شبكة العلاقات العامة في بلادالحرمين وأدواتها ( دولة ، و هوية ، و خصوصية ، و ثقافة الحجاز )

بواسطة | هيئة التحرير
2007/09/01
بسم الله الرحمن الرحيم
تقرير – خاص بموقع آل البيت –جدة
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه ، وبعد :
فهذا تقرير مختصر عن مناشط و أعمال خارجية و داخلية ، سياسية و ثقافية ، سميناه بـ( شبكة العلاقات العامة في بلاد الحرمين و أدواتها : دولة ، و هوية ، و خصوصية و ثقافة الحجاز ) . و قد كتبنا غالب هذا التقرير بأسلوب الوصف للواقع والتأطير له في سياقه و قناته التي يجري فيها ، و لم يكن لنا مزيد تفرد إلا بالجمع والملاحظة و محاولة السبر والتقسيم .
و أما ما يتعلق بالرؤية الشرعية حيال تفاصيل هذا التقرير ، فلا شكَّ أن الحديث عنها ضرورة ؛ و لكن بيان الموقف العام الواجب اتخاذه في مثل هذه الأحوال و الأعمال ، مما لا يتسنى لتقرير محدود أن يفي به .
و مع هذا ، فقد قمنا بتقديم جمل من النصائح و الإشارات و التحليلات في خاتمة هذا التقرير . و الأمر أكبر من أن يدرج في خاتمة ، و لعل الله أن يهيئ من أهل العلم و الدعوة من يقوم بسد هذا الواجب الكبير في مسالكه و دروبه المتنوعة .
و نسأل الله العلي القدير أن ينصر دينه و أولياءه و يعلي كلمته و يعز جنده ، و يتم نوره ، و لو كره الكافرون ( هو الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) ، و صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
هيئـــة التحرير بمـوقع آل البـيت
*******
توطئة
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية عن مبدأ ( الفوضى البنآءة ) أو ( الفوضى الخلاَّقة ) . و تبعاً لذلك ، تزايدت وتيرة الضغوط الغربية ( الأمريكية خاصة ) ( عسكرياً و إعلامياً ) على دول العالم الاسلامي و تهديدها بالحرب والهجوم و ضرب قواعد الارهاب .
و كان من أخطر نتائج مبدأ الفوضى الخلاقة الدعوة إلى تقسيم و تجزئة أوطان و دول العالم الاسلامي ، و كانت أهم الدول التي سلط الضوء عليها المملكة العربية السعودية ، و هو الأمر الذي أثارته و كررته عدد من وسائل الاعلام الغربية والعربية .
و قام تبعاً لذلك المبدأ السياسي الغربي ، عملية من ( الفوضى الثقافية ) في داخل العالم الاسلامي وخارجه ، شارك فيها عدد من الكتاب والمثقفين من داخل المملكة وخارجها بدرجات متفاوتة . و في سبيل تحقيق مبدأ الفوضى السياسية والثقافية و توازياً معها ، قامت مراكز أبحاث و دراسات ونشر بتتبع شؤون المملكة العربية السعودية . كما أن بعض المراكز القديمة السابقة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ، غيرت من برامجها و طبيعة أبحاثها لتضمن البقاء و تنوع وسائل الدخل . و في عالم الانترنت المفتوح قامت عددٌ من المواقع لخدمة هذه الفوضى السياسية و الثقافية و التلاعب بعالم الأفكار .
كانت مهمة هذه المراكز البحثية و المواقع متابعة أوضاع المملكة العربية السعودية متابعة دقيقة سياسياً و ثقافياً و اجتماعياً و تاريخياً لمصلحة عدة جهات غربية و إقليمية . و كانت أبرز الدول التي تهتم بهذا اللون من الأبحاث : الولايات المتحدة الأمريكية ، و إيران .
و قد استطاعت بعض تلك المواقع و المراكز البحثية من إثارة الاهتمام و لفت الأنظار إليها ، كما أنها أقامت الشبه ، و دافعت عن أفكارها بتأليف الكتب و نشر الدراسات . و وصل الحال ببعضها إلى الربط بين الأحداث اليومية بمسائل معقدة و شائكة للغاية ، كما أنها امتهنت الربط بين الأحداث و تفسير المواقف بأفكارها التي تدعو إليها .
شبكة العلاقات :
من أخطر آثار الفوضى الثقافية المعاصرة ، تحقق شبكة من العلاقات الظاهرة بين أطياف و تيارات سياسية و ثقافية : ليبرالية ، و ليبرو-إسلامية ( كما يقال عنهم ) ، و مذهبية ، و بدعية ، و طائفية متباينة في داخل البلاد وخارجها . و قد مكنت هذه الشبكة من العلاقات المتقاطعة أقطاب الحركة الشيعة المعاصرة – على سبيل المثال – للدخول إلى المجتمع من أوسع أبوابه ، كما أنها أعطتهم سنداً اجتماعياً و نفسياً للظهور في أماكن و أقاليم و إجراء لقاءات و حوارات لم يكن يدور في خلد أحد منهم الوصول إليها !
و يمكن تصنيف هذه العلاقات الحاصلة إلى مستويين :
1- علاقات عامة : و نعني بها مجرد إثبات علاقات بين تيارات مختلفة متباينة تتقاطع مصالحها و أهدافها ، فتدخل في اشتراك في المواقف و حملات التواقيع ، و تبادل الزيارات والندوات ، و قد تكرم بعضها البعض . و قد يطول هذا الاشتراك و قد يقصر تبعاً للظروف الداخلية والخارجية . و هذه ( العلاقات العامة ) كالمقدمات و الأسباب التي تسبق النتائج و الثمرات .
