الشيخ أبو الحسن الندوي

بواسطة | إدارة الموقع
2005/07/05
اسمه ونسبه :
علي أبو الحسن بن عبد الحي بن فخر الدين الحسني، يصل نسبه إلى عبد الله الأشتر ابن محمد ذي النفس الزكية بن عبد الله الحسن بن علي رضي الله عنهما.
هاجر أحد أجداده وهو الأمير قطب الدين محمد المدني (تـ 677هـ) إلى الهند في أوائل القرن السابع الهجري.
كان والده علامة الهند ومؤرخها، وله مصنفات منها:
(نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر في تراجم علماء الهند وأعيانها) طبع باسم (الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام) في ثمانية مجلدات. وكتاب (الهند في العهد الإسلامي). وكتاب(الثقافة الإسلامية في الهند). أما والدته فكانت من السيدات الفاضلات تحفظ القرآن الكريم وتقول الشعر، وتؤلف الكتب .
ولد بقرية ( تكية ) بمديرية ( راي بريلي ) في الولاية الشمالية بالهند في 6 محرم 1333هـ الموافق 1914م.
توفي والده عام 1341هـ (1923م) وهو دون العاشرة فأشرف على تربيته أخوه الكبير د/ عبد العلي الحسني- الذي كان هو الآخر طالباً في كلية الطب بعد تخرجه من دار العلوم ندوة العلماء ودار العلوم ديوبند.
مراحل تعليمه
· بدأ تعلم العربية على يد الشيخ خليل بن محمد الأنصاري اليماني عام 1342هـ (1924م) وتخرج عليه، كما استفاد في دراسة اللغة العربية وآدابها من عميه، الشيخ عزيز الرحمن والشيخ محمد طلحة، وتوسع فيها، وتخصص على الأستاذ الدكتور تقي الدين الهلالي عند مقدمة في ندوة العلماء عام 1930م.
· حضر احتفال ندوة العلماء (بكانفور) عام 1926م، وشد انتباه المشاركين في الاحتفال بكلامه العربي، واستعان به بعض الضيوف العرب في تنقلاته خارج مقر الحلف.
· حفظ القرآن الكريم، وتعلم اللغات، الأردية، والإنجليزية، والعربية.
· التحق بجامعة (لكهنؤ) في القسم العربي عام 1927م، وكان أصغر طلاب الجامعة سناً وحصل على شهادة فاضل أدب في اللغة العربية وآدابها.
· قرأ – أيام دراسة اللغة العربية الأولى – كتباً تعتبر في القمة في اللغة الأردية وآدابها، مما أعانه على القيام بواجب الدعوة، وشرح الفكرة الإسلامية الصحيحة، وإقناع الطبقة المثقفة بالثقافة العصرية.
· عكف على دراسة اللغة الإنجليزية في الفترة ما بين 1928-1930م مما مكنه من قراءة الكتب المؤلفة بالإنجليزية في المواضيع الإسلامية والحضارة الغربية وتاريخها وتطورها، الاستفادة منها مباشرة.
· التحق بدار العلوم لندوة العلماء عام 1929م وحضر دروس الحديث الشريف للعلامة المحدث حيدر حسن خان، وكان قد درس كتاب الجهاد في صحيح الإمام مسلم على شيخه خليل الأنصاري ولازمه سنتين كاملتين؛ فقرأ عليه الصحيحين، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي حرفاً حرفاً، وقرأ عليه دروساً في تفسير البيضاوي أيضاً، وقرأ على الشيخ الفقيه المفتي شبلي الجيراجبوري الأعضمي بعض كتب الفقه.
· تلقى تفسير سور مختارة من شيخه خليل الأنصاري، ثم تلقى دروساً في التفسير من الشيخ عبد الحي الفاروقي، وحضر دروس البيضاوي للمحدث حيدر حسن خان، ودرس في التفسير لكامل القرآن الكريم، حسب المنهج الخاص للمتخرجين في المدارس الإسلامية، على العلامة المفسر أحمد علي اللاهوري في "لاهور" عام 1351هـ / 1932م.
· أقام عند العلامة المجاهد حسين أحمد المدني عام 1932م في دار العلوم ديوبند عدة أشهر، وحضر دروسه في صحيح البخاري وسنن الترمذي، واستفاد منه في التفسير وعلوم القرآن الكريم أيضاً، كما استفاد من الشيخ الفقيه الأديب إعزام علي في الفقه، ومن الشيخ المقرئ أصغر علي في التجويد على رواية حفص.
حياته العلمية والدعوية
· عُين مدرساً في دار العلوم ندوة العلماء عام 1934م، ودرس فيها التفسير، والحديث، والأدب العربي، وتاريخه، والمنطق.
· قام برحلة استطلاعية للمراكز الدينية في الهند عام 1939م تعرف فيها على الشيخ عبد القادر الراي بوري والشيخ محمد إلياس الكاندهلوي، وبقي على صلة بهما، فتلقى التربية الروحية من الأول، وتأسى بالثاني في القيام بواجب الدعوة وإصلاح المجتمع، فقضى زمناً في رحلات دعوية متتابعة للتربية و الإصلاح والتوجيه الديني.
· أسس مركزاً للتعليمات الإسلامية عام 1942م، ونظم فيها حلقات درس للقرآن الكريم والسنة النبوية فتهافت عليها الناس من الطبقة المثقفة والموظفين الكبار.
· اختير عضواً في المجلس الانتظامي لندوة العلماء عام 1948م، وعُين نائباً لمعتمد (وكيل) ندوة العلماء للشئون التعليمية، بترشيح من المعتمد العلامة السيد سليمان الندوي رحمه الله عام 1951م، واختير معتمداً -إثر وفاة العلامة رحمه الله- عام 1954م، ثم وقع عليه الاختيار أميناً عاماً لندوة العلماء، بعد وفاة أخيه الدكتور السيد عبد العلي الحسني عام 1961م.
· أسس حركة رسالة الإنسانية عام1951م.
· أسس المجمع العلمي الإسلامي في (لكهنؤ) عام 1951م.
· شارك في تأسيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية (U.P.) عام 1960م، وفي تأسيس المجلس الاستشاري الإسلامي لعموم الهند عام 1964م، وفي تأسيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند عام 1972م.
· دعا إلى تأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، واختير أول رئيس لها عام 1986م .
عضويته في الهيئات والمؤسسات الدعوية والعلمية:
· أمين ندوة العلماء العام ورئيس دار العلوم التابعة لها.
· عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
· عضو المجلس الأعلى العالمي للدعوة الإسلامية بالقاهرة.
· رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
· رئيس المجمع الإسلامي في لكهنؤ (الهند)
· رئيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية.
· رئيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند.
· رئيس مجمع دار المصنفين بأعظم كره (الهند)
· رئيس مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية.
· عضو المجلس الاستشاري بدار العلوم ديوبند (الهند).
· عضو رابطة الجامعات الإسلامية.
· عضو المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية العالمية "إسلام آباد- باكستان".
· عضو مجمع اللغة العربية في دمشق.
· عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
· عضو مجمع اللغة العربية الأردني.
· عضو المجمع المكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) بالأردن.
وذلك عدا عضويته لكثير من الجامعات الإسلامية، والمنظمات الدعوية، ولجان التعليم والتربية، رحمه الله ونفع بعلمه الإسلام والمسلمين.
من مؤلفات الشيخ باللغة العربية:
1- ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين- لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة- مصر 1369هـ. 1950م.. ثم صدرت الطبعة الثانية عن جماعة الأزهر للنشر والتأليف 1370هـ 1951م، ثم توالت طبعاته بعد ذلك بشكل واسع، وترجم الكتاب إلى اللغة الإنجليزية، وقد صدرت هذه الطبعة عن جامعة بنجاب في لاهور-باكستان، كما صدرت له طبعة باللغة الأردية في لكهنؤ بالهند.
2- صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوية والتربوية وسيرة الجيل المثالي الأول عند أهل السنة والشيعة الإمامية- المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
3- أحاديث صريحة في أمريكا – مؤسسة الرسالة- بيروت- لبنان.
4- أحاديث صريحة مع إخواننا العرب والمسلمين – دار عرفات للترجمة والنشر والتوزيع- راي بريلي- الهند- دار الصحوة –القاهرة- مصر 1405-1985م.
5- إذا هبت ريح الإيمان –مؤسسة الرسالة- بيروت- لبنان.
6- الأركان الأربعة في ضوء الكتاب والسنة- دار القلم- الكويت.
7- أريد أن أتحدث إلى الإخوان- المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
8- أسبوعان في المغرب الأقصى –مطبعة الرسالة- الرباط- المغرب.
9- الإسلام أثره في الحضارة وضله على الإنسانية- المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
10- الإسلام في عالم متغير –بحوث إسلامية قيمة- دار مكتبة الحياة- بيروت- لبنان.
11- الإسلام والمستشرقون –المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
12- إلى الإسلام من جديد –دار القلم- دمشق- سوريا.
13- الإمام الذي لم يوف حقه من الإنصاف والاعتراف به (أحمد بن عرفان الشهيد) – المجمع الإسلامي العالمي- الهند.
14- بين الدين والمدينة- مؤسسة الرسالة- دمشق- سوريا.
