خير نساء ركبن الابل

بواسطة | الحافظ ابن حجر
2007/05/10

هذه قطعة من شرح الحافظ لحديث " خير نساء ركبن الابل " من كتاب " فتح الباري " .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :" قوله ( خير نساء ركبن الإبل )

تقدم في أواخر أحاديث الأنبياء في ذكر مريم عليها السلام قول أبي هريرة في آخره " ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط " فكأنه أراد إخراج مريم من هذا التفضيل لأنها لم تركب بعيرا قط ، فلا يكون فيه تفضيل نساء قريش عليها ، ولا يشك أن لمريم فضلا وأنها أفضل من جميع نساء قريش إن ثبت أنها نبية أو من أكثرهن إن لم تكن نبية ، وقد تقدم بيان ذلك في المناقب في حديث " خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة " وأن معناها أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها ، ويحتمل أن لا يحتاج في إخراج مريم من هذا التفضيل إلى الاستنباط من قوله " ركبن الإبل " لأن تفضيل الجملة لا يستلزم ثبوت كل فرد فرد منها ، فإن قوله " ركبن الإبل " إشارة إلى العرب لأنهم الذين يكثر منهم ركوب الإبل ، وقد عرف أن العرب خير من غيرهم مطلقا في الجملة فيستفاد منه تفضيلهن مطلقا على نساء غيرهن مطلقا ، ويمكن أن يقال أيضا : إن الظاهر أن الحديث سيق في معرض الترغيب في نكاح القرشيات ، فليس فيه التعرض لمريم ولا لغيرها ممن انقضى زمنهن .
قوله ( صالح نساء قريش )
كذا للأكثر بالإفراد ، وفي رواية غير الكشميهني " صلح " بضم أوله وتشديد اللام بصيغة الجمع ، وسيأتي في أواخر النفقات من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ " نساء قريش " والمطلق محمول على المقيد . فالمحكوم له بالخيرية الصالحات من نساء قريش لا على العموم ، والمراد بالصلاح هنا صلاح الدين ، وحسن المخالطة مع الزوج ونحو ذلك .
قوله ( أحناه )
بسكون المهملة بعدها نون : أكثره شفقة ، والحانية على ولدها هي التي تقوم عليهم في حال يتمهم فلا تتزوج ، فإن تزوجت فليست بحانية قاله الهروي ؛ وجاء الضمير مذكرا وكان القياس أحناهن ، وكأنه ذكر باعتبار اللفظ والجنس أو الشخص أو الإنسان ، وجاء نحو ذلك في حديث أنس " كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا ، بالإفراد في الثاني وحديث ابن عباس في قول أبي سفيان عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بالإفراد في الثاني أيضا ، قال أبو حاتم السجستاني : لا يكادون يتكلمون به إلا مفردا .
قوله ( على ولده )
في رواية الكشميهني " على ولد " بلا ضمير وهو أوجه ، ووقع في رواية لمسلم " على يتيم " وفي أخرى " على طفل " والتقييد باليتم والصغر يحتمل أن يكون معتبرا من ذكر بعض أفراد العموم ، لأن صفة الحنو على الولد ثابتة لها ، لكن ذكرت الحالتان لكونهما أظهر في ذلك
قوله ( وأرعاه على زوج )
أي أحفظ وأصون لماله بالأمانة فيه والصيانة له وترك التبذير في الإنفاق .
قوله ( في ذات يده )
أي في ماله المضاف إليه ، ومنه قولهم فلان قليل ذات اليد أي قليل المال ، وفي الحديث الحث على نكاح الأشراف خصوصا القرشيات ، ومقتضاه أنه كلما كان نسبها أعلى تأكد الاستحباب . ويؤخذ منه اعتبار الكفاءة في النسب ، وأن غير القرشيات ليس كفأ لهن ، وفضل الحنو والشفقة وحسن التربية والقيام على الأولاد وحفظ مال الزوج وحسن التدبير فيه . ويؤخذ منه مشروعية إنفاق الزوج على زوجته ، وسيأتي في أواخر النفقات بيان سبب هذا الحديث

(14/318)

(14/318)

بحث سريع