2- علاقات خاصة : و هي العلاقات التي تتجاوز مجرد العلاقة العامة ، فتصل إلى درجة النتائج و الثمرات . ولذلك دلالات متنوعة ، منها : التلويح بالمواقف و التنسيق و المناورة و الضغط و التصعيد من خلالها ، و تطوير الأفكار و توفير الدعم النفسي والاجتماعي ، و الاشتراك الحقيقي في مصير واحد عبر تحقيق الأفكار و تجسيدها في عالم الواقع ، وغير ذلك . و أبرز من تظهر فيهم هذه العلاقات الخاصة : المنتسبون للمذهب الشيعي بكافة ألوانه و أطيافه المذهبية ، كالرافضة الإثني عشرية في القطيف ، و الإسماعيلية في نجران ، و متطورة الزيدية في الحجاز . و الرافضة الإثني عشرية يوجد بين رجالها تنسيق و تنظيم كبير على مستوى العمل والتنظير في الداخل والخارج .
و قد خصصنا حديثنا في هذا التقرير عن المستوى الأول من العلاقات مع تعرض للمستوى الثاني بقدر تعلقه بالمستوى الأول . و الحديث عن المستوى الثاني من العلاقات ، يحتاج إلى أن نحكم على ( النتائج و الثمرات ) ، حتى لا نكون ممن يتكلم عن النيات والمقاصد التي يستطيع أن يجحدها أو يؤولها أي طرف ، و هي التي لازالت في طور الإعداد و التنفيذ ، و إن كانت أكثر ظهوراً و وضوحاً على الحركة الشيعية المعاصرة سوآء من كان في داخل البلاد أو خارجها ، وهي تحتاج إلى إفراد مستقل .
إنّ هذا التقرير قد خُصَّ جانب كبير منه بالحديث عن الحجاز ، و ذلك لأهميته البالغة ، و لكثرة الحديث عنه في هذا الزمان ، حيث جدَّد أعداء الإسلام حديثهم عن ضرب مكة والمدينة .

و البعض الآخر منهم – كالرافضة – يدعو إلى المظاهرات في بلاد الغرب لإخراج الحرمين من سيطرة آل سعود و جعلها تحت هيئة الأمم المتحدة .
القدر المشترك :
بعد فترة من التوجس والترقب ، استطاعت شبكة العلاقات العامة من توفير قدر مشترك بين هذه الطوائف والتيارات . و أبرز خصائص هذا القدر المشترك هي :
1. استغلال دعوى " الخصوصية الذاتية " ، و أبرز صورها في الشأن الداخلي ( مفهوم الخصوصية الحجازية ) ، و ( حقوق الطائفة الشيعية ) . و قد يعبر عنها بـ( ثقافة الحجاز ) ، أو ( هوية الحجاز ) . و هي السند الفكري و الثقافي الذي يستند إليه دعاة انفصال الحجاز .
2. الدعوة لتحقيق مفهوم الوطنية و ما يتبع ذلك من مسائل . و يعبر بعضهم عن ذلك بضرورة ( فصل المذهب عن الدولة ) ؛ و يصاحب ذلك عادة الهجوم على منهج أهل السنة والجماعة و علماء البلاد و الوقيعة في أعمال أهل الخير واتهام رجال الحسبة ، و نحو ذلك .
3. الولاء والبراء للقدر المشترك ، و ما يتبعه من تنسيق و توحيد بين المواقف .
لقد استفادت شبكة العلاقات العامة تلك من هذا القدر المشترك في تحقيق التوازن بين مطالبها و خصائصها أمام التيارات الأخرى و أمام الدولة ، كما استعمله كل تيار و طائفة بطريقته الخاصة للهجوم و تصفية الحسابات العاجلة مع منهج أهل السنة والجماعة في داخل البلاد ، كالهجوم على مقررات التعليم ، و المطالبة بتغيير بعضها ، و قد حققوا بعض المكاسب في هذا الشأن .
و قد أتت هذه الشبكة في مشهد من حضور و تنامي لتيارات بدعية بدأت تطل برأسها من جديد في الحجاز ، كالتيار الصوفي ، و الزيدي ، و الشيعي الاثني عشري في المدينة وغيرها . و بعض هذه التيارات لها علاقات ببعضها البعض على المستوى النظري والعقدي ، كعلاقة الصوفية بالشيعة ، وعلاقة الاثني عشرية بالزيدية إلا أن القدر المشترك وضع أساس الالتقاء العملي بين كافة الطوائف .
و رافق تلك الدعوات صوتٌ معروف لقلة من وجهاء وأعيان من حاضرة الحجاز ينادي بـ ( الخصوصية الحجازية ) ، و ( ثقافة الحجاز ) ، و ( هوية الحجاز ) ، و يتباكى على ( آثار الحجاز ) .
*******
مناشط شبكة العلاقات العامة في بلاد الحرمين الشريفين
أولاً : الاستفادة من مراكز الدراسات و الأبحاث القائمة المعادية للمملكة العربية السعودية .
من أبرز هذه المراكز ( مركز يافا للأبحاث و الدراسات –القاهرة ) ، و يشرف عليه الدكتور رفعت سيد أحمد ، و هو صحفي قومي و ناشط سياسي مصري ، له صلات بالشيعة و قام بزيارات إلى إيران ، و أصدر كتاباً عن " حزب الله " دافع فيه عن حسن نصر الله ، و أيد فكرة الدولة الفاطمية التي دعا إليها القذافي أخيراً ، وهو يتهم الوهابية بالتكفير و فقه البداوة .
د. رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للأبحاث و الدراسات – القاهرة/المعادي
و من أبرز برامج مركز يافا للأبحاث والدراسات ما يسمونه بـ( البرنامج البحثى الاعلامى للتدويل الإسلامى للأماكن المقدسة ) . و هو برنامج يقوم على عقد المؤتمرات و إجراء الاستبيانات و الحوارات و استخدام الانترنت والصحافة لإثارة القضية . و قد نشر المركز عدة مقالات وأبحاث عن تدويل الحرمين و الأماكن المقدسة ، كما أنه عقد عدداً من الندوات و الحلقات النقاشية حول دعوة القذافي الأخيرة لإحياء الدولة الفاطمية من جديد ، و كان من المشاركين فيها محمد الدريني رئيس ما يعرف بـ( المجلس الأعلى لرعاية آل البيت بمصر ) ، و هو شيعي مصري ، مرَّ في حياته بتقلبات و مدارس فكرية مختلفة كـ( الناصرية و الشيوعية والعلمانية ) ثم استقر أمره الآن على التشيع من خلال " المجلس الأعلى " ، و قد أجرى معه موقع قناة العربية عددأ من اللقاءات ، كان من آخرها حديثه عن محاولة القذافي لبسط نفوذه على الأشراف في مصر !
و للشيخ حسن الصفار الشيعي اتصال و معرفة بمحمد الدريني ، و قد نصحه في اتصال هاتفي ألا يقحم موضوع آل البيت في مصر بالمسائل السياسية ( انظر : مركز العهد الثقافي : http://www.alahd.com/artc.php?id=1966 ).
محمد الدريني – شيعي مصري
هذا ، و كان موقع آل البيت قد حذر في وقت سابق من توجهات ( المجلس الأعلى ) ودوره المشبوه في عدد من المناسبات و الأحداث .
و يشارك في أبحاث و مقالات مركز يافا للأبحاث والدراسات السالف الذكر ، عددٌ من الكتاب ، منهم : علي أبو الخير ، و فكري عبدالمطلب ، و د. محمود جابر و غيرهم . و يعتبر علي أبو الخير من أنشطهم و أكثرهم كتابة في شؤون الحجاز ، و هو موظف يعمل في مركز يافا للأبحاث و الدراسات .
و من أواخر المؤتمرات والندوات التي دعا إليها ذلك المركز ندوة ( أشراف مصر والبلاد العربية يطالبون باسترداد حقوقهم فى الرعاية والاشراف على مقدسات الحجاز) التي عقدت بتاريخ 21/6/2007 . و أخرجت بياناً بعنوان ( نداء للمنظمات الدولية المعينة لحقوق الانسان ) ، وكان باسم ( أشراف مصر المجتمعون في ندوة ( دفاعاً عن مقدسات الحجاز ) ) .
و نحن لم نسمع بإثارة أشراف مصر لقضية المقدسات وشؤون الحرمين إلا عندما بدأ يتحدث بعض الشيعة من المصريين باسمهم . و ليس من العدل ، أن يختزل أشراف مصر في مجموعة مشبوهة مرتبطة بإيران ، و تتلقى الدعم المباشر من الرئيس القذافي ، و يقودها رجل كـمحمد الدريني . و أما موقف نقابة الأشراف – على ما فيها من ملاحظات – و بقية الأشراف من محمد الدريني ، فمعلوم غير مجهول ، وقد نشر موقع آل البيت شيئاً من أخبار المجلس الأعلى و نقابة الأشراف بمصر .

مركز المقدسات للدراسات و النشر – بيروت
ظهر في الآونة الأخيرة مركز جديد وثيق الصلة بمركز يافا في القاهرة ، وهو ( مركز المقدسات للدراسات و النشر – بيروت ) ، و له موقع على شبكة الانترنت . و عادة ما يكتب و ينشر هذا المركز لنفس الكتاب الذين يكتبون في "مركز يافا للأبحاث والدراسات " . و من أبرز الكتاب في هذا المركز الكاتب عبدالفتاح رضوان ، وهو كاتب حاقد و معاد للملكة العربية السعودية .
و قد أصدر هذا المركز كتاباً بعنوان ( أشراف الحجاز و أحقيتهم في الأماكن المقدسة ) : نشر ( مركز المقدسات للنشر – بيروت – 2006 ).

و أصل هذا الكتاب أبحاث و مقالات كتبها ( علي أبو الخير ) في مؤتمر حماية المقدسات الذي دعا إليه مركز يافا للأبحاث والدراسات بعناوين :
1. اقتراحات التدويل لمكة والمدينة بين الواقع و إمكانية التحقيق .
2. تدويل الأراضي المقدسة في الحجاز .
3. أشراف الحجاز ..خصوصية التاريخ والمكان .
4. الحجازيون والحرمان الشريفان ، إشكالية الانفصال وثمن الحرية .
5. تدويل الأراضى المقدسة فى الحجاز ، بين التأويل السياسى والتنزيل الدينى .

علي أبو الخير-كاتب مصري
و علي أبو الخير هذا كاتب و باحث مصري ، يعمل بأجر في مركز يافا للأبحاث والدراسات بالقاهرة ، و هو مهتم بـ" السعودية " ، و " النفط " ، و " الوهابية " ، ثم خصَّصَ اهتماماته بمفهوم " الهوية الحجازية " الذي أثارته كتابات مي يماني ! و لم نجد ما يدل على تشيعه ، لكن قد استضافته قناة الكوثر الشيعية في برنامج ( حقائق التاريخ ) ، و تسآءل عنه شيعة مصر في منتدياتهم هل ( هو شيعي ) أم لا ؟!
و أتباع الفرق الدينية المعاصرون ليسوا بعيدين عن هذه الآثار ، فهذا موقع كـ( شبكة حليف القران : الامام زيد بن علي ) ينشر ندوة مؤتمر ( دور الأزهر في حماية المقدسات ؟! ) ، والذي حضره د.رفعت السيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات و علي أبو الخير ..الذي اتهم الوهابية في ذلك المؤتمر بغزو ( الأزهر ) ؟!
( انظر: http://www.imamzaid.com/vb/showthread.php?t=1199 )
ماذا يريد هؤلاء بمصطلح ( أشراف الحجاز ) ؟!
