تخريج حديث أنا مدينة العلم-8

بواسطة | خليفة الكواري
2005/11/18
يواصل الباحث بحثه بإيراد بقية الطرق عن علي في هذا الحديث ، فيقول :
الطريق الثانية : الأصـبغ بن نُبَاته ، عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ.
أخرجها أبو الحـسن علي بن عمر الحربي في: ( أماليه )[1]، ومن طريقه ابن عساكر في: ( تاريخـه ).[2]
قال: حدّثنا إسحاق بن مروان ، حدّثنا: أبي ، حدثنا: عامر بن كثير السراج ، عن أبي خالد ، سـعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نُبَاته ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً: ( أنا مـدينة الجنة ، وأنت بابـها يا علي ، كـذب مـن زعم أنـه يـدخلها من غير بابها )
قال ابن عساكر: ( كذا قال ، والمحفوظ: مدينة الحكمة ).
أقول: هذا إسناد واه جداً ، وهو معلول بعلتين:
الأولى: سعد بن طريف الإسكافي.
قال الحافظ ابن حجر: ( مـتروك ، ورماه ابن حبان بالوضع ، وكان
رافضياً ).
[3]
الثانية: أصـبغ بن نُـبَاته التميمي.
قال الحافظ ابن حجر: ( مـتروك ، رمي بالرفض ).[4]
الطريق الثالثة: عاصم بن ضمرة ، والحارث الأعور ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ.
أخرجها الخطيب البغدادي في: ( تلخيـص المتشابـه )[5]، وابن عـساكر في: ( تاريخه )[6]، من طريق أبي جعفر محمد بن الحسن الخثعمي ، نا: عباد بن يعقوب ، نا: يحيى بن بشار الكندي ، عـن إسـماعيل بن إبراهيم الهمداني ، عن أبي إسـحاق ، عن الحارث ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ ، وعن عاصم بن ضمرة ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ، قال: قال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( شجرة أنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين من ثمرها ، والشيعة ورقها ، فهل يخرج من الطيب إلاّ الطيب ؟ وأنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أرادها فليأت الباب ).
أقـول: هذا خبر باطل ، وعلامات الوضع عليه ظاهرة.
قال الخطيب البغدادي: ( يحيى بن بشار الكندي الكوفي حدّث عن إسماعيل بن إبراهيم الهمداني ، وجميعاً مجهولان ).[7]
وقال الذهبي: ( يحيى بن بشار الكندي شيخ لعباد بن يعقوب الرواجني لا يعرف ، عن مـثله ، وأتى بخبر باطل ).[8]
وقال في: ( المغني ): ( شـيخ لعباد الرّواجني لا يعرف ، عن مجهول ).[9]
الطريق الرابعة: الحسين بن علي ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ:
أخرجها أبو جعفر الطوسي الرافضي في: ( أماليه ). [10]
قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري ، قال: أخبرنا محمد بن علي بن الحسين بن بابوية القمّي [11]، قال: أخبرني أبي [12]، قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي ، قال: حدّثنا أحمد بن محمد الهمداني ، قال: حدّثنا يعقوب بن يوسف بن زياد ، حدثنا أحمد بن حمّاد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر الباقر ـ عليه السلام ـ ، عن علي بن الحسين ـ عليه السلام ـ، عن الحسين بن علي ـ عليه السلام ـ ، عن علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا مدينة الحكمة ، وأنت يا علي بابها… الحديث ).
أقول: هذا إسـناد واه جداً ، وهو معلول بما يلي:
الأولى: جابر بن يزيد.
وهو الجعفي ، قال الحافظ ابن حجر: ( ضـعيف رافضي ).[13]
الثانية: عمرو بن شمر.
وهو الجعفي الكوفي ، أبو عبد الله ، واهي الحديث جداً ، ولا نشغل أنفسنا بنقل أقوال الأئمة فيه ، فأمره واضح.[14]
الثالثة: أحمد بن حماد الهمداني.
