الركن الثاني: الإيمان بالملائكة

بواسطة | إدارة الموقع
2005/07/21
(1) ـ تعريفه :
الإيمان بالملائكة : هو الاعتقاد الجازم بأن لله ملائكة خلقهم من نور مجبولين على طاعته ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون ، لا يعلم عددهم إلا الله ، كلّفهم الله بأعمال ووظائف مختلفة .
قال تعالى :" و لكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر و الملائكة .. " ( البقرة : 177 ) .
وقال تعالى:" كلٌ آمن بالله و ملائكته و كتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " ( البقرة : 285 ) .
وفي حديث جبريل المشهور لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان . قال ـ أي جبريل ـ : فأخبرني عن الإيمان . قال ـ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره .
منزلة الإيمان بالملائكة من الدين وحكمه :
الإيمان بالملائكة هو الركن الثاني من أركان الإيمان الستة ، التي لا يصح إيمان عبد ولا يقبل إلا بها .
وقد أجمع المسلمون على وجوب الإيمان بالملائكة الكرام ، فمن أنكر وجودهم ، أو وجود بعضهم ممن ذكره الله عز وجل فقد كفر وخالف الكتاب والسنة والإجماع .
قال تعالى :" و من يكفر بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً " ( سورة النساء : 136 ) .
(2) ـ كيفية الإيمان بالملائكة :
الإيمان بالملائكة مجمل ومفصل :
الإيمان المجمل يتضمن أموراً منها :
الأول : الإقرار بوجودهم ، وأنهم خلق من خلق الله ، خلقهم الله لعبادته، وأن وجودهم حقيقي ، وعدم رؤيتنا لهم لا يدل على عدم وجودهم ، فكم من مخلوقات دقيقة في الكون لا نراها وهي موجودة حقيقة.
وقد رأي النبي صلى الله عليه وسلم جبريل بصورته الحقيقية مرتين ، ورأى بعض الصحابة رضي الله عنهم بعض الملائكة وهم متمثلون بصورة البشر .
فقد روى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ((رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته وله ستمائة جناح ، وكل جناح منها قد سدّ الأفق)) . وقد ثبت في حديث جبريل المشهور والذي رواه مسلم أن جبريل عليه السلام جاء بصورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه أحد من الصحابة .
الثاني : إنزالهم منازلهم التي أنزلهم الله ، فهم عباد الله مأمورون ، أكرمهم الله ورفع مقامهم وقربهم منه ، وأن منهم رسل الله بالوحي وغيره ، ولا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه ، وهم مع هذا لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعاً ولا ضراً من دون الله ؛ ولذلك لا يجوز أن يصرف لهم شيء من أنواع العبادة فضلاً عن أن يوصفوا بصفات الربوبية كما زعمت النصارى ذلك في روح القدس عليه السلام .
قال تعالى :" و قالوا اتخذ الرحمن ولداً . سبحانه بل عباد مكرمون . لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون " ( الأنبياء : 26-27 ) . وقال تعالى:" لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون " ( التحريم : 6 ) .
وهذا القدر من الإيمان واجب على كل مسلم ومسلمة ، يجب عليهم أن يتعلموه ويعتقدوه ، ولا يُعذر بجهله .
أما الإيمان المفصل بالملائكة فيتضمن أموراً منها :
أولاً : مادة خلقهم :
خلق الله تعالى الملائكة من نور كما خلق سبحانه الجن من النار وخلق بني آدم من طين ، وكان خلقهم قبل خلق آدم عليه السلام .
وقد جاء في الحديث ((خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم )) [ رواه مسلم ] .
ثانياً : عدد الملائكة :
الملائكة خلق لا يحصى عددهم إلا الله عز وجل لكثرتهم ، فما في السماء من موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد أو قائم ، كما إن البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه من كثرتهم ، ويؤتى بالنار يوم القيامة ولها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها .
قال تعالى:" و ما يعلم جنود ربك إلا هو " . (سورة المدثر:الآية 31 " . وجاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( أطَّت السماء وحق أن تَئِطَّ ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد وراكع )) . وقال صلى الله عليه وسلم عن البيت المعمور : (( يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه )) رواه البخاري ومسلم . وقال صلى الله عليه وسلم : ((يؤتي بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك )) [ رواه مسلم].
وهنا يتبين لنا ضخامة عدد الملائكة ، فهؤلاء مثلاً يبلغ عددهم أربعة آلاف وتسعمائة مليون ملك . فكيف ببقية الملائكة ! سبحان من خلقهم وصرفهم وأحصاهم عدداً .
ثالثاً : أسماء الملائكة :
يجب الإيمان بمن سمى الله لنا في القرآن أو سماه لنا رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة من الملائكة وأعظمهم ثلاثة :
الأول : جبريل ، وقد يسمى جبرائيل ، وهو روح القدس الذي ينزل بالوحي الذي به حياة القلوب على الرسل عليهم السلام .
الثاني : ميكائيل ، وقد يسمى ميكال . وهو موكل بالمطر الذي به حياة الأرض يسوقه حيث أمره الله .
الثالث : إسرافيل . وهو موكل بالنفخ في الصور إيذانا بانتهاء الحياة الدنيا وابتداء الحياة الآخرة ، والذي به حياة الأجساد .
