إلى السائلين عن الأنساب!!

بواسطة | الشريف محمد الصمداني
2009/04/23
السؤال عن النسب و البحث فيه حقٌ مشروع لكل إنسان ، فإن أصل ذلك يعود إلى إحدى الضرورات الخمس التي يحفظها الشرع و يدعو إلى حمايتها . و الأصل الشرعي في أنساب جميع المسلمين أنها صحيحة ومستقرة ، و هم مؤتمنون عليها ، ولهذا سرت هذه المقولة في الناس مسرى القبول و أصبحت مما يلهج بها لسان كل محق و مبطل ، وهي :" الناس مؤتمنون على أنسابهم " .
و هذا أصل مهم يتميز به أهل الاسلام عن الشعوبية و أهلها و آثارهم في الوجود . لكن كثيراً من الناس لا يكتفون بالصحة المجملة و الاستقرار العام لأنسابهم بل تجدهم يبحثون عن تفاصيل ذلك الشأن ، خاصة إذا كان المرء منهم يحاول الانتساب إلى آل البيت ، مع أن خفاء هذه التفاصيل في أحيان كثيرة قد غاب عن كثير من الناس منذ أزمان طويلة !
و لستُ أرى هوس عامة الناس بذلك إلا لتحقيق الأمجاد النفسية و الزعامات الخيالية ، أما صحة النسب و استقراره فلا يتوقف على معرفة عمود النسب فرداً فرداً ، و لله الحمد ، فإن هذا مما يتعذر على كثير من الناس ، و هو من الأمور الخفية التي لا تنشط لها الهمم ، و من القواعد الفقهية قول الفقهاء :" إذا ضاق الأمر اتسع " … !!
قال خطيب أهل السنة ابن قتيبة في " المعارف " مبيناً سبب تأليفه لهذا الكتاب :" … ، فإني رأيت كثيراً من الأشراف من يجهل نسبه ، و من ذوي الأحساب من لم يعرف سلفه ، و من قريش من لا يعلم من أين تمسه القربى من رسول الله صلى الله عليه و سلم و أهله ، أو الرحم بالأعلام من صحابته . و رأيت من أبناء ملوك العجم من لا يعرف حال أبيه و زمانه ، و رأيت من ينتمي إلى الفصيلة ، و هو لا يدري من أي العمائر هي ؟! و إلى البطن ، و هو لا يدري من أي القبائل هو ؟ و رأيت من رغب بنفسه عن نسب و إن دق ! فانتمى إلى رجل لم يعقب ، كرجل رأيته ينتمي إلى أبي ذر الغفاري ، و لا عقب لأبي ذر ، و آخر ينتمي إلى حسان بن ثابت ، و قد انقرض عقب حسان ، ، و كآخر دخل على المأمون فكلمه بكلام أعجبه ، فسأله عن نسبه ؟ فقال : من طيء ، من ولد عدي بن حاتم ! فقال له المأمون : ألصلبه ؟ قال : نعم ! فقال : هيهات ، أضللت ! إن أبا طريف لم يعقب . فكان سقوطه بجهله حال الرجل الذي اختاره لدعوته أقبح من سقوطه بالنسب الذي رغب عنه … " . أهـ [1].
يقول مثل هذا ابن قتيبة لأهل الأنساب الفاضلة ، و هم كانوا من كتيبة الاسلام في ذلك الوقت ، و لا زال منهم بقايا خير ، و قد مات سنة 276 ، فكيف لو رأى حال من أتى بعده بأزمان ؟ و كيف لو رأى حال زماننا في جزمهم بالمستحيلات ، و تصديقهم بالخرافات في باب الأنساب ؟! فكيف لو سمع بعجائب دهرنا و أبناء زماننا ممن يكتبون في المنتديات المتسمية باسم السادة و الأشراف في طول البلاد و عرضها ؟!
نحن في هذا الموقع قد فتحنا باب " السؤال عن الأنساب " و تقديم " خدمة الأنساب " لعدة أمور ، منها :
1- أننا نرى أن أصل ذلك عملٌ شرعي ، نطلب منه ابتغاء الثواب و الأجر .
2- أنه جزء من الاهتمام بموضوع آل البيت .
3- مساعدة من نستطيع بمعلومة أو فائدة حول نسبه ، أو دلالة على مرجع .
4- استكتاب ثقات النسابين المعاصرين في القضايا النسبية و أخذ آرائهم فيها .