ضعّفه الدارقطني ، ولم يعرفه الذهبي.[15]
الرابعة: شيخ الشيعة أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي ، صاحب ( الأمالي ) ، أعرض عنه الحفاظ لبدعته ، وكان يتنقص السلف ، قال ابن النجار:
( أحرقت كتبه عدة نوب بمحضر من الناس في رحبة جامع النصر ، واستتر هو خوفاً على نفسه بسبب ما يظهر عنه من انتقاص السلف ).
قال الحافظ الذهبي: ( وكان يعد من الأذكياء ، لا من الأزكياء ). [16]
وذكر ابن الجوزي أن أبا بكر ابن مردويه[17] أخرجها عن الحسين بن علي ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً:
( أنا مـدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم ، فليأت الباب ).
لكن لم يذكر ابن الجوزي إسـناد ابن مردويه إلى الحـسين بن علي ، والظاهر أن إسناده غير إسناد الطوسي لأن ابن الجوزي ذكر أن في إسناد ابن مردويه: ( مـجاهيل )[18]، وأنا أستبعد أن يكون ابن الجوزي لم يعرف جابر الجعفي ، وابن شمر.
وروي من طريق أخرى بإسنادٍ واه جداً ، أخرجـها ابن المغازلي في:
( المناقب ).
[19]
قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي ـ رحمه الله ـ، فيما أذن لي في روايته عنه ، أنّ أبا طاهر إبراهيم بن عمر بن يحيى [20]، يحدثهم ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن المطلب ، حدثنا: أحمد بن محمد بن عيسى ، سنة عشر وثلاث مائة ، حدثنا: محمد بن عبد الله بن عمر بن مسلم اللاحقي الصفار ، بالبصرة، سنة أربع وأربعين ومائتين ، حدثنا: أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، قال: حدثني أبي ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( يا علي أنا مدينة العلم ، وأنت الباب ، كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلاّ من الباب ).
أقـول: وهذا إسـنادٌ واهٍ جداً ، وهو معلول بعلتين :
الأولى: محمد بن عبد الله بن عمر اللاّحقي.
ذكره الخطيب البغدادي في: ( تاريخـه ) [21]، ولم يذكر له جرحاً ولا تعديلاً.
والظاهر أنه من رجال الشيعة ، له ترجمة عندهم ، وهو مذكور في: ( رجال النجاشي ).[22]
الثانية: محمد بن عبد الله بن المطلب.
هو: محمد بن عبد الله بن محمد ، أبو المفضل الشيباني الكوفي ، كان كذّاباً دجالاً، وكان يضـع الأحاديث.[23]
الطريق الخامسة: علي بن موسى الرضى ، عن آبائه ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ.
أخرجها ابن النجار في: ( تاريخه ).[24]
قال: أنبأتنا رقية [25]بنت معمر بن عبد الواحد ، أنبأتنا: فاطمة بنت محمد بن أبي سعد البغدادي ، أنا: سعيد بن أحمد النيسابوري ، أنا: علي بن الحسن بن بندار بن المثنى ، أنا: علي بن محمد مهروية ، ثنا: داود بن سليمان الغازي ، ثنا: علي بن موسى الرضا ، عن آبائه ، عن علي مرفوعاً :
( أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب ).
أقول: في إسـناده علتان:
الأولى: داود بن سليمان الجرجاني الغازي.
قال الذهبي: ( كذّبه يحيى بن مـعين ، ولم يعرفه أبو حاتم ، وبِكُلّ حال فهو شـيخ كَذّاب له نسخة موضوعة عن علي بن موسى الرضى ، رواها علي بن محمد بن مهرويه القزويني الصدوق عنه ).[26]
الثانية: علي بن الحسن بن بندار بن المثنى الإسْتراباذِي.
