الركن الثالث: الإيمان بالكتب

بواسطة | إدارة الموقع
2005/07/21
الإيمان بكتب الله المنـزلة على رسله عليهم الصلاة والسلام هو الركن الثالث من أركان الإيمان ، فإن الله تعالى قد أرسل رسله بالبينات وأنزل عليهم الكتب رحمة للخلق وهداية لهم لتتحقق سعادتهم في الدنيا والآخرة ، ولتكون منهجاً يسيرون عليه وحاكمة بين الناس فيما اختلفوا فيه .
قال تعالى :" لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط " [سورة الحديد:الآية 25]. وقال تعالى :" كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه " [سورة البقرة:الآية 21]
(1) ـ حقيقة الإيمان بالكتب :
الإيمان بالكتب هو التصديق الجازم بأن لله كتباً أنزلها على رسله عليهم الصلاة والسلام ، وهي من كلامه حقيقة ، وأنها نور وهدى ، وأن ما تضمنته حق وصدق وعدل يحب اتباعه والعمل به ، ولا يعلم عددها إلا الله .
قال تعالى :" و كلم الله موسى تكليماً " [سورة النساء:الآية 164]. وقال تعالى :" و إنْ أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله " [سورة التوبة:الآية 6]
(2) ـ حكم الإيمان بالكتب :
يجب الإيمان بجميع الكتب التي أنزلها الله على رسله عليهم الصلاة السلام، وأن الله تبارك وتعالى قد تكلم بها حقيقة ، وأنها منزلة غير مخلوقة، ومن جحدها أو جحد شيئاً منها فقد كفر .
قال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله و رسوله و الكتاب الذي نزل على رسوله و الكتاب الذي أَنزل من قبل و من يكفر بالله وملائكته و كتبه ورسله و اليوم الاخر فقد ضل ضلالاً بعيداً " [سورة النساء:الآية 136].
وقال تعالى:" و هذا كتاب أنزلنا مبارك فاتبعوه و اتقوا لعلكم ترحمون [سورة الأنعام:الآية 155]
(3) ـ حاجة الناس للكتب والحكمة من إنزالها :
أولاً : ليكون الكتاب المنزل على الرسول هو المرجع لأمته ، فيرجعون إليه لمعرفة دينهم .
ثانياً : ليكون الكتاب المنزل على الرسول هو الحكم العدل لأمته في كل ما يختلفون فيه .
ثالثاً : ليقوم الكتاب المنزل بحفظ الدين بعد موت الرسول مهما تباعدت الأمكنة والأزمنة ، كما هو الحال في دعوة نبينا محمدصلى الله عليه وسلم.
رابعاً : لتكون هذه الكتب حجة الله على خلقه ، لا يسعهم مخالفتها ولا الخروج عنها .
قال تعالى :" كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه " [سورة البقرة:الآية 21]
(4) ـ كيفية الإيمان بالكتب :
الإيمان بكتب الله إجمالي وتفصيلي :
أما الإجمالي : فهو أن تؤمن بأن الله أنزل كتباً على رسله عليهم الصلاة والسلام .
وأما التفصيلي : فهو أن تؤمن بما سمى الله من كتبه في القرآن الكريم ، وقد علمنا من ذلك القرآن والتوراة والزبور والإنجيل وصحف إبراهيم وموسى ، وتؤمن بأن لله سوى ذلك كتباً أنزلها على أنبيائه ، لا يعرف أسماءها وعددها إلا الذي أنزلها سبحانه وتعالى .
وهذه الكتب كلها جاءت لتحقيق توحيد الله بإفراده بالعبادة وعمل الصالحات والنهي عن الشرك والإفساد في الأرض ، فأصل دعوة الأنبياء واحد وإن اختلفوا في الشرائع والأحكام .
والإيمان بالكتب الإقرار بنزولها على الرسل السابقين , والإيمان بالقرآن إقرار به واتباع لما فيه .
قال تعالى:" آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه و المؤمنون كلٌ آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله " [سورة البقرة:الآية 285].
وقال تعالى: " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم و لا تتبعوا من دونه أولياء " [سورة الأعراف:الآية 3].
وقد امتاز القرآن عن الكتب السابقة بأمور أهمها :
1 ـ أنه معجز بلفظه ومعناه وما فيه من الحقائق الكونية والعلمية.
2 ـ أنه آخر الكتب السماوية ، فقد ختمت به الكتب كما ختمت الرسالات بنبينا محمدصلى الله عليه وسلم.
3 ـ أن الله قد تكفل بحفظه من كل تحريف أو تبديل ، خلافاً للكتب الأخرى فقد وقع فيها التحريف والتبديل .
