بيوت العلوية في إيران -3

بواسطة | إدارة الموقع
2005/07/16
   تقدم في الحلقات السابقة الحديث عن بيوت العلوية في إيران ، و في هذه الحلقة الأخيرة من المقال ، سنتحدث عن تتمة هذا الموضوع الكبير ، و هو لا يزال يحتاج إلى رصد و جمع ، يسر الله ذلك في المستقبل القريب …
 
      إنَّ الدعوى في بلاد إيران قديمة للنسب العلوي ، لا يكاد يخلو جيل من الأجيال أو قرن من القرون منها ، و لهذا نبه على أصول افتعال الأنساب ثقات النسابين منذ القدم ، وسنلحظ في هذا المقال فائدة تنبيه أولئك النسابين والإخبارية على مواطن الدخول على انساب العلوية ، وتجدد ذلك في العصور المتأخرة  .
     قال أبو نصر البخاري في ” سر السلسلة ” :” ولد محمد الباقر أربعة بنين وبنتين درجوا كلهم إلا أبا عبدالله جعفر بن محمد ، إليه انتهى نسبه وعقبه ، فكل من انتسب إلى الباقر من غير ولده الصادق ، فهو كذاب دعي ” أهـ [1]
   و لقد ادعى أناس كثيرون إلى محمد الباقر في إيران ، و افتعلوا له أولاداً وأعقاباً ، هم فيها كاذبون دجالون ، كما سيأتي معنا بيانه في طيات هذا المقال …
  إنَّ انتشار الدعوى لأنساب العلوية في إيران منذ القدم ، جعل ثقات النسابين يبينون طرائق النقباء التي كانوا يتصدون بها للأدعياء في تلك الديار .  فمن ذلك قيامهم بتعزير المدعين للأنساب ، و كان هذا التعزير يتخذ صوراً من النكال ، من أشهرها طريقتان :  
1- الجلد والضرب .

2-  حلق الشعر وكوي المدعي بالنار على جبهته !!

