشراف مكة صاحب الأدب البارع والأشعار السائرة المرغوبة ذكره ابن معصوم في السلافة فقال في ترجمته نابغة بنى حسن وباقعة الفصاحة واللسن الساحب ذيل البلاغة على سحبان والسائر بأفعاله وأقواله الركبان احد السادة الذين رووا الحديث برا عن بر والساسة الذين فتقت لهم ريح الجلاد يعنير فاقتطفوا نور الشرف من روض الحسب الأنضر وجنوا ثمر الوقائع يانعا بالعز من ورق الحديد الأخضر كانت له همة تزاحم الأفلاك وتراغم بعلو قدرها الأملاك لم يزل يطلب من نيل الملك ما لم يف به عدده وعدده ولم يمده من القضاء مدده ومدده فاقتحم لطلبه برا وبحرا وقلد للملوك بمدحه جيدا ونحرا فلم يسعفه أحد ولم يساعد اذاعظم المطلوب قل المساعد وكان قد دخل شهارة من بلاد اليمن في احدى الجماديين من سنة ثمان وثلاثين وألف وامتدح بها أمامها محمد بن القاسم بقصيدة راح بها ثغر مديحه ضحكا باسم وطلب مساعدته على تخليص مكة المشرفة له وابلاغه من تحليته بولايتها أمله وكان ملكها اذذاك الشريف أحمد بن عبد المطلب فا شار في بعض أبياتها إليه وطعن فيها بسنان بيانه عليه ومطلعها
سلا من دمى ذات الخلاخل والعقد بماذا استحلت أخذ روحى على عمد
فان أمنت أن لاتقاد بما جنت فقد قيل أن لا يقتل الحر بالعبد
منها وهو محل الغرض
اغث مكة وانهض فأنت مؤيد من الله بالفتح المعوض والجدّ
وقدم أخا ودّ وأخر مبا غضا يساور طعنا في المؤيد والمهدى
ويطعن في كل الأئمة معلنا ويرضـى عن ابن العاص والنجل ابن هند[1]

فلم يحصل منه على طائل إلا ما أجازه من فضل ونائل فعاد إلي مكة المشرفة سنة تسع وثلاثين وأقام بها سنتين ثم توجه إلى ديار الرومية في أواسط شهر ربيع الثاني سنة احدى وأربعين قاصدا ملكها السلطان مرادخان فورد عليه قسطنطينية العظمى مقر ملكه واجتمع به ومدحه بقصيدة فريدة وسأله فيها توليته مكة المشرفة وأنشده إياها في أواخر شوال سنة احدي وأربعين وألف ومطلعها قوله

فلم يحصل منه على طائل إلا ما أجازه من فضل ونائل فعاد إلي مكة المشرفة سنة تسع وثلاثين وأقام بها سنتين ثم توجه إلى ديار الرومية في أواسط شهر ربيع الثاني سنة احدى وأربعين قاصدا ملكها السلطان مرادخان فورد عليه قسطنطينية العظمى مقر ملكه واجتمع به ومدحه بقصيدة فريدة وسأله فيها توليته مكة المشرفة وأنشده إياها في أواخر شوال سنة احدي وأربعين وألف ومطلعها قوله

