قراءة في خطبة الحرم المكي عن آل البيت

بواسطة | الشريف محمد الصمداني
2007/08/25
بعد انتهائي من خطبة جمعة اليوم 11/8/1428 في جامع الامام مسلم بجدة ، حيث خطبت عن عظة الموت ، و عرجتُ فيها إلى أحوال إخواننا في غزة وما يلقون من قطع الكهرباء و الماء و نفاذ الشموع من ديارهم ، و نحن ننام ملء جفوننا ، في هواء بارد و ماء طيب ، و همُّ أحدنا الحديث عن ارتفاع أسعار الأرز و ما قاله وزير التجارة …!
و قبل أن يدخل وقت صلاة العصر ، دخلت عدة رسائل في بريد الهاتف المحمول الصغير ، كان بعضها مثيراً للفضول و حب الاستطلاع ، منها :
1. الحق خطبة الحرم المكي عن آل البيت ..لا تفوتك !
2. الشيخ صالح آل طالب يوقف عن الحديث عن آل البيت في الخطبة ؟!
3. خطبة موفقة للشيخ صالح آل طالب في الحرم موجودة على البث الاسلامي ..
4. برنامج مباشر الآن عن آل البيت في قناة الاخبارية !
و للارهاق والتعب ، أخلدت إلى الراحة على أن أنظر في الأمر بعد صلاة العصر ، و أتحقق مما جرى ؟!
كان أول عمل قمت به بعد صلاة العصر الاستماع للخطبة مباشرة ، و في حقيقة الأمر كانت أكثر من رائعة ، لاحظتُ تأثر صوت الشيخ و ظهور أثر الارهاق عليه ، فنحن معاشر الخطباء نهتم بتتبع أصوات بعضنا البعض أحياناً حتى نكاد ننسى موضوع الخطبة و فكرتها .. لا تلهياً و انصرافاً عن الخطبة ، و لكن استشعاراً للأخوة و اتحاد الهم في خطابة المنبر ، فإن للمنبر شأناً مع فرسانه ..! كم من مصقع أسكته ؟! و كم من متحدث أخرسه ؟! و كم من خليفة أبكمه ؟ و كم من أديب أجلسه ..! فكيف إذا كان الموضوع ( آل البيت ) ، و في ( حرم الله ) ، و في هذا ( التوقيت ) الدقيق الذي تمر به أمة الاسلام عامة و مجتمعنا خاصة !
لقد اجتمع في هذه الخطبة خصوصيات كثيرة ، منها : خصوصية آل البيت ، و خصوصية وفضل الجمعة ، و خصوصية الحرم و قدسية مكة ..
لم يقع في روعي : لماذا خطب الشيخ صالح عن آل البيت ؟! و لماذا توقف ؟! و ماذا جرى ؟! و من الذي قام أثناء الخطبة و من الذي قعد ؟ هذه أسئلة من لا يعرف طبيعة منهج أهل السنة ولا يعرف تحديات الواقع بكل تفاصيله وما يجري فيه الآن حول استغلال موضوع آل البيت ؟!
بل الذي سألتُ نفسي عنه – وهو ما سيسأل عنه كل متابع دقيق – : ماذا سيقول موقع ( إيلاف ) – مثلاً – عن هذه الخطبة ؟ و ماذا ستنقل شبكة راصد عن هذه الخطبة المهمة ؟! و هل سيقوم الاعلام الرسمي بحديث عن هذا الموضوع و كيف سيتناوله ؟! و هذه أسئلة رمزية لمعاني تجمع بين بعض تلك المواقع ..؟!
سذاجة متناهية عندما نظن أن هناك دلالة و مغزى غامض من توقف الشيخ أو إعياءه المفاجيء و إرهاقه في الخطبة الثانية ، و هو الأمر الذي لا يحتاج إلى تأكيد ، حيث بدا ذلك عليه في أداء خطبة الجمعة ، و قد أجهد نفسه – جزاه الله خيراً – في صلاة العشاء ليلة السبت ليظهر أنه بخير وعافية و ليقطع بعض التوجسات و الظنون ..؟!
