إن مع العسر يسرًا

بواسطة | مشرف النافذة
2005/06/11
وعد من الله (تبارك وتعالى) وهو لا يخلف الميعاد ] فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً (5)إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً [ [الشرح : 5 ، 6] . وإذا جاز تخلف وعود البشر و تبدل قوانينهم ، فوعد الله لا يتخلف ، وسنة
الله لا تتبدل إنه وعد من الله (سبحانه) يتجاوز حدود الزمان والمكان ، ولا يقف عند حدِّ من وما نزلت فيه الآيات .وقد فهم منها السلف هذا المعنى الواسع ، فقالوا : لن يغلب عسر يسرين ، وقالوا : لو كان العسر في جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه.
إن في هذه الآيات البشارة لأهل الإيمان بأن للكرب نهاية مهما طال أمده ،وأن الظلمة تحمل في أحشائها الفجر المنتظر بتحسن الأحوال،وفي الآية إشارة بديعة إلى اجتنان الفرج في الشدة والكربة مع أن الظاهر أن الرخاء لا يزامن الشدة ، وإنما يعقبها ، وذلك لتطمين ذوي العسرة وتبشيرهم بقرب انجلاء الكرب .
إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيبُ
وأوطأت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوبُ
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً ولا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاك على قنوط منك غوثٌ يمن به اللطيف المستجيبُ
وكل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج القريبُ
بل يربط الله ذلك بالتقوى : (( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً )) وسنة الله (تبارك وتعالى) : أنه حين تشتد الأزمات وتتفاقم : يأتي اليسر والفرج ، أرأيت كيف فرج الله للأمة بعد الهجرة وقد عاشت قبلها أحلك الظروف وأصعبها ؟ وفي الأحزاب حيث بلغت القلوب الحناجر وظن الناس بعدها الظنون ، بعد ذلك كانت مقولة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهي مقولة صدق : » الآن نغزوهم ولا يغزوننا « ، وحين مات النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وضاقت
البلاد بأصحاب النبي ، وارتد العرب ، وأحدق الخطر : ما هي إلا أيام وزال الأمر ، وتحول المسلمون إلى فاتحين لبلاد فارس والروم ، وصار المرتدون بإذن الله بعد ذلك جنوداً في صفوف المؤمنين .. والعبر في التاريخ لا تنتهي .
فهل يعي المسلمون اليوم هذه الحقيقة وهم يعيشون أزمة البعد عن دين الله ،والإعراض عن شرعه ، وانتشار ألوان الفساد .
أضف إلى ذلك : أن المسلم يشعر أن الأمور بقدر الله ، وأنه (تبارك وتعالى) قد كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض ، وأن قدره وقدرته فوق كل ما يريد ويكيد البشر .
أن الأمر قد يكون في ظاهره شرّاً ، ثم تكون العاقبة خيراً بإذن الله ، أرأيت حادثة الإفك وفيها من الشناعة والبشاعة ما فيها ، ومع ذلك هي بنص القرآن : (( لا تَحْسَبُوهُ شَراً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ))[النور : 11]
ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى الاستبشار بهذه الآية حيث يرى المسلمون الكثير من صنوف الإحباطات والهزائم وألوان القهر والنكد ؛ مما أدى إلى سيادة روح – التشاؤم واليأس ، وصار الكثيرون يشعرون بانقطاع الحيلة والاستسلام للظروف والمتغيرات .
كم مرة خفنا من الموت ومامتنا؟‍! كم مرة ظننا أنها القاضية وأنها النهاية ،فإذا هي العودة من جديد والقوة والاستمرار؟! كم مرة ضاقت بنا السبل وتقطت بنا الحبال وأظلمت في وجوهنا الآفاق وإذا هو الفتح والنصر والخير والبشارة؟!(قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب)كم مرة أظلمت أمامنا دنيانا وضاقت علينا أنفسنا والأرض بما رحبت وجفانا الحبيب والقريب فإذا هو الخير العميم واليسر والتأييد وإذا بشمس الحياة تشرق من جديد؟!
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرج
كملت فلما استكملت حلقاتها فرجت وكنت أضنها لا تفرج

بحث سريع