و قد بوَّبَ ابن فندق البيهقي في ” لباب الأنساب ” باباً عنون له بقوله :” باب في ذكر من حلق النقباء رؤوسهم من نواحي غزنة ، و خوارزم ، و نيسابور ، والغرض من هذا الفصل معرفة هؤلاء حتى لا ينسب إليهم أحد ، و لا ينتمي إليهم مدعي ” .
    و مما ذكره :” خبر رجل يقال له : أبو الحسن الحجازي ، و هو عبد نوبي ، ادَّعى نسب (علي بن الحسين بن زيد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد الباقر ) ، و شهد العدول عند الوليد بن المغيرة المكي النساب بركاب خوارزم أن هذا الرجل عبد نوبي ، و كانت العلامة ظاهرة ، فحلق رأسه ، و وضع المكواة على جبينه ” [2].
    و رجلٌ آخر أصفهاني ادعى نسب ( الحسين بن الحسن بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر ) ، فشهد العدول أنه أصفهاني مؤدب ، فأخذ الرجل و حلق رأسه ، و وضعت المكواة على جبينه [3] .
 فهذه دعاوى قديمة للنسب العلوي ، في عهد ابن فندق البيهقي الذي مات في أوائل المائة السادسة ، فكيف بما جاء بعده من أزمان ..
    ثم ترقى الحال قليلاً ، فأصبح ينسب إلى جعفر الصادق .  قال ابن عنبة :” وأعقب جعفر الصادق من خمسة رجال : موسى الكاظم ، وإسماعيل ، وعلي العريضي ، ومحمد المأمون ، واسحاق ، وليس له ولد اسمه ” ناصر ” معقب ، ولا غير معقب باجماع علماء النسب . و بـ” اسفزاز”-من ولاية ” هراة خراسان”-:قومٌ يدعون الشرف ، وينتسبون إلى ناصر بن جعفر الصادق رحمه الله . وهم أدعياء كذابون لامحالة ، وهم هناك يخاطبون بالشرف على غير أصل ، والله المستعان ، ويعرف هؤلاء القوم بـ”بارسا”، وكذبهم أظهر من أن ينبه عليه ” . أهـ[4].
         و قد علَّقَ العبيدلي الأعرجي الحسيني على كلام ابن عنبة بكلام نفيس ، فقال :” أقول : انظر إلى هذه الدعوة الكاذبة كيف حصلت من هؤلاء القوم ؟ مع قيام النقابة في جميع الآفاق ، وضبط الأنساب في الأقطار على الإطلاق ، فكيف الحال في هذه الأزمان التي بطلت بها النقابة ، وفسدت الأنساب ، وترى الرجل من الأشراف لا يعرف سوى أبيه وجده إلاَّ الفرد النادر الذي هو كالكبريت الأحمر ، يذكر و لايبصر ، قد تحصل بيده جريدة يعتمد عليها في نسبه ، وهو لا يميز بين صحتها وسقمها .
        و قد وقفت على كثير من تلك الجرائد الفاسدة والمشجرات الكاسدة التي لم نجد في كتب النسب صدورها ، موضوعة لا يعرفها النسَّاب ، ولم تذكر في مشجرة و كتاب ، فذيلها أولى بالبطلان ، والله المستعان ، وربما أنبه على ما عثرت عليه من ذلك ”
      ثم ذكر بعض البيوت المشتهرة بالنسبة للعلوية في إيران ، وهي غير ثابتة ، فقال :
      ”  فمنها : أن قوماً في ” جبال بيات ودست ميسيان” ، بينها وبين ” الصيمرة ” قومٌ يخاطبون بالشرف ، وهم ينتسبون إلى إبراهيم بن محمد الباقر ، وعندهم مشهد يزعمون أنه قبر إبراهيم المذكور ، وأنهم من نسله .
      وأنت خبير أن نسل مولانا الباقر منحصر بالصادق ، لا عقب له من غيره بإجماع العلماء ، وهذه الدعوة قد حدثت بعد التسعمائة ، وأنها لم تكن في أيام صاحب ” العمدة ” ، و إلا لنبَّه عليهم ، كما نبَّه على غيرهم من الأدعياء الكذابين ، وقد ذكرت صورة نسبهم الذي يدَّعونه في مشجرنا ” الرياض ” ، ثم أبطلناه .
     ومن ذلك : في دار الخلافة قومٌ يخاطبون بالشرف ، ويقال لهم ” الأخويون” ، وهم ينتسبون إلى عمران بن موسى المبرقع بن الإمام محمد الجواد بن علي الرضا ، وسيتلى عليك أن موسى المبرقع إنما أعقب من أحمد وحده ، وليس له ولد اسمه عمران معقب ولا غير معقب ، ولم تكن هذه الدعوة في أيام النقابة ، لأنها لو كانت لقيدت بالنفي ، كما قيدوا نسب ” بني الخشَّاب ” بالنفي ، حيث انتسبوا إلى محمد بن موسى المبرقع ، ومحمد هذا دارج عند جميع النسابين ، ولو كان في تلك الأعصار من ينتسب إلى موسى المبرقع من ابن له اسمه عمران لقيدوه بالثبوت مع الوجدان ، أو بالنفي مع العدم .
         ولكن لما انقطعت النقابة ، وظنَّ بعض الأوباش أن الأنساب قد انهدم أساسها ، صاروا يؤلفون أسماء ” زيد بن عمرو بن خالد بن بكر بن علي بن حسين “ ، وهم غافلون عن تدوين الصدور وضبطها ، وأنها محفوظة عند اهلها ، وإذا ظهر مثل هذا النسب علم كل احد بفساده ، لأن علي بن الحسين لم يعقب من ابن له اسمه بكر .
         و هناك طريق آخر في فساد هذه الأنساب الموضوعة ، وهي أن العلويين صاروا قبائل و عشائر ، و كل عشيرة تعرف من كان منها ، وتنكر من لم يكن منها ، على حسب ما هو مفصل مضبوط في ” منتقل الطالبية ” كلاًّ في بلده ، والضابط للأصل عارف بالجميع نفياً وإثباتاً،ولو إجمالاً في البعض وتفصيلاً في البعض ، ينشأ من قرب البلاد وبعدها ” أهـ[5].
      و قال في مكان آخر من كتابه المذكور آنفاً :”  قلت : وقد اجتاز بنا رجلٌ من أهل خوزستان ، ونحن وقتئذ مقيمين في جبال ماسبذان ، وعليه علامة الأشراف ، فسألته عن نسبه وبلده ، فانتسب إلى الحسين بن موسى الكاظم ، وأنهم من أهل قرية تسمى ” دهلور ” ، وهي من أعمال دزفول ، وعندهم مشهد يزعمون أنه مشهد الحسين بن موسى بن جعفر ، وهم عشيرة  كبيرة ، وأوقفني على جريدة فيها نسبه ، وقد شهد فيها جماعة من الفقهاء غير أنهم غير عارفين بالأنساب ، ولم يكن فيها من أهل الخبرة أحد ، وصورة النسب هكذا :” محمد بن أحمد بن شفيع بن رفيع بن محسن بن حسن بن حسين بن أحمد بن غفور بن ضامن بن رضا بن علي بن بن علي نقي بن عبدالرضا بن صمد بن آقا بن قوما بن حسين بن كريم بن محمد بن أحمد بن ابراهيم بن مهدي بن رفيع بن رضا بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن موسى الكاظم ” ، وقد عرفت آنفاً اختلافهم في الحسين هل أعقب أم لا ؟ وعلى القول بأنه أعقب أيضاً : اختلفوا هل انقرض نسله أم لم ينقرض ؟ وعلى القول بعدم انقراضه ، فإنهم لم يذكروا أنه أولد ابناً اسمه ” يحيى ” ، فهم أدعياء كذابون لا محالة ” أهـ [6].
وكلام الأعرجي هذا و ما قبله من الأهمية بمكان في معرفة صحة بعض الأنساب المدعاة في تلك الديار ، لعدة أمور :
1-  أنه نسابة إخباري .
2-  أنه رافضي إمامي ، فلا يمكن أن يتهم في نقله و أنه من باب التجني للمخالفة في المذهب بل هذا من محبته و نصيحته للنسب العلوي .  
3-   تأخر زمانه وقرب عصره .    
    و من أشهر من انتسب في العصور المتأخرة للبيت العلوي :” أسرة الملوك الصفويين ” ، فإنهم لا نسب لهم في بيت الطالبية ، و لكن الدولة دولتهم ، فأمروا من يضع لهم عمود النسب ، حتى كتبه لهم بعض النسابين بماء الذهب موصولاً إلى موسى الكاظم !!  فإنا لله وإنا إليه راجعون .
    و الكلام في نسب الصفوية مما لا يحتاج إلى تفصيل أو تدليل فمن يعرف بيوت العلوية ينكر نسبتهم و لا ريب ، و لهذا اتفقت كلمة جمع من الباحثين من الفارسيين فضلاً عن غيرهم على إبطال نسبتهم في البيت العلوي !
    و ممن أنكر نسبتهم الفيلسوف عبدالرحمن بدوي في ” سيرة حياته ” ، و د. علي شريعتي ، و أشار إلى وجه نكارة نسبهم عباس العزاوي في ” تاريخ العراق بين احتلالين ” ، و بحث ما يتعلق بهم يحتاج إلى مقال مفرد ، و المادة فيه غزيرة  ، يسر الله أمرها .
 و مع كل ذلك الانكار إلا أننا نجد الانتساب للبيوت العلوية في ازدياد و انتشار في إيران ،  و يوجد لهم في كل عصر وجيل في تلك الديار طرق من النصب والاحتيال والخداع ، و نصب لهم أهل المكر وعاجل حظ الحياة الدنيا  -  ممن يحب المال حباً جما ، و يأكل التراث أكلاً لما –  شراك شجرات النسب و أعمدة السوء ، فلا زالوا يصححون تلك الأنساب الباطلة و يدبجون شجرات الزقوم لا بارك الله فيها و لا في أهلها .
    و العجيب في الأمر ، استمرار انتسابهم من جهة محمد الباقر بأوجه باطلة لا تصح ، فمن ذلك :
  الانتساب من جهة إبراهيم بن محمد الباقر :
 و من الأسر المنتسبة إليه : ” آل ابراهيم ، و آل ساداتي الشيرازي وآل ساجدي وآل السجادي اللورستاني في ايران ، و آل تابعي في ايران ، و آل شرافت في شيراز ، و آل الفقيه في تبريز ، و آل القرشي السروستاني ، و آل معزى  و آل ويس ، و الغيبية ، و آل داودي ، و آل رجب ، ” ، و غيرها كثير .
   جميع هؤلاء ينتسبون إلى محمد الباقر من خلال ابن مفتعل لا حقيقة له سموه ” إبراهيم ” ،  و قد نبه النسابون على كذب ذلك و بطلانه ، لكن لله أمر بالغه في هؤلاء الأدعياء ..
  الانتساب من جهة عبدالله بن محمد الباقر :
   من ذلك انتساب أسرة :  آل نعمة اللهي ، و الهاشم شاهية في ايران والهند ، و آل الاشكوري في ايران ، و آل الاطرقجي في ايران وكربلاء   . ينتسب جميع هؤلاء من جهة عبدالله بن الامام محمد الباقر  ، وهو شخص لم يولد حتى ينسب إليه ، ولا حول و لا قوة إلا بالله .. 
  الانتساب من جهة علي بن محمد الباقر :
منهم :  آل الطالقاني في طهران  .
 و آل الفاني اليزدي في ايران:  و هم ينتسبون مرة إلى علي بن الامام الباقر وهذا غير صحيح وينتسبون مرة اخرى الى علي بن الامام الصادق !
        و منهم : آل احمد في طهران: وينتسبون الى علي بن الامام الباقر وهذا لا يصح
و كثير من كلام الأعرجي النسابة المتقدم لا يلتفت إليه هؤلاء المتأخرون في إيران ، بل يسارعون إلى الانتساب إلى البيت العلوي دون توقف ، و لا زال المر في ازدياد ، ..
 