إنَّ بعض الناس قد أخلد إلى العزوف عن الحديث عن آل البيت ، و أَلِفَ ذلك حتى أصبح يرى أن مصالحه و جاهه لا يكمل إلا بالوقيعة في الأشراف و التهجم على آل البيت بسبب أحياناً و بدون سبب في أحيان كثيرة … و هذا إذا كان قد أملته مرحلة ماضية ، وفرضته ظروف قد انتهت و زالت الآن ، فإن الواقع اليوم يلزمنا بأن نبادر جميعاً أشرافاً وغير أشراف للاهتمام بهذا الموضوع العظيم ، فإن الرافضة و أشياعهم يجوسون الديار ، و يفسدون الآثار ، و يخربون الأمصار .. !
ليس من الحكمة في شيء ترك آل البيت بدون اهتمام أو رعاية ، هذا لو لم تكن هناك أي مخاطر حاضرة ، فكيف و المخاطر من كل صوب و حدب َتنْسِلُ إلى مجتمعات العرب والمسلمين اليوم .. فكيف إذا كان ذلك من شريعة الاسلام ولوازم الايمان التي لا يكمل إلا بها .. و إذا كان أداء الخمس من الايمان كما في صحيح البخاري فكيف بببقية الحقوق ؟ فكيف بسائر موضوع آل البيت و ما يحتف به ؟! و لهذا كان الثقل الأصغر ..و وصى النبي صلى الله عليه وسلم به ..!
إن التوجس والتحسس الزائد عن الحد من الحديث عن آل البيت وفضائلهم و حقوقهم قد كبَّلَ بعض الناس عن الرد أو الحديث عن مخاطر الرفض و التشيع المعاصر ، تحت عدد من المبررات الغير مقبولة ، تارة يمتنع باسم الوحدة الوطنية ، و اخرى باسم وحدة المسلمين و ثالثة تحت دعوى التقريب و مرة بدعوى التعايش ، و نحو ذلك من الشعارات البراقة المخادعة .. !
إنَّ ذلك عهد قد ولى زمانه ، و تصرمت أيامه ، إذْ يجب على أهل الاسلام أن يطوروا من أدواتهم و أسلحتهم الفكرية والثقافية التي ينزلون بها إلى أرض المعركة ، ليس سياسة و لكن ديانة للحي القيوم ، فنحن نعلم كم دخل على أهل الاسلام من البلاء بسبب اشتغالنا عن هذا الأمر ..!
و إن ما يقوم به بعض الجهال بطبيعة الصراع و ملامحه الدينية و أدواته الثقافية والفكرية المعاصرة من الاغراق بكتابة المقالات و الأبحاث عن عصبية الأشراف أو عقدة آل البيت ، و يستكثرون عليهم لفظة ( الشريف ) أو ( السيد ) ، بل قد ينصب أحدهم نفسه مجادلاً ومدافعاً عن حق يراه قد فات على الأمة إذا حاز الشريف لقبه ، و كأن هذا واجب الزمان .. ! يجب أن يتنادى العقلاء لكف هؤلاء عن هذا الطيش و هذا الانسياق وراء شهوات النفس و حب الظهور على حساب الأمة و على حساب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنهم يفسدون في الأرض و لا يصلحون !
لقد أتت هذه الخطبة في وقت قريب من تصريح لبعض نواب الشيعة في برلمان دولة خليجية مجاورة يتهمون أئمة الحرم المكي فيه بأنهم نواصب .. !
معاشر القراء : هذه الخطبة ليست رداً على هؤلاء الرافضة الاثني عشرية .. ! فإن أئمة الحرمين ليسوا في حاجة إلى نفي تلك التهم الباطلة عنهم .. و ليس من كان في منزلتهم و إيمانهم و صلاحهم و أخلاقهم العالية ممن يلتفت إلى نعيق الغربان ؟!
بكل صراحة يمكن أن نقولها : لقد أتت هذه الخطبة بطرح مهم نحتاج أن نشيعه و نرسخه ، فهي في جوهرها تدعو إلى توحيد الطاقات و حشدها ، و استلهام التاريخ بصدق ، و الاستفادة من مقدرات الأمة ، و تعزيز المكتسبات الموجودة في مواجهة المخاطر التي تمر بها البلاد و العباد ..!
