القبورية في اليمن -2

بواسطة | جمال الدين عبد الرحيم
2005/07/09
يتحدث المؤلف –حفظه الله- في هذا الباب –وهو الباب الأول بعد المقدمة والباب التمهيدي- عن "نشأة القبورية" ويورد فيه أربعة فصول:
الفصل الأول: نشأة القبورية في العالم.
الفصل الثاني: القضاء على الوثنية والقبورية على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلى نهاية القرون الثلاثة المفضلة.
الفصل الثالث: نشأة القبورية في الأمة المحمدية والتعريف بأهم الفرق القبورية.
الفصل الرابع: نشأة القبورية في اليمن.
قدم المؤلف بين يدي الفصل الأول بهذه الكلمات: (إننا عندما نبحث عن القبورية في العالم لسنا مجرد مؤرخين، يطيب لهم أن يتعرفوا على أحداث ويصوروا مجتمعات، ويصفوا ما وصلوا إليه من أحوال العالم لمجرد السرد التاريخي، وإنما نبحث ذلك منطلقين من سنة كونية ثابتة أخبرنا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي: أن هذه الأمة ستأخذ مأخذ الأمم السابقة، وستسلك سبيلها في كل جوانب حياتها بما في ذلك الجوانب الاعتقادية والتعبدية والأخلاقية.
فإذا ثبت أن تلك الأمم عظّمت القبور وآثار الصالحين وتدرجت في ذلك حتى عبدت أولئك الصالحين –في نظرها- فإن من هذه الأمة من سيفعل ذلك، وهذا ما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يشاهد على أرض الواقع.
فأما ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ففيما رواه البخاري من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع، فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك".
وروى البخاري أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصار؟ قال: فمن؟".
وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كاملاً. والذي يهمنا إثباته هو مشابهة هذه الأمة للأمم قبلها في قبوريتهم، وتعظيمهم للأنبياء والصالحين، وانتشار عقائدهم الباطلة لدى كثير منهم، وهذا ماسوف نبينه في هذا الفصل إن شاء الله).
* وقد قسم الفصل الأول إلى عدة مباحث، وكل مبحث إلى عدة مطالب –كما هي طريقة المؤلف المطردة في جميع أبوب الكتاب- فجاء هذا الفصل في المباحث التالية:
المبحث الأول: نشأة القبورية في العالم بأسره.
المبحث الثاني: القبورية عند اليهود والنصارى.
المبحث الثالث: قبورية اليونان.
المبحث الرابع: القبورية عند العرب قبل الإسلام وصلتها بالوثنية.
يقول المؤلف: "من المعلوم المتفق عليه أن الله –تعالى- خلق الخلق جميعاً على فطرة التوحيد، فآدم –عليه السلام- هو الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته، وجرى له في الجنة ما جرى، ولم يكن من ذلك شيء يخالف التوحيد أو يقدح فيه، ثم أهبطه إلى الأرض نبياً كريماً ورسولاً مرشداً إلى ذريته، وهو قول جمع من العلماء.
وعلى تعاليم رسالة آدم نشأ بنوه وعلى نهجه ساروا، حتى لقد صرح عكرمة –رضي الله عنه- بأنهم داموا على ذلك عشرة قرون، وهذا الذي ذكرناه من نشأة البشرية على التوحيد هو ما قرره القرآن وشهدت به السنة المطهرة". ثم أورد أدلة الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم.
بعد ذلك انتقل المؤلف لإثبات أن أول شرك حصل في العالم كان بسبب الغلو في الصالحين، وذكر قصة "ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر" وهم رجال صالحون من قوم نوح –عليه السلام- فلما ماتوا صوروهم وغلوا فيهم حتى عبدوهم من دون الله. وقد تواطأ المفسرون عند تفسير قول الله تعالى: "وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا" (نوح: 23) على ذكر الأثر السابق –أثر عكرمة- وآثاراً أخرى كلها تؤدي نفس المعنى –كما وضح المؤلف.
* القبورية عند اليهود و النصارى:
وقد أغنت الأحاديث المصرحة بذلك عن الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- كحديث: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وقد عزاه المؤلف في الحاشية إلى الصحيحين، وحديث: "قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وهو حديث متفق عليه أيضاً.
