الركن الأول: الإيمان بالله

بواسطة | إدارة الموقع
2005/07/21
(1) ـ تحقيقه :
يتحقق الإيمان بالله عز وجل بما يلي :
أولاً : الاعتقاد بأن لهذا الكون رباً واحداً ، تفرد بخلقه وملكه وتدبيره وتصريف شؤونه ، رزقاً وقدرة وفعلاً وإحياءً وإماتةً ونفعاً وضراً لا رب سواه ، يفعل وحده ما يشاء ويحكم ما يريد ، يعز من يشاء و يذل من يشاء ، بيده ملكوت السموات والأرض وهو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم ، غني عما سواه ، له الأمر كله وبيده الخير كله ، ليس له شريك في أفعاله ، ولا غالب له على أمره ، بل الخلق جميعاً بمن فيهم الملائكة والإنس والجن عبيد له ، لا يخرجون عن ملكه وقدرته وإرادته سبحانه ، وأفعاله لا تدخل تحت حصر ، ولا يحصرها عدد ، وكل تلك الخصائص هي حق له وحده لا شريك له ، لا يستحقها أحد سواه ، ولا يجوز نسبتها ولا إثبات شيء منها لغير الله عز وجل .
قال تعالى :" يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم و الذين من قبلكم لعلكم تتقون . الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً و أنزل من السماء مآءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم " ( سورة البقرة : الآيتان : 21-22 ) ، وقال تعالى:" قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير " ( سورة آل عمران : الآية 26 ) . وقال تعالى :" و ما من دآبة في الأرض إلا على الله رزقها و يعلم مستقرها ومستودعها كلٌ في كتاب مبين " ( سورة : هود : الآية 6 ) . وقال تعالى :" ألا له الخلق و الأمر تبارك الله أحسن الخالقين " . ( سورة الأعراف : الآية رقم 54 ) .
ثانياً : الاعتقاد بتفرد الله عز وجل بأحسن الأسماء وأكمل الصفات، التي تَعرَّف للعباد ببعضها في كتابه أو سنة خاتم أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم.
قال سبحانه وتعالى :" و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون " ( سورة الأعراف : الآية رقم : 180 ) . و قـال صلى الله عليه وسلم : (( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر )) متفق عليه .
وهذا الاعتقاد يقوم على أصلين عظيمين :
أحدهما : أن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلى الدالة على صفات الكمال ولا نقص فيها بوجه من الوجوه ، فلا يماثله ولا يشاركه فيها شيء من المخلوقات .
فمن أسمائه سبحانه وتعالى (الحيّ) وله صفة (الحياة) التي يجب أن تُثبت له عز وجل على وجه الكمال اللائق به ، وهذه الحياة حياة كاملة دائمة ، اجتمع فيها أنواع الكمالات من علم وقدرة وغير ذلك، لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء . قال تعالى: " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنةو لا نوم " ( سورة البقرة : الآية : 256 )
الثاني : أن الله تعالى منزه عن صفات النقص والعيب مطلقاً،كالنوم والعجز والجهل والظلم وغير ذلك ، كما أنه تعالى منزه عن مماثلة المخلوقين ، فيلزم نفي ما نفاه الله عن نفسه ونفاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه مع اعتقاده أن الله موصوف بكمال ضد ما نفى عنه ، فإذا نفينا عنه السِنة والنوم فنفي السِنة فيه إثبات كمال القيومية ، ونفي النوم فيه إثبات كمال الحياة ، وهكذا كل نفي عن الله عز وجل ، فهو يتضمن إثبات كمال ضده ، فهو الكامل وما سواه ناقص . قال تعالى :" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " ( سورة الشورى : الآية : 11 ) . و قال :" و ما ربك بظلام للعبيد " ( سورة فصلت : الآية 46 ) .
وقال تعالى:" و ما كان الله ليعجزه من شيء في السموات و لا في الأرض ( سورة فاطر : الآية : 44 ) . و قال تعالى :" و ما كان ربك نسيا " ( سورة مريم : الآية : 64 ) .
والإيمان بأسماء الله وصفاته وأفعاله : هو الطريق الأوحد لمعرفة الله وعبادته ، وذلك أن الله غيّب عن الخلق في الحياة الدنيا رؤيته عياناً ، وفتح لهم هذا الباب العلمي الذي من خلاله يعرفون ربهم وإلههم ومعبودهم ، ويعبدونه وفق هذه المعرفة الصحيحة السليمة ، فالعابد إنما يعبد موصوفه ، فالمعطل يعبد عدماً والممثل يعبد صنماً ، والمسلم يعبد الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً.