العهد الذهني المستقر عند عامة الناس اليوم أن ( أشراف الحجاز ) لقب يطلق على ( قبائل أشراف الحجاز ) المعروفة منذ القرون الماضية ، و هم حكام الحجاز سابقاً ، و القبائل المرتبطة بهم بحكم قرابة الدم والنسب ، وغالبهم من ذرية الشريف قتادة بن إدريس والشريف محمد أبي نمي ، و يسكنون الحجاز .
و لكن هؤلاء بحيلهم النفسية والاعلامية و توجيه الأبحاث و الدراسات يثيرون هذا المصطلح للاستفادة منه و توظيفه لخصائص و طبيعة المشروع إعلامياً وسياسياً ضد المملكة العربية السعودية ، و ليس لهم أي اهتمام بقبائل أشراف الحجاز كما أننا لا نعرف أي صلة ظاهرة بهم .
و لهذا وجدنا خطاب هذا التوجه البحثي و الاعلامي يقصد بـ( أشراف الحجاز ) في أطروحاته و دراساته : مجرد أبناء الحجاز ممن لا يرضون بحكم الدولة ، أو يكرهونها أو يحقدون عليها و على علمائها ، سواء أكانوا من أبناء قبائل أشراف الحجاز أم لا ! .
و لهذا تجد في بعض بيانات موقع ( دولة الحجاز ) : (بيان حركة أبناء دولة الحجاز الحر الشريف ) ، و يوضح هذا أنهم كتبوا مقالات عدة باسم ( أعطوا الحجاز للحجازيين من أجل حماية المقدسات ) ، فالفكرة التي يستفيد منها دعاة المشروع الانفصالي التخريبي هي " دعوى الخصوصية الحجازية " ، و " الهوية الحجازية " و " ثقافة الحجاز " ، فهي عدتهم و سلاحهم و سندهم الفكري الذي يصولون ويجولون به في أرض المعركة ، و قد كثر استخدامها من بعض الحجازيين في خطابات و حوارات و مقابلات فضائية ، و هو ما يشعر أن الأمر فيه تنسيق على مستوى عالم الأفكار ؛ و ليس لـ( قبائل أشراف الحجاز ) أي صلة بهذه النشاطات الإفسادية !
و عند تأمل حقيقة ما جاء به الكاتب علي أبو الخير في كتابه السالف الذكر ، نجد أنه لم يأت بشيء جديد ، بل هو يكرر كلام طبقة من المثقفين القوميين والاعلاميين الحاقدين على المملكة العربية السعودية . و من آخرهم ( عبدالفتاح رضوان ) ، الذي يستشهد بكلامه علي أبو الخير في مقاله ( أشراف الحجاز ..خصوصية الزمان والمكان ) المنشور في موقع ( المثقف صحيفة ثقافية سياسية ) و غيره .
و لما كان هؤلاء أجانب عن الحجاز و شؤونه و أشرافه و قبائله و حاضرته ، بل أجانب عن الأمة بمخططاتهم التخريبية و أبحاثهم المغرضة ، رأينا علي أبو الخير يعتمد على ( موقع آل البيت ) في مادة كتابه ، كما في نقله عن بحث ( أشراف الحجاز في الوثائق المصرية ) المنشور في ( موقع آل البيت ) ، و لم يستطع أن يحيل على ( الوثائق ) و لا ( المصادر ) ، لأن ( موقع آل البيت ) لم يقم بنشرها ، و إنما احتفظ بها لأهمية الموضوع و حساسيته ، بل قام ( علي أبو الخير ) بنقل البحث بأخطاءه الاملائية على طريقة القص واللصق مباشرة من الموقع .
كما أننا وجدناه قد ( سرق ) غالب مقال الشيخ سليمان الخراشي ( في زمن حكم الأشراف: مقتل القنصل البريطاني ) المنشور في موقع آل البيت وغيره ، و بطريقة القص واللصق وظفه كاملاً في مقاله ( أشراف الحجاز …خصوصية التاريخ والمكان ) .
و هذا يدل على إفلاس برامج هذه المشاريع و كتابها ، و بعدهم عن الاهتمام الحقيقي بالحجاز فضلاً عن الاهتمام بالأشراف ، فإنهم لا يعرفون عن الحجاز إلا دعوى ( الخصوصية الحجازية ) و ( الهوية الحجازية ) التي لا توجد إلا في أذهان نفر قليل من الموتورين والحاقدين على هذه البلاد الكريمة .
********
ثانياً : وجود مواقع في الانترنت لخدمة القدر المشترك سياسياً و فكــرياً وثقافياً .
و هذه المواقع لها مسارات مختلفة و هي ليست على درجة واحدة ، لكنها عند التأمل تصب في غاية واحدة . و يمكن تصنيفها على النحو التالي :
1- مواقع ذات توجهات سياسية مكشوفة و معادية للمملكة العربية السعودية . و أشهر هذه المواقع : ( موقع دولة الحجاز = الحجاز أون لاين ) ، و ( موقع الأشراف نت ) ، و ( موقع القرشيون في الجزيرة العربية ) ، و ( موقع دولة عسير ) ، و ( موقع دولة الاحساء-القطيف ) ، و ( موقع الحرمين للاعلام الاسلامي ) و غيرها .
و هذه المواقع أطلقت بعد خروج دعوة تقسيم المملكة العربية السعودية مباشرة ، و من أبرز القائمين على هذه الفكرة ( حمزة الحسن ) مشرف موقع ( قضايا الخليج ) الآن .
و هي مواقع قليلة المحتوى و المادة ، تشبه بعضها البعض في البرمجة و التصميم ، و تتبادل الدعاية و الاعلان لبعضها البعض .. و شتان بين ( بئر معطلة ) و ( قصر مشيد ) . و كل من عنده مسكة من عقل فضلاً عن علم وتربية يدرك واقع البلاد والعباد دون الرجوع أو الاستماع إليها .
