الصوفية تزداد شعبية في إيران

بواسطة | إدارة الموقع
2006/04/25
الأضواء خافتة في أحد المنازل شمال طهران، حيث يجتمع عدد من الرجال والنساء في غرفة متسعة. الكل مغمض العينين ويتمايلون للأمام والخلف على ضربات طبل منتظمة.
يرتفع صوت دق الطبول ويزداد سرعة، ويقف بعض الحاضرين ويشرعون في تحريك رؤوسهم شيئا فشيئا في حركة دائرية منتظمة الإيقاع.
يتملك البعض منهم شعور بالنشوة يأخذهم ما بين الحلم والوعي.
"يتملكك شعور بالاسترخاء الشديد…إنه شعور طيب، كأن روحك تحلق عاليا، تشعر بأنك خرجت من جسدك،" هذا ما يشعر به "ماهسا" ذو ال22 عاما.
ويؤمن ماهسا بأن التمايل أو الرقص على مثل ذلك النوع من الموسيقى قد يفتح طريقا للاتصال بالله.
وهؤلاء هم مسلمون شيعة، مثل الأغلبية العظمى من الإيرانيين، غير أنهم يعتبرون أنفسهم من أتباع الطرق الصوفية.
جوهر الأديان
ويؤمن الصوفة بأن كل الأديان تنضوي في جوهرها على نفس الحقيقة وبان الله هو الحقيقة الوحيدة فوق الوجود.
ويؤمنون كذلك بان أي إنسان، رجلا كان أو امرأة، يمكنه، إن أخلص الجهد، أن يتوصل إلى رابطة روحية مع الله.
وظهرت الصوفية في القرن الثامن الميلادي في أرض العراق.
ويقول الصوفة الإيرانيون إن الطرق الصوفية قد انتشرت سريعا في طول إيران وعرضها خلال السنوات الأخيرة.
ولا تتوافر إحصاءات رسمية، ولكن عددهم يتراوح بين 2 إلى 5 ملايين حسبما يقول "حشمت الله رياضي"، وهو أستاذ سابق للفلسفة والأديان في إيران.
ويضيف أن عددهم لم يزد عن 100 ألف قبيل الثورة الإسلامية في البلاد عام 1979.
ويزعم كذلك أن إيران اليوم تضم أكبر عدد لأتباع الطرق الصوفية في الشرق الأوسط. وأن المئات من الشباب الإيراني يتصوفون يوما بعد آخر.
ويقول البعض إنهم يرون في الصوفية منظورا جديدا للدين بينما يضيف آخرون ان جلسات التصوف تمتعهم وتفتح الباب لإنشاء علاقات قوية فيما بينهم.
يقول "أشكان" وهو عضو يبلغ 20 عاما في جماعة صوفية إيرانية تسمى رابطة العالم الجديد إن الصوفية لا تعاني من القيود الدينية الصارمة.
مشاحنات
ويقول الصوفيون إن الإنتشار الواسع لبعض الطرق الصوفية قد ولد مشاحنات مع بعض عناصر الحكومة.
واندلعت مصادمات عنيفة هذا العام بعد قرار السلطات إغلاق مسجد للصوفة في مدينة قم المقدسة في إيران.
ويقول أعضاء جماعة "نعمةالله جونابادي" إنه "تم إحراق مسجد الصوفة والقبض على المئات من أتباع الطريقة الذين رفضوا مغادرة المكان."
ويقول محافظ قم "عباس محتاج"، حسبما أوردت صحيفة "إيران" الرسمية في موقعها على الإنترنت، إن الصوفيين قد طلب منهم مغادرة المكان بسبب قيامهم بأعمال بناء دون الحصول على التراخيص المطلوبة.
وقد أطلق سراح العديد من المعتقلين لاحقا.
ونسب إلى "محتاج" قوله إن الصوفة يحتفظون بعلاقات مع دول أجنبية ويحاولون زعزعة الاستقرار في إيران، وهو ما ينفيه "رياضي"، وهو أيضا عضو في جماعة "نعمةالله جونابادي"، بقوله إن للحكومة دوافع معينة من وراء إغلاق المسجد.
ويؤكد ان الصوفة لا يتدخلون أبدا في السياسة، ويحترمون القانون ولا يعادون الجمهورية الإسلامية.
وكان لبعض الصوفة سابقا مشاحنات مع بعض أئمة التيار الإسلامي السائد في إيران بسبب ممارستهم لشعائر تختلف عن تلك التقليدية.
ويتهمون أيضا شاه إيران السابق محمد رضا، الذي حكم البلاد قبل الثورة الإسلامية، باعتقال بعض قيادييهم.
ويتخذ الصوفيون بعض القادة الروحيين وهو ما قد لا يتفق مع المرجعية الدينية في إيران.
ولا يعتقد التيار الإسلامي السائد، بعكس الصوفة، أن شخصا يمكنه أن "يتحد" مع الله.
ويقول بعض الصوفة إن أحداث قم كانت دخيلة على العلاقة الطيبة التي حافظوا عليها مع الحكومة خلال السنوات الأخيرة.
ويقول "جواد أريانمانيش" عضو اللجنة الثقافية في البرلمان الإيراني إنه "لا توجد قيود حكومية على الأنشطة الصوفية في إيران، فهم إحدى الجماعات التي تعمل في الإطار الإسلامي."
ويضيف ان "إيران، على عكس الدعاية المغرضة التي ينشرها العالم حولها، هي إحدى أكثر دول العالم تحررا، والصوفة جزء من هذه البلاد ويتمتعون بحرية مطلقة، ولهم أن يمارسوا شعائرهم."

المصدر: موقع البي بي سي العربي 16/04/2006

بحث سريع