لقد أحسن فضيلته الربط بين فقرات الخطبة و أحسن الوصول إلى ما يريد ، .. من الناس مَن المعاني حاضرة عنده لكن قافلة الألفاظ لا تسعفه ، فرواحلها في كل واد تهيم ! و من الناس من الألفاظ بعتبة داره و تحت دثاره ..لكنه أضاع مفتاح دولاب المعاني !
و إني أرى أن الله قد وفق فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب للوصول إلى شاطيء بعيد في بحر لجي بعبارات و ألفاظ كانت عدته … و وراء ذلك جيشٌ يلتهب من المعاني يصيح بتلك الألفاظ ..
عباراتنا شتى و حسنك واحد و كلٌ إلى ذاك الجمال يشير
.. إنَّ الخطباء ينزل بساحتهم أحياناً وارد رحماني و تأييد رباني ، فيثبت الله قلوبهم و يذلل ألسنتهم بقول الحق و الدعوة إليه ، و هو أمرٌ لا يدرى ما سره إلا أن يكون توفيقاً و مدداً من عند الله سبحانه وتعالى ؟! و لو سألت الخطيب هل كنت تفكر أن تقول كذا أو ستبلغ خطبتك ما بلغت ..؟ لأجاب بالنفي ! و هذا مصداق حديث النبي صلى الله عليه وسلم : إذ قال : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم " .
*******
في الخطبة روحٌ تسري تهتف بأناس طالما غابوا أو غيبوا ، يستنهضهم الشيخ في خطبته و يحيي فيهم مجدهم وسؤددهم و دينهم ، انظر إليه إذْ يقول في أول خطبته ( الشريف في ذاته يُفيْضُ بالشرف على من حوله ، و الكريمُ في معدنه يسري كرمه في المحيطين به ، انظر إلى زجاجة العطر كيف تبقى فوّاحة بعد نفاد ما فيها ، تطلّع إلى جوار المصباح وكيف استحال هالة من نور ، و سوارًا من ضياء وكذلك البشر تفيض بركة السعداء منهم و تتعداهم إلى غيرهم … فكثير من سلالة إبراهيم الخليل غدوا أنبياء وأصحاب عيسى صاروا حواريين ورفاق محمد صلى الله عليه وسلم شرفوا بالصحبة وأزواجه أمهات للمؤمنين ، و نسله استحقوا وصف الشرف والسيادة ، كيف لا وفيهم من دمائه دم، و من روحه نبض ومن نوره قبس ومن شذاه عبق ومن وجوده بقية صلى الله عليه وصلى على آله وأزواجه وصلى على صحابته وسلّم تسليمًا كثيرًا ) .
إننا نرى أنه يخاطب الأجناس الفاضلة ، معادن العرب و الاسلام ، من الأشراف والكرماء و سادات الرجال ، و ذلك بحكم العادة المستقرة و القاعدة المستمرة في خلق الله واصطفائه ، فهو يريد تحريك هذه الطاقات .. و إنّ في مكة طاقات من أشراف الرجال كجبالها ، و إن فيها معادن صدق و مناجم عز للاسلام و المسلمين ، هؤلاء يعنيهم خطيب الحرم المكي الشريف ، و يوجه إليهم حديثه ، ليذبوا عن حياض الدين و الأوطان .. و هو في خطبته ينظر إلى الذرية على أنهم امتداد ( لوجود محمد صلى الله عليه وسلم ) و هو وجود معنوي ، إذ إن محمداً صلى الله عليه وسلم قد مات ، ( و ما محمد إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) ..لكن هذه سنته و دعوته تجري في عصب الرجال ، و هذا دمه يجري في أجساد السادة و الأشراف أهل الكمال .. أفيجري الشيطان من ابن آدم مجرى الدم ؟! و لا تجري روح الاسلام و دعوة سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم فينا و لا تبقى .. هذا محال ؟!
ثم يقول موحداً بين الآل و الأمة المحمدية : ( ولكرم النبي صلى الله عليه وسلم كرمت ذريته، ولشرفه شرف آل بيته، وكانت مودتهم ومحبتهم جزءًا من شريعة المسلمين، رعوها على مر الزمان كما رعوا باقي الشريعة. وأقاموها كما أقاموا بقية أحكام الدين ) .
