نعم للحاسب ولكن !

بواسطة | محمد بن عبد الله الدويش
2006/05/28
انتشر اليوم استخدام الحاسب الآلي في أنحاء العالم . والعالم الإسلامي جزء
من هذا العالم الواسع ، حتى أصبحت مقولة : الأمية ألاّ تعرف الحاسب مقولة قابلة
للنقاش على الأقل في عصرنا . ورافق القفزات الهائلة في هذا العالم الحاسوبي انتشار طائفة من البرامج العلمية والشرعية ، وانتشار مواقع دعوية على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) . وما من شك في أن لهذا الجهاز أهميته وفوائده حين يحسن استخدامه .
فالبرامج العلمية والموسوعات تتيح قدرات وإمكانات هائلة في البحث والمراجعة ، وتوفر إمكانات النسخ واللصق وقتاً لأولئك الذين يستخدمون الحاسب
في تحرير أبحاثهم وتدوينها ، كما تخدم برامج تحرير النصوص وقواعد البيانات
طائفة ممن يسعون لضبط أعمالهم وإدارتها ؛ فهي تهيئ للباحث إمكانات وقدرات لا
تهيئها له غيرها من الوسائل والأدوات ، وتوفر له قدراً من الوقت والجهد .
والحاسب اليوم أصبح يتخطى حواجز كثيرة ، ويخاطب فئات لا يمكن
مخاطبتها بالوسائل العادية ، ويوفر قدراً من الأموال والجهود التي تصرف في غيره
من وسائل الخطاب . ويخدم الحاسب اليوم في التعلم الذاتي ، فيستفيد منه طائفة ممن لا تتيسر لهم أسباب التعلم . إلا أن التعامل مع هذا الجهاز ينبغي أن يكون باعتدال ؛ فمع التأكيد على أهمية الاستفادة منه واستثمار إمكاناته إلا أن هناك جوانب عدة يجب أن توضع في الاعتبار :
الأول : لا بد من الحذر من أن تطغى مساحة الاهتمام والتعامل مع هذا الجهاز
على المساحة المتاحة للكتاب والقراءة ؛ فلا غنى لطالب العلم عن القراءة والجَلَد
فيها والمكابدة ، والحاسب بما يوفره من متعة وسهولة في التعامل ربما كان أكثر
إغراءً في إغفال أهمية القراءة .
الثاني : يخدم الحاسب في سرعة الوصول إلى المعلومة ، بل ربما لا يمكن
الحصول عليها من غير طريقه ، لكن لا بد من الحذر من الاعتماد عليه وحده في
البحث ؛ إذ إن ذلك يعني ألا تكون للباحث صلة بالكتاب ، وألاّ يعرف طريقة
المؤلف في ترتيبه وتبويبه .
الثالث : نظراً لأن الحاسب يعمل بطريقة آلية صرفة ؛ فكثيراً ما ينفي الباحث
وجود معلومة في الكتاب ؛ والسبب في ذلك أنه أخطأ في إدخال الكلمة ، أو استخدم
كلمة مرادفة لما في الأصل ، أو أن مُدخل النص وقع في تصحيف أو تحريف ؛ وما
أكثر ذلك .
الرابع : كان السلف يحذرون كثيراً من التصحيف والتحريف في الكتب ، ولذا
كان الوقوع في آفتي التصحيف والتحريف من مؤيدات مقولة : من كان أستاذه كتابه
كان خطؤه أكثر من صوابه ، ولئن كانت الكتب المطبوعة تعاني من هذه الآفات ،
فالبرامج الحاسوبية اليوم لها النصيب الأكبر ما بين سقط ، وخطأ في إحالة ، وخطأ
في تخريج ، وتصحيف وتحريف ؛ خاصة أن كثيراً من أعمال الحاسب يتم إدخالها
على أيدي فنيين ونساخ غير مختصين ، إضافة إلى أن حمى المنافسة تدفع للتسرع
في إخراجها قبل نضجها . ولعل من الأخطاء الطريفة في هذا الباب ما وقع في أحد برامج الحديث الشريف في كتاب صحيح مسلم باب جواز إرداف المرأة الإنجليزية والصواب الأجنبية .
الخامس : الجرأة على استخدام البرامج غير الأصلية ، والاعتداء على حقوق
المؤلفين ، وقد أفتت مجامع عدة بتحريم ذلك ومنعه ، فلا أقل من الورع ، خاصة
في استخدام البرامج الشرعية .
السادس : الحاسب يستهلك وقتاً هائلاً من بعض من يتعامل معه ، فلا بد من
الحذر من استهلاك الوقت وضياع ساعات العمر .
{moscomment}

بحث سريع