تخريج حديث أنا مدينة العلم-4

بواسطة | خليفة الكواري
2005/05/09
لا زال البحث متصلاً حول هذا الحديث ، و يواصل الباحث بحثه بإيراد بقية الوجوه في رواية الحديث عن أبي معاوية عن الأعمش به عن ابن عباس …
الوجه الثاني: مـحمد بن جـعفر بن أبي مُـواتية الكلبي ، أبو عبد الله ، وقيل: أبو جعفر الكوفي ، ويقال: البغدادي العَلاّف ، المعروف: بالفَيْدِي ، نزل فَيْد ، توفي سنة: 231 ، أو 236.
أخـرجه الحاكم في: ( مـستدركه )[1]، عن أبي الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطري ، حدثنا: الحسين بن فهم ، حدثنا: محمد بن يحيى الضريس ، حدثنا: محمد بن جعفر الفَيْدي ، ثنا: أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، مرفوعاً: ( أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب ).
قال الحاكم: ( ليعلم المستفيد لهذا العلم أن الحـسين بن فهم بن عبد الرحمن ثقة مأمون حافظ ).[2]
أقـول: محمد بن جعفر الفـيدي هذا ، وثـقه ابن مـعين[3]، وقال الحافظ أبو بكر البزار: ( صالح ).[4]
وهل هو من شيوخ البخاري أو لا ؟ على خلاف بين العلماء ، ورجح الحافظ ابن حجر أنه ليس من شيوخـه ، والله أعلم.
ومحمد بـن أحمـد بن تـميم القنطري ، قال فيه ابن أبي الفوارس: ( كان فيه لين ).[5]
والحسين بن فهم ، قال عـنه الدارقطني ، والحاكم: ( ليس بالقوي )[6]، لكن قال الحاكم في: ( المستدرك ): ( ثقة مأمون حافظ ).[7]
وأخرجه ابن محرز في: ( معرفة الرجال )[8]، وابن المغازلي في: ( المناقب ).[9]
عن محمد بن جعفر العلاّف ـ الذي كان ينـزل بـفيد كوفي ـ، قال: حدثنا محمد بن الطفيل ، قال: حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش، عن مـجاهد ، عن ابن عباس بنحوه مرفوعاً.
أقول: محمد بن الطفيل النَخَـعي ، ذكره ابـن حبان في: ( الثقات )[10]، وقال الحافظ ابن حجر: ( صـدوق ).[11]
والحديث معلولة بما سبق:
1. من تدليس الأعمش.
2. وتفرد أبي معاوية به ، والرجوع عن التحديث به.
الوجه الثالث: القاسم بن سلام أبو عبيد ـ رحمه الله تعالى ـ:
أخـرجه ابن حـِبان في: ( المـجروحين )[12]، ومـن طـريقه ابن الجوزي في: ( الموضوعات )[13]، عن الحـسين بن إسحاق الأصبهاني ، قال: ثنـا: أبو هارون إسماعيل بن محمد بن يوسف ، قال: حدّثنا أبو عبيد القاسم بن سلاّم ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مـجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، مرفوعاً: ( أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد الدار فليأتها من قبل بابها ).
أقـول: هذا إسـناد واه جـداً ، فيه: إسماعيل بن محمد بن يوسف الجبريني أبو هارون.
قال ابن أبي حاتم: ( كتب إليَّ بجزء فنظرت في حديثه فلم أجد حديثه حديث أهل الصدق ).[14]
وقـال ابن حـبان: ( يـقلب الأسانيد ، ويسرق الحديث ، لا يجوز الاحتجاج به ).[15]
وقال الحاكم: ( روى عن سـنيد ، وأبي عبيد ، وعمرو بن أبي سلمة أحاديث موضوعة ).[16]
وقال ابن طاهر: ( وإسماعيل هذا من أهل بيت جبرين ، كذّاب ).[17]
الوجه الرابع: عمر بن إسماعيل بن مجالد.
أخرجه العقيلي في: ( الضعفاء )[18]، والخطيب البغدادي في: ( تاريخه )[19]،
وابن الجوزي في: ( الموضوعات ) ، من طريقين
[20]، عن عمر بن إسماعيل بن مجالد ، حـدّثـنا: أبـو مـعاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، مرفوعاً: ( أنا مدينة الحكمة ، وعلي بابها ، فمن أراد الحـكمة فليأت الباب ).
وعـند العقيلي ، وابن الجوزي بلفظ: ( مدينة العلم ) بدل من: ( مدينة الحكمة ).
أقـول: هذا إسناد ضعيف جداً ، من أجل عمر بن إسماعيل بن مجالد.
قال أبو حاتم: ( ضـعيف الحديث ).[21]
وقال ابن مـعين: ( كذّاب ، يحدث أيضاً بحديث أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مـجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبي ـ e ـ: أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، وهذا حديث كذب ، ليس له أصل ).[22]
وقال أبو زرعة: ( أتينا شيخاً ـ ببغداد ـ يقال: له عمر بن إسماعيل بن مجالد ، فأخرج إلينا كراسة لأبيه فيها أحاديث جياد ، عن مجالد ، وبيان ، والناس فكنا نكتب إلى العصر ، وقرأ علينا فلما أردنا أن نقوم قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش بهذا الحديث فقلت له: ولا كل هذا بمرة ، فأتيت يحيى بن معين فذكرت ذلك له ، فقال: قل له يا عدو الله متى كتبت أنت هذا عن أبي معاوية إنما كتبت أنت عن أبي معاوية ببغداد ، متى روى هذا الحديث ببغداد ؟ ).[23]
وقال ابن مـعين: (قد كنت أرى ابنه هذا عمر بن إسماعيل بن مجالد شويطراً ، ليس بشيء ، كذاب ، رجل سوء ، خبيث ، حدّث عن أبي معاوية بحديث ، ليس لـه أصل ، كَذِبٌ ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: علي مدينة العلم ، أو كلام هذا معناه ).[24]
وقال الحافظ ابن حجر عن عمر بن إسماعيل هذا: ( مـتروك ).[25]
الوجه الخامس: إبراهيم بن موسى الرازي
أخرجه ابن جرير الطبري في: ( تهذيب الآثار ).[26]
قال: حدثني إبراهيم بن موسى الرازي ـ وليس بالفراء ـ، قال: حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مـجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، مرفوعاً: ( أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ).
قـال أبـو جعفر الطـبري: ( هذا الشيخ لا أعرفه ، ولا سـمعت منه غير هذا الحديث ).
أقـول: ولعله سرقه من أبـي الصلت ، فقد قال أبو زرعة الرازي: ( حديث المعلى بن عرفان كم من قوم قد افتضحوا فيه ، وحديث أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس: أنا مدينة الحكمة ، وعلي بابها ، كم من خلق قد افتضحوا فيه )[27].
وقال ابن عـدي: ( وهذا حديث أبي الصلت الهروي ، عن أبي معاوية ، على أنه قد حدّث بـه غيره وسرق منه من الضعفاء )[28]. وهو معلول أيضاً بما سبق.
الوجه السادس: أحـمد بن سلمة أبو عمرو الكوفي.
أخرجه ابن عدي في: ( الكامل )[29]، وعنه السهمي في: ( تاريخ جرجان )[30]، وعن السهمي ابن الجوزي في: ( الموضوعات ).[31]
قال ابن عـدي: حدّثنا عـبد الرحمن بن سليمان بـن موسى بن عدي
الجرجاني ـ بمكة ـ، حدّثنا: أحمد بن سلمة أبو عمرو الجرجاني ، حدثنا: أبو معاوية، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، مرفوعاً: ( أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأتها من قبل بابها ).
أقول: في إسناده أحمد بن سلمة الكوفي ، وهو كذاب.
قال ابن عدي: ( حدّث عن الثقات بالبواطيل ، ويسرق الحديث ).[32]
وقال الذهبي: ( كذّاب ).[33]
يتبع …



