رجسٌ من عمل الشيطان ..فرقة موسيقية أمريكية تحيي حفلاً في دار أحد الأشراف

بواسطة | منال حميدان
2006/04/08
استضاف ملتقى المكية الثقافي، الذي ينعقد مساء كل ثلاثاء بدارة الدكتور السعودي سامي عنقاوي، فرقة موسيقية أميركية جاءت من واشنطن لتعزف جنباً إلى جنب مع مغني المقام الحجازي، الذين أتوا من المدينة المنورة ومكة المكرمة للمشاركة بهذه الأمسية.
الأمسية الموسيقية كانت مثقلة بالجمال بدءاً من بوابة المنزل التراثي الفريد، الذي يشبه متحفاً حجازيا، وانتهاءً بانصهار موسيقى الغرب والشرق في بوتقة واحدة أكدت أن «الموسيقى هي لغة عالمية».. رقصة المزمار الشعبية كانت حاضرة كعادة جلسات الطرب الحجازية، إلا أنها أديت هذه المرة على أنغام الجاز ودقات طبول موسيقى «الهيب هوب» التي عزفها الموسيقيون الأميركيون، تماماً مثلما انطلقت «الآهات» من حناجر الأميركيين وهم يستمعون إلى المقام الحجازي، والمديح النبوي.
أحد أعضاء الفرقة الأميركية، التي تقوم بجولة في الشرق الأوسط، وصف اللقاء بين الموسيقى الحجازية والأميركية بالمغامرة الجميلة، وقال للحاضرين «كنت أتمنى منذ زمن طويل أن ألقي السلام على الطريقة الإسلامية، وتحققت رغبتي هذه الليلة»، وقال «هذه تجربة ثرية بالنسبة لي، وأنا أشعر بالسعادة هنا لدرجة أنني لا أريد مغادرة المملكة، فالناس هنا لطيفون ورائعون بمعنى الكلمة».
وأبدى إعجابه بالموسيقى الحجازية بقوله «هذه ليست المرة الأولى التي استمع فيها إلى الموسيقى الحجازية، وكان شعوري حيالها دائماً أنها ممتعة ومثيرة للاهتمام بالنسبة لي كموسيقي، كونها أكثر تعقيداً وتركيباً على مستوى الألحان من الموسيقى التي نعزفها في أميركا».
الشباب كانوا أكثر المستمتعين بالحفل الموسيقي، حيث تمايلوا طرباً على أنغام المقام الحجازي، ورقصوا على إيقاعات «الجاز» و«البلوز» وموسيقى «الهيب هوب»، إلا أن تأثر الضيوف الأجانب بأغاني الفلكلور الحجازي حرضهم على مزيد من التمسك بالتراث الثري. يقول محمد جستنية، طالب جامعي، «أنا مستمع جيد للموسيقى بمختلف أنواعها، ولا فرق عندي بين الموسيقى العربية والأجنبية، فالفن لغة عالمية كما يقال، لكن ما يبعث على الحزن حقاً هو أن جيلنا لا يستمع للأغاني الطربية التي تعكس التراث الحجازي الأصيل كل يوم».
ويمضي في شكواه قائلاً «آخر الفنانين الذين قدموا الطرب الحجازي كان المرحوم طلال مداح، مع أنه كان يميل في آخر حياته إلى مواكبة الأسلوب الجديد، الأمر الذي يجعل إطلاع الشباب على هذا النوع من الموسيقى شبه معدوم، على الرغم من كونه جميلا جداً وصعب الأداء في نفس الوقت وقادرا على الوصول إلى روح المستمع حتى لو كان من ثقافة أخرى كما رأينا الليلة».

ويرى أحمد صبري، طالب جامعي، أن اختفاء المقام الحجازي والمدائح النبوية من سوق الغناء ليس صدفة، وإنما حدث هذا بسبب انصراف الفنانين والملحنين إلى نوع موحد من الغناء لا يعكس تراثاً معيناً، لكنه يستدرك «مع هذا فإن المقام الحجازي والغناء التراثي يصلان إلى القلب ببساطة لأنهما فن عريق وصادق ويدخلان إلى القلب بدون تكلف»، ويبدي صبري استحسانه للفكرة التي يتم الجمع فيها بين الحضارات عن طريق الفن، ويقول «صحيح أن الفن لا يحل الخلافات العالقة بين الحضارات، لكنه بكل تأكيد يقرب بين الشعوب». إحدى الحاضرات الأوروبيات قالت «على الرغم من قضائي فترة طويلة من حياتي في التجوال والسفر، إلا أنني لم أشهد أمسية بجمال هذه الأمسية، حيث أثرت فيَّ الأغاني والموسيقى العربية بشكل جميل، وحتماً سأعيد هذه التجربة مرات كثيرة».

المصدر : جريدة الشرق الأوسط /الخميـس 08 صفـر 1427 هـ 9 مارس 2006 العدد 9963


{moscomment}

بحث سريع