رابعاً : صفات الملائكة : الملائكة خلق حقيقي ، لهم أجسام حقيقية متصفة بصفات خلقية وخُلقيه فمن ذلك :
أ ـ عظم خلقهم وضخامة أجسامهم : خلق الله سبحانه وتعالى الملائكة على صور عظيمة قوية تليق بأعمالهم الجليلة التي وكلهم الله بها في السموات والأرض .
ب ـ أن لهم أجنحة : خلق الله سبحانه وتعالى للملائكة أجنحة مثنى وثلاث ورباع ، وقد تزيد على ذلك ، كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته له ستمائة جناح وقد سد الأفق . قال تعالى:" الحمد لله فاطر السموات و الأرض جاعل الملائكة رسلاً أُولي أجنحة مثنى و ثلاث و رباع . يزيد في الخلق ما يشاء " ( سورة فاطر:الآية 1 ) .
ج ـ عدم حاجتهم للطعام والشراب : خلق الله سبحانه وتعالى الملائكة لا يحتاجون إلى طعام أو شراب ولا يتزوجون ولا يتناسلون .
د ـ الملائكة عقلاء ذوو قلوب : كلموا الله وكلمهم ، كلموا آدم وغيره من الأنبياء .
هـ ـ قدرتهم على التمثل بغير صورتهم الحقيقة : أعطى الله ملائكته قدرة على التمثل بصورة الذكور من البشر ، وهذا فيه رد على الوثنيين الذين زعموا أن الملائكة بنات الله .
ولا نعلم كيفية تمثلهم إلا أنهم يتمثلون بصورة دقيقة يصعب معها التفريق بينهم وبين البشر .
و ـ موت الملائكة : الملائكة يموتون جميعاً يوم القيامة بما فيهم ملك الموت ، ثم يبعثون للقيام بأعمالهم التي وكلهم الله بها.
ز ـ عبادة الملائكة : يعبد الملائكة الله سبحانه وتعالى بعبادات منها الصلاة ، والدعاء والتسبيح ، والركوع ، والسجود ، والخوف والخشية والمحبة، وغير ذلك .
ومن صفات عبادتهم ما يلي :
1 ـ الدوام والاستمرار مع عدم الفتور .
2 ـ الإخلاص لله سبحانه وتعالى .
3 ـ لزوم الطاعة وترك المعصية لعصمتهم عن الذنوب والمعاصي.
4 ـ التواضع لله مع كثرة العبادة .
قال تعالى :" يسبحون الليل و النهار لا يفترون " ( الأنبياء : 20 ) .
خامساً : أعمال الملائكة : تقوم الملائكة بأعمال جليلة وكلهم الله بها ، فمنهم :
1 ـ حملة العرش .
2 ـ الملك الموكل بإنزال الوحي على الرسل .
3 ـ خزنة الجنة والنار .
4 ـ الموكلون بالسحاب والقطر والنبات .
5 ـ الموكلون بالجبال .
6 ـ الملك الموكل بالنفخ في الصور .
7 ـ الموكلون بكتابة أعمال بني آدم .
8 ـ الموكلون بحفظ بني آدم، فإذا قدر الله عليه أمراً تركوه فوقع ما قدر له.
9 ـ الموكلون بملازمة الإنسان ودعوته للخير .
10 ـ الموكلون بالنطفة في الرحم ، ونفخ الروح في الإنسان وكتابة رزقه وعمله وشقي أو سعيد .
11 ـ الموكلون بقبض أرواح بني آدم عند الموت .
12ـ الموكلون بسؤال الناس في قبورهم وما يترتب عليه من نعيم أو عذاب.
13 ـ الموكلون بتبليغ النبي صلى الله عليه وسلم سلام أمته عليه .
ولذلك لا يحتاج المسلم في سلامه على النبي صلى الله عليه وسلم إلى شد الرحل إليه ، بل يكفي أن يصلي ويسلم عليه في أي مكان ، فإن الملائكة تنقل سلامه وتبلغه النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تشد الرحال إلى المسجد النبوي للصلاة فيه .
ولهم أعمال كثيرة جداً هذا أشهرها ، ومن الأدلة على ذلك :
قال تعالى :" الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم و يؤمنون به و يستغفرون للذين آمنوا " (سورة غافر:الآية 7) .
وقال تعالى :" قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله " (سورة البقرة:الآية 97 ).
وقال تعالى :" و لو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت و الملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم ( سورة الأنعام:الآية 93 ) .
سادساً : حقوق الملائكة على بني آدم :
أ ـ الإيمان بهم .
ب ـ محبتهم وتعظيمهم وذكر فضائلهم .
ج ـ تحريم سبّهم أو تنقصهم أو الاستهزاء بهم .
د ـ البعد عما يكرهه الملائكة ، فإنهم يتأذون مما يتأذى منه بنو آدم .
(3) – ثمرات الإيمان بالملائكة :
أ ـ تحقيق الإيمان ، فإن الإيمان لا يصح إلا بالإيمان بهم .
ب ـ العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه ، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق .
ج ـ زيادة الإيمان في قلب المسلم بمعرفة صفاتهم وأحوالهم ، ووظائفهم.
د ـ الأمن والطمأنينة للمؤمنين عند تثبيت الله لهم بالملائكة.
هـ محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادات على الوجه الأكمل واستغفارهم للمؤمنين .
و ـ بغض الأعمال الفاسدة والمعاصي .
ز ـ شكر الله سبحانه وتعالى على عنايته بعباده ، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم وغير ذلك من مصالحهم .



بحث سريع