و أما الموقع المسمى بـ( الأشراف نت ) ، فهو موقع لا يعمل فيه أحد من الأشراف – فيما نعلم – و لله الحمد ، و حتى لا يقعوا في الحرج أمام الناس ، قاموا بسرقة الأبحاث والمقالات من ( شبكة الانترنت ) ، من أجل إظهار اهتمامهم بالأشراف .
و على سبيل المثال ، فقد أخذوا بحث ( الجمع والضم لمسألة الشرف من الأم ) من ( موقع آل البيت ) ، و وضعوه في قائمة مقالاتهم و أبحاثهم مع تعديل يسير في مقدمته ، و لم يشيروا إلى كاتبه ( لأنه مسروق ) مع أنه بحث مشهور منشور في مجلات علمية محكمة ، و في موقع آل البيت و غيره ، و هو لمشرف ( موقع آل البيت ) .
و يرتبط بهذا الموقع ( الأشراف نت ) موقع عنوانه ( alalbayt.org ) لا يوجد فيه غير الصفحة الرئيسية و وضعوا فيه ظلال قافلة من الجمال تمشي على المسجد الحرام .
( صورة صفحة موقع www.alalbayt.org )
و في أسفل هذه الصفحة عبارة (هذا الموقع لا يمت بصلة إلى أي طائفة شيعية رافضية صفوية) ؟!
و من إفلاس موقع ( الأشراف نت ) و بعده عن واقع ( الأشراف و السادة ) ، أنه وضع صوراً لـ( بانرات إعلانية صغيرة ) لمواقع تهتم بالأشراف ، أخذوا صورها من الانترنت دون علم أصحابها ، و لا نعرف موقعاً جيداً منها في الأنساب إلا موقع ( أشراف الحجاز وما جاورها ) ، و هو متخصص في ( أنساب أشراف الحجاز و ما جاورها ) . أما البقية الباقية فهي إما مواقع ومنتديات أنساب كالموقع المتسمي بـ( الهواشم ) ، و موقع ( المجمع العالمي لأنساب آل البيت ) ، و موقع ( باوزير ) و موقع ( الصيادي ) و غيرها . و هي مواقع لا علاقة لها بالأشراف في الحجاز .
و مما يدعو للاشتباه بموقع ( الأشراف نت ) و طبيعة القائمين عليه : أنه وضع روابط لمواقع تابعة للفكر الشيعي الاثني عشري : كموقع ( شبكة السبطين العالمية ) ، و هو موقع تابع لشركة خيرية محدودة ) ، و يعمل بتمويل شيعي كويتي خالص . و في استعمال واضح لمبدأ التقية ، قام موقع شبكة السبطين العالمية في أول انطلاقته بالتعريف لنفسه و لرسالته بأنه يتحدث عن آل البيت ( من منظور أهل السنة ) ، دون حياء أو خجل من الناس ، ثم حذف هذا الآن .
كما يوجد في روابط ( الأشراف نت ) : ( موقع المؤسسة العالمية لبناء البقيع ) ، و نحن نعلم جيداً من هم الذين نادوا باعتداء الوهابية على قبور البقيع بدءاً من حملات التواقيع الطائفية للمجرم مقتدى الصدر في العراق إلى شيعة العوامية و القطيف و ما قام به موقع ( شبكة راصد الاخبارية ) ، و انتهاءً بدور رافضة المدينة النبوية .
و اللافت للنظر ، أن موقعاً كــ(( موقع آل البــيت )) و هو موقع يهتم بآل البيت حول العالم ، و منهم أشراف الحجاز ، لم يذكروه في موقعهم المسمى بـ( الأشراف نت ) ، و هذا دليلٌ كاف على كراهيتهم له و لمنهجه ، مع أنهم يسرقون أبحاثه ، و يستخدمون مقالاته لأغراضهم الدنيئة ، و كأنهم لو فعلوا ذلك فإنهم سيروجون للمذهب الوهابي السلفي الذي يعني خدمة توجهات وسياسة الدولة – في ظنهم – و هذا ما لا يرضيهم ؟! فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
2-مواقع و منتديات و تجمعات ذات توجهات ثقافية تشارك التوجه السياسي السابق في ( القدر المشترك ) إما بشكل كلي أو جزئي . و الثقافة و السياسة صنوان لا يفترقان ، كحجة القرآن و سيف السلطان . و لما كانت بعض تلك المراكز تعمل للتأصيل للقضية سياسياً ، فإن هناك مواقع لها توجهات ثقافية تهيئ و تحضر لذلك التوجه السياسي إما بشكل كلي أو جزئي . و هذه المواقع و المنتديات أشد خطراً من المواقع السياسية لتأثيرها في فكر المجتمع و تخريبها للأديان و الأخلاق .
و هذه المواقع على نوعين :
الأول : مواقع تشترك في القدر المشترك بشكل كلي مع مراكز الأبحاث و الدراسات السياسية السابقة . و من أبرز هذه المواقع الثقافية و السياسية : موقع ( شؤون سعودية ) ، و موقع ( المثقف : صحيفة ثقافية سياسية ) ، و موقع ( قضايا الخليج ) . الموقع الأول يغلب على مقالاته الطابع الليبرالي الاصلاحي التحرري سوآء أكان الكاتب من أصول سنية أو شيعية . وهو يؤصل لأبحاث الهوية الوطنية و نزع الصبغة المذهبية عن الدولة سواء أكانت سنية أم شيعية ، وقد تخرج بعض المقالات عن هذا الأصل . و تكثر فيه المقالات التي تلمع صورة الشيعة و تظهرهم على أنهم وطنيون مخلصون يبحثون عمن يعطيهم الفرصة لاثبات الولاء للوطن الكبير . و توجد في الموقع مقالات لكتاب من أصول سنية كالكاتب : د.خالد الرشيد ( منظر دعوات التقسيم والانفصال ) ، و د. حمزة قبلان المزيني ، و غيرهما . و يوجد من الاتجاه الشيعي كتاب أمثال : حمزة الحسن ، و د.فؤاد إبراهيم ( درس في إيران و أخذ الدكتوراه من لندن ، و يشارك في رئاسة تحرير موقع شؤون سعودية ، و هو معارض للحكومة السعودية ، و ألف كتاب الشيعة في السعودية ، نشر دار الساقي ) .