4 ـ أنه مصدق لما قبله من الكتب ومهيمن عليها .
5 ـ أنه ناسخ لجميع الكتب السابقة .
قال تعالى:" ما كان الله حديثاً يفترى و لكن تصديق الذي بين يديه و تفصيل كل شيء و هدى و رحمة لقوم يؤمنون " [سورة يوسف:الآية 111]
(5) ـ قبول أخبار الكتب السابقة :
نعلم يقيناً أن ما جاء في تلك الكتب من الأخبار التي أوحاها الله إلى رسله عليهم الصلاة والسلام حق لا شك فيه .
وهذا لا يعني أن نقبل ما في الكتب الموجودة الآن بين أيدي أهل الكتاب؛ لأنها حرفت وبدلت ، فلم تبق على أصولها التي أنزلها الله على رسله عليهم الصلاة والسلام .
ومما علمناه يقيناً من تلك الكتب ما أخبرنا الله به في كتابه من أنه لا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وأن سعيه سوف يُرى ثم يُجزاه الجزاء الأوفى .
قال تعالى :" أم لم ينبأ بما في صحف موسى و إبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى و أن ليس للإنسان إلا ما سعى و أن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزآء الأوفى " [سورة النجم:الآيات 36-41].
وقال تعالى:" بل تؤثرون الحياة الدنيا و الآخرة خير و أبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم و موسى " [سورة الأعلى:الآيات 16-19]
وأما أحكامها : فإن ما في القرآن يلزمنا التعبد به ، بخلاف ما في الكتب السابقة ، فإننا ننظر إن كان مخالفاً لشريعتنا فإننا لا نعمل به ؛ لا لأنه باطل ، بل هو حق في زمنه ولكن لا يلزمنا العمل به ؛ لأنه نسخ بشريعتنا ، فإن وافق شريعتنا فإنه حق دلت شريعتنا على صحته.
(6) ـ الكتب السماوية التي ورد ذكرها في القرآن والسنة، هي:
1 ـ القرآن الكريم :
وهو كلام الله الذي أنزله على محمدصلى الله عليه وسلمخاتم الرسل والأنبياء ، فكان آخر الكتب المنزلة ، وقد تكفل الله بحفظه من التحريف والتبديل وجعله ناسخاً للكتب الأخرى .
قال تعالى:" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [سورة الحجر:الآية 9].
وقال تعالى :" و أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب و مهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله " [سورة المائدة: الآية 48].
2 ـ التوراة :
وهي الكتاب الذي أنزله الله على موسى عليه السلام وجعلها هدى ونوراً يحكم بها أنبياء بني إسرائيل وأحبارهم .
والتوراة التي يجب الإيمان بها هي التي أنزلها الله على موسى عليه السلام وليست التوراة المحرفة الموجودة عند أهل الكتاب اليوم .
قال تعالى :" إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا و الربانيون و الأحبار بما استحفظوا من كتاب الله " [سورة المائدة:الآية 44] .
3 ـ الإنجيل :
وهو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى عليه السلام بالحق مصدقاً لما قبله من الكتب السماوية .
والإنجيل الذي يجب الإيمان به هو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى عليه السلام بأصوله الصحيحة ، وليست الأناجيل المحرفة الموجودة اليوم عند أهل الكتاب .
قال تعال :" و قفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة و آتيناه الانجيل فيه هدى و نور و مصدقاً لما بين يديه من التوراة و هدى و موعظة للمتقين " [سورة المائدة:الآية 46].
ومما ضمنته التوراة والإنجيل البشارة برسالة نبينا محمدصلى الله عليه وسلم. قال تعالى :" الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الانجيل .. " [سورة الأعراف:الآية 157]
4 ـ الزبور :
وهو الكتاب الذي أنزله الله على داود عليه السلام . والزبور الذي يجب الإيمان به هو ما أنزله الله على داود عليه السلام وليس ما دخل عليه التحريف من عمل اليهود . قال تعالى: " و آتينا داود زبوراً " [سورة النساء:الآية 163]
5 ـ صحف إبراهيم وموسى :
وهي الصحف التي آتاها الله إبراهيم وموسى عليهما السلام وهذه الصحف مفقودة ولا يعرف منها شيء إلا ما جاء ذكره عنها في القرآن الكريم والسنة.
قال تعالى :" أم لم ينبأ بما في صحف موسى و إبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى و أن ليس للإنسان إلا ما سعى و أن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزآء الأوفى " [سورة النجم:الآيات 36-41].
وقال تعالى:" بل تؤثرون الحياة الدنيا و الآخرة خير و أبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم و موسى " [سورة الأعلى:الآيات 16-19] .



بحث سريع