15- التفسير السياسي للإسلام في مرآة كتابات –(الأستاذ أبي الأعلى المودودي وسيد قطب) – المجمع الإسلامي العلمي- راي بريل- الهند.
16- حاجة البشرية إلى معرفة صحيحة ومجمع إسلامي –دار الصحوة- القاهرة- مصر.
17- الحضارة الغربية الوافدة وأثرها في الجيل المثقف كما يراه شاعر الند الكبير لسان العصر (السيد أكبر حسين الإله آبادي) –رابطة الأدب الإسلامي العالمية- لكهنؤ- الهند.
18- الداعية الكبير الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي ودعوته –المركز العالمي العربي للكتاب- الشارقة الإمارات العربية المتحدة.
19- الدعوة والداعية مسئولية وتاريخ –رابطة العالم الإسلامي- مكة المكرمة.
20- دور الإسلام الإصلاحي الجذري في مجال العلوم الإنسانية –دار الصحوة- القاهرة 1408هـ- 1988م.
21- ربانية لا رهبانية – المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
22- رجال الفكر والدعوة في الإسلام –دار القلم- الكويت.
23- رسائل الإعلام (سبعون رسالة لخمسين كاتباً مرموقاً وجهت إلى سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي)- المجمع الإسلامي العلمي- الهند- دار الصحوة- القاهرة- مصر 1405هـ 1985م.
24- رسالة التوحيد –مؤسسة الصحافة والنشر في ندوة العلماء- الهند.
25- روائع إقبال –دار القلم- الكويت.
26- روائع من أدب الدعوة في القرآن والسيرة- كلية اللغة العربية بدار العلوم لندوة العلماء –لكهنؤ- الهند- دار القلم- الكويت- ط. ثالثة 1405هـ-1985م.
27- سيرة خاتم النبيين (للأطفال)- مؤسسة الرسالة- بيروت.
28- قصص النبيين (للأطفال) –مؤسسة الرسالة- بيروت- لبنان.
29- السيرة النبوية –دار الشروق- جدة.
30- شاعر الإسلام الدكتور محمد إقبال –مطبعة دار الكتاب العربي.
31- شخصيات وكتب –دار القلم- دمشق.
32- الصراع بين الإيمان والمادية –دار القلم- الكويت.
33- الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية –دار القلم- الكويت- دار الندوة للتوزيع –لبنان- ط. ثانية 1388هـ- 1968م.
34- صلاح الدين الأيوبي –دار عرفات للترجمة والنشر –راي برايلي- الهند- دار الصحوة- القاهرة- مصر 1991م.
35- الطريق إلى السعادة والقيادة للدول والمجتمعات الإسلامية الحرة –مؤسسة الرسالة- بيروت لبنان.
36- الطريق إلى المدينة المنورة- المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
37- عاصفة يواجهها العالم الإسلامي والعربي- المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
38- العرب والإسلام –المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
39- العقيدة والعبادة والسلوك –ا لمجمع الإسلامي- الهند.
40- في مسيرة الحياة ( 3 أجزاء )– دار القلم- دمشق- سوريا.
41- القادياني والقاديانية – الدار السعدية للنشر- جدة- السعودية.
42- القراءة الراشدة (للأطفال)- مؤسسة الصحافة والنشر بدار العلوم لندوة العلماء- الهند.
43- القرن الخامس عشر الهجري الجديد في ضوء التاريخ والواقع –المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
44- قصص من التاريخ الإسلامي (للأطفال)- من منشورات رابطة الأدب الإسلامي العالمية –دار البشير- عمان الأردن- 1418هـ- 1997م.
45- قيمة الأمة الإسلامية بين الأمم- وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة قطر.
46- كيف ينظر المسلمون إلى الحجاز والجزيرة العربية –دار الاعتصام- القاهرة- مصر.
47- محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسول الأعظم وصاحب المنة الكبرى على العالم، ومسئولية العلام المتمدن المنصف الأدبية والخلقية نحوه- دار عرفات للترجمة والنشر –راي بريلي- الهند.
48- مختارات من أدب العرب-دار الشروق- جدة- السعودية.
49- المدخل إلى دراسات الحديث- المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
50- المدخل إلى الدراسات القرآنية- المجمع الإسلامي العلمي- الهند- دار الصحوة- القاهرة- مصر 1406هـ- 1986م.
51- مذكرات سائح في الشرق العربي- مؤسسة الرسالة- بيروت- لبنان.
52- المرتضى (سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه) –دار القلم- دمشق- سوريا.
53- المسلمون تجاه الحضارة الغربية- دار المجتمع للنشر والتوزيع- جدة- السعودية.
54- المسلمون في الهند- المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
55- المسلمون ودورهم – مكتبة الأمل- الكويت.
56- المسلمون وقضية فلسطين- الدار الكويتية للطباعة والنشر- الكويت.
57- المعهد العالي للدعوة والفكر الإسلامي- دار العلوم لندوة العلماء- الهند.
58- من نفحات القرن الأول- مكتبة الإسلام- لكهنؤ- الهند.
59- من نهر كابل إلى نهر اليرموك –مؤسسة الرسالة- بيروت- لبنان.
60- موقف العالم الإسلامي تجاه الحضارة الغربية- المجمع الإسلامي العلمي- الهند.
61- النبوة والأنبياء في ضوء القرآن-دار القلم- دمشق-سوريا.
62- النبي الخاتم-المجمع الإسلامي- الهند.
63- نظرات في الأدب-من منشورات رابطة الأدب الإسلامي العالمية-دار البشير- عمان- الأردن- 1411هـ-1990م.
64- نفحات الإيمان بين صنعاء وعمان- المجمع الإسلامي العالمية- الهند- دار الصحوة- القاهرة مصر 1405هـ- 1985م.
65- واقع العالم الإسلامي وما هو الطريق السديد لمواجهته وإصلاحه- دار عرفات للترجمة والنشر- راي برايلي- الهند.
ترك الشيخ أبو الحسن ثروة علمية كبيرة من المؤلفات الدعوية والفكرية والأدبية قارب ثلاثمائة عنوان باللغة العربية، ومن أهمها :
وفاته
وكانت وفاته – رحمه الله – في قرية (راي بريلي) القريبة من مدينة (لكهنؤ)، وذلك في يوم الجمعة 23 رمضان 1420هـ / الموافق 31 ديسمبر 1999م.
فقه الدعوة عند العلامة أبي الحسن الندوي
قام الدكتور يوسف القرضاوي بدراسة فقه الدعوة عند العلامة أبي الحسن الندوي من خلال بيانه:
أولاً: مواهب وأدوات الداعية كما ظهرت عند الشيخ الندوي
ثانياً: الركائز العشرون لفقه الدعوة عند العلامة أبي الحسن الندوي
يقول الشيخ القرضاوي:
والحق أن الشيخ – رحمه الله – قد آتاه الله من المواهب والقدرات، ومنحه من المؤهلات والأدوات ما يمكنه من احتلال هذه المكانة الرفيعة في عالم الدعوة والدعاة.
العقل والحكمة:
فقد آتاه الله العقل والحكمة "وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا"]البقرة:269[، والحكمة أولى وسائل الداعية إلى الله تعالى، كما قال -عز وجل- "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ"]النحل125[
ولهذا نجده يقول الكلمة الملائمة في موضعها الملائم، وفي زمانها الملائم، يشتد حيث تلزم الشدة، حتى يكون كالسيل المتدفق، ويلين حيث ينبغي اللين، حتى يكون كالماء المغدق، وهذا ما عرف به منذ شبابه الباكر إلى اليوم.
الثقافة الواسعة:
وآتاه الله الثقافة التي هي زاد الداعية الضروري في إبلاغ رسالته، وسلاحه الأساسي في مواجهة خصومه، وقد تزوَّد الشيخ بأنواع الثقافة الستة التي ذكرتها في كتابي (ثقافة الداعية) وهي: الثقافة الدينية، واللغوية، والتاريخية، والإنسانية، والعلمية، والواقعية، بل إن له قدمًا راسخة وتبريزاً واضحاً في بعض هذه الثقافات، مثل الثقافة التاريخية، كما برز ذلك في أول كتاب دخل به ميدان التصنيف، وهو الكتاب الذي كان رسوله الأول إلى العالم العربي قبل أن يزوره ويتعرف عليه، وهو كتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟) الذي نفع الله به الكثيرين من الكبار والصغار، ولم يكد يوجد داعية إلا واستفاد منه.
وكما تجلَّى ذلك في كتابه الرائع التالي: (رجال الفكر والدعوة في الإسلام) في جزئه الأول، ثم ما ألحق به من أجزاء عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وعن الإمام السرهندي، والإمام الدهلوي، ثم عن أمير المؤمنين علي (المرتضى) -رضي الله عنه-
وقد ساعده على ذلك: تكوينه العلمي المتين، الذي جمع بين القديم والحديث، ومعرفته باللغة الإنجليزية إلى جوار العربية والأُردية والهندية والفارسية، ونشأته في بيئة علمية أصيلة، خاصة وعامة، فوالده العلامة عبد الحي الحسني صاحب موسوعة (نزهة الخواطر) في تراجم رجال الهند وعلمائها، ووالدته التي كانت من النساء الفضليات المتميزات فكانت تحفظ القرآن، وتنشئ الشعر، وتكتب وتؤلف، ولها بعض المؤلفات، ومجموع شعري. كما نشأ في رحاب (ندوة العلماء) ودار علومها، التي كانت جسراً بين التراث الغابر، والواقع الحاضر، والتي أخذت من القديم أنفعه، ومن الجديد أصلحه، ووفقت بين العقل والنقل، وبين الدين والدنيا، وبين العلم والإيمان، وبين الثبات والتطور، وبين الأصالة والمعاصرة.
