آل البيت يصيبهم السحر و تمسهم الشياطين ؟!

بواسطة | القسم العلمي
2006/05/04
لقد شرفنى المولى عز وجل بانتمائى الى آل البيت ممن بقطنون مصر. نحن لا ننكر وجود اعمال السحر والشعوذة وقد ثبت ذلك فى القرآن الكريم وسنه الرسول صلى الله علية وسلم . وقد شاهدت اناسا كثيرين ممن عمل لهم سحر أو مس من الجان.. الخ . من الاعمال الشرانية وعند سؤالى للشيخ الذى يقوم بمعالجة هؤلاء المسحر لهم : هل بى شىء أو مسنى جن؟ قال : لا انتم ( آل بيت رسول الله ) لا يمسهم جن ولا يجوز فعل ذلك لهم فما رأى الشرع فى ذلك القول ..؟
لقد ثبت في السنة المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر ، و هو رأس آل البيت و مقدمهم فكيف لا يجوز السحر أو المس لآله من بعده عليه الصلاة والسلام ، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ , حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا , وَدَعَا ثُمَّ قَالَ : أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي ؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ , فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : مَطْبُوبٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَ : فِيمَا ذَا ؟ قَالَ : فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ . فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ : نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . فَقُلْتُ : اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ فَقَالَ : لا , أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ , وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا , ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ ) رواه البخاري (3268) ومسلم (2189)
و معنى قولها :
( مطبوب ) ، أي : مسحور .
و (مُشط ) ، أي : آلة تسريح الشعر .
و ( مشاقة) أو (مشاطة) ، أي : ما يسقط من الشعر .
( وجف طلع نخلة ذَكَر) أي : هو الغشاء الذي يكون على الطلع ، ويطلق على الذكر والأنثى , فلهذا قيده بالذَّكَر .
و من أنكر أن آل البيت يسحرون أو يمسهم الجان ، ففي قوله شبهٌ من المبتدعة من المعتزلة و أضرابهم من العقلانيين الذين ينكرون السحر و يرون أنه من ضروب التخييل و أن لا حقيقة له . و قد تكفل العلماء بالرد عليهم قديماً و حديثاً ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :" قال المازري : أنكر المبتدعة هذا الحديث ، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها , قالوا : وكل ما أدَّى إلى ذلك فهو باطل , وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعه من الشرائع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه أنه يرى جبريل وليس هو ثَمَّ ( هناك ) , وأنه يوحي إليه بشيء ولم يوح إليه بشيء , قال المازري : وهذا كله مردود ؛ لأن الدليل قد قام على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ , والمعجزات شاهدات بتصديقه , فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل ، وأما ما يتعلق ببعض الأمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض , فغير بعيد أن يخيل إليه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك في أمور الدين .
قال : وقد قال بعض الناس : إن المراد بالحديث أنه كان صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه وطئ زوجاته ولم يكن وطأهن , وهذا كثيراً ما يقع تخيله للإنسان في المنام فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة .
قلت – أي : ابن حجر – : وهذا قد ورد صريحاً في رواية ابن عيينة عند البخاري ، ولفظه : ( حتى كان يرى ( أي : يظن ) أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ) وفي رواية الحميدي : ( أنه يأتي أهله ولا يأتيهم ) .
قال عياض : فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده … .
وقال المهلب : صون النبي صلى الله عليه وسلم من الشياطين لا يمنع إرادتهم كيده , ففي الصحيح أن شيطاناً أراد أن يفسد عليه صلاته فأمكنه الله منه , فكذلك السحر ، ما ناله من ضرره لا يدخل نقصا على ما يتعلق بالتبليغ , بل هو من جنس ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام , أو عجز عن بعض الفعل , أو حدوث تخيل لا يستمر , بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين " انتهى . "فتح الباري" (10/226، 227) باختصار .
وقال ابن القيم رحمه الله : " هديه صلى الله عليه وسلم في علاج السحر الذي سحرته اليهود به :
قد أنكر هذا طائفة من الناس ، وقالوا : لا يجوز هذا عليه ، وظنُّوه نقصاً وعيباً ، وليس الأمر كما زعموا ، بل هو من جنس ما كان يعتريه من الأسقام والأوجاع ، وهو مرض من الأمراض ، وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما ، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( سُحِر رسول الله حتى إن كان ليخيَّل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن ، وذلك أشد ما يكون من السحر ) قال القاضي عياض : والسحر مرض من الأمراض ، وعارض من العلل ، يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا يُنكر ، ولا يَقدح في نبوته .
وأما كونه يخيَّل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله : فليس في هذا ما يُدخل عليه داخلة في شيء من صدقه ؛ لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا ، وإنما هذا فيما يجوز أن يطرأ عليه في أمر دنياه التي لم يُبعث لسببها ، ولا فُضِّل من أجلها ، وهو فيها عُرضة للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أنه يخيَّل إليه مِن أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان " انتهى .
"زاد المعاد" (4/124) .
و بالجملة ، فمن نظر في أحوال الأشراف و السادة ، يرى أنهم يصابون بالسحر و تمسهم الجن ، و هذا مشاهدٌ في الوجود و الواقع ، لا يمكن للمرء أن ينكره ، ومن قال غير ذلك من غلاة المتصوفة و أرباب الشعوذة و الخرافة ، فكلامه مجرد دعوى بلا برهان ، و لا عبرة بكلامهم و إنما العبرة بالدليل الشرعي الصحيح ، و نسب السادة و الأشراف ليس بعاصم لهم من تلك الشرور ، كيف وقد سحر رأسهم و سيدهم عليه الصلاة والسلام و تعرض له الشيطان في صلاته بشهاب من نار يريد أن يقطعها عليه ، فذريته من باب أولى ، و العاصم لهم بعد الله اتباع المنهج النبوي الصحيح في الوقاية و العلاج ، و الواجب عليك الحذر من المشعوذين و عدم الاشتغال بأمرهم ، فإنهم مصدر بلاء و شر للمسلمين ، و من ثبت نسبه من الأشراف ، فيجب أن يكون على ما كان عليه جده عليه الصلاة والسلام من القيام بفرائض الايمان و التوحيد ، و المحافظة على الواجبات كأداء الصلوات في الجماعة حيث ينادى بهن ، و الدعوة إلى الله على نور و بصيرة و برهان ، و الله ولي التوفيق .

بحث سريع