يقول المؤلف: "وأزيد أن اليهود ليسوا قبوريين فقط، ولكنهم أيضاً ميَّالون إلى عبادة غير الله بشكل أوضح وأصرح، كما نقل ذلك عنهم القرآن وذلك في موضعين من قصة موسى عليه السلام".
وقد ذكرهما المؤلف وخلاصتهما: طلبهم من موسى أن يجعل لهم إلهاً وذلك حين نجاهم الله من ملاحقة فرعون لهم، و الموضع الثاني: عبادتهم العجل حين ذهب موسى –عليه السلام- للقاء ربه.
ولمعرفة تلاعب الشيطان بهاتين الأمتين (الأمة الغضبية وأمة الضلال)، يحسن قراءة ما كتبه الإمام ابن القيم في كتابه القيم: "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان".
* قبورية الأمة اليونانية:
يقول المؤلف: "…فقد كانت هذه الأمة أمة وثنية قبورية تؤله كل ما أعجبت به من مظاهر الكون، وعباقرة وأبطال البشر، بل وجميلات النساء! فهناك (آلهة السماء) و(آلهة الأرض) و(آلهة الخصب) و(الآلهة الحيوانية) و(آلهة ما تحت الأرض) إلى آخر القائمة".
ثم يقول المؤلف بعد كلام له: "في تلك الأمة وذلك الجو نشأ فلاسفة اليونان على الوثنية والقبورية" وينقل كلام الفخر الرازي: "إن فلاسفة اليونان كانوا يستمدون الفيوض من القبور وأهلها، إذا اعترتهم مشكلة من المشكلات، وكان الفلاسفة تلاميذ أرسطو إذا داهمتهم نازلة ذهبوا إلى قبره للحصول على المدد والفيض".
والناظر في أحوال القبوريين في كل زمان ومكان يتبين له صدق حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لتتبعن سنن من قبلكم"، فقد سرت عقيدة فلاسفة اليونان إلى قبورية المسلمين.
يقول المؤلف: (وحتى لا يقول قائل: إن ذلك من اتباع الفلاسفة في علة الزيادة -إنما هو مذهب مهجور لدى قبورية اليوم لا وجود له عندهم-.
أقول له ولكل من يدافع عنهم: انظر إلى محمد علوي مالكي –باعث القبورية في مكة من جديد ووارث أحمد زيني دحلان ويوسف النبهاني-، انظر إليه وهو يحكي أحوال الزائرين للنبي صلى الله عليه وسلم: "تختلف أحوال الزائرين في استفادتهم من زيارتهم واستمدادهم من الله بواسطة نبيهم المصطفى وحبيبهم المجتبى –صلى الله عليه وسلم- وبحسب استعدادهم في تلقي الفيوضات الإلهية والواردات الربانية، بواسطة الحضرة المحمدية) "شفاء الفؤاد/ 124" للمالكي.
وينقل المؤلف عن المالكي أيضاً: "اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد أول متلق لفيضك الأول صلاة نشهدك بها من مرآته، ونصل بها إلى حضرتك من حضرة ذاته، قائمين لك وله بالأدب الوافر، مغمورين منك ومنه بالمدد الباطن".
وقد أفرد المؤلف المبحث الأخير من الفصل الأول للحديث عن "القبورية عند العرب قبل الإسلام وصلتها بالوثنية" وفيه أربعة مطالب:
- إثبات أن العرب كانوا على ملة إبراهيم عليه السلام الحنيفية السمحة.
- القبورية هي أصل الوثنية عند العرب.
- انتشار الأصنام في جزيرة العرب.
- الحنفاء من العرب.
* بداية خط الانحراف عند العرب:
يقول المؤلف: (وقد بقي العرب على تلك الملة (ملة إبراهيم) قروناً، حتى ظهر عمرو بن لحي الخزاعي فغيرها، ودعا العرب إلى عبادة الأثان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عرضت علي النار فلما وجدت سفعتها تأخرت عنها، وأكثر من رأيت فيها النساء، إن ائتمن أفشين، وإن سألن ألحفن، وإذا سئلن بخلن، وإذا أُعطين لم يشكرن، ورأيت فيها عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، وأشبه من رأيت به معبد بن أكثم الخزاعي، فقال معبد: يا رسول الله أتخشى علي من شبهه فإنه والدي؟ فقال: لا، أنت مؤمن وهو كافر، وهو أول من حمل العرب على عبادة الأصنام") رواه الحاكم في المستدرك (4/605) وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وقد انتشرت الأصنام في جزيرة العرب. وكان الرجل منهم إذا سافر يستصحب معه أربعة أحجار، ثلاثة للقدر والرابع للعبادة، فإذا لم يجد حجراً أمسك الشاة وحلب لبنها على التراب ثم عجنه وصنع منه صنماً يعبده!!.