الملكة الأدبية:
وآتاه الله البيان الناصع والأدب الرفيع، كما يشهد بذلك كل من قرأ كتبه ورسائله، وكان له ذوق وحس أدبي، فقد نشأ وتربى في حجر لغة العرب وأدبها منذ نعومه أظفاره، وألهم الله شقيقه الأكبر أن يوجهه هذه الوجهة في وقت لم يكن يعني أحد بهذا الأمر، لحكمة يعلمها الله تعالى، ليكون همزة وصل بين القارة الهندية وأمة العرب، ليخاطبهم بلسانهم، فيفصح كما يفصحون، ويبدع كما يبدعون، بل قد يفوق بعض العرب الناشئين في قلب بلاد العرب.
ولقد قرأنا الرسائل الأولى للشيخ الندوي التي اصطحبها معه حينما زارنا في القاهرة سنة 1951م، ومنها: (من العالم إلى جزيرة العرب)، و(من جزيرة العرب إلى العالم).. (معقل الإنسانية دعوتان متنافستان).. (بين الصورة والحقيقة).. (بين الهداية والجباية).. وغيرها، فوجدنا فيها نفحات أدبية جديدة في شذاها وفحواها، حتى علّق الشيخ الغزالي -رحمه الله- على تلك الرسالة بقوله: هذا الدين لا يخدمه إلا نفس شاعرة! فقد كانت هذه الرسائل نثرًا فيه روح الشعر، وعبق الشعر. وقرأنا بعدها مقالة: (اسمعي يا مصر).. ثم (اسمعي يا سورية). (اسمعي يا زهرة الصحراء).. (اسمعي يا إيران).. وكلها قطرات من الأدب المُصفى.
وقرأنا ما كتبه في مجلة (المسلمون) الشهرية المصرية، التي كان يصدرها الداعية المعروف الدكتور سعيد رمضان: ما كتبه من قصص رائع ومشوق عن حركة الدعوة والجهاد، التي قام بها البطل المجاهد أحمد بن عرفان الشهيد، وما كتبه من مقالات ضمنها كتابه الفريد (الطريق إلى المدينة) الذي قدمه أديب العربية الأستاذ علي الطنطاوي -رحمه الله- وقال في مقدمته: يا أخي الأستاذ أبا الحسن! لقد كدت أفقد ثقتي بالأدب، حين لم أعد أجد عند الأدباء هذه النغمة العلوية، التي غنى بها الشعراء، من لدن الشريف الرضي إلى البرعي، فلما قرأت كتابك وجدتها، في نثر هو الشعر، إلا أنه بغير نظام. أ. هـ.
ولا غرو أن رأيناه يحفظ الكثير والكثير من شعر إقبال، وقد ترجم روائع منه إلى العربية، وصاغه نثرًا هو أقرب إلى الشعر من بعض من ترجموا قصائد لإقبال شعرًا.
القلب الحي:
وآتاه الله القلب الحي، والعاطفة الجياشة بالحب لله العظيم، ولرسوله الكريم، ولدينه القويم، فهو يحمل بين جنبيه نبعاً لا يغيض، وشعلة لا تخبو، وجمرة لا تتحول إلى رماد.
ولا بد للداعية إلى الله أن يحمل مثل هذا القلب الحي، ومثل هذه العاطفة الدافقة بالحب والحنان والدفء والحرارة، يفيض منها على من حوله، فيحركهم من سكون، ويوقظهم من سبات، ويحييهم من موات.
وكلام أصحاب القلوب الحية له تأثير عظيم في سامعيه وقارئيه، فإن الكلام إذا خرج من القلب دخل إلى القلب، وإذا خرج من اللسان لم يتجاوز الآذان، ولهذا كان تأثير الحسن البصري في كل من يشهد درسه وحلقته، على خلاف حلقات الآخرين، ولهذا قيل: ليست النائحة كالثكلى!
هذا القلب الحي، يعيش مع الله في حب وشوق، راجيًا خائفًا، راغبًا راهبًا، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، كما يعيش في هموم الأمة على اتساعها، ويحيا في آلامها وآمالها، لا يشغله هم عن هم، ولا بلد عن آخر، ولا فئة من المسلمين عن الفئات الأخرى.
وهذه العاطفة هي التي جعلته يتغنى كثيرًا بشعر إقبال، ويحس كأنه شعره هو، كأنه منشئه وليس راويه، وكذلك شعر جلال الدين الرومي، وخصوصاً شعر الحب الإلهي، كما جعلته يولي عناية خاصة لأصحاب القلوب الحية، مثل: الحسن البصري، والغزالي، والجيلاني، وابن تيمية، والسرهندي، وغيرهم.
الخلق الكريم:
وآتاه الله الخلق الكريم والسلوك القويم، وقد قال بعض السلف: التصوف هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف! وعلق على ذلك الإمام ابن القيم في (مداركه) فقال: بل الدين كله هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الدين.
ولا غرو أن أثنى الله على رسوله بقوله: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"]القلم:4[، وأن أعلن الرسول الكريم عن غاية رسالته، فقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
ومن عاشر الشيخ -ولو قليلاً- لمس فيه هذا الخلق الرضي، ووجده مثالاً مجسداً لما يدعو إليه، فسلوكه مرآة لدعوته، وهو رجل باطنه كظاهره، وسريرته كعلانيته، نحسبه كذلك، والله حسيبه، ولا نزكيه على الله - عز وجل.
ومن هذه الأخلاق الندوية: الرقة، والسماحة، والسخاء، والشجاعة، والرفق، والحلم، والصبر، والاعتدال، والتواضع، والزهد، والجد، والصدق مع الله ومع الناس، والإخلاص، والبعد عن الغرور والعجب، والأمل، والثقة، والتوكل، واليقين، والخشية، والمراقبة، وغيرها من الفضائل والأخلاق الربانية والإنسانية.
وهذا من بركات النشأة الصالحة في بيئة صالحة في أسرة هاشمية حسنية، "ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ".
فما أجدره بقول الشاعر:
من الرجال المصابيح الذين هم
كأنهم من نجوم حية صنعوا
أخلاقهم نورهم، من أي ناحية
أقبلت تنظر في أخلاقهم سطعوا
إن الداعية الحق هو الذي يؤثِّر بحاله أكثر ممّا يؤثر بمقاله، فلسان الحال أبلغ، وتأثيره أصدق وأقوى، وقد قيل: حال رجل في ألف رجل أبلغ من مقال ألف رجل في رجل! وآفة كثير من الدعاة: أن أفعالهم تكذب أقوالهم، وأن سيرتهم تناقض دعوتهم، وأن سلوكهم في وادٍ، ورسالتهم في وادٍ آخر. وأن كثيرًا منهم ينطبق عليه قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ]الصف: 2،3[
العقيدة السليمة:
وآتاه الله قبل ذلك كله العقيدة السليمة: عقيدة أهل السنة والجماعة، سليمة من الشركيات والقبوريات والأباطيل، التي انتشرت في الهند، وكان لها سوق نافقة، وجماعات مروجة تغدو بها وتروح، تأثروا بالهندوس ومعتقداتهم وأباطيلهم، كما هو الحال عند جماعة (البريليوين) الذين انتسبوا إلى التصوف اسمًا ورسمًا، والتصوف الحق براء منهم، وقد حفلت عقائدهم بالخرافات، وعباداتهم بالمبتدعات، وأفكارهم بالترهات، وأخلاقهم بالسلبيات.
ولكن الشيخ تربى على عقائد مدرسة "ديوبند" التي قام عليها منذ نشأتها علماء ربانيون، طاردوا الشرك بالتوحيد، والأباطيل بالحقائق، والبدع بالسنن، والسلبيات بالإيجابيات. وأكدت ذلك مدرسة الندوة - ندوة العلماء - وأضافت إليها روحًا جديدة، وسلفية حية حقيقية، لا سلفية شكلية جدلية، كالتي نراها عند بعض من ينسبون إلى السلف، ويكادون يحصرون السلفية في اللحية الطويلة، والثوب القصير، وشن الحرب على تأويل نصوص الصفات.
إن العقيدة السلفية عند الشيخ هي: توحيد خالص لله تعالى لا يشوبه شرك، ويقين عميق بالآخرة لا يعتريه شك، وإيمان جازم بالنبوة لا يداخله تردد ولا وهم، وثقة مطلقة القرآن والسنة، مصدرين للعقائد والشرائع والأخلاق والسلوك
يقوم فقه الدعوة عند العلامة أبي الحسن الندوي على ركائز وأسس تبلغ العشرين، منها ينطلق، وإليها يستند، وعليها يعتمد، نجملها هنا، ونفصلها فيما بعد إن شاء الله.