اتهمه ابن طاهر.[27]
وقال ابن النجار: ( ضعيف )[28]
وقال حمزة بن يوسف السهمي: ( تكلم فيه الناس ).[29]
تنبيه: علي بن الحسن بن بندار بن المثنى الإستراباذي هذا غير علي بن الحسين بن بندار الأذَني ، فإن الأول: اسم أبيه الحسن ، والثاني: الحسين ، وكثيراً ما تقع الأخطاء المطبعية في هذين الاسمين وكذا في المخطوطات ، وقد ذكر ابن النجار سنة وفاة الأول في حدود الثمانين وثلاث مائة ، والثاني توفي سنة: خمس وثمانين وثلاث مائة ، فهو في الطبقة نفسها ، والأول: متهم ، والثاني: قال عنه الحافظ الذهبي: ( ما علمت به بأساً ).[30]
الطريق السادسة: الشـعبي ، عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ.
رواها أبو بكر ابن مردويه[31]، من طريق الحسن بن محمد ، عن جرير ، عن محمد بن قيس ، عن الشعبي ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً:
( أنا مـدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب ).
أقول: هذا إسناد معلول بعلل:
الأولى: الشعبي سمع من علي حرفاً ، لم يسمع غير هذا قالـه الدارقطني.[32]
قال الحافظ ابن حجر: ( كأنه عنى ما أخرجه البخاري في الرجم عنه عن علي حين رجم المرأة قال رجمتها بسنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ).[33]
الثانية: الحسن بن محمد ،لم أعرفه.
الثالثة: جرير ، لم أعرفه.
الطريق السابعة: عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ.
أقول: حديث عبيد الله بن أبي رافع لم أقف عليه إلاّ عند حسن الحسيني الشيرازي ذكره في جزئه: ( إتمام النعمة ) ، قال: ( أخرجـه الإمام الشريف محمد بن علي الـحسني في كتاب من روى عن زيد بن علي الشهيد من التابعين ، عن الحسن بن زيد ، عن زيد بن الحسن السبط ، عن زيد بن علي الشهيد ، عن علي بن الحسين، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي عليه السلام ).[34]
هكذا ذكره معلقاً ، ولم يسق إسناده لكي يتسنى لي دراسته.
الطريق الثامنة: جرير الضبي ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ.
أخـرجها ابن المغازلي في: ( المناقب ).[35]
قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان ، أنا: أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ البغدادي ، نا: الباغندي محمد بن محمد بن سليمان ، نا: محمد بن مُصَفَّى ، نا: حفص بن عمر العدني ، نا: علي بن عمر ، عن أبيه ، عن جرير، عن علي ، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
( أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، ولا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها ).
أقـول: هذا إسناد معلول بأربع علل
الأولى: جرير.
هو الضبي ، قال الحافظ الذهبي: ( لا يعرف ).[36]
وقال الحافظ ابن حجر: ( مـقبول ).[37]
أي: حيث يتابع ، وإلاّ فلين الحديث.
الثانية: علي بن عمر.
هو: علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، إن لم أكن مخطأً، قال الحافظ ابن حجر: ( مستور ).[38]
وأمّا أبوه فقد قال عنـه الحافظ ابن حجر: ( صدوقٌ ، فاضلٌ ).[39]
الثالثة: حفص بن عمر بن ميمون العَدَني الصنعاني ، أبو إسماعيل ، لقبه: ( الفَرْخ ).
قال الحافظ ابن حجر: ( ضعيف ).[40]
الرابعة: محمد بن مُصَفَّى بن بُهْلُول القُرشِي.
صدوق إلاّ أنه كان يدلس تدليس التسوية.[41]
أقول: إذا تبين لك أن جميع الطرق التي رويت عن علي ـ رضي الله عنه ـ ، لم تصح ، عرفت بطلان قول الشيخ الغماري: ( فإذا ضم إلى هذه الطريق التي هي صـحيحة تلك الطرق الأربعة من رواية الشعبي ، والحسن ، والأصـبغ ، والحـارث ، كان حـديث علي ـ عليه السلام ـ بمفرده صحيحاً جزماً فكيف بانضمامه إلى حـديث ابن عباس الذي هو من أصح الصحيح كما عرفت ).[42] !!!!!
يتبع…



[1] كما في اللآلئ المصنوعة: ( 1 / 335 ).
