أوقاف السادات الرضويين في مشهد(2)

بواسطة | إدارة الموقع
2005/10/06
تقدم في الحلقة الأولى الحديث عن هذه الأوقاف ، وفي هذه الحلقة يواصل المقال الحديث عن بقية جذور هذه الأسرة العريقة في إيران
السادات الرضويّون الناظريّون
ينحدر السادات الرضويّون الناظريّون ـ كما أشرنا ـ من المير محمّد الابن الأكبر للمير غياث الدين عزيز . و قد ذكر مؤلّف كتاب " حبيب السِيَر " أسماء ثلاثة نفر من النقباء المتقدّمين ، و هم:
1- نظام الدين عبدالحيّ ( الموسويّ ) ؛
2- و الأمير غياث الدين عزيز ( الرضويّ ) ؛
3- والأمير علاء الملك؛
ثمّ تعرّض لترجمة المير زاده محمد الابن الاكبر للميرغياث الدين عزيز، فكتب يقول:
وكان الابن الأكبر للأمير غياث الدين عزيز الذي عاصر الخاقان منصور ( السلطان حسين بايقرا الذي حكم ما بين سنة 875 هـ إلى سنة 911 هـ ) مقدّماً على أغلب نقباء مشهد الرضويّة
و الظاهر أنّ المير محمّداً قد أدرك عصر الشاه طهماسب أيضاً، لكنّنا نجهل سنة وفاته على وجه التحديد.
و أعقب المير محمّد ولداً اسمه الميرزا أبو طالب ( المير أبو طالب )، والظاهر أنّ هذا الابن هو أوّل و أهمّ أصحاب الوقف للأعقاب في هذه السلسلة الرضويّة ، وكان من الأشراف وذوي النعمة في أواخر عهد الشاه طهماسب .
و كان الشاه طهماسب قد أصدر في سنة 966 هـ أمراً بمناسبة إعلان أحد الأمراء المسيحيين الجورجيين ـ واسمه « عيسى لوند » ـ إسلامَه واعتناقه الدين الحنيف، خاطب فيه حاكم مشهد ورجالها البارزين، وأشار فيه إلى الميرزا أبي طالب باعتباره أحد السادات الكرام والأمراء ذوي الاحترام في مشهد المقدّسة .
و كان للميرزا أبي طالب مكانة مرموقة بين أعلام مشهد ورجالها المشهورين، ولذلك فقد كان في الوفد الذي أُرسل لمفاوضة الاوزبك الذين حاصروا مدينة مشهد المقدّسة في سنة 971 هـ، من أجل أن يستطيع فلاّحو مدينة مشهد الخروج إلى مزارعهم لجني محاصيلهم.
وكان بيت الميرزا أبي طالب في مدينة مشهد يجاور مقرّ الدولة ـ في منطقة چهار باغ ظاهراً ـ وهو بيت كبير مجلّل .
و على الرغم من أنّنا لا نعرف التاريخ الدقيق لوفاة الميرزا أبي طالب، إلاّ أنّه ـ على الأظهر ـ قد توفّي في أواخر عهد الشاه طهماسب ودُفن في المشهد الرضويّ الشريف .
و قد أعقب الميرزا أبو طالب ولداً اسمه الميرزا أبو القاسم، عاش في أواخر عهد الشاه طهماسب وأوائل عهد الشاه عبّاس. وقد نوّه مؤلّف « عالم آراى عبّاسي » ذيل سنة 1025 هـ بذِكر الميرزا أبي طالب وابنه الميرزا أبي القاسم ووصفهما بأنّهما من السادات العظام الرضويين، وأشار إلى جلال قدرهما ورفعتهما وكثرة أموالهما وأملاكهما، وإذعان أجلّة سادات خراسان ـ ومشهد بخاصّة ـ بسموّ مقامهم .
و قد تزوّج الميرزا أبو القاسم بنتَ أحد سادات نيشابور الأغنياء ذوي الثراء العريض من بني المختار، فكان ذلك سبباً في ازدياد الثروة التي خلفها لعقبه من بعده .
و في سنة 968 هـ قدم إلى مشهد طائفة من النساء من العائلة المالكة، فاختارت احداهنّ ـ وكانت أيّماً توفّي عنها زوجها ـ الزواج من رجل من أعيان مشهد وأكابرها ونقبائها وأعاظم ساداتها، فوقع اختيارها على الميرزا أبي القاسم الرضويّ دون سواه، وتُدعى هذه السيّدة « خديجة سلطان .
و حصل في سنة 975 هـ أن دعا الشاه طهماسب جميع أكابر مملكته وأعيانها إلى دار السلطنة في مدينة قزوين، وقد دُعي من مدينة مشهد النقيبان مير شريف الموسويّ والميرزا أبو القاسم الرضويّ، فلبّى النقيبان الدعوة فذهبا إلى قزوين، لكنّهما اعتلاّ عند عودتهما فلم يلبثا أن تُوفّيا ( ؟؟!! ) ، فنُقل جسداهما إلى مدينة مشهد ودُفنا في دار الحُفّاظ في المشهد الرضويّ .
و أعقب الميرزا أبو القاسم ولدَين معروفين ، هما :
- الميرزا إبراهيم .
- و الميرزا أبو طالب ،
الأوّل من أصحاب الأوقاف العظيمة لأعقابه من السادة الرضويين، ومدفون في منطقة « كوه سنگي » في مدينة مشهد، والآخر هو المتصدّي لإدارة الآستانة الرضويّة من بين السادات الرضويين في مشهد .