1 - تعميق الإيمان في مواجهة المادية:
أولى هذه الركائز: تعميق الإيمان بالله تعالى، وتوحيده سبحانه رباً خالقاً، وإلهاً معبوداً واليقين بالآخرة، داراً للجزاء، ثواباً وعقاباً، في مواجهة المادية الطاغية، التي تجحد أن للكون إلهاً يدبره ويحكمه، وأن في الإنسان روحاً هي نفحة من الله، وأن وراء هذه الدنيا آخرة. المادية التي تقول : إن هي إلا أرحام تدفع، وأرض تبلع! ولا شيء بعد ذلك. أو كما حكى الله عنهم: "وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ" ]الأنعام: 29[ وقد تخللت هذه الركيزة الفكرية المحورية معظم رسائله وكتبه؛ وخصوصًا: (الصراع بين الإيمان والمادية).. (ماذا خسر العالم).. (الصراع بين الفكر الإسلامي والفكرة الغربية).
2 - إعلاء الوحي على العقل:
وثانية هذه الركائز: هي اعتبار الوحي هو المصدر المعصوم، الذي تؤخذ منه حقائق الدين وأحكامه، من العقائد والشرائع والأخلاق، واعتبار نور النبوة فوق نور العقل، فلا أمان للعقل من العثار إذا سار في هذا الطريق وحده، ولا أمان للفلسفات المختلفة في الوصول إلى تصور صحيح عن الإلوهية والكون والإنسان والحياة، حتى الفلسفة الدينية أو علم الكلام حين خاضا هذه اللجة غرقا فيها.
وقصور العقل هنا شهد به بعض كبار المتكلمين كالفخر الرازي، والآمدي وغيرهما، وبعض كبار الفلاسفة، وأحدثهم (كانت) وكذلك فلسفات الإشراق لم تصل بالإنسان إلى بر الأمان، وقد بين ذلك الشيخ الندوي في عدد من كتبه، منها: (النبوة والأنبياء في ضوء القرآن)، ومنها: (الدين والمدني)ة، وأصله محاضرة ألقاها في مقتبل الشباب (في الثلاثين من عمره)
3 - توثيق الصلة بالقرآن الكريم:
والركيزة الثالثة: هي توثيق الصلة بالقرآن، باعتباره كتاب الخلود، ودستور الإسلام، وعمدة الملة، وينبوع العقيدة، وأساس الشريعة، وهو يوجب اتباع القواعد المقررة في تفسيره وعدم الإلحاد في آيهِ، وتأويلها وفق الأهواء والمذاهب المنحولة، ولهذا أنكر على القاديانيين هذا التحريف في فهم القرآن.
ومن قرأ كتب الشيخ وجده عميق الصلة بكتاب الله، مستحضرًا لآياته في كل موقف محسناً الاستشهاد بها غاية الإحسان، وله ذوق متفرد في فهم الآيات، كما أن له دراسات خاصة في ضوء القرآن مثل: (تأملات في سورة الكهف) -والتي تجلي الصراع بين المادية والإيمان بالغيب- و(النبوة والأنبياء في ضوء القرآن).. و(مدخل للدراسات القرآنية).. وغيرها من الكتب والرسائل. وقد عمل مدرسًا للقرآن وعلومه في دار العلوم بـ(لكهنؤ) عدة سنوات.
4 - توثيق الصلة بالسنة والسيرة النبوية:
والركيزة الرابعة: هي توثيق الصلة بالسنة والحديث الشريف، والسيرة النبوية العاطرة باعتبار السنة مبينة القرآن وشارحته نظرياً، وباعتبار السيرة هي التطبيق العملي للقرآن، وفيها يتجلى القرآن مجسداً في بشر "كان خلقه القرآن" وتنجلي الأسوة الحسنة التي نصبها الله للناس عامة، وللمؤمنين خاصة، لهذا كان من المهم العيش في رحاب هذه السيرة، والاهتداء بهديها والتخلق بأخلاقها، لا مجرد الحديث عنها، باللسان أو بالقلم.
وقد بين الشيخ أثر الحديث في الحياة الإسلامية، كما أبدع في كتابة السيرة للكبار وللأطفال، وهو هنا يجمع بين عقل الباحث المدقق، وقلب المحب العاشق، وهذا يكاد يكون مبثوثًا في عامة كتبه.
5 - إشعال الجذوة الروحية (الربانية الإيجابية):
والركيزة الخامسة: هي إشعال الجذوة الروحية في حنايا المسلم، وإعلاء "نفخة الروح" على قبضة الطين والحمأ المسنون في كيانه، وإبراز هذا الجانب الأساسي في الحياة الإسلامية التي سماها الشيخ "ربانية لا رهبانية" وهو عنوان لأحد كتبه الشهيرة، وقد سماه بهذا الاسم لسببين:
أولهما: أن يتجنب اسم التصوف لما علق به من شوائب، وما ألصق به من زوائد، على مر العصور، وهذا من جناية المصطلحات على الحقائق والمضامين الصحيحة، وما التصوف في حقيقته إلا جانب التزكية التي هي إحدى شعب الرسالة المحمدية، أو جانب الإحسان الذي فسره الرسول في حديث جبريل الشهير.
والسبب الثاني: إبراز العنصر الإيجابي في هذه الحياة الروحية المنشودة، فهي روحية اجتماعية، كما سماها أستاذنا البهي الخولي رحمه الله، وهي ربانية إيجابية تعمل للحياة ولا تعتزلها، ولا تعبدها، وتجعل منها مزرعة للحياة الأخرى: حياة الخلود والبقاء.كما وضح الشيخ الندوي الجانب التعبدي الشعائري في حياة المسلم في كتابه المعروف (الأركان الأربعة) وهو يمثل نظرة جديدة في عبادات الإسلام الكبرى: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وآثارها في النفس والحياة.
6 - البناء لا الهدم، والجمع لا التفريق:
والركيزة السادسة: أن الشيخ الندوي جعل همه في البناء لا الهدم، والجمع لا التفريق وأنا أشبهه هنا بالإمام حسن البنا رحمه الله، الذي كان حريصًا على هذا الاتجاه الذي شعاره: نبني ولا نهدم، ونجمع ولا نفرق، ونُقرّب ولا نباعد، ولهذا تبنى قاعدة المنار الذهبية: "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه" وهذا هو توجه شيخنا الندوي فهو يبعد ما استطاع عن الأساليب الحادة، والعبارات الجارحة، والموضوعات المفرقة، ولا يقيم معارك حول المسائل الجزئية، والقضايا الخلافية.
ولا يعني هذا: أنه يداهن في دينه، أو يسكت عن باطل يراه أو خطأ جسيم يشاهده، بل هو ينطق بما يعتقده من حق، وينقد ما يراه من باطل أو خطأ، لكن بالتي هي أحسن، كما رأيناه في نقده للشيعة في مواقفهم من الصحابة (صورتان متضادتان) وفي نقده للعلامة أبي الأعلى المودودي والشهيد سيد قطب، فيما سماه (التفسير السياسي للإسلام) وإن كنت وددت لو اتخذ له عنوانًا غير هذا العنوان، الذي قد يستغله العلمانيون في وقوفهم ضد شمول الإسلام، وقد صارحت الشيخ بذلك ووافقني عليه رحمه الله.
7 - إحياء روح الجهاد في سبيل الله:
والركيزة السابعة: هي إحياء روح الجهاد في سبيل الله، وتعبئة قوى الأمة النفسية للدفاع عن ذاتيتها ووجودها، وإيقاد شعلة الحماسة للدين في صدور الأمة، التي حاولت القوى المعادية للإسلام إخمادها، ومقاومة روح البطالة والقعود، والوهن النفسي، الذي هو حب الدنيا وكراهية الموت. وهذا واضح في كتابه (ماذا خسر العالم) وفي كتابه (إذا هبت ريح الإيمان)، وفي حديثه الدافق المعبر عن الإمام أحمد بن عرفان الشهيد وجماعته ودعوته، وعن صلاح الدين الأيوبي، وأمثاله من أبطال الإسلام.
ومنذ رسائله الأولى وهو ينفخ في هذه الروح، ويهيب بالأمة أن تنتفض للذود عن حماها، وتقوم بواجب الجهاد بكل مراتبه ومستوياته حتى تكون كلمة الله هي العليا.
8 - استيحاء التاريخ الإسلامي وبطولاته:
والركيزة الثامنة: استيحاء التاريخ - ولاسيما تاريخنا الإسلامي- لاستنهاض الأمة من كبوتها، فالتاريخ هو ذاكرة الأمة، ومخزن عبرها، ومستودع بطولاتها. والشيخ يملك حسًا تاريخيًا فريدًا، ووعيًا نادرًا بأحداثه، والدروس المستفادة منها، كما تجلى ذلك في رسالته المبكرة (المد والجزر في تاريخ الإسلام) وفي كتابه: (ماذا خسر العالم) وفي غيره، والتاريخ عنده ليس هو تاريخ الملوك والأمراء وحدهم، بل تاريخ الشعوب والعلماء والمصلحين والربانيين. ليس هو التاريخ السياسي فقط، بل السياسي والاجتماعي والثقافي والإيماني والجهادي. ولهذا يستنطق التاريخ بمعناه الواسع، ولا يكتفي بمصادر التاريخ الرسمية، بل يضم إليها كتب الدين، والأدب، والطبقات المختلفة، وغيرها، ويستلهم مواقف الرجال الأفذاذ، وخصوصًا المجددين والمصلحين، كما في كتابه: (رجال الفكر والدعوة في الإسلام) الذي بين فيه أن الإصلاح والتجديد خلال تاريخ الأمة: حلقات متصلة، ينتهي دور ليبدأ دور، ويغيب كوكب ليطلع كوكب. والنقص ليس في التاريخ: إنما هو في منهج كتابته وتأليفه.
