آل البيت في المجتمع المسلم المعاصر

بواسطة | الشريف محمد الصمداني
2006/05/17
هذا المقال تم نشره في جريدة المدينة ملحق الرسالة بتاريخ 14/4/1427
في عدد واحد من ملحق الرسالة بتاريخ 7/4/1427 قرأت مقالين يتحدثان عن ‘ آل البيت ‘ ، أما المقال الأول فهو بعنوان ‘ آل البيت في خيمة الروضة ‘ للدكتور محمد العوضي ، و الآخر بعنوان ‘ آل البيت على النت ‘ للشيخ مبارك المصلح ، الأول منهما يتحدث عن جمعية آل البيت في الكويت ، و هي ما كان يعرف سابقاً بمبرة الآل والأصحاب ، و قد نشرنا أخبارها في موقع آل البيت ، و جزى الله كاتبه خير الجزاء ، أما المقال الثاني فكاتبه جزاه الله خيراً يتحدث عن ‘ موقع آل البيت ‘ الالكتروني ، وهذا الموقع هو الموقع الذي أتشرف بالإشراف عليه .. و قد طلبتُ من الأستاذ عبدالعزيز قاسم أن أشارك بالمداخلة حول هذا المقال ، فأبدى ترحيبه و سعادته ، و هذا من شيمته التي نعرفها عنه ، فجزاه الله خيراً ..
إنَّ من أقدم الاحصاءات المعروفة لآل البيت ما ذكره الجاحظ حيث قال :’ إن آل أبي طالب أحصوا منذ أعوام ، فكانوا قريباً من ألفين و ثلاثمائة ، ثم لا يزيد عدد نسائهم على رجالهم إلا دون العشر ‘ . ( انظر : رسائل الجاحظ 4 / 123 ) . و قد عين البخاري في ‘ سر السلسلة العلوية ‘ سنة ذلك الاحصاء فقال في سنة 227 ( انظر : ص 111 ) . فإذا كان هذا في عام 227 ، فماذا نقول في عام 1427 ؟!
في أشراف الحجاز على سبيل المثال ، نجد أن البركاتي ذكر في سنة 1329 في ‘ الرحلة اليمانية ‘ عن الأشراف ذوي حسن أن عددهم 15000 ، و حديثاً وجدنا في آخر الاحصاءات لقبائل الأشراف آل أبي نمي الثاني أن عددهم قد تجاوز 30 ألفا . و نجد في تاريخ الطبري المكي المتوفى سنة 1173 ذكر ان عدد السادة باعلوي يزيد على 12000 (1/ 426 ) ، والكلام في هذا يطول .
إذا أضفت لأعداد آل البيت عدد المسلمين في طول البلاد و عرضها الذين يسألون عن معنى آل البيت و هل يوجد منهم أحد اليوم أم لا ؟ و ماذا يجب لهم و عليهم ؟ و هل يعطون من الزكاة أم من صدقة التطوع ؟ و ما معنى الخمس ؟ و ما هي درجة فضائل آل البيت و هل لهم من حقوق ؟ و ما معنى :’ اللهم صل على آل محمد ‘ في الصلاة الابراهيمية ؟ و ما الموقف السليم من الخلاف و الجدال الدائر عند الفرق المنتسبة للاسلام حول القضايا المتعلقة بآل البيت كالفتن و الفضائل و الدرجات ، ثم ما أحدثه الأفاكون و زاده أرباب الدجل و الخرافة ؟ و كيف نحقق أنسابهم ؟ و هل يقبل كل ما يدعى أم لا ؟
إن هؤلاء و أولئك بحاجة إلى من يوفر لهم ملاذاً آمناً ، و موقعاً تطمئن إليه النفس علمياً وثقافياً يهتم بذلك الشأن ، و مجرد كتاب أو شريط فضلاً عن مقال أو بحث صغير أو قصر الآل على موقع قبلي مجرد لم يعد يجدي في الالمام بمثل هذه المواضيع الحيوية في مثل هذه الأوقات والظروف … و نظرة فاحصة في الواقع ، تظهر أن أنواع الخطاب لآل البيت من حيث هم تكاد أن تكون محصورة و قليلة ، بل هي في أضيق نطاق .
و قد لمسنا كما لمس غيرنا أن هناك من يمجد خطاب الحقوق عندما يتحدث عن آل البيت ، و لهذا يغلب عليه خطاب الظلم و القهر و استعداء الزمان ، و آخرون يتكلمون في الفضائل و الدرجات فحسب ، و طائفة ثالثة تتكلم عن آل البيت من منظور الرد على المخالفين ، و طائفة أخرى لا يعرفون عن آل البيت إلا أن هناك أدعياء كثيرين ينتسبون إليهم ، فلهذا يشتغل بالأدعياء والتحذير منهم ، و هذا حق ، و لكن آل البيت ليسوا مجرد شجرة نسب ! كما أن هناك من يتحدث باسم الحق التاريخي و هم دعاة الاقليمية و الطائفية و يحاول هؤلاء أن يزجوا باسم آل البيت و الأشراف عبر شتى الوسائل المختلفة . قديماً اتخذت الدولة العبيدية في مصر من بعض الأشعار المنسوبة للشريف الرضي وسيلة لزعزعة الأوضاع في الخلافة العباسية بالعراق ، و شواهد هذا الأمر كثيرة في الوجود و الواقع المعاصر .
أمام هذا الوضع المشوش ، بادرنا بإنشاء موقع آل البيت الالكتروني للمحافظة على تصحيح الصورة و العودة بالموضوع إلى مساره و سياقه الصحيح ، و توظيفه لخدمة الأمة المحمدية جمعاء ، فإن آل البيت جزء من الأمة المحمدية ، و لا يجوز بحال من الأحوال التفريق بين أعضاء الجسد الواحد .
آل البيت أشرافاً و سادة حقيقة لا يمكن إنكارها في المجتمع المسلم ، و هم يمثلون نقطة اتزان في المجتمع المسلم ، و ذلك كلما كانوا أقرب لرصيد الفطرة و موافقة الشرع المحمدي ، و لهذا ينبغي العناية بخطابهم وفق منهج أهل السنة ، و لقد سطر جدنا الحسن بن علي رضي الله عنه أروع الصور الصادقة في حب مجتمعه و الحرص عليه عندما تنازل عن الخلافة و اصطلح مع معاوية رضي الله عنه ، وكان ذلك مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم :’ إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به طائفتين من المسلمين ‘ .
إن الأمة الاسلامية يمكنها كسب مزيد من الفرص ، و تجنب العديد من الخسائر عبر تبنيها لمثل هذا الموضوع المهم و الحيوي بشكل شمولي كما يدل عليه منهج أهل السنة والجماعة . و قد تجاوز هذا المنهج الخلاق بموضوع آل البيت مجرد المناظرات والمجادلات إلى الأعمال و البرامج النافعة .
و لمزيد من التواصل يمكن مراجعة و متابعة موقع آل البيت ، والله ولي التوفيق
{moscomment}

بحث سريع