وقد رزق الميرزا أبو القاسم بنتاً اسمها « شهربانو »، ورُزق ـ على الظاهر ـ ولداً آخر اسمه الميرزا طاهر، ولا يزال عقب الميرزا طاهر وأحفاده يعيشون في منطقة ما وراء النهر ( سمرقند ) ويُعرفون بالـ « ميركاني ها " .
و بناءً على هذا ، فإن أولاد أبي القاسم الرضوي الأربعة الذين عاشوا في عصر الشاه عبّاس الأوّل كانوا من الأشخاص الأثرياء البارزين وممّن كان لهم دورهم التاريخيّ والاجتماعيّ.
وكان الاوزبك قد سيطروا في أوائل القرن العاشر الهجريّ على منطقة ما وراء النهر ( سمرقند ) و هراة وقضوا على الحكم التيموريّ ، فكانوا جيراناً مزعجين لسكّان خراسان، حيث كانت هجماتهم على مدن مشهد لا تنقطع طوال السنوات العشر الأولى من القرن العاشر . وكانت أشدّ هذه الهجمات نكايةً هجمتُهم في أواخر القرن التاسع، التي قام بها عبدالله خان وتبعه بعده عبدالمؤمن خان، حيث هاجموا مدينة مشهد وأغاروا عليها وسيطروا عليها لمدّة عشر سنوات كاملة ( من 997 هـ إلى 1007 هـ )، وأوقعوا في أهلها مقتلة عظيمة.
و قد صاهر قادة الأوزبك السنة – واسمه يتيم سلطان، وعُرف بعد ذلك بـ « دين محمّد خان » – هذه الأسرة الرضوية الشريفة ، حيث تزوج من أخت الميرزا أبي طالب ـ واسمها شهر بانو بيكم ـ فتزوّج منها ورُزق منها ولداً اسمه محمّد ـ أو ندر محمد ـ، ثمّ توفيّ يتيم سلطان وتصدّر ابنه محمّد رئاسة الاوزبك، فتوسّطت أمّه العلويّة شهربانو بينه وبين الشاه عباس الصفويّ وكانت سبباً في عقد الصلح بينهم .
و قد بدأت العلاقة الحسنة بين الشاه عبّاس الصفويّ ونادر محمّد خان منذ سنة 1031 هـ حين عزم الشاه على السيطرة على مدينة قندهار المجاورة لمنطقة بلخ الخاضعة لنادر محمّد. ثمّ أن الشاه عبّاس بعد عودته من قندهار فاتحاً، عيّن المير أبا طالب الرضويّ متولّياً للآستانة الرضويّة المقدّسة، وكان ذلك في سنة 1031 هـ.
و يبدو أنّ أحد إخوة المير أبي طالب ـ واسمه المير طاهر ـ سافر في نفس تلك الفترة إلى منطقة حكم الاوزبك، فحطّ رحاله في سمرقند بعد أن ذهب نادر محمّد من بلخ إلى بخارا وبدأ حكومته في تلك المناطق في سنة 1052 هـ، فحظي المير طاهر في منطقة سمرقند بمقام أشبه بمقام الصدارة، لأنّه خال ( طوغا ) نادر محمّد. ولا يزال أعقاب المير طاهر يعيشون في سمرقند في عصرنا الحاضر، ويُعرفون باسم « خواجكان ميركاني » .
و من أحفاده رجل سمرقندي الأصل اسمه البروفسور رسول هادي زاده ، وردت ترجمته في مجلّة " مشكاة " .
و خلافاً لما فعله الشاه طهماسب الصفويّ ، فقد عيّن الشاه عباس فورَ استعادته منطقة خراسان من أيدي الاوزبك في أواخر سنة 1006 هـ أحد السادات الموسويّين في منطقة زاهرة ( تربت حيدرية ) في منصب تولية الآستانة، ويُدعى بالقاضي سلطان. ثمّ أنّه استوزر القاضي سلطان في سنة 1026 هـ وأوكل أمر تولية الآستانة إلى أحد السادات الرضويين في مشهد واسمه الميرزا محسن، وكان هذا الأخير صهراً للشاه ، وكان ذلك بداية لتولية السادات الرضويين لهذا المنصب، فقد تعاقب هؤلاء السادة على هذا المنصب، وكانوا يُشرفون على أمور الآستانة الرضويّة المقدّسة.
و قد عُيّن الميرزا أبو طالب سنة 1031 هـ خَلَفاً للميرزا محسن في تولية الآستانة، فكان الميرزا أبو طالب أوّل السادات الرضويين ( من هذه السلسلة التي تحدّثنا عنها ) يتولّى هذا المنصب، وقد تُوفّي الميرزا أبو طالب في سنة 1035 هـ ودُفن في المشهد الرضويّ خلف الضريح .
وللميرزا أبي طالب أخ يُدعى بالميرزا إبراهيم، توفّي سنة 1042 ( أو 1047 هـ ) ودفن في منطقة « كوه سنگي » في مدينة مشهد، ولا تزال مقبرته ماثلة للعيان. وقد أضحى الميرزا إبراهيم ـ وأعقب ابنة واحدة فقط ـ بعد وفاة أخيه الميرزا أبي طالب سنة 1035 هـ، وهجرة أخيه الآخر الميرزا طاهر إلى بلاد ما وراء النهر، وهجرة أخته شهربانو بيكم ( التي تزوّجها دين محمّد خان الاوزبكيّ ) المتصدّي الوحيد لتولية الأملاك الموقوفة للسادة الرضويين في عشيرته. ولمّا توفّي الميرزا إبراهيم دون أن يعقب أولاداً ذكوراً، فقد أُضيفت أملاكه على موقوفات أجداده، فأضحت أكبر الأوقاف التي رُصدت لأعقاب السادة الرضويّين في مدينة مشهد ..
يتبع ..

بحث سريع