9 - نقد الفكرة الغربية والحضارة المادية:
والركيزة التاسعة: هي نقد الجاهلية الحديثة، المتمثلة في الفكرة الغربية، والحضارة المادية المعاصرة، ورؤيته هنا واضحة كل الوضوح لحقيقة الحضارة الغربية وخصائصها، واستمدادها من الحضارتين: الرومانية اليونانية، وما فيهما من غلبة الوثنية، والنزعة المادية الحسية، والعصبية القومية، وهو واع تمامًا للصراع القائم بين الفكرة الغربية والفكرة الإسلامية وخصوصًا في ميادين التعليم والتربية والثقافة والقيم والتقاليد. وقد أنكر الشيخ موقف الفريق المستسلم للغرب، المقلد له تقليدًا أعمى في الخير والشر، ومثله: موقف الفريق الرافض للغرب كله، المعتزل لحضارته بمادياتها ومعنوياتها.. ونوه الشيخ بموقف الفريق الثالث، الذي لا يعتبر الغرب خيراً محضاً، ولا شراً محضاً. فيأخذ من الغرب وسائله لا غاياته، وآلياته لا منهج حياته، فهو ينتخب من حضارته ما يلائم عقائده وقيمه، ويرفض ما لا يلائمه، واهتم الشيخ هنا بشعر د. إقبال باعتباره أبرز ثائر على الحضارة المادية، مع عمق دراسته لها، وتغلغله في أعماقها.
وقد تجلى هذا في كثير من كتبه ورسائله، ولاسيما: (حديث مع الغرب).. (ماذا خسر العالم) .. (الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية). أحاديث صريحة في أمريكا.. محاضرة (الإسلام والغرب) في أُكسفورد.
10 - نقد الفكرة القومية والعصبيات الجاهلية:
والركيزة العاشرة: نقد ما شاع في العالم العربي الإسلامي كله، من التنادي بفكرة "القومية" القائمة على إحياء العصبيات الجاهلية، بعد ما أكرم الله به هذه الأمة من الأخوة الإسلامية، والإيمان بالعالمية، والبراءة من كل من دعا إلى عصبية، أو قاتل على عصبية أو مات على عصبية، وأشد ما آلمه: أن تتغلغل هذه الفكرة بين العرب الذين هم عصبة الإسلام، وحملة رسالته، وحفظة كتابه وسنته، وهو واحد منهم نسبًا وفكرًا وروحًا.
لذا وقف في وجه "القومية العربية" العلمانية المعادية للإسلام، المفرقة بين المسلمين، والتي اعتبرها بعضهم "نبوة جديدة" أو "ديانة جديدة" تجمع العرب على معتقدات، ومفاهيم، وقيم غير ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم الذي هدى الله به أمة العرب، وجمعهم به من فرقة، وأخرجهم من الظلمات إلى النور. وهو رغم رفضه للقومية، لا ينكر فضل العرب ودورهم وريادتهم، بل هو يستنهض العرب في محاضراته ورسائله وكتبه للقيام بمهمتهم، والمناداة بعقائدهم ومبادئهم في وجه العالم: (محمد رسول الله روح العالم العربي)، ويوجه رسالة عنوانها: (اسمعوها مني صريحة أيها العرب). ورسائل أخرى: (العرب والإسلام).. (الفتح للعرب المسلمين). (اسمعي يا مصر).. (اسمعي يا سورية).. (اسمعي يا زهرة الصحراء )يعني: الكويت.. (كيف ينظر المسلمون إلى الحجاز وجزيرة العرب) .. (كيف دخل العرب التاريخ).. (العرب يكتشفون أنفسهم): تضحية شباب العرب ... إلى آخره.
11 - تأكيد عقيدة ختم النبوة ومقاومة الفتنة القاديانية:
والركيزة الحادية عشرة: هي تأكيد "عقيدة ختم النبوة" وهي عقيدة معلومة من الدين بالضرورة لدى المسلمين طوال القرون الماضية، ولم يثر حولها أي شك أو شبهة، وإنما أوجب تأكيد هذه العقيدة: ظهور الطائفة القاديانية بفتنتهم الجديدة التي اعتبرها الشيخ "ثورة على النبوة المحمدية".
ولقد كتب في هذه القضية ما كتب من مؤلفات ومقالات، ولكن الشيخ شعر بمسئوليته الخاصة إزاءها؛ فكتب في بيان أهمية ختم النبوة: في اعتبارها تكريمًا للإنسانية بأنها "بلغت الرشد"، وأنها انتهت إلى الدين الكامل الذي يضع الأسس والأصول، ويترك التفصيلات للعقل البشري، الذي يولد ويستنبط في ضوء تلك الأصول ما تحتاج إليه المجتمعات في تطورها المستمر، وهي تغلق الباب على المتنبئين الكذابين، وتمنع فوضى الدعاوى الكاذبة المفترية على الله تعالى.
وقد أكد الشيخ ذلك في فصل من كتابه "النبوة والأنبياء" عن محمد خاتم النبيين، ثم ألف كتابًا عن (النبي الخاتم)، وجعل السيرة النبوية للأطفال بعنوان سيرة (خاتم النبيين)، ثم صنف كتاباً خاصاً عن (القادياني والقاديانية) تضمن دراسة وتحليلاً لشخصية غلام أحمد ودعوته، ونشأته في أحضان الاستعمار الإنجليزي، واعترافه المتكرر بذلك في رسائله وكتاباته، ودعوته المسلمين إلى طاعة الإنجليز، وإلغاء الجهاد، وبيّن الشيخ الندوي بكل صراحة: أننا -مع القاديانية - في مواجهة دين إزاء دين، وأمة إزاء أمة. كما اشتد نكيره عليهم في تحريفهم للقرآن، وتلاعبهم باللغة العربية، وهذا الكتاب مرجع علمي موثق بالأدلة من مصادرها القاديانية ذاتها.
12 - مقاومة الردة الفكرية:
والركيزة الثانية عشرة: هي مقاومة الردة الفكرية التي تفاقم خطرها بين العرب والمسلمين عامة، والمثقفين منهم خاصة. فكما قاوم الشيخ الردة الدينية التي تمثلت في القاديانية، التي أصر علماء المسلمين كافة في باكستان على اعتبارهم أقلية غير مسلمة، لم يألُ جهداً في محاربة هذه الردة العقلية والثقافية. ولا غرو أن جند قلمه ولسانه وعلمه وجهده في كشف زيفها، ووقف زحفها، ومطاردة فلولها، وقد ألف فيها رسالته البديعة الشهيرة (ردة ولا أبا بكر لها).
13 - تأكيد دور الأمة المسلمة واستمراره في التاريخ:
والركيزة الثالثة عشرة: هي تأكيد دور الأمة المسلمة في هداية البشرية، والشهادة على الأمم، والقيام على عبادة الله وتوحيده في الأرض، كما أشار إلى ذلك الرسول يوم بدر "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض". وهذه الأمة صاحبة رسالة شاملة، وحضارة متكاملة، مزجت المادة بالروح، ووصلت الأرض بالسماء، وربطت الدنيا بالآخرة، وجمعت بين العلم والإيمان، ووفّقت بين حقوق الفرد ومصلحة المجتمع، وهذه الأمة موقعها موقع القيادة والريادة للقافلة البشرية، وقد انتفعت منها البشرية يوم كانت الأمة الأولى في العالم.. ثم تخلفت عن الركب لعوامل شتى، فخسر العالم كثيرًا بتخلفها، وهو ما عالجه كتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟) الذي عرفت به الشيخ قبل أن ألقاه، والذي استقبله العلماء والدعاة والمفكرون المسلمون استقبالاً حافلاً، وقال شيخنا الدكتور محمد يوسف موسى: إن قراءة هذا الكتاب فرض على كل مسلم يعمل لإعادة مجد الإسلام.
ولا زال العلامة الندوي يبدئ ويعيد في تنبيه الأمة المسلمة على القيام بدورها الرسالي، ومهمتها التي "أُخرجت" لها، فقد أخرجها الله "للناس" لا لنفسها. وآخر إنتاجه في ذلك: محاضرته التي ألقاها في دولة قطر، بعنوان (قيمة الأمة الإسلامية بين الأمم ودورها في العالم).