5- ربط السائلين قدر الاستطاعة بثقات النسابين المعاصرين الذين نعلم من أحوالهم الصدق و الأمانة و التحري و اعتدال الشخصية ، لا الذين تراهم في كل وادٍ يهيمون ، ممن تشاهد في أحوالهم و أعمالهم و أقوالهم التلون و التغير والبحث عن الرئاسة والزعامة و الوجاهة ، من الذين لا يبالون بالنسب الشريف الكريم !
6- إخراج منهج علمي محكم في تحقيق أنساب آل البيت .
7- محاولة حصر المنتسبين لآل البيت ، سواء صحت نسبتهم أو لا ، و سواء اشتهرت او خملت .
8- إغلاق الباب على المبتدعة و مرتزقة الدجالين …
دعني أصيحُ في أذنيك ههنا لتسمع ما نريد في هذا الموقع : " .. لقد استغل ثغرة الأنساب كثيرٌ من أرباب البدع والضلال ، فتراه ينصب شراك السوء لمن يسأل عن نسبه و أجداده " ؟! و لهذا ترى غاية جهد أحدهم إذا أراد تصحيح نسبه ، أن يحيل على مجلس مغمور مطمور ، أو هيئة مشبوهة ، أو ديوان تخفق فيه الرياح من كل مكان !!
و أما ما يفعله أهل البدع من الرافضة وغيرهم فحدث و لا حرج !
كم تشفق على أناس من أهل السنة و من سوادهم و عامتهم تلجئهم الضرورة – فيما يرون – إلى أن يسائلوا أهل البدع ، ويجالسونهم و يماشونهم و يدعونهم إلى بيوتهم ، … و المصيبة كل المصيبة أن يداهن في دينه أولئك الأشرار .. و لو فتشت الأمر ، لوجدت أن مرد ذلك يعود إلى الأنساب و السؤال عنها ..!! لقد سمعنا بأناس تعرضوا للشيخين ( السمع والبصر : أبي بكر و عمر ) رضي الله عنهما و أصبحوا ممن يشتمونهم ويسبونهم بسبب بحثهم عن الأنساب واتصالهم بالمبتدعة ! و آخر أصبح من المكفرين لمعاوية رضي الله تعالى عنه لأنه ابتلي بدجال صغير ألقى في نفسه الأكاذيب و الأراجيف .. و هلم جرا من الأخبار التي لا تنتهي !
و قد سمعنا برجل مهووس في بلده بالأنساب ، وهو ينسب إلى خير و فضل ، دخل عليه ملا شيعي بعمامة سوداء يريد منه المصادقة على نسبه ، فطرده امام الحاضرين ، فأراد الملا الشيعي في مجلس آخر أن يتناظرا في مسائل الدين ، فقال ذلك الرجل النساب : أنا لا أفقه في الدين شيء ، سأحضر لك بعض طلبة العلم ، فانتظر ، فخنس الشيعي .. !!
لقد رأينا في هذا الموقع المبارك – إن شاء الله – أن من واجب أهل السنة أن تنصرف " منهم طائفة ليتفقهوا في الدين " ، و يلموا بأصول الأنساب الشريفة و الفاضلة ،" لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " من أصول المبتدعة التي يدسونها من خلال ادعاء العلم بأنساب آل البيت .. !
هذا مما نختطه و نعمل لأجله في هذه الزاوية من هذا الموقع المبارك إن شاء الله .. صحيح أن الأمر محتف بمخاطر ، تحتاج إلى تجاوز حكيم و دقيق لها ، من ذلك :
1- حساسية موضوع الأنساب عند غالب الناس ..و هذا صحيح ، فإن كثيراً من الناس يجد في نفسه حرجاً بالغاً أن يلاك اسمه واسم قبيلته عند المجهولين و المتحيرين فضلاً عن الجهلة و الأدعياء ..! كما أن الناس تتحسس من أي كلمة تطلق في الأنساب ، ولهذا نجد من حسن رعاية الناس أن لا يتلكم في الأنساب إلا عالم حكيم يورد الأمر موارده ، و و إلا فلو فتح الباب لجهلة النسابين لفرقوا مجتمعات المسلمين و لقضوا على مظاهر الوحدة والجماعة بينهم .. و قريباً سمعنا بنساب فرق شمل قبيلته فكيف بغيرهم من الناس ؟ فاللهم رحماك رحماك !
