استجلاب ارتقاء الغرف -13

بواسطة | الحافظ السخاوي
2005/06/19
باب التحذير من بغضهم وعداوتهم والتنفير عن سبهم ومساءتهم
قد تقدم في باب (( المحبة )) حديث أنس رضي الله عنه : (( من أبغض أحداً من أهل بيتي ، فقد حُرم شفاعتي )) .
وحديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً : (( لا يبغضنا إلا منافق شقيٌّ )) .
وحديث جرير رضي الله عنه : (( من مات على بغض آل محمد صلى الله عليه وسلم ، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيسٌ من رحمة الله )) .
وقول الحُسين رضي الله عنهما : من عادانا ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم عادى . وقول عبد الله بن حسن:((كفى المبغض لنا بغضا أنسبه إلى من يبغضنا))
وعن جعفر بن إياس ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( والذي نفسي بيده ! لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ ، إلا أدخله الله النار )) .
أخرجه الحاكم وقال : صحيحٌ على شرط مسلم .
وأخرجه ابن حبان في (( صحيحه )) من حديث سليم بن حيّان ، عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا يبغضنا أهلَ البيت رجلٌ ، إلا أدخله الله النار )) .
وترجم عليه : (( إيجاب الحلول في النار لمُبغض أهل بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم )) .
وعند الديلمي في (( مسنده )) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من أبغضنا ، فهو منافق )) .
ولفظه عند أحمد في (( المناقب )) : (( من أبغض أهل البيت فهو منافق )) .
ولأبي بكر بن يوسف بن البهلول من طريق طلحة بن مُصرّف رحمه الله قال : كان يُقال : بُغضُ بني هاشم ، نفاق .
وعن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما ، أنه قال لمعاوية بن حُديج رحمه الله : يا معاوية ! إياك وبُغضُنا ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( لا يبغضنا ولا يحسدنا أحدٌ ، إلا ذيد عن الحوض يوم القيامة بسياط من نار )) .
أخرجه الطبراني في (( الأوسط )) وسنده ضعيف .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( اللهم ارزق من أبغضني وأهل بيتي ، كثرة المال والعيال . كفاهم بذلك أن يَكْثُر مالهم فيطول حسابهم ، وأن تكثُر عيالهم ، فيكثر شياطينهم )) .
أورده الديلمي وابنه معاً بلا إسناد . وقد بينت على تقدير ثُبوته مع إيراد نحوه من الأحاديث ، الجمع بينها وبين دُعائه صلى الله عليه وسلم لخادمه سيدنا أنس رضي الله عنه بكثرة المال والولد في كتابي : (( السرُّ المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم )) .
وعن جابر رضي الله عنه ، أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( من أبغضنا أهل البيت ، حشرهُ الله تعالى يوم القيامة يهودياً . وإن شهد أن لا إله إلا الله )) .
أخرجه الطبراني في (( الأوسط )) ، والعقيلي في (( الضعفاء )) بسندٍ مظلم ، والخطيب بآخر فيه كذاب . ولذلك حكم ابن الجوزي بوضعه ، بل سبقهُ العُقيلي فقال : إنه له أصل .
ونحوه ما للديلمي عن رفعه : (( ثلاثةٌ من كنّ فيه ، فليس مني ولا أنا منه : بُغض عليٍّ ، ، ونصبُ أهل بيتي ، ومن قال : الإيمان كلام )) .
ويروى كما عنده أيضاً عن زيد بن أرقم رضي الله عنه مرفوعاً : (( أنا حربٌ لمن حاربتم ، سلمٌ لمن سالمتم )) . قاله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم .
وعن عطاء بن أبي رباح وغيره من أصحاب ابن عباس ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( يا بني عبد المطلب ! إني سألت الله لكم ثلاثاً : أن يُثبتَ قائمكم ، وأن يهدي ضالّكم ، وأن يُعلم جاهلكم . وسألت الله أن يجعلكم جوداً نُجباء رُحماء ، فلو أنّ رجلاً صَفَن بين الركن والمقام فصلى وصام ، ثم لقي الله وهو مبغضٌ لأهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم ، دخل النار )) .