14 - بيان فضل الصحابة ومنزلتهم في الدين:
والركيزة الرابعة عشر: هي بيان فضل الجيل المثالي الأول في هذه الأمة، وهو جيل الصحابة رضوان الله عليهم، أبر الناس قلوباً، وأعمقهم علماً، وأقلهم تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، ونصرة دينه، وأنزل عليهم ملائكته في بدر والخندق وحنين، وهم الذين أثنى عليهم الله تعالى في كتابه في عدد من سوره، وأثنى عليهم رسوله في عدد من أحاديثه المستفيضة، وأكد ذلك تاريخهم وسيرتهم ومآثرهم، فهم الذين حفظوا القرآن، والذين رووا السنة، والذين فتحوا الفتوح، ونشروا الإسلام في الأمم، وهم تلاميذ المدرسة المحمدية، وثمار غرس التربية النبوية. وهم أولى من ينطبق عليهم قول الله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ]البقرة: 143[ وقوله: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" ]آل عمران: 110[
وهم طليعة الأمة وأسوتها في العلم والعمل، وأئمتها في الجهاد والاجتهاد، وتلاميذهم من التابعين على قدمهم، وإن لم يبلغوا مبلغهم، "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم" فمن شكك في عظمة هذا الجيل وفي أخلاقه ومواقفه، فقد شكك في قيمة التربية المحمدية، وهي الصورة المعتمة التي رسمها الشيعة لجيل الصحابة، مناقضة الصورة المشرقة الوضيئة التي رسمها أهل السنة والجماعة، وهذا ما وضحه علامتنا في رسالته الفريدة "صورتان متضادتان" لنتائج جهود الرسول الأعظم الدعوية والتربوية، وسيرة الجيل المثالي الأول عند أهل السنة والشيعة الإمامية.
15 - التنويه بقضية فلسطين وتحريرها:
والركيزة الخامسة عشر: هي التنويه بقضية فلسطين فقضية فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، ولا العرب وحدهم، بل هي قضية المسلمين جميعًا، فلا بد من إيقاظ الأمة لخطرها، وتنبيهها على ضرورة التكاتف لتحريرها، واتخاذ الأسباب، ومراعاة السنن المطلوبة لاستعادتها. وليست هذه أول مرة تحتل فلسطين من قبل أعداء الدين والأمة، فقد احتلت أيام الحروب الصليبية نحو مائة عام، وأسر المسجد الأقصى تسعين سنة كاملة، حتى هيأ الله لهذا الأمة رجالا أفذاذاً، جددوا شباب الأمة بالإيمان، وإحياء روح الكفاح ومعنى الجهاد في سبيل الله، مثل: نور الدين وصلاح الدين، الذي أشاد به الشيخ الندوي كثيراً في كتبه ورسائله.
ولا سبيل إلى تحرير فلسطين إلا بهذا الطريق، وعلى نفس هذا المنهاج: تجميع الأمة على الإسلام، وتجديد روحها بالإيمان، وتربية رجالها على الجهاد، وقد كتب في ذلك الشيخ مثالات ورسائل، أظهرها (المسلمون وقضية فلسطين).
16 - العناية بالتربية الإسلامية الحرة:
والركيزة السادسة عشرة: هي العناية بالتربية الإسلامية الحرة التي لا تستمد فلسفتها من الغرب ولا من الشرق، إنما تستمد فلسفتها من الإسلام: عقيدة وشريعة وقيماً وأخلاقاً، في حين تقتبس وسائلها وآلياتها من حيث شاءت، في إطار أصولها المرعية، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها. وهو ينكر على التعليم القديم طرائقه في العناية بالألفاظ والجدليات، كما ينكر على التعليم الحديث إغفاله للروح وأهداف الحياة، وينقل عن إقبال قوله: أن التعليم الحديث لا يعلم عين الطالب الدموع، ولا قلبه الخشوع.
ولقد أولى شيخنا جانب التربية اهتماماً بالغاً؛ لأنها هي التي تصنع أجيال المستقبل، والتهاون فيها تعاون في الثورة البشرية للأمة، وقد نقل الشيخ عن بعض شعراء الهند: أن فرعون كان يكفيه عن تذبيح بني إسرائيل: أن ينشئ لهم كلية يكيف عقولهم فيها كما يريد، ولكنه كان غبياً.
كتب الشيخ في ذلك رسائل، أبرزها: التربية الإسلامية الحرة، كما ناقش كثيراً من قضايا التربية في كتابه (كيف ينظر المسلمون إلى الحجاز وجزيرة العرب).كما شارك الشيخ بنفسه في هذا المجال علماً وعملاً.
17 - العناية بالطفولة والنشء:
والركيزة السابعة عشرة: هي العناية بالطفولة، والكتابة للأطفال والناشئين بوصفهم رجال الغد، وصناع تاريخ الأمم. وقد التفت الشيخ إلى هذا الأمر الخطير، وهو في الثلاثينات من عمره، وكتب مجموعة من قصص النبيين للأطفال، في لغة سهلة، وأسلوب عذب، وطريقة شائقة، مضمناً إياها ما يحب من المعاني والقيم، ومن الدروس والعبر، ومن العقائد والمثل، حتى قال بعض العلماء: أنها "علم توحيد" جديد للأطفال، وأثنى عليها أديب كبير كالشهيد سيد قطب مارس هذا العمل أيضاً. وبعد ثلاثين سنة أو أكثر عاد فأكمل قصص الأنبياء، وختمها بسيرة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، كما أنشأ مجموعة (قصص من التاريخ الإسلامي) للأطفال أيضاً، وقال: إنه يرجو أن ينال بهذه الخطوة تقدير رجال التربية، وأن تليها خطوات، وتؤلف مجموعات.
18 - إعداد العلماء والدعاة الربانيين المعاصرين:
والركيزة الثامنة عشرة: هي العمل الدؤوب لإعداد العلماء والدعاة الربانيين، الذين يجمعون بين المعرفة الإسلامية، والرؤية العصرية، مع الغيرة الإيمانية والأخلاق الربانية، وهذا ما اجتهد الشيخ في أن يسهم فيه بنفسه عن طريق التدريس في (دار العلوم) ثم عن طريق تطوير المناهج، وعن طريق وضع المقررات والكتب الدراسية، ثم عن طريق الاشتراك في مجالس الجامعات والمؤسسات التعليمية في الهند ، وفي غيرها، مثل المجلس الأعلى للجامعات الإسلامية بالمدينة المنورة.
وهو يرى أن المسلمين أحوج ما يكونون اليوم إلى الداعية البصير، والعالم المتمكن، الذي إذا استقضى قضى بحق، وإذا استفتى أفتى على بينة، وإذا دعا إلى الله دعا على بصيرة.
19 - ترشيد الصحوة والحركات الإسلامية:
والركيزة التاسعة عشرة: هي ترشيد الصحوة الإسلامية، التي يشهدها العالم الإسلامي، بل يشهدها المسلمون في كل مكان، حتى خارج العالم الإسلامي، حيث توجد الأقليات والجاليات الإسلامية في أوربا والأمريكتين والشرق الأقصى وغيرها. وهي صحوة عقول وقلوب وعزائم، ولكن يُخشى على الصحوة من نفسها أكثر من غيرها. فتتآكل من الداخل، قبل أن تضرب من الخارج.
وأعظم ما يُخشى على الصحوة: الغلو والتشديد في غير موضعه، والتمسك بالقشور وترك اللباب، والاشتغال الزائد بالجزئيات والخلافيات، وسوء الظن بالمسلمين إلى حد التأثيم والتضليل، بل التكفير. والشيخ بطبيعته رجل معتدل في تفكيره، وفي سلوكه وفي حياته كلها: فهو قديم جديد، وهو تراثي وعصري، وهو سلفي وصوفي، ثابت ومتطور، في لين الحرير وصلابة الحديد. وهكذا يريد لجيل الصحوة أن يكون. لم يقيد الشيخ الندوي نفسه بالالتزام بجماعة معينة، فقد بقى حرًا، يشرف على الجماعات من خارجها، فيرى من نواقصها ما لا يراه أعضاؤها، ويبصر نقاط ضعفها، فيوجه وينصح، وينقد ويسدد، ولعل في ذلك خيرًا. كما لا يدخر وسعًا في النصح لحكام المسلمين وزعمائهم ما وجد إلى ذلك سبيلا. وخصوصًا أنه لا يطمع في شيء من أحد منهم.
20 - دعوة غير المسلمين:
وآخر هذه الركائز وهي المكملة للعشرين: دعوة غير المسلمين للإسلام، استكمالاً لما قامت به الأمة في العصور الأولى، وقد ساهم الشيخ في ذلك منذ عهد مبكر - وهو ابن الثانية والعشرين - بدعوة الدكتور أمبيدكر - زعيم المنبوذين- إلى الإسلام، ورحلته إليه في بومباي.
وهو يرى أن فضل الأمة الإسلامية على غيرها في قيامها بواجب الدعوة إلى الله، وأن البشرية اليوم - رغم بلوغها ما بلغت من العلم المادي والتطور التكنولوجي - أحوج ما تكون إلى رسالة الإسلام، حاجة الظمآن إلى الماء، والسقيم إلى الشفاء، والأمة الإسلامية هي وحدها التي تملك قارورة الدواء، ومضخة الإطفاء.


أبو الحسن الندوي في خدمة الأدب الإسلامي
كتب الدكتور/ عبد الباسط بدر – في مجلة الأدب الإسلامي العدد 26/27- عن جهود الشيخ الندوي في هذا المجال، وتناول جهوده من زاويتين: الزاوية العلمية، والزاوية الإبداعية.