انتساب أئمة الرافضة المتأخرين للنسب العلوي :
 آل  الخميني  في  إيران :
  لقد أثار كثيرٌ من أهل السنة و ممن قدر الله صحوته و يقظته من المتشيعة الشك في نسب الخميني ، و قد سبب ذلك لكثير من الشيعة الإمامية الاضطراب و الحيرة ، و ذلك لأنهم يعظمون من يظنون سيادته إذا كان موافقاً لأصول المذهب ويكفرون ويفسقون من لم يكن كذلك ، فكيف إذا كان رجلاً كالخميني أقام لهم دولة و أقام لهم مذهب ولاية الفقيه سلطاناً على رقاب المتشيعة ؟ 
    و لهذا لما أثير الكلام في نسب الخميني ، سبب ذلك ضجة عندهم ، حتى كتب بعضهم إلى  مكتب الوكيل الشرعي العام للخامنئي في لبنان بقوله :” طلبي من الأعزاء القائمين على هذا المركز الثقافي… أن يساعدوني في هذه المشكلة التي أزعجتني من ………. حيث طرحوا سؤالاً في المنتدى يردون به نسب آية الله السيد روح الله الموسوي قدس سره الشريف  .. أحبابي أريد حلاً لهذا الأمر، لأنهم ينفون عنه انتسابه لأهل البيت عليهم السلام…
أريد رداً شافياً لهؤلاء ……. ” ؟!
    و كان الجواب من مكتب الوكيل الشرعي العام للخامنئي في لبنان أن قال :”  إن نسب الإمام الخميني “قده” وبأنه من السادة الأشراف المنتهي نسبهم إلى رسول الله “ص” مما لا يرقى إليه الشك، والرد على من يدَّعي خلاف ذلك فليكن قول الله تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر). ونسبه مشهور في إيران شهرة عظيمة، ولو كان هناك شك في ذلك لظهر بكل وضوح وجلاء “. انتهت الفتوى .
يقول الدكتور موسى الموسوي وهو أحد المقربين إلى الخميني :( إن الذي يعرفه الجميع هو أن جد الخميني (أحمد) قدم من الهند إلى إيران وذلك قبل مائة عام ـ أي في عام 1885م تقريباً ـ وسكن قرية خمين وولد أباه مصطفى الذي قتل في إبان الشباب في تلك القرية وهذا كل مايعرفه الشعب الإيراني من نسب الرجل وسوابقه , أما من هم أسرته وأين كان موطنها في الهند قبل الهجرة إلى إيران فهذا شيء لا يعرف أحد شيئاً عنها ولا هو أشار إليها من القريب ولا البعيد ولا اجهزة الاعلام أشارت شيئاً إلى هذا الموضوع الحيوي من حياة أسرة الخميني وكما أشرنا قبل قليل بما أن هجرة جد الخميني إلى إيران كانت قبل مائة عام , والمائة من السنين في حياة الأسرة يعتبر تاريخاً لثلاثة أجيال فقط , فإذن لا يمكن أن نصدق أن صلة الخميني مقطوعة بأسرته في الهند أو قد نساهم , فإذن ما هو السر الدفين في تناسي أسرته وأقربائه وقطع الصلة بهم ؟ أليس هناك ما يعتبر غريباً وخطيراً في هذا الكتمان الشديد وهذا التعتيم غير الطبيعي على نسب الخميني ومؤسس الجمهورية الإسلامية ومرشد الثورة الإسلامية في إيران ؟! أترك الجواب للمعجبين بالرجال ومريديه وصحافته وزمرته في أرجاء إيران ) أ. هـ كلامه[7] .
    وكان الخميني يحرص كثيراً على إثبات هذا الانتساب ــ أي إلى موسى بن جعفر ــ في كتاباته وتوقيعاته ويكثر من تكراره ليصبح مألوفاً لدى الناس [8].
       و قد اعترف الخميني بخط يده أن أصله من الهند ، و أنه هندي  الأصل .  و هذا نقلٌ بخط يده ، كتبه سنة 1391 هـ فيه إثبات ذلك :
  