وينبغي أن يراعى عند إثبات أسماء الله الحسنى الأمور الآتية :
1 ـ الإيمان بثبوت جميع الأسماء الحسنى الواردة في القرآن والسنة من غير أن يزاد عليها أو ينقص منها .
قال تعالى :" هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون " ( سورة الحشر : الآية : 23 ) . و ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا الحي يا القيوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تدرون بما دعا الله ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى )) [ رواه أبو داود وأحمد] .
2 ـ الإيمان بأن الله هو الذي سمى نفسه ولا يسميه أحد من خلقه، وهو عز وجل الذي مدح نفسه بهذه الأسماء ، وليست محدثة مخلوقة.
3 ـ الإيمان بأن أسماء الله الحسنى دالة على معان في غاية الكمال الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، فيجب الإيمان بتلك المعاني، كما يجب الإيمان بتلك الأسماء .
4 ـ وجوب احترام معاني تلك الأسماء وعدم التعرض لها بالتحريف أو التعطيل .
5 ـ الإيمان بما يقتضيه كل اسم من تلك الأسماء من الأحكام وما يترتب عليها من الأفعال والآثار .
ولتوضيح هذه الأمور الخمسة نضرب مثلاً على ذلك باسم الله (السميع) فيجب فيه مراعاة ما يأتي :
أ ـ الإيمان بثبوت اسم "السميع" اسماً من أسماء الله الحسنى لوروده في القرآن والسنة .
ب ـ الإيمان بأن الله هو الذي سمى نفسه بذلك وتكلم به وأنزله في كتابه العزيز .
ج ـ الإيمان بأن "السميع" تضمن معنى السمع وهو صفة من صفاته .
د ـ وجوب احترام صفة السمع التي دل عليها اسم (السميع) ، وعدم تحريف معناها أو تعطيله .
هـ ـ الإيمان بأن الله يسمع كل شيء ، وأن سمعه وسع جميع الأصوات والإيمان بالأثر المترتب على ذلك الإيمان من وجوب مراقبة الله وخشيته وخوفه، واليقين التام بأن الله عز وجل لا تخفى عليه خافية .
وينبغي أن يراعى في إثبات صفات الله العلى ما يأتي:
1 ـ إثبات جميع الصفات الواردة في القرآن والسنة لله عز وجل حقيقة من غير تحريف ولا تعطيل .
2 ـ الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى متصف بصفات الكمال، ومنزه عن صفات النقص والعيب .
3 ـ عدم مماثلة صفات الله بصفات المخلوقين ، فإن الله سبحانه ليس كمثله شيء لا في صفاته ولا في أفعاله . قال الله تعالى: " ليس كمثله شيء و هو السميع البصير " ( سورة الشورى : الآية رقم 11 ) .
4 ـ اليأس التام من معرفة كيفية تلك الصفات ؛ لأنه لا يعلم كيف صفة الله غيره ، فذلك لا سبيل لمخلوق إليه .
5 ـ الإيمان بما ترتب على تلك الصفات من أحكام وما تقتضيه من آثار ، فلكل صفة عبودية .
ولتوضيح هذه الأمور الخمسة نضرب مثلاً على ذلك بصفة "الاستواء" فيجب فيها مراعاة ما يأتي :
1 ـ إثبات صفة الاستواء والإيمان بها لورودها في النصوص الشرعية . قال تعالى :" الرحمن على العرش استوى " ( سورة طه : الآية رقم 5 ) .
2 ـ إثبات صفة الاستواء لله عز وجل على وجه الكمال اللائق به تعالى، وأن معناها علو الله وارتفاعه على عرشه حقيقة، كما يليق بجلاله وغناه .
3 ـ عدم مماثلة استواء الخالق على العرش باستواء المخلوقين، فالله غني عن العرش لا يحتاج إليه ، وأما استواء المخلوق فلازمه الافتقار والاحتياج لقوله تعالى :" ليس كمثله شيء و هو السميع البصير " .
4 ـ عدم الخوض في كيفية استواء الخالق على العرش ؛ فذلك أمر غيبـي لا يعلمه إلا الله عز وجل .
5 ـ الإيمان بالحكم والأثر المترتب على ذلك من إثبات عظمة الله وجلاله وكبريائه اللائق به الذي دل عليه علوه سبحانه المطلق على الخلق أجمعين ، واتجاه القلوب إليه في العلو كما يقول الساجد : ( سبحان ربي الأعلى ) .
ثالثاً : اعتقاد العبد بأن الله هو الإله الحق المتفرد باستحقاق العبادات كلها الظاهرة والباطنة وحده لا شريك له .
قال تعالى :" و لقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت " ( سورة النحل : الآية رقم 36 ) . وما من رسول إلا قال لقومه :" اعبدوا الله ما لكم من إله غيره " ( سورة الأعراف : الآية رقم 59 ) .