و أما موقع ( المثقف ) فهو موقع يعمل طاقم تحريره من لبنان ، و قد أطلق حديثاً ، و هو يؤصل لقضية تدويل المقدسات و يتحدث عن دور الأشراف في حماية المقدسات ، و يكتب فيه بعض الكتاب الذين يكتبون في مركز يافا للأبحاث والدراسات –القاهرة الذي مرَّ الحديث عنه . كما يكتب في هذا الموقع عدد من الكتاب والصحفيين اللبنانيين و الشيعة العراقيين ، من الرجال والنساء ، و الظاهر قربه الشديد من مركز المقدسات للدراسات والنشر-بيروت . و قد أجرى الموقع حواراً مع رئيس الوزراء العراقي السابق بعنوان ( حوار مع إبراهيم الجعفري عن أوضاع العراق السياسية ) ؟! و له اهتمام واضح بالشأن العراقي .
و يرأس تحرير هذا الموقع الثقافي الواجهة رجلٌ اسمه أبو حيدر كما في حوار أجرته معه الصحفية الكاتبة ( بريهان قمق ) !
و اللافت للنظر أن هذا الموقع نشر كلام ( مي يماني ) بنت وزير البترول السابق أحمد زكي يماني و أقوالها ، و يحال إليها في قضية ( الهوية الحجازية ) . و مي يماني هي التي كتبت كتاب (الحجاز والسعي نحو هوية عربية – دار نشر أي بي تاوس – لندن – 2004 )
كتاب مهد الاسلام البحث عن الهوية الحجازية : الطبعة الانجليزية و توجد منه طبعة عربية
المؤلف : مي يماني : الأستاذة في المعهد الملكي للعلاقات الدولية بلندن
و ذكر أبوها ( أحمد زكي يماني ) في مقابلته بقناة الجزيرة ( تاريخ 9/9/2006) أن هذا الكتاب عبارة عن رسالة دكتوراه مكتوبة قبل 20 سنة ؟!. و حين تمَّ نشر الكتاب ، ردَّ عليها فضيلة الشيخ الدكتور الشريف حاتم العوني بالمقال النافع ( الحجاز و التسامح الديني ) ، و الذي تمَّ نشره في ( موقع آل البيت ، و الاسلام اليوم ، وغيرهما ) .
فضيلة الشيخ الدكتور الشريف حاتم بن عارف العوني العبدلي
و مما يدل على تداخل هذه المشاريع و المواقع و قربها الشديد من بعضها البعض ( سياسياً وثقافياً ) ، ما قام به ( علي أبو الخير ) من التعليق على كتاب ( الحجاز ) لمي يماني في موقع ( المثقف ) ، والاستفادة منه في كتابه ( أشراف الحجاز ) .
و من الأسماء التي تجري الحوارات في موقع ( المثقف ) ( فيصل بن يحيى الشريف ) ؟! و هو اسم ظهر في توقيع بيان ضد تفجير مراقد سامراء مع أسماء تنتمي لتيارات متباينة لكن يوجد بينها قدر مشترك ، و منهم : ( حسن الصفار ، و عدنان بن جمعة الزهراني ، و واصف كابلي ، و زيد الفضيل و حسن فرحان المالكي و محمد عطية الرافضي ، و عبدالله الغذامي و قينان الغامدي ، و تركي الحمد ، و آخرون من شيعة القطيف والاحساء و غيرهم ) .
و يقترب بعض كتاب منتدى ( الشبكة الليبرالية السعودية ) من طرح هذا الموقع في بعض المواضيع ، و يظهر أن هؤلاء الكتاب يدورون في فلك متأثر بذلك الموقع .
النوع الثاني : مواقع ثقافية و منتديات فكرية تتفق في القدر المشترك بشكل جزئي مع المواقع السابقة . و هي تعلن تمسكها بالثوابت الدينية بفهم خاص ، و الوحدة الوطنية .
توجد في الحجاز عدة منتديات و لقاءات ثقافية ، من أشهرها في جدة – على سبيل المثال – : نادي جدة الأدبي الثقافي ، و إثنينية عبدالمقصود خوجة ، و منتدى أحمد زكي يماني ، و منتدى المكية لسامي عنقاوي ، و أحدية فدعق ، و منتدى الروضة ، و غيرها . و ليس مقصودنا الحديث و التعريف بهذه الملتقيات والمنتديات و ذكر تاريخها و ما لها و ما عليها ، فإن هذا شأنٌ آخر ، و حسبنا هنا أن نعرض لبعض أحداث و فعاليات هذه الملتقيات المتفقة مع موضوع التقرير .
إنَّ بعض هذه الملتقيات و المنتديات مع مرور أكثر من 25 سنة عليها إلا أنها لا يوجد لها هدف واضح معلن حتى الآن إلا مجرد التكريم و معناه ، كما تعلنه إثنينية عبدالمقصود خوجة في موقعها في الانترنت !!
و للأسف ، فقد دخلت بعض هذه المنتديات الثقافية بصورة غريبة في اتصال مباشر مع الرافضة في القطيف و المدينة النبوية . فنشرت جريدة الوطن تحت عنوان (في تبادل ثقافي بين المدينة المنورة وجدة منتدى السالمية يستضيف أعضاء منتدى الروضة في حوار فكري ) لجمعة 28 ربيع الآخر 1427هـ الموافق 26 مايو 2006م العدد (2065) السنة السادسة . و منتدى السالمية منتدى لرافضة المدينة يشرف عليه الشيخ الرافضي صالح جدعان .