فهذا دليل مادي على اعتراف الخميني بأصله ” الهندي ” !
   مما سبق يتضح أن نسب الخميني طاريء في إيران ، و  أن من أراد معرفة نسبه فيها ، فلن يجد شيئاً يذكر ، و هذا هو الواقع  ، فالواجب إذاً أن يتتبع مسار أسرته في الهند ؟! و هذا ما يعجز عنه كل الناسبين ، بمن فيهم نسابو الشيعة و الخميني نفسه !  
    ما الحل إذن ؟  أيكتفى بمجرد دعوى السيادة في إيران ؟ لقد كفانا مؤنة الاجابة عن ذلك الخميني نفسه ، فقال في ” تحرير الوسيلة ” :” لا يصدق مدعي السيادة بمجرد دعواه ، نعم يكفي في ثبوتها كونه معروفاً ومشتهراً بها في بلده من دون نكير من أحد ” . أهـ .
   والخميني كما تقدم لم تعرف أسرته بالسيادة ، و ذلك لطروئها على إيران ، و ليس للأسرة تاريخ يعرفه المعمرون الأصليون أو أهل التاريخ في بلاد إيران ؟! و لهذا نجده و نجد أتباعه إذا أرادوا نسبته للعلوية اكتفوا بذكر (( أربعة أو خمسة أجداد )) ، ثم يقولون ” الموسوي ” ؟!
  و مع كل ما تقدم ، فإن أسرة ( الخميني )  تتناقض في إدعائها للنسب العلوي ، وهذا ما يؤكد عدم صدق الدعوى ، فهم تارة ( يدعون الانتساب إلى الامام الكاظم ) ، و تارة أخرى ( يدعون إلى إسماعيل بن الامام جعفر الصادق ) .
    و في جميع الأحوال ، فإنه لم يمكن العثور لهم على أي مشجرة مصدقة أو عمود نسب موثق في جميع المصادر المتوفرة ، سواء كانت مطبوعة في ايران ، أو في العراق أو في لبنان أو غيرها ..
     فالأصل بقاء ما كان على ما كان ، و هو عدم دخول هذا الرجل في أنساب العلوية في إيران ، و لا تقبل دعواه و أتباعه حتى يدل دليلٌ صحيح على تلك الدعوى ، وكون الرجل رئيساً لدولة و قائداً لثورة شيعية معاصرة ، و متبوعاً عند أهل ملته و أتباعه ، هذا شيء و إلصاق ذلك زوراً إلى الإمام موسى الكاظم أو غيره شيء آخر ، فإن أنساب العلوية كما ألف من ألف من النسابين ” محفوظة عن الغبار ” ، فكيف بمن سماهم الشعبي ” الرخم و … ” ؟!     
 