ألاهبى فقد بكر النداما ومج المرج من ظلم الندى ما
فيقال انه أجابه إلى ملتمسه ومراده وأرعاه من مقصده أخصب مراده ولكن مدت اليه يدا الهلك قبل نيل الملك وقيل أجزل صلته فقط فقد طمعه عما تمناه وقط ولم يعد الى مكة وتوفي في تلك السنة أو التي تليها وظفرت في آثار السيد محمد بن العرضي الحلبي بذكره في ترجمته أفردها له وهى من محاسن المقول فذكرتها تتمة للفائدة والمقصود التطرية وما تم لها أحسن من الكلام المهذب الجاري عن أمثال هذا وقال في حقه النقاب ابن النقاب ومن غذي بالبان أبي تراب نبغة من الشجرة النبوية الزاكية النجار المعجونة طينتها برند نجد والعرار طلع علينا بحلب سنة اثنتين وأربعين وألف طلوع البدر في الداره وألقي بها عصا التسيار وكأنه من الكواكب السيارة فنزل منها بصدر رحيب وقابلته بتأهيل وترحيب وكل أبنائها تشوق لنزوله عنده في السعه قائلا بلسان الحال هلم يا ابن رسول الله إلي الراحة والدعه فأبي أن ينزل إلا على أفقر بيت في المدينة وأصلحه وهو بيت الشيخ الزاهد ناصر الدنيا والدين المعروف بالصائغ ومن ذيله بالطهارة الدينية ضاف وسابغ مقتديا في ذلك بجده رسول الله صلي الله عليه وسلم حين دخل المدينة فكان كلما مر على دار الأنصار يدعونه إلي المقام عندهم يا رسول الله هلم إلي القوة والمنعة فيقول خلوا سبيلها يعنى الناقة أنها مأمورة ولم يزج من زمامها ولم يحولها وهى تنظر يمينا وشمالا حتى اذا أتت دار مالك بن النجار بركت على باب المسجد وهو يومئذ لسهل وسهيل ابني رافع بن عمرو ووهما يتيمان في حجر معاذ بن عفراء ويقال أسعد بن زرارة وهو المرجح ثم ثارت وهو صلي الله عليه وسلم عليها حتى بركت على باب أبي أيوب النصارى ثم ثارت منه وبركت في مبركها الأول وألقت جرانها بالأرض يعني باطن عنقها أو مقدمها من المذبح ورزمت يعني صّوتت من غير أن تفتح فاها فنزل عنها النبي صلي الله عليه وسلم وقال هذا المنزل إن شاء الله واحتمل أبو أيوب رحله وأدخله بيته ومعه زيد بن حارثة وكانت دار بني النجار أوسط دور الأنصار وأفضلها وهم أخوال عبد المطلب جّده عليه الصلاة والسلام كذا في المواهب اللدنية للقسطلانى عودا إلى تمام سيرة ابن هشام وابن سيد الناس وخير الانام التي هي أزكي من الروض الأنف يفتر عن زهر الكمام ثم انثالت اليه من ابناء الشهباء عيون أعيانها من وجوه علمائها وأشرافها الذين هم انسان حدقة انسانها انثيال الدر إلى الواسطة من عقد النحر واحتفت به احتفاف النجوم بالبدر فن دعاه ناديه فلباه حظى باقبال وجهه وطلعة محياه فرأينا يحاضرنا بأخبار الشريف الرضي من وجهة مذهبه في البلاغة وضي وطريقه وهو أخو المرتضى مرضى ويلهج كثيرا بأخباره ويحفظ اغلب أشعاره مدحته بقصيدة مطلعها
لله أكاف بخيف طابت وطابت بها وقوفى
إلى أن قلت فى التخلص إلى المديح
واذا طلبت عريفهم و لأنت بالفطن العريف
فهو الشريف ابن الشريف ابن الشريف ابن الشريف
فتمايل لدى انشادها طربا وأظهرت اعجبابها بها وعجبا قائلا لا فض الله فاك وكثر من امثالك فقلت استجاب الله دعاك كما استجابه من جدك رسول الله صلي الله عليه وسلم حين انشده النابغة الجعدى
بلغنا السما مجدا وجودا وسوددا وانا لنر جو فوق ذلك مظهرا
فقال صلي الله عليه وسلم إلى أين يا ابن أبي ليلي قال إلي الجنة يا رسول الله فقال اجل ثم قال
و لاخير في حكم إذا لم يكن له حكيم إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال صلي الله عليه وسلم لافض الله فاك فبلغ عمره مائة سنة ولم يتغير له سنََّ بل كان أحسن الناس ثغرا ثم قصد الشريف المزيور دار السلطنة فلقي بسلطان الوقت اذذاك مراد الغازى ومدحه بقصيدته التي مطلعها قوله
ألاهبى فقد بكر النداما ومج المرج من ظلم الندى ما
فيا ملك الملوك ولا أحاشي ولاعذرا أسوق ولااحتشاما
أنفت بأني ألقاك منهم بمنزلة الرجال من الايامى
إلى جدواك كلفنا المطايا دواما لانقارقها دواما
صلينا من سموم القيظ ناراً تكون ببردك الناشى سلاما