الجانب العلمي
بالنسبة للجانب العلمي يوضح الدكتور بدر أن جهود الشيخ الندوي كانت محور أعمال الشيخ في سبيل إظهار قضية الأدب الإسلامي ونشرها والارتقاء بها إلى مصاف العالمية، وتتضمن هذه الجهود مؤتمرات الأدب الإسلامي التي كان يعقدها أو يوجه لعقدها أو يحضرها، والندوات، والمحاضرات، والمقابلات الصحفية التي كان يعرض فيها قضية الأدب الإسلامي، وجهوده في رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
وقد كان للشيخ دور الريادة في عقد مؤتمرات الأدب الإسلامي. وكان لهذه المؤتمرات أثر كبير في نشر قضية الأدب الإسلامي وتطويرها. ويقول الدكتور: بدر: "وفيما أعلم فإن أول مؤتمر دولي للأدب الإسلامي عقد بدعوته وتحت رعايته، وكان عام 1401هـ/1981م في ندوة العلماء بمدينة (لكهنؤ) بالهند، وهي الهيئة الإسلامية المنتشرة في الهند وباكستان وبنغلاديش وبلاد أخرى...".
وقد شجع هذا المؤتمر جهات أخرى على عقد مؤتمرات وندوات ولقاءات دولية وإقليمية، فعقد في السنة التالية 1402هـ الحوار حول الأدب الإسلامي وقضاياه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وعقدت عام 1405م الندوة العالمية للأدب الإسلامي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وتوالت بعدها مؤتمرات وندوات في مصر والمغرب العربي والأردن وباكستان وبنغلاديش وتركيا وبريطانيا.. وكان الشيخ يحرص على حضورها رغم تكلفه المشاق وعناء السفار، كما كان يحرص الشيخ على عقد مؤتمر أو ندوة دولية أو إقليمية مرة على الأقل في كل سنة في إحدى مدن الهند... وكان الشيخ يركز دائماً على قيمة الأدب بعامة، وقدراته الكبيرة في التأثير في الأفراد والمجتمعات، والحاجة الملحة لأدب الإسلامي في عصرنا الحاضر بخاصة؛ لمواجهة تيارات الهدم ومنابر التغريب والإلحاد الأدبية، وإشباع الحاجة الفطرية إلى الجمال البياني، وضرورة تعزيز الارتباط بين الأدب والدعوة إلى الله، ووظيفة الأدب في البناء والإصلاح، ويركز على التربية الذوقية التي يقدمها الأدب الإسلامي، وأثرها الإيجابي الكبير في بناء شخصية المسلم، وصلتها الوثيقة بالبلاغة القرآنية البيان النبوي، وهذه القضايا محاور أساسية في الأدب الإسلامي.
ومن جهوده العلمية احتضانه ورعايته المتميزة لرابطة الأدب الإسلامي العالمية، التي أنشئت لجمع الأدباء الإسلاميين؛ لتعزيز موقفهم في الساحة الثقافية وفتح منافذ لنشر إنتاجهم الذي كانون يجدون صعوبة في نشره، فقد كان أصحاب الاتجاه مسيطرين على قسم كبير من منافذ النشر في العالم العربي.
الجانب الإبداعي:
ويتمثل في أعماله الأدبية الإسلامية في الدراسات الأدبية والنقدية، وفي أدب الرحلات، وأدب التراجم والسير، وقصص الأطفال، ومن ذلك كتاب (روائع إقبال) درس فيه آفاق الإبداع عند الشاعر الإسلامي محمد إقبال، وحلل نصوصاً ترجمها بنفسه من دواوينه الفارسية والأردية. ومن الدراسات الأدبية التي قدمها الشيخ الندوي (الحضارة الغربية في شعر أكبر حسين الإله أبادي) اهتم فيها بدراسة مضمون قصائد هذا الشاعر الهندي الكبير، وركز على رؤية الشاعر للحضارة الغربية في وقت كانت هي الغالبية، وكان معظم الشرق المسلم ضعيفاً مقهوراً.
ومن كتابات الندوي المهمة في الأدب الإسلام كتابه (نظرات في الأدب) وهو عبارة عن عرض نقدي، ودراسة تنظيرية لمفهومات أدبية كيري.
ومن إبداعاته في أدب الرحلات (مذكرات سائح الشرق)، (ومن نهر كابل إلى نهر اليرموك)، و(الطريق إلى المدينة)، و(في المغرب الأقصى).
أبو الحسن الندوي في خدمة اللغة العربية:
قام الشيخ الندوي – أثناء تدريسه للأدب العربي- بإعداد مجموعة من نصوص النثر من العصر الإسلامي الأول إلى العصر الحديث في جزأين اثنين باسم (مختارات من أدب العرب) تلقاه الناس بالقبول، وحظي باختياره في المقررات الدراسية في عدد من البلاد العربية. ونقل الدكتور/ محمد اجتباء الندوي عن الأديب الكبير علي الطنطاوي إشادته بكتاب الندوي المذكور آنفاً، حيث يقول: "إذا كان الدليل على ذوق الأديب اختياره، فحسب القراء أن يعلموا أننا عرضنا من أمد قريب كتب المختارات الأدبية لنتخير واحد منها نضعه في أيدي تلاميذ الثانويات الشرعية في الشام، وذهب كل واحد من أعضاء اللجنة وكلهم من الأدباء يبحث ويفتش "فعدنا جميعاً وقد وجدنا أن أجود كتب المختارات المدرسية، وأجمعها بفنون القول وألوان البيان، مختارات أبي الحسن". ولما طبع الكتاب في دمشق عام 1957م أخذ الدكتور محمد اجتباء نسخة منه، وقدمه إلى علامة الشام، والعضو المؤسس للمجمع العلمي العربي (مجمع اللغة العربية)، وأستاذ الأدب وعلوم القرآن في الجامعة السورية (جامعة دمشق) الشيخ محمد بهجة البيطار رحمه الله، فبدأ يقلب الصفحات ويهتز ويطرب، ويثني على جودة الاختيار وحسن التذوق الأدبي للمؤلف.
آراء أبي الحسن الندوي اللغوية:
وحول آرائه اللغوية يرى الأستاذ/ محمد عبد السلام آزادي أن الندوي يقرر أن اللغة –بداهة- تتكون من المفردات والتراكيب فيقول: "إنه لا يتصدر اللسان بدون مفردات وتراكيب"، فللمفردات والتراكيب دور خطير في إبراز الخواطر والأفكار، فإن جاءت المفردات والألفاظ في الجمل عفوية بدون تصنيع وتكلف، وكانت سهلة ميسورة الفهم، أثرت في قلوب الناس، وكانت هي سر عبقرية اللغة العربية. وقد كشف الشيخ –والكلام لا زال للأستاذ آزادي- النقاب عنه حينما حلل عناصر عربية سلفِنا الصالح، فإنهم يختارون في كلامهم اللغة النقية الصافية، واللفظ الخفيف، والتعبير الدقيق الرقيق. [نظرات في الأدب].
كذلك يرى الندوي أن الكلمات التي تصدر عن الصدق والإخلاص تؤثر في قلوب الناس، فهي معجزة من الأدب؛ لأنها أفلاذ كبده، وقطع قلبه ودموع عينيه.
كما يرى الندوي أن للكلمات درجة حرارة وبرودة "فلا توضع كلمة ذات حرارة متصاعدة مكان كلمة منخفضة، فضلاً عن أن توضع كلمة ذات حرارة مكان كلمة ذات برودة. وبهذا تكتسب اللغة حلاوة ولذة".
ويقول آزادي "إن لكل كلمة مفاهيم ومعاني، ولهذا على أهل اللغة أن يختاروا المفهوم الإسلامي، أو ما هو أقرب له" ثم أشار إلى أن الشيخ الندوي لم يغض النظر عن هذا الجانب، فقد استخدم كلمة (مراوغة) في عبارته مرة، فقال: "مراوغة فكرية من فرعون"، عندما ذكر الصراع بين موسى وفرعون، وعلق عليه الندوي بقوله: "المراوغة قد تطلق في المخادعة المذمومة، والمقصود هنا جيئة وذهاباً من مكان إلى مكان، والقيام بحركة مفاجئة في اتجاه جديد، كما يفعل اللعاب الماهر مع منافسه، وأقرب كلمة إليها في اللغة الإنجليزية (Dodge)".
وبهذا لفت أنظار اللغويين إلى هذا الجانب. بأن يختاروا المعنى الطيب من معاني الكلمة في سياق الجملة؛ ليظهر خلاله المعنى الذي لا تنفر منه الطبيعة الإٍسلامية في اللغة.
أما المصطلحات فنجد الشيخ فيها حذراً جداً؛ لأنها في نظره "كالخارطة للسفن والمراكب والطائرات" فأي خطأ في خطوطها التي تضبط المراكب والطائرات، وتحدد الجهات والغايات، قد يكون سبباً لضياع هذه البواخر والطائرات أو انحرافها عن الغاية المقصودة".
ويرى الشيخ أن جميع اللغات تتغير إلى الازدهار بعناصر أربعة، وبالتالي تعد هذه العناصر القوى الداخلية في التأصيل الإسلامي للغة العربية، والعناصر هي: الضرورة- العاطفة- الاندفاع النفع والفائدة. [الأدب الإسلامي 26/27].
أيضاً اهتم الشيخ الندوي بدراسة الكلمات التي لها صلة بالفكر والتي تحدث تغيير في اللغة وتنميتها إلى اللغة الدينية؛ وذلك حينما أخذ بدارسة النصوص القرآنية والحديثية، ونصوص روايات الصحابة والرواة والأدباء والكتاب والشعراء غير المهنيين، ففي كتاب (روائع من أدب الدعوة في القرآن والسيرة) دراسة عميقة متأنية لأسلوب القرآن والحديث، حسب قول الأستاذ آزادي.