   آل خامنئي في ايران:
    وهم كالخمينية ينسبون أنفسهم ، و بدون أي شجرات نسب أو أعمدة موثقة مصدقة ، و قد اقترن ذلك عندهم بالتناقض في أعمدة النسب ، فتارة يدعون إلى ( الامام موسى الكاظم ) . وفي مصدر مطبوع في إيران ينسبون أنفسهم إلى(  علي بن الامام الصادق ) .
   و هم كالخمينية لا ينتسبون لـ( أكثر من أربعة أو خمسة آباء فقط) .
 آل السيستاني في ايران  :
   ينتسبون إلى الامام زيد الشهيد . و في بعض المصادر المطبوعة في ايران نسبوا ايضا الى الامام موسى الكاظم .  
    و من مشاهير هذا البيت اليوم آيتهم الشيعية المعاصرة السيستاني ، و هو زوج بنت الخوئي  . و أمره محير ، فقد اجتهدت كثيراً في البحث عن نسب هذا الرجل المعاصر من ملاليهم فلم أعثر على شيء يذكر ، حتى في مواطن ترجمته و التنويه به لا يذكرون إلا ” الحسيني ” ،  نحو ذلك ، وقد وجدت إجازة من آغا بزرك الطهراني يحليه بلقب الحسيني فيها .  
آل الخوانساري في ايران:
ومعهم آل السدهي وآل حجازي في ايران وينتسبون جميعا الى حسن بن يحيى بن ابراهيم بن حسن بن عبدالله بن الامام الكاظم ، و هذا لا يصح حيث ان حسن بن عبدالله بن الكاظم غير معقب عند متقدمة النسابين …
آل الخراساني في ايران:
ينتسبون الى صالح بن محمد بن جعفر بن حسن بن محمد بن جعفر بن محمد بن اسماعيل بن الامام الصادق ،  و لا وجود لصالح هذا ضمن ابناء محمد بن جعفر بن حسن المذكور سواء المعقبين منهم او غير المعقبين …
آل شريعتمداري في ايران:
ينتسبون مرة الى محمد( بن الحنفية ) بن الامام علي بن ابي طالب  ، و مرة الى اخيه
عمر الاطرف بن الامام علي عليه السلام ، و الله أعلم بحالهم ..
 