وخضنا البحر من ثلج إلي ان حسبناه على البيد الكماما
نؤم رحابك الفيح اشتياقا ونأمل منك آمالا جساما
ومن قصد الكريم غدا أمير على مافي يديه ولن يضاما
وحاشا بحرك الفياض انا نردّ بغسلة عنه هياما
وقد وافاك عبد مستهيج ندى كيفك والشيم الضخاما
وحسن الظن يقطع لى بأني انال وان سما منك المراما
ولابدع اذا وافاك عاف فعاد يقود ذا الجب لهاما
فقد نزل ابن ذي يزن طريدا علي كسرى فأنزله شماما
أتي فردا فآب يجر جيشا كسا الآكام خيلا والر غاما
به استبقي جميل الذكر دهرا وأنت أجل من كسرى مقاما
وسيف لو سمادوني فاني عصامى وأسموه عظاما
بفاطمة وابنيها وطه وحيدرة الذي أشفى السقاما
عليهم رحمة تهدى سلاما يكون لنشرها مسكا ختاما
وفي أملى بأن يجزيك عني نبي عفوه يطفى الاواما
فخذ بيدي وسمني محلا بقربى منك فيه لن أسامى
وهب لى منصبي لتنال أجرى وشكرى ما بقيت بها لزاما
فقد لعبت ببيت الله حقا زعانف يستحلون الحراما
أغثه فليس مسئول غداة المعاد سواك ان بعثت قياما
وفك أسير أسر ليس يرضى بان يغشي وان خفى الملاما
فقل سل تعط أعطاك الذي لم يخف نقصا ولم يخش انتقاما
مدى الايام تخفض ذا اعوجاج وترفع من أطاعك واستقاما
ودم دار عمرك ولاعادى تمني في مضاجعها الحماما
قوله فقد نزل الابيات يلمح إلى قصة سيف ذى يزن لما تغلبت الحبشة على ملك اليمن فنزل بكسرى مستنجدا فامده بجيش انقشعت به غمامتهم فعاد سيف قرير العين إلى ملكه وسكن غمدان قصره ورجع إلى صولته وفتكه فانثالت عليه وفود العرب بالتهنئة من كل فج عميق وكان من جملتهم عبد المطلب جد النبي صلي الله عليه وسلم وهو اذذاك معرف قريش العريق والنبي صلي الله عليه وسلم رضيع فى المهاد محفوف بعيون العناية و الاسعاد فأخبره سيف أنه سينجم أمره ويطلع بدره فى قصة يطول شرحها مستوفاة فى كتب السير فجعل صاحب الترجمة نفسه كسيف وسلطان الوقت ككسرى وكان الانسب ان يجعل سلطان الوقت كقيصر لكونه ملك الروم إلا أنه تحاشى عن ذلك لكون قيصر لما قصده لم ينجده ولم يجبه إلى مراده بل اعتذر إليه بأنا نحن والحبشة اخوان لكوننا جمعيا أهل كتاب فرجع من عنده خائبا قال العرضى وكانت رفادة البيت وسقاية الحاج المعبر عنها الآن بسلطنة الحرمين مفوضا أمرها إلي صاحب الترجمة الا أنه فاضت فى زمن توليته فتن ادت إلى خلعه وتولية ابن عمه الشريف زيد بن محسن بن حسين فسكن بيمن توليته نابض الفتنة وأخمد بنور طلعته نار المحنه وكذا النور يخمد النيران فلم يقر لصاحب ترجمة قرادون أن ينشر على رأسه لواؤها والعلم فركب ابله وجعل الليل جمله يفلى شعره الفلاة يمشط كل حافر ومنسم فوجه تلقاء مدين دار السلطنة العادلة جاه ضار با بعصا تسياره أحجار عرصارتها لينجزله ما يترقبه ويتمناه من انعطاف السلطنة إليه فلذا استماح سلطان الوقت بقوله وقد أضحى العنان همته ثانيا ثم ذكر قطعة من قصيدته المتقدمة (قلت) قد وقفت على أشعار كثيرة ذكرت منها فى النفحة التى ذيلت بها على الريحانة حصة وافرة وقصيدته السينية التي مطلعها قوله
حث قبل الصباح نجب كؤوسى فهى تسرى مسرى الغذا في النفوس
سائرة مشهورة فلا حاجة إلي ذكرها هنا وكان نظمها في طرطوس البلدة المعروفة قرب طرابلس الشام فإنه كان مر عليها قادما من ناحية مصر على طريق الساحل وبعد ما عاد من الروم مات في الطريق وكانت وفاته في أواخر سنة إحدى أو اثنتين وأربعين وألف رحمه الله تعالى


[1] يريد الشاعر التعريض بالشريف أحمد بن عبدالمطلب ، و يحرض عليه إمام الزيدية باليمن ليأخذ إمرة مكة منه ، فلجأ إلى الوقيعة في الصحابة ، و قد كان الجزاء من جنس العمل ، فكل من تعرض للصحابة خذل و لابد ، فخذله إمام اليمن ، ولم ينطلِ عليه مراد الشاعر ، و قد كان له مندوحة عن مثل هذا القول الساقط ، كما هي عادة بني الحسن من الكف عن الصحابة والترضي عنهم و عدم إدخالهم في أبواب المصالح الخاصة و الأهواء الدنيوية ، فإننا لم نجد أحداً تعرض لهم إلا و خذله الله ، رضي الله عنهم أجمعين .






بحث سريع