وقال تعالى :" و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفآء " ( سورة البينة : الآية 5 ) .
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ : (( أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله . قلت : الله ورسوله أعلم . قال : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً )) .
والإله الحق : هو الذي تألهه القلوب فتمتلئ بمحبته عن محبة ما سواه وتكتفي برجائه عن رجاء ما سواه ، وتستغني بسؤاله والاستعانة به وخوفه وخشيته عما سواه .
قال تعالى:" ذلك بأن الله هو الحق و أن ما يدعون من دونه هو الباطل و أن الله هو العلي الكبير " ( سورة الحج : الآية 62 ) .
وهذا هو توحيد الله بأفعال العباد .
أهمية التوحيد : تتجلى أهمية هذا التوحيد فيما يلي :
1 ـ أنه أول هذا الدين وغايته وآخره وظاهره وباطنه ، وهو دعوة الرسل عليهم السلام .
2 ـ لأجل هذا التوحيد خلق الله الخلق وأرسل الرسل وأنزل الكتب ، ولأجله اختلفت الخليقة فافترقوا إلى مؤمنين وكفار وسعداء وأشقياء.
3 ـ أنه أول واجب على المكلف وأول ما يدخل به العبد الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا .
تحقيق التوحيد
تحقيق التوحيد : هو تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، وينقسم إلى قسمين ، واجب ومندوب .
فالواجب يكون بثلاثة أشياء :
1 ـ تخليصه من الشرك المنافي لأصل التوحيد .
2 ـ تخليصه من البدع التي تنافي كماله الواجب أو تنافي أصله إن كانت من البدع المكفرة .
3 ـ تخليصه من المعاصي التي تنقص من ثوابه وتؤثر فيه .
وأما المندوب : فهو المأمور به استحباباً ، ومن أمثلته ما يلي:
أ ـ تحقيق كمال مرتبة الإحسان .
ب ـ تحقيق كمال مرتبة اليقين .
ج ـ تحقيق كمال الصبر الجميل بعدم الشكوى إلى غير الله تعالى.
د ـ تحقيق كمال الاستغناء بسؤال الله تعالى عن خلقه .
هـ تحقيق مرتبة التوكل بترك بعض المباح من الأسباب كالاسترقاء والاكتواء توكلاً على الله تعالى .
و ـ تحقيق كمال مرتبة المحبة التعبدية بالتقرب إلى الله بالنوافل.
فمن حقق التوحيد على الوجه الذي تقدم ذكره وسلم من الشرك الأكبر فله الأمن من الخلود في النار ، ومن سلم من الشرك الأكبر والأصغر وبعد عن كبائر الذنوب والمعاصي فله الأمن التام في الدنيا والآخرة .
قال تعالى :" إن الله لا يغفر أن يشرك به و ميغفر ما دون ذلك لمن يشاء " ( سورة النساء : الآية رقم 48 ) .
وقال تعالى : " الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون " ( سورة الأنعام : الآية رقم 82 ) .
وضد التوحيد الشرك ، وهو ثلاثة أقسام :
1 ـ شرك أكبر مناف لأصله لا يغفره الله إلا بالتوبة منه ، فمن مات عليه فهو مخلد في النار ، وهو أن يجعل العبد لله نداً في عبادته ، يدعوه كما يدعو الله ويقصده ويتوكل عليه ويرجوه ويحبه ويخشاه كما يحب الله ويخشاه.
قال تعالى : " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار و ما للظالمين من أنصار " ( سورة المآئدة : الآية رقم 72 ) .
2 ـ شرك أصغر مناف لكماله ، وهو كل وسيلة أو ذريعة يتطرق بها إلى الشرك الأكبر ، مثل الحلف بغير الله ويسير الرياء.
3 ـ الشرك الخفي ، وهو الذي يتعلق بالنيات والمقاصد ، وقد يكون أكبر أو أصغر كما هو موضح في الأول والثاني .
عن محمود بن لبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء )) [ رواه الإمام أحمد ] .
(2) ـ تعريف العبادة :
العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من العقائد وأعمال القلوب وأعمال الجوارح وكل ما يقرب إلى الله من الأفعال والتروك .
ويدخل في اسم العبادة كل ما شرعه الله في كتابه أو سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهي عبادات متنوعة ، فمنها عبادات قلبية ، كأركان الإيمان الستة والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة وغيرها من العبادات ، ومنها عبادات ظاهرة كالصلاة والزكاة والصوم والحج .
ولا تصح العبادة حتى تنبني على أصلين :
الأول : إخلاص العبادة لله وعدم الإشراك به ، وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله .
قال تعالى :" ألا لله الدين الخالص . و الذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم في ما هم فيه مختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار " . ( سورة الزمر : الآية رقم : 3 ) .
وقال تعالى :" و ما أمروا إلا لعبدوا الله مخلصين له الدين حنفآء " ( سورة البينة : الآية رقم 5 ) .
الثاني : المتابعة لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأن يفعل العبد مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي فعل من غير زيادة ولا نقصان ، وهذا معنى شهادة أن محمداً رسول الله .
قال سبحانه وتعالى :" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم " ( سورة آل عمران : الآية رقم 31 ) . و قال تعالى :"و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا
" ( سورة الحشر : الآية رقم 7 )
وقال تعالى:" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليما " ( سورة النساء : الآية رقم 65 ) .
والعبودية التامة لا تتحقق إلا بأمرين :
الأول : كمال المحبة لله ، بحيث يقدم العبد محبة الله ومحبة ما يحبه الله على محبة أيِّ شي آخر .
الثاني : كمال الخضوع والتذلل لله ، بحيث يخضع العبد لله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .
فالعبودية عبارة عما يجمع كمال المحبة مع كمال التذلل والخضوع والرجاء والخوف ؛ وبذلك تتحقق عبودية العبد لربه وخالقه ، وبالقيام بالعبودية لله يصل العبد إلى محبة الله ورضوانه، فالله يحب من العبد أن يتقرب إليه بما افترض عليه من فرائض ، وكلما ازداد العبد من نوافل العبادات ازداد قربه من الله عز وجل وارتفعت درجته عند الله ، وكان ذلك من أسباب دخول الجنة بفضل الله ورحمته .قال سبحانه وتعالى :" ادعوا ربكم تضرعاً و خفية إنه لا يحب المعتدين " ( سورة الأعراف : ألاية رقم 55 ) .
(3) أدلة وبراهين توحيد الله :
إن شواهد وحدانية الله تعالى وأدلتها كثيرة جداً ، من تأملها وأعمل فكره في تدبرها رسخ علمه وازداد يقينه بتفرد الرب سبحانه وتعالى ووحدانيته في أفعاله وأسمائه وصفاته وألوهيته .
ومن تلك الشواهد والأدلة والبراهين على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي : ـ
أ ـ عظم خلق هذا الكون ودقة صنعه وتنوع مخلوقاته ، والنظام الدقيق الذي يسير عليه ، فمن تأمل ذلك وأعمل فيه فكره أيقن بوحدانية الله . فالذي يتأمل خلق السموات والأرض وخلق الشمس والقمر وخلق الإنسان والحيوان وخلق النبات والجماد يعلم يقيناً أن لها خالقاً كاملاً في أسمائه وصفاته وألوهيته فدل على أنه وحده هو المستحق للعبادة .
قال سبحانه وتعالى: " و جعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم و جعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون . و جعلنا المساء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون . و هو الذي خلق الليل و الناهر و الشمس و القمر كلٌ في فلك يسبحون " ( سورة الأنبياء : 31-33 ) .
وقال تعالى :" و من آياته خلق السموات و الأرض و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن في ذلك لآيات للعالِمين " ( سورة الروم : الآية رقم 22 ) .
ب ـ ما بعث الله به الرسل من الشرائع وأيدهم به من الآيات والبراهين التي تدل على وحدانيته وتفرده عز وجل بالعبادة ، فما شرعه الله لخلقه من الأحكام دليل واضح على أنّ ذلك لا يصدر إلا من رب حكيم عليم بما خلق وما يصلح به الخلق .
قال تعالى:" لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط " ( سورة الحديد : الآية رقم 25 ) .
وقال تعالى :" قل لئن اجتمعت الإنس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القران لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيراً " . ( سورة الإسراء : الآية 88 ) .
ج ـ الفطرة التي فطر الله قلوب العباد عليها من الإقرار بوحدانية الله ، وهي أمر مستقر في النفوس ، وإذا ما ألم بالإنسان ضرر وجد ذلك ورجع إلى الله ، ولو سلم الإنسان من الشبهات ، والشهوات التي تغير فطرته لما وجد في قرارة نفسه إلا الإقرار والتسليم بتفرد الله في ألوهيته وأسمائه وصفاته وأفعاله والتسليم لشرعه الذي بعث به رسله عليهم الصلاة والسلام .
قال تعالى: " فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون . منيبين إليه و اتقوه و لا تكونوا من المشركين " ( سورة الروم : الآية رقم : 30-31 ) . وقال صلى الله عليه وسلم : ((كل مولد يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ، ثم قرأ "فطرت الله الذي فطر الناس عليها " )) [ رواه البخاري ] .



بحث سريع