كما أن اثنينية خوجة بطابعها التكريمي و الاحتفالي و الوطني دخلت في حمى شبكة العلاقات العامة في الحجاز ، فكرمت عددأ من رواد الحركة الشيعية السعودية المعاصرة ، كحسن الصفار وعدنان محمد العوامي .
الصفار في حفل تكريمه باثنينية خوجة بجدة
و قد كرمت الاثنينية أيضاً ، ( عبدالله الجشي ) ، الذي اعتذر عن الحضور لمرضه ، فناب عنه ابنه . ( جريدة الوطن : لأربعاء 21 شوال 1426هـ الموافق 23 نوفمبر 2005م العدد (1881) السنة السادسة ) . و قد قال الشاعر الرافضي عدنان محمد العوامي فيهم :

ما بين جدة والقطيف مدى أم لا فأين الهدب والهدب

كلتاهما جفنان بينهمـا عين وقلب ضـمـه خـلـب
و قال أحد كتاب شبكة راصد ( محمد باقر النمر ) :" و لك – يا معالي الشيخ عبد المقصود خوجة – كل الشكر من أهل القطيف الذين لازالوا ينظرون إليك رجلا تنويريًّا في الفكر والثقافة بعد أن أنرت شوارعها قبل أكثر من أربعة عقود، وها أنت اليوم رجلٌ تنويري لكل الوطن الغالي. رعاك الله وأدام عليك العز وأسبغ النعم ) . أهـ. ألقيت بتاريخ 7 ربيع الاول1427هـ .
هذا ، و كان حسن الصفار قد قام بتكريم عبدالمقصود خوجة في القطيف .

عبدالمقصود خوجة يتحدث في مكتب الشيخ حسن الصفار( المصدر موقع الصفار )
و التكريم عادة لا يتوقف عند حد الاحتفاء بالمكرم ، بل يأتي معه وفد من الشيعة للالتقاء بوجوه و أعيان جدة في الاثنينية ، فالهدف أكبر من مجرد تكريم لا يعلن عن هدفه ! . و قد تحدث د. نجيب الخنيزي – في مقال ( أيام ومشاهد «جداوية» ) المنشور بجريدة عكاظ – عن طبيعة الوفد القادم للتكريم ، فقال ( ضم وفد الشرقية الشيخ فوزي السيف الأستاذ في الحوزة العلمية والخطيب الديني المفوه، والدكتور صادق جبران وهو حقوقي ومختص بالفقه الشرعي والفقه المدني على حد سواء، والأستاذ محمد النمر رجل الأعمال ومدير تحرير مجلة الواحة المختصة بتراث وتاريخ المنطقة الشرقية، والأستاذ الكاتب علي البحراني، وهناك آخرون قدموا من القطيف والإحساء وأود أن أشير هنا إلى إن هذه المجموعة وأنا من ضمنهم رغم منحدرها المناطقي والمذهبي المشترك غير أنها ليست كتلة هلامية صماء، فاهتماماتها وتوجهاتها متنوعة وهي صورة مصغرة لما هو واقع وملموس للتعددية والحراك الثقافي والفكري المتنوع ليس في القطيف والأحساء فقط وإنما في كافة مناطق وأرجاء المملكة الشاسعة ) .
و قد حضرت هذا التكريم عددٌ من الوجوه الجداوية التاريخية و الوطنية و الأدبية ، و أخذ الشيعة من بعض الآثاريين و المهووسين بآثار الحجاز منهم وعوداً بحضور الملتقى الثقافي بالمنطقة الشرقية .
و لا يتوقف النشاط على جدة ، بل قامت بعض المنتديات بترتيب زيارات للشيعة لعدد من مدن الحجاز ، فهذا منتدى الروضة يشارك في ترتيب لقاء و تواصل بين حسن الصفار و حماد السالمي في الطائف .

الشيخ الصفار في مكتبة حماد السالمي
و للانصاف ، فقد تكرم هذه المنتديات شخصيات دعوية و إسلامية كتكريم الاثنينية لمحمد قطب ، و عبدالكريم بكار ، و أخيراً الشيخ سلمان بن فهد العودة حفظه الله تعالى ، و كان التكريم للشيخ سلمان – كما يقول عبدالمقصود خوجة – ( بصفته "مثقفاً وشاعراً وداعية إسلامياً ينظر إليه الكثيرون بعين التقدير والإجلال" ) . ( انظر : الاسلام اليوم : متابعات إعلامية ، خبر : جدة تكرم العودة في اثنينية الخوجة بتاريخ 28/3/1427 ) .
عالم الانترنت :
على مستوى عالم الانترنت توجد مواقع تشترك مع تلك المواقع السياسية التخريبية بدرجات متفاوتة ، و تتفق معها في جزء من " القدر المشترك " . و من أبرز هذه المواقع : منتديات الشبكة الليبرالية السعودية و موقع جسد الثقافة و غيرها .
و هذه المواقع و المنتديات تجمع على مهاجمة منهج أهل السنة في العموم ، وقد يوجد فيها بعض الكتاب الذين يدافعون عن منهج أهل السنة لكنهم قلة ، و الظاهر أن مشاركتهم كانت من وجه احتسابي محض . و يوجد عند بعض الشباب السعوديين المثقفين ثقافة محدودة متابعة و كتابة في هذه المواقع .
و تجد – على سبيل المثال – في منتدى ( جسد الثقافة ) لكاتب سمى نفسه بـ( القاضي عبدالجبار ) هذه المقالات :
  1. يخدعوننا فيقولون: درء تعارض العقل والنقل!
