الرضي والمرتضى هل تشيعهما تدينا أم لمصلحة دنيوية ؟

بواسطة | القسم العلمي
2006/10/27
الشريف الرضي وأخيه المرتضى هل تشيعهما تدينا أم لمصلحة دنيوية ؟ وهل سكناهم بكرخ بغداد يثبت هذا التشيع ؟ وهل قصيدة مدح الرضي للعلوي العبيدي بمصر صحيحة النسبة اليه ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين ، و على آله و صحبه أجمعين ، وبعد :

فإن الشريف الرضي و أخاه الشريف المرتضي كانا في زمان الدولة البويهية الشيعية التي تسلطت على خلافة بني العباس ، و نزعت منهم الملك و الرئاسة و الحل و العقد ، و هما من كبار رجال الشيعة في القرن الرابع و الخامس الهجريين .
و الأصل في تشيعهما أنه كان ديانة لا لأجل المصلحة و الدنيا و المصانعة . قال الحافظ ابن كثير في ترجمة الشريف المرتضى :" علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف الموسوي ، الملقب بالمرتضى ذي المجدين – كان أكبر من أخيه الرضي – ذي الحسبين ، نقيب الطالبين ، وكان جيد الشعر على مذهب الإمامية والاعتزال يناظر على ذلك ، وكان يناظر عنده في كل المذاهب ، وله تصانيف في التشيع ؛ أصولا وفروعا .. " إلخ .
و من يناظر على المذهب لا يقال : إن تشيعه كان لأجل المصلحة ! و ذلك لأن الأصل أن أنفة النسب تأبى هذا عنهم ، و التوفيق للهداية و الايمان ليس بالأنساب و لا المناقب . قال ابن كثير بعد أن ذكر بعض أقواله المستبشعة :" ..وأعجب منها ذم الصحابة ، رضي الله عنهم " . ثم سرد رحمه الله تعالى شيئا قبيحا من كلامه في تكفير عمر وعثمان وعائشة وحفصة ، رضي الله عنهم ، قبحه الله تعالى و أمثاله من أساطين الشيعة ، إن لم يكن تاب .
و قد روى ابن الجوزي خبر توبة الشريف المرتضي من سب و ذم الصحابة في آخر حياته ، حيث ذكر بإسناده في " المنتظم " عن أبي القاسم بن برهان قال : دخلت على الشريف المرتضى أبي القاسم العلوي في مرضه ، وإذا قد حول وجهه إلى الجدار ، فسمعته يقول : أبو بكر وعمر وليا فعدلا ، واسترحما فرحما ، فأنا أقول : ارتدا بعد ما أسلما ؟! قال : فقمت فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه .اهـ. و الله أعلم بما ختم له به .
و أما الشريف الرضي فهناك قولٌ معروف أنه كان زيدياً ، و قد حكاه ابن عنبة الحسني في " عمدة الطالب " عنه ، و هو أعلم بالرضي من جهال الرافضة ، و قد حاول بعض المعاصرين منهم الطعن في كلام ابن عنبة و الرد عليه ، كما في أبحاث مؤتمر " الرضي " المعقود في إيران ، و لكنه لم يأت بشيء يذكر !
و أما سكناهما في الكرخ ، فإنه لا دلالة عليه مستقلة إلا أنها مأوى الرافضة ، و لكن هذا ليس بمطرد ، و ليس هو من طريقة أهل السنة و الجماعة في التثبت و نسبة الأخبار ، و الأصل أن " البلدان و الأقاليم لا تثبت الأديان " لكنها قرينة ، و يغني عنها ما استفاض عنهما و ترجم به ثقات العلماء و المؤرخين من أهل السنة والجماعة .
و أما القصيدة المنسوبة للشريف الرضي في مدح العبيدي بمصر فهي ليست صحيحة عنه ، و قد كذبها هو و أبوه ، كما هو مستفيض عنهما ، و الأصل الأخذ بظاهر نفيهما و حلفهما للخليفة العباسي ، كما هو مشهور .
و إنما يخالف الظاهر من يلجأ إلى الباطن ، كالرافضة و العبيدية القرامطة و المنافقين ، و لهذا يثبتونها ، و يتأولون أمرها ، و إنما يُتؤول كلام المعصوم عليه الصلاة و السلام ، و الشريف الرضي في قول الباطنية والرافضة ليس من المعصومين باجماع الطائفتين ، و ليس للمرء كلام بعد نفي الانسان الشيء عن نفسه مع وجود المقتضي لذلك ، و هذا الذي يلزمنا من جهة العمل في الدنيا .
و الدعوى المجردة لا يعجز عنها أحد ، و لكن من كان له خبرة بمعرفة طريقة أهل الحديث و السنة و معرفة الآثار يتبين صدق الدعاوي من كذبها ؛ و قد نقل الباطنية والرافضة عن أجداده ما هو أولى بالبطلان من هذه القصيدة عن الرضي ، و يوجد من كلامهم في الثناء على الصحابة والتابعين و خاصة الشيخين ما تواتر نقله ، ولكنهم يكذبون ذلك و يقرمطون ، و هذه عادتهم مع كل أئمة آل البيت ، لكثرة جنس النفاق و الكذب فيهم في الأصول والفروع ، و الله تعالى أعلم

بحث سريع