” أنساب الأشراف ” بين الجبرين والمنيع

بواسطة | الشيخ عبدالله بن منيع
2007/04/17
اطلعت على فتوى لأحد إخواننا الأعزاء مفادها أن من يُعرفون بالأشراف أو السادة انتسابهم محل نظر. وبناء على ذلك فيجوز دفع الزكاة والصدقات لمن ينتسب إليهم من فقرائهم ومساكينهم لوجود الشك في صحة الانتساب لبعد العهد بينهم وبين من ينتسبون إليه.
وقد اتصل بي مجموعة منهم متذمرين من هذه الفتوى ويستشيرونني في إقامة دعوى قضائية على هذا التجاوز في القول بالتشكيك في نسبهم، حيث إنه يؤثر على أنسابهم واعتبارهم في المجتمع وأن ذلك من قبيل الطعن في الأنساب.
فذكرت لهم أن قائل هذا القول لم يقصد الإساءة إليهم وإنما كان قصده من ذلك استدرار الشفقة والعطف على فقراء السادة والأشراف وأنهم مستحقون للصدقة والزكاة كما يستحقها غيرهم من فقراء المسلمين ومساكينهم. وأن منعهم منها بحجة أنهم سادة وأشراف غير وجيه. وذكر من عدم الوجاهة التشكيك في الانتساب، فهو حفظه الله لم يقصد الإساءة ولا الطعن في النسب وأعلم عن فضيلته سلامة القلب والقصد والاتجاه ومحبته آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد من قوله تبرير الفتوى برعاية هؤلاء الفقراء والإحسان إليهم ولكننا نقول لفضيلته: ما هكذا يا سعد تورد الإبل.
فالذي نعرفه من المصادر الموثوقة أن المنتسبين إلى الأشراف والسادة انتسابهم موثق توثيقا ثبوتيا يتوارثه الخلف منهم عن السلف. ولا يخفى أن أهل العلم مجمعون على أن الاستفاضة في النسب معتبرة شرعا ولها حقها في القبول والثبوت والإثبات ونفتي ونؤكد فتوانا بأن الزكاة والصدقة لا يجوز دفعهما إليهم إلا إذا تعذر رزقهم من بيت المال بما يكفيهم، فإذا تعذر ذلك أعطوا من الزكاة أو الصدقة ما يكفيهم رعاية لحقهم وإغناءً لهم عن السؤال وتقديرا لظروفهم وفقرهم. ومن القواعد الشرعية أن الواجب إذا تعذر أداؤه سقط.
وبهذه المناسبة فإنني أتوجه إلى مليكنا المفدى رجل الرحمة والشفقة والإنسانية بالنظر في أمر فقراء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من سادة وأشراف لا سيما في ما يتعلق بإخواننا السعوديين من آل البيت من أشراف وسادة. فمحبتهم ورعايتهم والإحسان إليهم والاهتمام بأمورهم جزء من أجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك أجره على أمته.
قال تعالى: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى".
وقد سبق من الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله أنه أمر بتخصيص مخصصات لفقراء آل النعمي من الأشراف في منطقة جازان بتوصية من سماحة شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله وذلك لفقرهم وحرمة دفع الزكاة والصدقة إليهم. ولقدرة بيت المال على الصرف عليهم. ولا شك أن بيت المال في وقتنا الآن أقدر على تحمل ذلك من قدرة بيت المال في عهد الملك فيصل رحمه الله.
وما قيل في الفتوى إن العهد الذي بين أشراف وسادة اليوم وبين عهد من ينتسبون إليه عهد طويل لا يصلون إليه إلا بعد مرور أكثر من 30 جدا. نقول لصاحب الفتوى ـ حفظه الله ـ إن من ينتسب إلى قحطان من أفراد عصرنا الحاضر لا يصل إليه إلا بعد اجتياز ما لا يقل عن 80 جدا. فهل هذا يكون سببا في التشكيك في نسبه؟ ولو جاء من ينسبه إلى عدنان ألا يعترض على هذه النسبة؟ فالناس مؤتمنون على أنسابهم والتعرض لها بما يجرح مشاعر أهلها من قبيل الطعن في الأنساب وهو مسلك مذموم في الإسلام ومن دعاوى الجاهلية.


المصدر : جريدة الوطن عدد 2376 ، 14ربيع الأول 1428
{moscomment}

بحث سريع