يقول المؤلف مبيناً سريان هذه الوثنية حتى عمت وطمت: "هذا البيت (البيت الحرام) كان فيه أكبر تجمع للأصنام في جزيرة العرب حيث كان عدد الأصنام التي كسرها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة في جوف الكعبة وحولها ثلاثمائة وستين صنماً (كما في البخاري)، كما كان في جوف الكعبة أشهر أصنام قريش على الإطلاق (هبل)، ولم تبق قبيلة من قبائل العرب إلا ولها صنمها الذي يعرف بها وتعرف به وتعبِّدُ له أبناءها، بل تجاوز الأمر إلى أن أصبح لكل بيت صنمه الخاص به، وحتى المسافر لا يقيم أثناء سفره في بقعة إلا تخير من أحجارها ما يعجبه فينصبه إلهاً له".
ومع ذلك كله فقد بقي فيهم بعض الحنفاء، وقد ذكر المؤلف بعضهم: قس بن ساعدة الإيادي، وزيد بن عمرو بن نفيل، وأمية بن أبي الصلت، وأبو قيس بن أبي أنس، وخالد بن سنان، والنابغة الذبياني، وزهير بن أبي سلمى، وكعب بن لؤي بن غالب أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم.
* الفصل الثاني:
وقد خصصه المؤلف –حفظه الله- للكلام عن: "القضاء على الوثنية والقبورية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين إلى نهاية القرون الثلاثة المفضلة، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: حال جزيرة العرب حين مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وكيف قضى على الوثنية.
المبحث الثاني: إنذار النبي -صلى الله عليه وسلم- بعودة الشرك إلى جزيرة العرب، والرد على من زعم المنع من عودة الشرك إليها مطلقاً.
المبحث الثالث: خلو القرون المفضلة من مظاهر القبورية.
تناول المؤلف في المبحث الأول: حال الجزيرة العربية عند البعثة، وما كانت عليه من عبادة الأصنام، وكيف سيطرت الجاهلية على جميع أوجه الحياة حتى أظلم الكون، واستوجب أهله مقت الله وغضبه، إلا أولئك الحنفاء القلائل، وبقايا من أهل الكتاب.
ولقد بذل الرسول –صلى الله عليه وسلم- كل وسعه في تغيير هذا الواقع، ورد الناس إلى التوحيد "ومضى –صلى الله عليه وسلم- في دعوته، وتربى على ذلك أصحابه، وانطلقوا دعاة إلى ذلك، فاتسعت دائرة الحق، وانتشر نور الإسلام بعد جهد كبير، وزمن غير قصير".
ولم يقبض النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا وقد قال فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه (2166): "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب".
وليس معنى ذلك –كما يقول المؤلف- "أن لا يتطرق أي نوع من الشرك على أي حال من الأحوال، وإنما المقصود نوع خاص من عبادة الشيطان، كما سيأتي إيضاحه في المبحث الثاني إن شاء الله".
* الإنذار بعودة الشرك إلى جزيرة العرب:
وفيه عدة أحاديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم- ومنها: "لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان" وهو في صحيح ابن ماجة للألباني.
وحديث: "لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى.." رواه مسلم.
وقد زعم القبوريون والمبطلون أن الشرك لا يمكن أن يعود إلى جزيرة العرب مستدلين بما توهموه دليلاً، مثل حديث: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب".
وقد رد المؤلف عليهم باطلهم بكلام علمي رصين وأدلة قوية متينة.