   ثم استدرك قائلاً (وقد يكون قصّر بعض المسلمين في هذا الجانب في مراحل من التاريخ وفي وقائع دونت بمداد من أسى كما يقصّر بعض المسلمين في بعض واجباتهم؛ فتكتب عليهم ذنبًا من الذنوب وخطيئة من الخطايا، إلا أن الطابع العام للأمة هو معرفة قدرهم، و بذل المودة لهم ومحبتهم وموالاتهم، شهدت بذلك عقائدهم المدونة .. ، )
و قال فضيلته موجهاً حديثه بكل دقة و عناية ( و هنا أمران يستدعيان الوقوف و يلحان في الطرح :
أولهما : أن آل البيت الثابتة أنسابهم هنا في الحجاز أو ممن انتشر منهم في البلاد أو حكم جزءاً من بلادنا الاسلامية اليوم ، هم أبعد الناس عن تلك المذاهب المستحدثة ، تشهدُ بذلك عقائدهم و مؤلفات العلماء و طلبة العلم منهم و مواقعهم على شبكة الاتصال العالمية ، و كذا مواقف الساسة منهم و الحكام فيهم .. فهل بعد هذا بصيرة لمستبصر و ذكرى لمستذكر ؟
الأمر الثاني : أنه في الوقت الذي يُنكرُ فيه المعروفون من آل البيت تلك العقائد الدخيلة ، تنشطُ في الوقت نفسه عناصر ليسوا عرباً و لا من نسل العرب ، ينشطون في الحديث باسم آل البيت و تكوين دين يزعمون أنه مستقى من آل البيت ..!
دينٌ لا يعرفه صاحب البيت ، ولم يأت به جد آل البيت .. بل و يخالف شريعة مؤسسه صلى الله عليه وسلم ..!
بل إن أولئك العجم هم الرعاة لتلك العقائد المستحدثة ، الناشرون لها منذ نشأت إلى يومنا هذا ) .
و هذا حديث صريح عن أشراف و سادة الحجاز و تنويه بأقدارهم وأديانهم وصحة أنسابهم ، و أنهم ينكرون على الرافضة عقائدهم المستحدثة الباطلة ، و أن فيهم العلماء و طلاب العلم ، و لهم مواقع في شبكة الاتصال العالمية تشهد بأنهم من أهل السنة والجماعة . و إنَّ ما قام به فضيلته من حديثه عن طلاب العلم والدعاة من أشراف الحجاز لهو من التواصي بالحق و الدعوة إليه و التعاون على البر و التقوى ، وفي ذلك مصالح لا تخفى ..
  ثم قال موجهاً و مؤكداً حديثه لطلاب العلم و العلماء من الأشراف و آل البيت في الحجاز ( و يقودنا هذا إلى تأكيد على دور العلماء وطلبة العلم خاصة من النسل الشريف وآل البيت المنيف ممن جرت في عروقهم الدماء الزكية أن يملكوا زمام المبادرة في الحفاظ على عقيدة جدهم صلى الله عليه وسلم، وألا يتركوا الصوت العالي يذهب لغيرهم ممن يتاجر باسمهم وينتفع بالحديث عنهم، مفسدًا أديان الناس وعقائدهم. إن عليهم وعلى عموم الأمة مسؤولية عظمى لهداية الناس وتبصيرهم بالدين الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم واكتمل بوفاته، وتنقية فطر المسلمين من لوثات الغلو والجفاء لئلا تحيد بهم الأهواء عن صراط الله الذي قال فيه سبحانه: "وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون". ) ..
و هذه الدعوة الكريمة تجد و لله الحمد آذاناً صاغية عند الأشراف في الحجاز ، خاصة عند علمائهم و طلاب العلم السلفيين منهم ، و هم يقدرونها حق قدرها و يثمنونها حق ثمنها ، و يبحثون عن تفعيلها بأي وسيلة كانت ، و منهم ثلة تقوم بواجب الدعوة و البيان في هذا المضمار ، و قد أخذت زمام المبادرة ، و الواجب أن تمتد الأيدي لأمثال هؤلاء ، و يشد على أيديهم ، و يُعانوا على ما هم فيه من واجب الدعوة و التعليم و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ليصل الجميع إلى الهدف المنشود ، و هو تحقيق معنى كلمة التوحيد في الأرض .