[2] ( 12 / 316 ـ 317 ) المخطوط.
[3] التقريب: ( رقم: 2254 ).
[4] التقريب: ( رقم: 541 ).
[5] ( 1 / 308 ).
[6] ( 12 / 319 ـ 320 ) المخطوط.
[7] تلخيص المتشابه: ( 1 / 308 ).
[8] الميزان: ( 4 / 366 ).
[9] ( 2 / 731 ).
[10] بواسطة: إتمام النعمة بتصحيح حديث علي باب دار الحكمة ، ( ص: 88 ـ 89 ).
[11] محمد بن علي بن الحسين بن بابوية أبو جعفر القمي ، قال الخطيب: ( كان من شيوخ الشيعة ، ومشهوري الرافضة ) ، تاريخ بغداد: ( 3 / 89 ).
[12] هو: علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ، والد محمد بن علي المتقدم ذكره ، وهو من كبار الرافضة ومصنفيهم ، سير أعلام النبلاء: ( 16 / 304 ).
[13] التقريب: ( رقم: 886 ).
[14] اللسان: ( 4 / 366 ـ 367 ).
[15] ميزان الاعتدال: ( 1 / 94 ).
[16] سير أعلام النبلاء: ( 18 / 334 ) ، اللسان: ( 5 / 135 ).
[17] كما في الموضوعات ، لابن الجوزي: ( 1 / 350 ).
[18] الموضوعات: ( 1 / 353 ).
[19] ( رقم: 126 ).
[20] هو: إبراهيم بن محمد بن عمر بن يحيى ، أبو طاهر العلوي ، قال الخطيب البغدادي: ( كتبت عنه ، وكان سماعه صحيحاً ) ، تاريخ بغداد: ( 6 / 174 ).
[21] تاريخ بغداد: ( 5 / 430 ).
[22] رجال النجاشي: ( رقم: 990 ).
[23] تاريخ بغداد: ( 5 / 466 ) ، اللسان: ( 5 / 231 ـ232 ).
[24] ذيل تاريخ بغداد ـ مخطوط ـ: ( 1 / 125 ) ، بواسطة: ( نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ) ( 1 / 157 ) ، و اللآلئ المصنوعة: ( 1 / 334 ).
[25] هكذا في: ( نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ) ( 1 / 157 ) ، وأخشى أن يكون ذلك تصحيفاً ، وأن الصواب هو: داود بن معمر بن عبد الواحد بن الفاخر ، أبو الفتوح العبشمي ، فإنه روى عن فاطمة بنت محمد البغدادي وهي جدته ، سير أعلام النبلاء: ( 22 / 268 ).
[26] ميزان الاعتدال: ( 2 / 8 ) ، واللسان: ( 2 / 417 ).
[27] ميزان الاعتدال: ( 3 / 121 ).
[28] لسان الميزان: ( 4 / 217 ).
[29] تاريخ جرجان: ( رقم: 571 ).
[30] سير أعلام النبلاء: ( 16 / 464 ).
[31] كما في الموضوعات ، لابن الجوزي: ( 1 / 350 ).
[32] العلل: ( 4 / 97 ).
[33] تهذيب التهذيب: ( 5 / 60 ) ، وانظر التلخيص: ( 2 / 116 ) ، قد أعلّ الحافظ ابن حجر رواية رواها الشعبي عن علي ـ t ـ ، فقال: فيه انقطاع ، واستشهد بكلام الدارقطني.
[34] إتمام النعمة بتصحيح حديث علي باب دار الحكمة ، ( ص: 84 ).
[35] ( رقم: 122 ).
[36] ( 1 / 397 ).
[37] التقريب: ( رقم: 926 ).
[38] التقريب: ( رقم: 4809 ).
[39] التقريب: ( رقم: 4984 ).
[40] التقريب: ( رقم: 1429 ).
[41] المجروحين: ( 1 / 94 ) ، تهذيب التهذيب: ( 9 / 407 ).
[42] فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي: ( ص: 30 ).




بحث سريع