2- الرد على كثرة السائلين … نحن في الموقع نجد رسائل كثيرة و كثيرة جداً لأناس يبحثون عن أنسابهم الشريفة من سائر بلدان العالم و لا أستثني ..! و هم يريدون منا أن نترك كل ما يتعلق بآل البيت لننشغل بهم وحدهم ، و كأن آل البيت قد اكتمل عقدهم و ما بقي إلا هم …. ؟! لا يمكن أن نحيد عن أهدافنا الرئيسة ( راجعها في " حول الموقع " ) .. إننا نقدرُ أهل الأنساب الفاضلة ونحبهم ، لا نفاقاً بل ديناً وإيماناً ، و نرى أن هذا من كمال الايمان ، و لعل بصمات الموقع و فريقه العامل أبرز دليل على هذا الأمر ، تقبل الله منا ومن سائر المسلمين … ، مع تزاحم الجهود و كثرة الأعمال ، نحتاج إلى منهج دقيق في " خدمة أصحابها " ، فإن هناك ما هو أولى من ذلك ، .. و هم يحتاجون منا إلى كثير و كثير من الصبر…!
3- الطعن في الأنساب … لا ريب أن الطعن في النسب كبيرة من كبائر الاثم .. فالبعض قد يرى أن في هذا طعناً في الأنساب !! و يجاب :" إن الطعن في النسب يكون لإنسان قد حاز النسب و استقر أمره ، وعرف به و اشتهر بين الناس " ، أما أن يأتينا من شاء ليدعي ما شاء ثم يقول لا تطعنوا في النسب ؟! هذا دجال لابد من فضحه – حسب المصلحة والمفسدة – خاصة إذا تعلق بذلك غرض شرعي لا نفسي …!
لقد تكلم الفقهاء والعلماء قديماً وحديثاً في أبواب من هذا الجنس وردوا أنساب الدجالين وأبطلوا إفك الأفاكين ، ولم يعدوا ذلك من الطعن في الأنساب ، بل خرجوه مخرج " النصيحة " ، و " الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر " ..! و لو كان الأمر كذلك ، لما ألفت كتب الأنساب ؟!
4- صعوبة إخبار المرء بأن نسبه باطل موضوع !
في الحقيقة ، .. الصعوبة تكون مع الذين يريدون النسب بأي وسيلة و ثمن ؟ و آخر ما يريدون البحث العلمي و الموضوعي ؟ فهو يريده بأي طريق !! أما البحث وصدق النسب واستقامة العمود ، فهذا مما لا يهتم به كثيراً … المهم أن ينسب و لو إلى جد ( ميناث ) كما فعل عددٌ من حذاق النسابين عندما يبتلون بسلطان غشوم …!
و قد جرت قصة قريباً لأحد النسابين الثقات ، إذ جاءه وزير دولة مشهورة يبحث لسلطانه عن شجرة نسب ، فقال النساب الفاضل : أرني عمود النسب المزعوم ؟ فأراه إياه ، وهو ينتفض ! فغضب و صاح في وجهه : هذا العمود لا يصح إلى يوم القيامة ؟! ( أو كلاماً هذا معناه ) .
و آخر جاء يبحثُ عن نسب شريف لامرأة أمريكية شقراء اللون ! يريد أن ينسبها لبيوت العز و الشرف النبوي !
و فيما جرى لرئيس العراق السابق صدام حسين عبرة ، ففي حين ولايته كان نسبه مثبتاً في النقابة الشيعية فلما عزل و قبض عليه كان أول تصريح لهم تجريده من نسبه و إبطال صحة ذلك العمود ، و تم نشر ذلك في كافة الصحف ؟!!
و من أباطيل ما سمعنا نسب اليزابيث ملكة انجلترا في آل البيت ؟ و لا زلتُ مكذباً لأصل الخبر لعلمي أن هذا الأمر لا يشيعه إلا عدو للاسلام يريد أن يغض من نور الرسالة النبوية عبر إثارة هذا الأمر حول بيته الشريف ، أو أنه مرفوعٌ عنه القلم ، لا يدري ما يقول ، و لو فتشت عن أصل هذا الخبر لوجدت مصدره من تحت عباءة شيعية !
و آخرون كثيرون في صفوف مصطفة تنتظر دورها ، و ما بدلوا تبديلا ..!
إنَّ هؤلاء مشكلتهم في الدرجة الأولى مع أنفسهم ، فهم بحاجة إلى مباديء أخلاقية يعيشون بها مع الناس ، ولكن تجربتهم الشخصية في الحياة و التربية التي مروا بها لم تسعفهم بذلك السمو الأخلاقي الذي تملكه النفوس الشريفة ذوات المعادن الأصيلة ….؟!
كم ترثى لأناس كانوا إلى مدة قريبة لا يعرفون إلا بأنهم بنو فلان بن فلان أو بنو هيان بن بيان ،… و اليوم ترى مجالسهم مغطاة بشجرات النسب ، مذهبة و محلاة بماء الذهب والفضة ، و لو استطاعوا لعلقوها على ظاهر بيوتهم و لوضعوها في الشوارع والطرقات ، و لقد رأيتُ بعض الأدعياء قد جعل صورة شجرة نسبه المفتعلة المكذوبة على جهاز الهاتف ( الجوال ) .. صدق صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قال :" إذا لم تستح فاصنع ما شئت " !!