يقول حفظه الله: (إن الأحاديث التي أوردنا بعضها في المطلب الأول (الإنذار بعودة الشرك إلى جزيرة العرب) لترد على منع عودة الشرك في هذه الأمة، وذلك من ناحيتين:
- الناحية الأولى: أن هذه الأحاديث دالة قطعاً على أن الحديث الذي يستدلون به "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب" ليس على عمومه بل هو مخصوص، ومعلوم عند أهل الأصول أن العام الذي قد دخل عليه التخصيص تضعف دلالته بذلك، ولا يكون كالسالم من ذلك الذي لم يتطرق إليه تخصيص، وعلى هذا فإننا نقول: إن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر يأس الشيطان مقرا له فإن ذلك محمول على حال مخصوص وهو أن تجتمع الأمة على عبادة الأوثان أو نحو ذلك من المعاني والأحوال.
وإن كان مجرد إخبار عن حال الشيطان حين بُهر بانتشار الإسلام ودخول الناس في دين الله أفواجاً فهذا ليس بدليل أصلاً؛ لأن يأس الشيطان ليس بحجة على أحد، وهو لا شك مخلوق كسائر الخلق مُعَرّضٌ لسوء التقدير وخُلْف الظن، وطروء سائر ما يطرأ على المخلوقين من أمل وقنوط ويأس واستبشار، ولا يلزم أن يتحقق كل ما يطرأ عليه، وما يأسه هنا إلا من هذا القبيل..
الناحية الثانية: إن مما يدل على أن ذلك الحديث ليس دالاً على عدم وقوع الشرك في جزيرة العرب هو وقوعه بالفعل وإليك نماذج من ذلك الوقوع…".
وذكر المؤلف واقعة الردة بعد وفاة الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وتأليه السبأية لعلي –رضي الله عنه-، والقرامطة الذين أجمع العلماء على تكفيرهم، وعلي بن الفضل الجدني الذي ظهر في اليمن عام (278هـ) وقتل بعاصمة مملكته مذيخرة عام (304هـ) وقد أجمع العلماء والمؤرخون –كما يقول المؤلف- على كفره وإلحاده.
وختم المؤلف تلك النماذج التي وقعت في الشرك والكفر بقوله: "رؤساء وقادة الحزب الاشتراكي اليمني الذين أعلنوا الإلحاد، وحاربوا الله ورسوله والمؤمنين، وأحلوا المحرمات المعلومة من الدين بالضرورة، واستهزأوا بالله ورسوله، واتفقت كلمة العلماء المعتبرين –المعاصرين لهم- على كفرهم وإلحادهم في الجملة".
* خلو الثلاثة القرون المفضلة من مظاهر القبورية وآثارها:
وتحته خمسة مطالب:
- تصريح العلماء بخلو القرون المفضلة عن وجود المشاهد والمساجد على القبور.
- ما يستدل به القبورية على وجود مشاهد ومبان على القبور في تلك القرون.
- الرد على ما استدلوا به من الشبهات على وجود مبان على القبور في تلك القرون.
- التصريح بتسوية الصحابة لما ارتفع من القبور وإزالة ما استجد في المقابر من فساطيط ونحوها.
- محاولات الشيعة المبكرة لإنشاء المشاهد، وتصدي الخلفاء لذلك.
وهنا ينقل المؤلف عن شيخ الإسلام –رحمه الله-: "… ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم من ذلك (المشاهد على القبور..) شيء في بلاد الإسلام: لا في الحجاز ولا اليمن ولا الشام ولا العراق ولا مصر ولا خراسان ولا المغرب، ولم يكن قد أحدث مشهد لا على قبر نبي ولا صاحب ولا من أهل البيت ولا صالح أصلاً، بل عامة هذه المشاهد محدثة بعد ذلك، وكان ظهورها وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس وتفرقت الأمة وكثر فيهم الزنادقة والملبسون على المسلمين، وفشت فيهم كلمة أهل المبدع وذلك في دولة المقتدر في أواخر المائة الثالثة، فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القداحية بأرض المغرب ثم جاءوا بعد ذلك إلى أرض مصر وقريباً من ذلك ظهر بنو بويه وكان في كثير منهم زندقة وبدع قوية، وفي دولتهم قويَ بنو القداح بأرض مصر، وفي دولتهم أظهر المشهد المنسوب إلى علي –رضي الله عنه- بناحية النجف.."
وقد أيد كلام شيخ الإسلام –كما ذكر المؤلف- كثير من أهل العلم كالذهبي وابن كثير والسمهودي وغيرهم.