    اعترافات متأخرة :
في السنوات الأخيرة تاب ثلة من علماء الشيعة من أباطيلهم، واعترفوا بفساد العقيدة الشيعية، ومن هؤلاء الشيخ حسين الموسوي مؤلف كتاب: ” لله ثم للتاريخ ” حيث ذكر أحوالاً سافلة في تزوير النسب الهاشمي في النجف بأبخس الأثمان وأحط الأحوال ، هذا في العراق فكيف الحال في إيران ؟!  يقول :
(( ويحسن بنا أن ننبه إلى أن الفقهاء والمراجع الدينية يزعمون أنهم من أهل البيت ؛ فترى أحدهم يروي لك سلسلة نسبه إلى الكاظم عليه السلام . اعلم أنه يستحيل أن يكون هذا الكم الهائل من فقهاء العراق وإيران وسوريا ولبنان ودول الخليج والهند وباكستان وغيرها من أهل البيت، ومن أحصى فقهاء العراق وجد أن من المحال أن يكـون عددهـم الذي لا يحصى مـن أهـل البيت؛ فكيف إذا ما أحصينا فقهاء البلاد الأخرى ومجتهديها؟ لا شك أن عددهم يبلغ أضعافاً مضاعفة؛ فهل يمكن أن يكون هؤلاء جميعاً من أهل البيت؟
وفوق ذلك فإن شجرة الأنساب تباع وتشترى في الحوزة؛ فمن أراد الحصول على شرف النسبة لأهل البيت فما عليه إلا أن يأتي بأخته أو امرأته إذا كانت جميلة إلى أحد السادة ليتمتع بها، أو أن يأتيه بمبلغ من المال وسيحصل بإحدى الطريقتين على شرف النسبة وهذا أمر معروف في الحوزة.
لذلك أقول لكم: لا يغرنكم ما يضعه بعض السادة والمؤلفين عندما يضع أحدهم شجرة نسبه في الصفحة الأولى من كتابه ليخدع البسطاء والمساكين كي يبعثوا له أخماس مكاسبهم » .
 
                                               الخاتمة    
    يدعونا داعية الانصاف و الحب لآل البيت إلى أن نقول : يجب تحكيم الشرع في اعتماد صحة تلك الأنساب المدعاة للعلوية ، و لا يكفي في ذلك مجرد الاشتهار و الاستفاضة ، فقد يشتهر ما هو باطل ، ويبنى على غير أساس ، وتلك البلاد خلفت فيها خلوف و انتابتها نكبات و أحداث جسام ، تغيرت فيها الدول و العروش و الأديان و المذاهب .. فحب آل البيت وتعظيمهم يوجب علينا العناية بتصحيح أنساب العلوية لا السكوت عن الأدعياء بسبب المصلحة أو المذهب أو عدم إثارة الفتنة ، فهذا من أهم معالم حب آل البيت  .
   أما السكوت و تصحيح الأنساب الباطلة و تمشيتها ، فلأهله موعدٌ لن يخلفوه .   


[1] حاشية العمدة : 290 . ط: الكمالية .
[2]  لباب الأنساب (2/723 ) .
[3]  لباب الأنساب (2/724 ) .
[4]  العمدة ( 290-291 ) .
[5] مناهل الضرب ( 390 -391 ) . وكلامه ههنا جيد .
[6]   394 -395 .
[7] (الخميني في الميزان)ص(148)
[8] ( الخميني في الميزان ) ص (48) ، وكتاب الدكتور زيد العيص (الخميني والوجه الأخر في ضوء الكتاب والسنة ) ص ( 38 ) .
  إقراً :
                  بيوت العلوية في إيران – 2
 

بحث سريع