[1] ( 3 / 127 ).
[2] ( 3 / 127 ).
[3] المستدرك: ( 3 / 127 ).
[4] كما في كشف الأستار: ( 3 / 219 ).
[5] لسان الميزان: ( 5 / 49 ).
[6] لسان الميزان: ( 2 / 308 ـ 309 ).
[7] المستدرك: ( 3 / 127 ).
[8] معرفة الرجال ـ رواية ابن محرز ـ: ( 2 / 242 ).
[9] ( 128 ).
[10] ( 9 / 63 ).
[11] التقريب: ( رقم: 6016 ).
[12] ( 1 / 130 ـ 131 ).
[13] ( 1 / 352 ).
[14] الجرح والتعديل: ( 2 / 196 ).
[15] المجروحين: ( 1 / 130 ).
[16] اللسان: ( 1 / 433 ).
[17] تذكرة الحفاظ ، لابن القيسراني: ( ص: 137 ).
[18] ( الضعفاء ): ( 3 / 150 ).
[19] ( 11 / 204 ).
[20] الأولى: من طريق الخطيب البغدادي ، والثانية: من طريق أخرى ، ( 11 / 353 ).
[21] الجرح والتعديل: ( 6 / 99 ).
[22] سؤالات ابن الجنيد: ( رقم: 51 ).
[23] سؤالات البرذعي ضمن كتاب: ( أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية ) ( 520 ـ 521 ).
[24] العلل للإمام أحمد: ( 3 / 9 ).
[25] التقريب: (رقم: 4900 ).
[26] مسند علي: ( ص: 105 ).
[27] سؤالات البرذعي ضمن كتاب: ( أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية ) ( 519 ـ 520 ).
[28] ( 2 / 341 ).
[29] ( 1/ 189 ـ 190 ).
[30] ( ص: 65 ).
[31] ( 1 / 352 ـ 353 ).
[32] ( 1 / 189 ).
[33] ديوان الضعفاء: ( رقم: 41 ).

بحث سريع