حريق حزب الله !!

بواسطة | جمال سلطان
2006/12/03

أصبح السؤال الضروري اليوم بعد أن نزل حزب الله وأمل بمؤيديهما إلى الشارع وسط مخاطر مروعة يدركها العالم كله الآن هو : لحساب من يحرق حزب الله وأمل لبنان ويدمر مصالح المواطن اللبناني ، وهل القضية تستحق ؟ بل ما هي القضية أصلا ، حزب الله يقول بأنه يسقط الحكومة من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستبعد أحدا ، والحقيقة أن الحكومة اللبنانية لم تستبعد أحدا أبدا ، وإنما حزب الله وأمل هم الذين انسحبوا بكامل إرادتهم من الحكومة بغرض إسقاطها فلما فشل مخططهم نزلوا للشارع من أجل لي الذراع ، وما زال فؤاد السنيورة يناشد الوزراء المستقيلين العودة إلى وزاراتهم ، وحسن نصر الله الذي يتهم السنيورة والحكومة بأنه خذل الحزب في المواجهة الأخيرة مع الصهاينة ولذلك يطالب بإقالته هو نفسه الذي قدم الشكر علانية وقتها على دور الحكومة في وقف الحرب ودعم موقف حزب الله بعد تدخلات دولية عديدة ، لعبة الشارع في الحالة اللبنانية لعبة خطيرة جدا وغير ديمقراطية ، من حقك أن تقول رأيك وتتظاهر ثم تمضي ، أما أن تحاصر مكاتب الحكومة وتغلق الشوارع وتعطل الدولة كدولة ، فهذا يستطيعه جميع الطوائف في لبنان ، وليس حزب الله وحده ، وسعد الحريري يستطيع أن يحشد عدة مئات من الآلاف في الشارع بعد غد ويوقف الدولة والحكومة أيضا ، وجنبلاط وجعجع يستطيعان ذلك أيضا ، والجميع يعرف أن لعبة استعراض القوة بالشارع في الحالة اللبنانية بخصوصيتها الطائفية لعبة غير ديمقراطية على الإطلاق ، ويبقى السؤال ، لماذا يحرق حزب الله لبنان دولة وحكومة وشعبا ، ويفتح أبواب الجحيم على المجتمع ، لأن أي طلقة الآن أو تحرك شعبي مقابل يمكن أن يعيد البلاد إلى أسوأ أيام الحرب الأهلية ، فلحساب من كل هذا ؟ أرجو أن يجيب العقلاء ؟ المسألة بوضوح كامل : لحساب سوريا وإيران ، ولوقف المحكمة الدولية ، حزب الله يتقاضى مئات الملايين من الدولارات سنويا من إيران ، وفي العام الحالي وحده تقاضى أكثر من نصف مليار دولار ، منها أكثر من ربع مليار دولار دفعها الحزب كتعويضات لبعض الأهالي عن خسائر المواجهة مع الصهاينة ولتعزيز حضوره السياسي بين فقراء الجنوب ، وكل هذه الملايين الضخمة التي تدفع لحزب سياسي وليس لدولة لها فواتير تستحق السداد ، وكذلك فواتير السلاح أيضا لها أعباء ومقابل ، إن الحكومة اللبنانية تشكلت بناء على انتخابات شفافة وحرة ونزيهة وقبل بنتائجها الجميع ، وبناءا عليه شارك حزب الله في الحكومة بعدد من الوزراء ، ثم حاول تفجيرها لما وصلت الحكومة عند محك المحكمة الدولية ، واعتبر أنها حكومة السفير الأمريكي ، وقتها فقط اكتشف أنها حكومة السفير الأمريكي ، وعندما كان مشاركا فيها كانت حكومة وطنية ، ثم الآن يتحدث عن حكومة وحدة وطنية تمثل الجميع ، وهو دجل سياسي ، وإنما الحزب يريد أن يستثمر نتائج المواجهة الأخيرة مع الصهاينة لفرض نفسه كحاكم بأمره في الساحة اللبنانية ، بحيث يقتطع ثلث مقاعد الحكومة ، بدون انتخابات ولا أي معيار ، مجرد وضع يد ، من أجل تمكينه من تعطيل أي قرار لا يعجبه ، وأهمه على الإطلاق الآن المحكمة الدولية ، فإذا لم يحصل الحزب على ثلث مقاعد الحكومة بوضع اليد بحيث يكون الآمر الناهي فيها فهي حكومة غير وطنية ، ولا تمثل الجميع ، ثم يهدد الحزب بحرق لبنان كله عمليا بما فعله في الشارع أمس وأول أمس ، وفي اعتقادي أن ما يفعله الحزب الآن هو إضرار عمدي بلبنان وشعبه ومصالح مواطنيه ، لأنه من غير المتصور أبدا أن تكون هناك قوة وطنية حقيقية قلبها على وطنها وهي تعرضه للحريق والفتنة المروعة بكل هذه السهولة ولحسابات فئوية وطائفية محضة ، بل إن التهديد العلني اليوم بتدخلات إقليمية لمناصرة بعض الأطراف تعني أن حزب الله يقدم مشروع حريق المنطقة بكاملها ، فهل ينجح فيما فشل فيه الصهاينة طوال عقود مضت.


المصدر : المصريون : بتاريخ 2 – 12 – 2006

بحث سريع