ليس كل السائلين على هذا المستوى !!
نعم .. يوجد أناس يسمعون بانتسابهم ما بين الفترة و الأخرى لهذا النسب الشريف لكنهم لا يملكون المعلومات الكافية على ذلك ، و مع هذا تراهم يتحلون بأخلاق فاضلة و نفس كاملة ، و هم و إن فاتهم تحقيق النسب فرداً فرداً إلا أنهم قد حازوا على كمال النفس والخلق و هذا لب المقصود في الحياة الدنيا ، و أكرم به من شرف أن تتحلى به نفس مؤمنة !
لقد كتب إلينا بعضهم يقول ما معناه : " إخوتي .. أرجو مساعدتي في تصحيح نسبي قدر استطاعتكم .. و اعلموا أني في حال عدم صحة نسبي أو بطلانه ، فلن يضيرني شيء ، فإني سأظل وفياً لآل البيت محباً لهم .. لكنني لازلتُ أسمع في بيتنا بانتسابنا إلى الجناب المحمدي " .. وجود أمثال هؤلاء مكسب … فنحن إذا لم نستطع أن نسعفه بشيء ، إلا أننا لا نستطيع الجزم بشيء ، و لسنا ممن يبحث عن عداوات الرجال ، فلا أقل من أن يكون صديقاً لنا ، و محباً لنا ، وفياً معنا في حب صاحب النبوة و أحفاده ، فإن هذا من التواصي بالحق والدعوة إليه ، و لا يوجد مسلم إلا و فيه ميل و حب للنبي صلى الله عليه وسلم و لأهل بيته الكرام !!
إن البعض يظن أن كل السائلين دجاجلة أو مرتزقة أو يبحثون عن جاه .. و هذا ليس بصحيح ففيهم من يحب الله ورسوله و آل بيته الكريم ، … محبتهم تلك تمنعهم من الظلم و التزوير و البهتان .. ! و لو فعلوا ، فضحهم الله تعالى !
إننا نعلم أن مهمتنا ليست يسيرة ، و لكننا لا نستطيع أن نقف موقف المتفرجين مما تعج به الساحة ، إذ الساحة العامة تشهد إغارات ودعاوى سمجة و فجة للنسب الشريف ، حتى إن بعض الأخيار والصالحين من ثقات العلماء و الطلبة قد راجت عندهم شبهات أوجبت لهم أموراً باطلة في نسب آل البيت ، مثل شبهة ( إن هذا نعل قرشي ) !
و إذا كان الخاصة من الأخيار والنابهين عندهم حرجٌ بالغ في هذا الباب لكثرة الدس والتشويه و الاختلاق ، فكيف سيكون الأمر عند الجهال و الأفاكين من الدجاجلة المعاصرين ؟! لو أنعمت نظرك في الكتب المطبوعة في انساب آل البيت لهالك المنظر ، ستجد الكتب المريبة التي تطبع حول انسابهم ، و ستجد النسابين المزيفين و السارقين ، و ستجد مواقع و منتديات بلا عدد في عالم ( الانترنت ) الواسع ، تفتح بأعداد كبيرة لأناس لا يعلم الانسان مقدار ثقتهم و لا علمهم و لا ديانتهم و اخلاقهم في خدمة النسب الشريف و اهله !!
أما المجهولون والمتحيرون منهم – ممن لا يعلم نسبه في خاصة أهله دعك عن غيرهم ! – فكثير ، ثم يريدون من كل من أراد الانتساب لآل البيت أن يعود إليهم ، فينتمي إليهم بإجازة أو سند !! و أن يمشي في ركابهم ، ويقر بأنسابهم و أنهم هم أهل البيت … ، هذا محال … !! هؤلاء مرضى و صرعى يحتاجون العلاج ، و ليسوا بأطباء يقدمون العلاج ؟!
أما المطعون في أنسابهم من الدجاجلة الجدد و الكذابين الذين يخبطون في أنساب آل البيت كيف شاؤوا ، فحدث عنهم و لا حرج !
ماذا يمكن أن نقدم في موقع " آل البيت " ؟!
للأسف لا يوجد منهج واضح للتصدي لهذا العبث العام في أنساب آل البيت .. و كل الجهود المبذولة اليوم لا تعدو أن تكون جهود فردية ، لا تزال في أحيان كثيرة تحتاج إلى المراجعة والتهذيب و التحقيق .. ! أما الجهود الجماعية فهي سراب بقيعة ، ذلك أنه إما أن يحضرها الدجالون أو الجاهلون .. !