أخرجه الحاكم وقال : صحيحٌ على شرط مسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم (( صفن )) بالمهملة ، ثمَ فاءٌ خفيفةٌ وآخره نون ، أي جمع بين قدميه .
ووقع في رواية : (( صفّ قدميه )) . وكذا فيها : (( نُجداء )) بدل : (( نُجباء )) ، وهي من النجدة والشجاعة ، وشدّة البأس .
وعن إبراهيم بن عبد الله بن حسن ، عن أبيه ، عن أمّه فاطمة ، عن أبيها الحُسين رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من سبّ أهل بيتي ، فإنما يُريدُ الله والإسلام ))
أخرجه الجعابي في (( الطالبين )) .
وعن عبيد الله ، وعمر ابني محمد بن علي ، عن أبيهما ، عن جدّهما ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من آذاني في عِترتي ، فعليه لعنةُ الله )) .
أخرجه الجعابي أيضاً .
وعند الديلمي في (( مسنده )) من حديث سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عليٍّ رضي الله عنه رفعه : (( من آذاني في أهلي ، فقد آذى الله عز وجل )) .
وعند المحب الطبري ، عن عليٍّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( إنَّ الله حرّم الجنة على من ظلم أهل بيتي ، أو قاتلهم ، أو أعان عليهم ، أو سبّهم )) وعزاه لعليٍّ بن موسى .
وهو عند الديلمي بلا إسنادٍ بلفظ : (( حُرمت الجنة )) وذكره وفيه : { أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يُكلّمهُمُ الله ولا ينظرُ إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ }[آل عمران : 77]
في الباب عدة أحاديث كحديث إسماعيل بن عُبيد بن رفاعة بن رافع ، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( يا أيها الناس ، إنَّ قريشاً أهل أمانةٍ ، فمن بغاهم العواثر ، كبّه الله عز وجل لمنخريه مرتين )) .
رواه الشافعي والبيهقي .
وفي لفظٍ عندهُ : (( إنَّ قريشاً أهلُ صبرٍ وأمانةٍ ، من بغاهم العواثر كبَّهُ الله عز وجل لوجهه يوم القيامة )) .
وحديث سعد رضي الله عنه وغيره : أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( من يُرِد هوان قُريش ، أهانه الله عز وجل )) .
ترجم عليهما البيهقي رحمه الله في كتاب (( مناقب إمامنا الشافعي )) ، رضي الله عنه بقوله : ما حضرني فيمن آذى قرابةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أراد هوانهم ، أو بَغاهُم العواثر . مع ما فيه من البيان أنّ قريشاً أهلُ أمانةٍ ، وأن رحِم النبي صلى الله عليه وسلم موصولٌ في الدنيا والآخرة ، وأن سببه ونسبه لا ينقطعان .
وللطبراني في (( الدعاء )) من حديث عُبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ، عن عَمرة ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( خمسةٌ – أو قال ستةٌ – لعنتُهم وكل نبيّ مُجاب : الزّائدُ في كتاب الله ، والمُكذّبُ بقدر الله ، والمستحلُّ محارم الله ، والمُستحلُّ من عِترتي ما حرم الله ، والتّارك السُّنة )) .
وفي (( الشفاء )) : أنّهُ لو قال لرجل من بني هاشم : لعن الله بني هاشم ، وقال : أردتُ الظالمين منهم .
أو قال لرجل من ذُريّة النبي صلى الله عليه وسلم قولاً قبيحاً في آبائه أو من نسله ، أو ولده ، على علْمٍ منهُ أنّهُ من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن قرينةٌ في المسألتين تقتضي تخصيص بعض آبائه ، وإخراج النبي صلى الله عليه وسلم ممن سبَهُ منهم ، يُقتل . انتهى .
وفي حوادث سنة اثنتين وأربعين وثمان مئة من تاريخ شيخنا رحمه الله : أن القاضي بهاء الدين الأخنائي المالكي ، حَكَمَ بحضْرة مُستنيبه بقتل يَخْشباي الأشرفي حداً ، لكونه لعنَ أجداد القاضي حُسام الدّين بن حُريز ، بعد أن قال له : أنا شريفٌ وجدّي الحُسين ابن فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واتصل ذلك بقاضي الإسكندرية فَأُعذِر ، ثم ضُربتَ عُنُقهُ .
نسأل الله التوفيق .

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14

بحث سريع