ويقول الشيخ في سر الإعجاز القرآني: "إن إعجاز القرآن كامن في ألفاظه وتراكيبه، وفصاحته اللغوية وبلاغته المعنوية". ومن أمثلة ذلك حلل الشيخ الآية "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" فقال: "استحضروا الإعجاز الكامل في قوله تعالى: "ادع" وهو لا يختص بالخطابة ولا يختص بالكتابة، ولا يختص بالوعظ والنصيحة، وإنما قال: "ادع" الدعوة عامة تشمل هذه المعاني كلها، والأساليب كلها، وقال "ادع إلى سبيل ربك" ما حدد وما عين شيئاً معيناً خاصاً، فمثلاً تدعون الناس إلى الإيمان بالله وحده، وإلى العقيدة الصحيحة وتحثون على الصلاة، وتدعون إلى مكارم الأخلاق، وإلى الفضيلة، أو تدعون الناس إلى الشعور بكرامة الإنسانية، (وسبيل ربك) يحوي كل شيء، إنه يمتد ويسع الآفاق ليست هذه الآفاق فقط، إنها آفاق الأديان السماوية، وآفاق الحاجات البشرية والحياة الإنسانية".
وقال في قوله تعالى: "إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً"، "أولا تتأملون في قوله: (يا أبت) أثار فيه الحنان الأبوي، وكان يمكن لإبراهيم أن يصيح فيقول: (يا سيدي)، أو يقول (يا شيخ الكهان)؛ لأنه كان كاهناً، ولكن يقول: (يا أبت)، تعمد إبراهيم هذه الكلمة؛ ليصل بها إلى أعماق قلبه ويثير فيها الحنان.. فالولد مهما بلغ الغضب من والده إذا ناداه بقوله: (يا أبت) رق وتهيأ لسماع كلامه".
وفي قوله تعالى: "ولا الضالين" – في سورة الفاتحة- حلل الشيخ المفاهيم التي تحوي هذه الكلمة، وشرح كيف نابت عن تلك المفاهيم في آن واحد، وهذا هو قوة الكلمة التي تؤدي المعاني المعنى الذهني، في أدق صورة وأوسعها. ومنها دور التراكيب في تجلية المعنى. فقد درس الشيخ ميزة تراكيب الكتاب والسنة، وما أثر عن السلف الصالح، ووضح بماذا تمتاز هذه التراكيب، ولماذا تتفوق على جميع الأساليب العربية، فقد حلل الآيات القرآنية (41/45) من سورة مريم، التي تحمل نصوص دعوة إبراهيم، فقارن بين أسلوب تلك الآيات التي كانت موجهة لأبيه، وبين أسلوب الآيات التي توجه بها إلى قومه، وجاء بنتيجة واضحة المعالم بأن إبراهيم فرق بين الأسلوبين، أسلوب الدعوة لأبيه، وأسلوب الدعوة لقمه.
ففي الأول: اتخذ أسلوباً فيه لين، وفيه اقتراح، وفي تودد، وللكلمات فيها وقع خفيف، والتراكيب فيها إخبار هادئ، ويقول: "لم يبدأ بالأشياء التي تعتمد على المنطق، وتعتمد على الذكاء النادر، وتعتمد على بحوث علمية أو نظرات فلسفية، إنما ختار الشيء الذي يفهمه الطفل؛ لأن والده كان في الطفولة العقلية، وإن كان مقدماً في السن، فخاطبه كما يخاطب الطفل: "يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا".
وفي الثانية: أسلوب جدال ومناظرة، فيه تحد وتوجيه إلى الأمور الفلسفية، فيه سؤال إنكاري عما يفعلون "واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين، قال: هل يسمعونك إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون" [الشعراء: 69-71].
أبو الحسن الندوي والسيرة النبوية:
عن هذا المجال تحدث الدكتور/ عماد الدين خليل عن أسلوب الشيخ الندوي في عرضه للسيرة النبوية، وخصوصاً في كتابه (المسيرة النبوية) الذي عده الدكتور عماد الدين إضافة جديدة ومميزة في قائمة المؤلفات الحديثة في سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم- وتطرق الدكتور عماد الدين لمقدمة كتاب الندوي المذكور آنفاً، محاولاً إعادة ترتيب العناصر الأساسية للمقدمة، في سياقات رئيسية؛ من أجل وضع اليد على قيمة الكتاب، ووصل إلى أن محاولة الندوي هذه تقوم على المحاور التالية:
· بيئة ثقافية ذات توجه إسلامي ينشأ فيها المؤلف، فيجد نفسه منذ تفتح وعيه على الحياة قبالة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قراءة ومعايشة وتعلماً، وبمرور الوقت فإنه يسعى لتنمية خبراته عن السيرة بمزيد من الدراسة والقراءة.. ومن أجل استكمال أبعاد تجربة المعايشة هذه، ذهب أكثر من مرة إلى أرض النبوة، واجتازها شبرا ًشبراً، وكان وهو يعاين المعالم والمواقع ويدققها. يعيش في الوقت ذاته المناخ الذي تخلقت فيه مفردات السيرة ونسجت خيوطها. ويتجسد ذلك في كتابه(الطريق إلى المدينة).
· لم يقدم الندوي مباشرة على الكتابة في السيرة، كمشروع شامل، قبل أن يمارس البحث في جوانب منها كانت أشبه بخطوات على الطريق.. وكان يمارس التعامل، باتجاه مواز آخر، وهو الاستمداد من مادتها الخصبة، وتعاليمها الغنية، في الكثير من كتاباته ومحاضراته.
· بمرور الوقت يتبلور لديه إحساس متزايد بضرورة كتابة مؤلف شامل عن السيرة، وكان تغريه بذلك خصائص ومواصفات كان يرى أن أية دراسة في السيرة لا تستكمل أسبابها بدون حضورها جميعاً، فكيف إن غاب عامل أو أكثر عن روية الباحثين؟ كما حدث ويحدث لدى العديد من الذين تناولوا الموضوع من المستشرقين والمنتمين لعالم الإسلام نفسه؟
إذاً فالسيرة التي ينادي الندوي بها، ويسعى إلى تنفيذها في كتابه (السيرة النبوية) يتحتم قيامها على الخصائص وصيغ العمل التالية:
· أن تنبئ بأسلوب عصري علمي "فما من شك أن مناهج البحث المعاصرة ومعطيات العلوم الحديثة، تقدم وسائل جيدة للمؤرخ ما كان يملكه الباحثون القدماء، وبالتالي فإنها تساعد على الاقتراب أكثر من طبيعة الحدث التاريخي، وتركيبه وعرضه بالصيغ الأكثر دقة".
· أن تعتمد على خير ما كُتب في القديم والحديث.
· أن تحقق تطابقاً مدروساً بين مفرداتها كافة، وبين ما جاء في القرآن الكريم والسنة الشريفة الموثقة؛ ذلك أن المصدرين الأخيرين يحملان الصدق المطلق في تعاملهما مع الواقعة التاريخية.
· هناك أيضاً محاولة لتحقيق توازنات بين ثنائيات شيء وبخاصة:
- الموضوعية والوجدان الديني.
- العلمية والضرورات التربوية.
- التوجه بالخطاب إلى المسلم وغير المسلم.
فلا يكفي بالنسبة للمسألة الأولى أن يكون الباحث في السيرة (موضوعياً)، أي أن يتعامل معها من الخارج، بل لا بد أن تكون هناك مساهمة على مستوى الذات.. مشاركة وجدانية تقرب الباحث أكثر فأكثر من صميم حدث تاريخي ليس كالأحداث وتجعله ينفعل به ويقدر – بالتالي – طبيعته التكوينية.. نبضه وإيقاعه.. يلمس – قدر ما يستطيع- الخيوط التي نسجتها مكوناتها.


مؤلفات حول الشيخ الندوي
* العلامة أبو الحسن الندوي ونظراته وتأملاته وجهود مع الأدب الإسلامي
إعداد وترتيب : عبد الماجد الغوري
عدد الصفحات 144 – القياس:20/14 سم
تعريف بالكتاب:
خلاصة نظرات وتأملات وجهود العلامة الكبير الشيخ أبي الحسن الندوي في الأدب الإسلامي وفهمه العميق المتميز له، وآرائه القيمة وأفكاره النفسية السديدة فيه، وإدراكه المراهق لدقائق مشكلات باطلاعاته الواسعة وتجاربه العميقة وفراسته العالية التي أثرت الأدب الإسلامي وأغنته
* أبو الحسن الندوي – الإمام المفكر الداعية الأديب
تأليف : عبد الماجد الغوري
تقديم : الشيخ أحمد كفتارو
عدد الصفحات 470 – القياس:24/17 سم
تعريف بالكتاب:
يتناول نسب وموطن ودراسة الداعية والمفكر الإسلامي أبي الحسن الندوي ، ودراسته الجامعية وأسفاره ورحلاته، وبعض الشخصيات التي أثرت به، وشيوخه وأساتذته وتلاميذه، وجهوده الكبيرة في الدعوة الإسلامية ومنهجه، وموقفه من القضايا العربية، وترشيد الصحوة الإسلامية، ولقاءاته، ومراسلاته.

بحث سريع