*********
   كما رأينا في هذه القراءة لهذه الخطبة من معاني جيدة و أفكار نيرة ، فإن الطرف الآخر يقوم بقراءة الخطبة قراءة أخرى أيضاً مختلفة عن سياق أهل السنة وفهمهم ، و يقدمها تقديماً آخراً ، فهذا موقع إيلاف يقوم بتحويل الخطبة عن مسارها و مقصودها ، و يشغل الناس ببنيات الطريق ، فينشر تحت عنوان ( توقف مفاجئ لخطبة الجمعة في المسجد الحرام ) ؟! و تحدثوا فيه عن :
* أنها أقصر الخطب في تاريخ المسجد الحرام ؟!
* أن الخطبة الثانية بترت ؟!
* أن الحديث عن المذاهب في الاسلام في المسجد الحرام من المسائل الحساسة لذلك تم إيقاف الخطبة قبل انتهاءها بوقت كبير .
   و الخبر كما في موقع ( إيلاف ) هكذا : ( فوجئ المصلون في الحرم المكي الشريف، والمتابعون عبر شاشات التلفزيون، اليوم، بتوقف مفاجئ لخطبة صلاة الجمعة، التي كان يلقيها الشيخ صالح آل طالب، حيث انقطع صوت الشيخ عن الحديث بشكل مفاجئ، وبُترت الخطبة الثانية من بدايتها ليستمر الصمت بعضا من الوقت وسط استغراب وحيرة الجميع.
  ثم عاد صوت الشيخ مرةً أخرى ليستأنف الخطبة، ولكنه أعلن انتهاء الخطبة الثانية على الرغم من أنها لم تبدأ إلا منذ لحظات، وهي بهذا الزمن القياسي تعتبر أقصر الخطب التي شهدها المسجد الحرام حيث لم تمض عليها سوى دقيقتين فقط. جاء ذلك، عند بداية الخطبة الثانية التي شرع فيها الشيخ في ذكر تأثير المذاهب المعاصرة في الدين والعقيدة الإسلامية الصحيحة وقال إن تلك الفرق وآراءها هي من تفسد العقيدة الإسلامية الصحيحة .
   و قد فسر بعض المتابعون ( كذا ) ، ما حدث، من توقف مفاجئ للخطبة، ثم عودة وختام سريع، إلى كون الحديث عن المذاهب في الإسلام، في المسجد الحرام، يعتبر من الأمور الحساسة والتي تثير الفرقة والمشاكل بين المسلمين، لذلك تم إيقاف الخطبة قبل نهايتها بوقت كبير ) . أهـ .
  و جاءت شبكة راصد الاخبارية الاثني عشرية ، فنقلت الخبر برمته عن موقع ( إيلاف ) ، و أراحت نفسها من عناء التحليل أو الرد ، واكتفت بما فعلته ( إيلاف ) قريش إذ تقاسمت على الكفر و حرب الاسلام !
    و إنَّ مما يؤسف له ، أن ينجر إلى هذا الأسلوب من الحديث عددٌ من كتاب منتديات أهل السنة ، و يخوضوا فيما لا طائل من وراءه و لا فائدة ..بل قد وقعت بعض المواقع الشهيرة في نفس المسلك ، فأوردت خبر الاغماء و ما جرى للشيخ دون أن تتحدث عن موضوع الخطبة و أهمية ما جاء فيها من معاني و أفكار .. و هنا يحق لنا أن نسأل : هل نجح الأعداء فعلاً في محاولة إبطال مفعول خطبة الشيخ صالح آل طالب بما قدره الله فيها عليه من إغماء مفاجيء ..!
   نسأل الله أن يلهمنا رشدنا و أن يغفر لنا ذنوبنا و إسرافنا في أمرنا ، إنه سميع قريب مجيب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .

بحث سريع