حتى قبورية اليمن يعترفون بذلك –أن القبور لم تكن تجصص ولا يكتب عليها عند المتقدمين- وقد نقل المؤلف قول أحد هؤلاء القبورية وهو: محمد بن أبي بكر الشلي باعلوي وهو يتحدث عن مقابر تريم: "إن كثيراً منهم لا يعرف عين قبره، بل ولا جهته، لأن المتقدمين كانوا يجتنبون البناء والكتابة على القبور، وإنما استحسنه المتأخرون".
* شبهات القبورية على وجود أصل للبناء على القبور.
وقد أورد المؤلف للقبورية سبع شبه ليكر عليها بالإبطال والتفنيد،وبيان تهافتها.
شبه تهافت كالزجاج تخالها حججاً وكل كاسر مكسور
وهذه هي شبههم لتكون على بينة:
1- أن الصحابة –رضي الله عنهم- بنوا مسجداً على القبر في حياته –صلى الله عليه وسلم- فأقرهم على ذلك! ولم يأمرهم بهدمه.
2- أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- ضرب خيمة على قبر زينب بنت جحش –رضي الله عنها-.
3- أن عثمان بن عفان –رضي الله عنه- ضرب الفسطاط على قبر الحكم بن أبي العاص.
4- أن محمد بن الحنفية ضرب فسطاطا على قبر عبد الله بن العباس –رضي الله عنه-.
5- أن فاطمة بنت الحسين امرأة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ضربت على قبره القبة سنة ثم رفعت.
6- أن عائشة –رضي الله عنها- أمرت بفسطاط فضرب على قبر أخيها عبد الرحمن حين مات بذي طوى.
7- أن خارجة بن زيد قال: "رأيتني ونحن شبان في زمان عثمان بن عفان –رضي الله عنه- وإن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه".
وقد فند المؤلف هذه الشبه سنداً ومتنا، وأشار في الحاشية إلى أن الشبه موجودة "في رسالة "الجواب المشكور"، وهي عبارة عن فتوى أجاب فيها المفتي عن أسئلة تتعلق بالقبور والبناء عليها، ووقع عليها عدد من علماء الهند وأرسلت إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود فقام هو بإحالتها إلى دار الإفتاء التي أجابت عليها بكتاب: "شفاء الصدور في الرد على الجواب المشكور".
* محاولات الشيعة المبكرة لإنشاء المشاهد، وتصدي الخلفاء لذلك:
يقول المؤلف: "لقد نشأت الشيعة –يوم نشأت- غالية في حبها غالية في بغضها، وكانت الرافضة من أكثر فرق الشيعة غلواً، ولا عجب فإن منشئها ومؤسسها الأول كان يهودياً غالياً، يحمل أسوأ ما عند اليهود من عقائد، وينطوي على أبشع ما لديهم من حقد على الإسلام والمسلمين، ذلك هو أحد أهم رؤوس أهل الرفض عبد الله بن سبأ اليهودي".
ثم يقول المؤلف في الحاشية: "وقد أثبت وجود هذه الشخصية الخبيثة (عبد الله بن سبأ) مؤرخو السنة والشيعة على السواء، غير أن بعض المعاصرين من آيات الشيعة وجد أن ترقيع ذلك الثوب المهلهل لا يجدي؛ فقرر عدم وجود شخص اسمه: عبد الله بن سبأ. ثم أشار المؤلف إلى أن كثيراً من أهل السنة رد على هؤلاء المنكرين لشخصية عبد الله سبأ وأجمع ذلك –كما يرى المؤلف- رسالة الشيخ سليمان بن حمد العودة التي تقدم بها لنيل درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية/ قسم التاريخ بكلية العلوم الاجتماعية بالرياض عام 1402هـ بعنوان "عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام" ونشرتها دار طيبة للنشر والتوزيع.
وهناك رسالة أخرى لأحد طلاب العلم من أرض اليمن وهو "أبو الحسن علي بن أحمد بن حسن الرازحي" بعنوان "توضيح النبأ عن مؤسس الشيعة: عبد الله بن سبأ" فليرجع إليهما –الرسالتين- من أراد أن يتبين كذب الرافضة ومكابرتهم وإنكارهم للحقائق.
يتبع..

بحث سريع