و من رحمة الله بأمة الاسلام أن قدر لها أن تجد العلاج في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم و ما اجمعت عليه الأمة في جميع أمورها و شؤونها .. و إن اتباع المنهج العلمي الشرعي الذي يتسم بروح البحث الصادقة و اتصاف صاحبه بالأخلاق الفاضلة مع اتباع الدليل الشرعي لا النفسي عصمة للإنسان في سائر شؤونه ، ومنها اعتماده لصحة الأنساب !
و لهذا نحن نستكتب أمثال هؤلاء ، ونرغب في تقديمهم للناس ، لأنهم مأمونون على الأديان و الأنساب ، كما أنهم يتمتعون باستقامة أخلاقية صادقة ، لا نراها في كثير ممن يدعي الاشتغال بنسب آل البيت ، ولم نجد لهم تلونا وتبدلاً ، أو عقد صفقات شخصية على أنساب آل البيت ..
و تصحيح الأنساب بيد الشرع لا بيد غيره من النسابين و المؤرخين و أشباههم ، و إنما هم واسطة في النقل و المعرفة ، فإن لم ينبنِ كلام الناسب في تصحيح أو تضعيف الأنساب على حجج شرعية ، و إلا فلا عبرة به !
و ليس مجرد العلم بالتاريخ أو الأخبار و التراجم أو روايات و حكايات الأنساب ، بعاصم للإنسان في ضبطه للأنساب و تحريرها . فما هي إلا و سائل ، و لابد من مد رواق فقه الشرع عليها !
و غاية ما عند هؤلاء في باب النسب وثائق ، و من جملتها المشجرات ، و هي تحتاج إلى بسط لمادة الفقه عليها ، فإن الفقهاء تكلموا في أصل ذلك في علم " التوثيق " ، و قد اشتدت نقمة بعضهم على هؤلاء الموثقين – و حال من يكتب مشجرات النسب ، يمكن قياسه عليهم – ، فألف فيهم لسان الدين ابن الخطيب كتابه المشهور ( مثلى الطريقة في ذم الوثيقة )[2] .
نحن في هذا الموقع ننطلق من هذا المنطلق ، و نرى ان هذا دين يجب علينا اتباعه .. و لا نستطيع أن نتنازل عن هذه الثوابت المحكمة .. فيجب أن نجمع بين المعلومة الصادقة من حيث أتت ، ثم نضفي عليها روح الشرع المطهر ، ففي ذلك عصمة لنا و لمن يريد كلمتنا …
إننا نعمل في هذا الموقع على وضع قواعد و أسس و بيانات لمستقبل قادم ، يتمحض فيه الحق ، ونساهم في طرد الأدعياء ، و إثبات الأصلاء ، و تنبيه الجميع على ما يقتضيه الشرع تجاه كل من الطائفتين ، و سيأتي هذا الزمان بحول الله وقوته في القريب العاجل ..
لهذا ندعو جميع من يشتغل بالنسب الشريف أن يظل وفياً لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، محباً لهم مكرماً لهم سواء صحت نسبته إليهم أو لا ؟ فإن هذا دين وواجب على المرء لا يتم إيمانه إلا به …
إننا لا ندعي أننا نملك حق الاختصاص دون بقية النسابين في الكلام في أنساب أهل البيت ، لكن لنا رؤيتنا الخاصة فيما يوجد من أنساب ، فنعلق عليها أو نرشد أهلها بمقتضى الدليل الشرعي ، و هذا فضلُ الله يؤتيه من يشاء ، يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، و من خلال المنهج العلمي والموضوعي و عبر اتباع وسائل البحث الصحيحة ، ستعلم الأنفس التائقة للحق ماذا يمكن أن يقدم لها موقع آل البيت ؟ و لا زال – ولله الحمد – في أهل البيت من يبحثون على مقتضى الدليل لا التشهي و الكذب !
إننا يجب أن نحمل الأمانة كواجب تاريخي ، و سنسأل يوم الدين عما نكتب وعما نقول ، و الموقع لهذا يفتح جميع نوافذه – بما فيها نافذة الأنساب – ليرقى بكل ما يتعلق بآل البيت ، فحي هلا يا أهل البيت ، و الله من وراء القصد .



[1] المعارف لابن قتيبة ( ص2 ) .
[2] الكتاب مطبوع في الجزائر ، سنة 1983 ، تحقيق عبدالمجيد التركي .
{moscomment}

بحث سريع