  2. تنزيه الله وفق مذهب المعتزلة
  3. الاعتزال خطوة خطوة ـ تعريف التوحيد ومعناه .
  4. حديث الآحاد وقبوله بين العقائد والأحكام (مناقشة عقلانية ) .
و غيرها كثير .
و هو يكتب أيضاً بنفس الاسم في ( منتدى الشبكة الليبرالية السعودية ) ، و يكرر نفس المواضيع تقريباً ، و بتتبع كتابات القاضي عبدالجبار ظهر أنه شخص من غلاة الزيدية المعتزلة في الحجاز !
و من أدبيات هذه المواقع الهجوم الثابت على ( الفكر البدوي ) ، و ( الوضع القبلي ) ، و ( ثقافة البداوة ) ..كما تهجم د. رفعت سيد أحمد السابق الذكر عندما كتب مقال ( فقه البداوة وحماية المقدسات ) ، و هذا متفق مع مسألة ( القدر المشترك ) بين تلك التوجهات ، فإن من أقوال دعاة التقسيم و الانفصال إثارة مسألة التحالف بين السلطة والقبيلة و العلماء والقبائل .
و فيما يتعلق بآل البيت و أشراف الحجاز – على سبيل المثال – نجد الأمثلة التالية من موقع منتدى جسد الثقافة – :
  1. هل يصح حديث: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
  2. هل تصدق بـ ((حكاية)) المهدي المنتظر قبل نزول المسيح عليه السلام ؟
  3. أشراف الحجاز ..هم ! ( مقال شعوبي بذيء و سيء للغاية )
و لما أعلن في " منتدى الشبكة الليبرالية السعودية "عن حلقة ( دور الأشراف والسادة حالياً …ما هو ؟ ) في قناة art ، تهجم بعض كتابها ممن يدعون أنهم حجازيون أقحاح على ( الأشراف و السادة ) . و تجد في كتابات بعضهم التمسح بحضور مجالس محمد علوي مالكي و روحات السادة باعلوي في جدة و مكة و غيرها ، و يؤكدون على معرفتهم الوثيقة بتلامذتهم و يطلقون عليهم ( سادة ) لكنهم ليسوا من ( آل البيت ) بزعمهم ! و ذلك لأن مصطلح آل البيت يعني عند هؤلاء :" العترة الطاهرة ، أمهات ، و والدي ، و آل رسول الله المباشرون ! أما باقي السلالة النبوية .. فهم عند هؤلاء من أمة رسول الله ، ولا يرتفعون بشئ ، أو يختلفون بشئ ، إلا مامنحهم التاريخ من ألقاب شرفية ، بعضها لم يستحقها لأنه تحصل عليها بقوة السيف واراقة الدماء والأغراض الدنيوية " .
و يوجد في كلام هؤلاء من يعظم أمر الرئيس معمر القذافي و يوقع في ( موقع رابطة محبي القذافي في العالم ) ، كما فعله من سمى نفسه ( يزيد القديري ) ؛ و في نفس الوقت يهاجم موقعاً كموقع آل البيت ، ويتهمه بممارسة الطبقية و الاستعلاء على الناس ، و تأخيره لمؤسسات النظام والقانون الليبرالي ، و المجتمع المدني . و قد نشر موقع آل البيت طرفاً من خبر هؤلاء .
دور متطورة الزيدية :
يشارك هذا النسق الثقافي عدد من الكتاب ممن نسميهم ( متطورة الزيدية ) ، و هم يتبنون مشروعاً يسمونه ( نحو إنقاذ التاريخ الاسلامي ) ، و يدعون إلى التعايش والاعتراف بالتنوع و القبول بالآخر ، وهم من أبعد الناس عن ذلك . و حقيقة أمرهم ، أنهم قوم مخالفون لطريقة أهل السنة و الجماعة في الاستدلال و النظر ، و يقعون في السلف الصالح من الصحابة و التابعين و من بعدهم ، و هم مبتلون بإسقاطات نفسية و اجتماعية داخل المجتمع تؤثر على أحوالهم و أقوالهم .
و يتخذ هؤلاء من ستار العقلانية و القبول بالتنوع و التعايش وسيلة لإظهار آراءهم الشخصية أو المذهبية الناقمة على ثوابت شرعية مستقرة في المجتمع . و من أبرز هؤلاء : حسن فرحان المالكي ، و زيد بن علي الفضيل .
* حسن فرحان المالكي : ( نسبة لجبال بني مالك بالجنوب قرب جيزان ، و لا صلة له ببني مالك القبيلة المعروفة جنوب الطائف ، و هو من مواليد عام (1390هـ)) .
كتاب قراءة في كتب العقائد لحسن فرحان المالكي
و له موقع مستقل في شبكة الانترنت ، كما تنشر له عدد من المواقع منها موقع ( شبكة حليف القران : الإمام زيد بن علي ) كما في موضوع ( العلامه الشيخ حسن فرحان المالكي , وجيش يزيد : http://www.imamzaid.com/vb/showthread.php?p=2040 ) و غيره .
و لوجود قدر مشترك بين طرح متطورة الزيدية و العلمانيين والليبراليين ، نجد موقع إيلاف يجري حواراً معه في حلقتين ، و في إجابة السؤال رقم 164 : ( هل للزيدية الآن وجود في المخلاف السليماني؟ ) . قال المالكي : ( و لغلاة السلفية وجود هناك ، رحم الله أيام الزيدية، لقد كانوا فيما نعلم عنهم أعقل وأعلم وأرحم بالعامة وأكثر تواضعاً، ومع ذلك لا يخلو المخلاف والحجاز من وجود زيدية ولها عودة قوية في الحجاز خاصة بعد فشل السلفية في تفهم المخالفين لها من السنة كالأشاعرة
ومعتدلي الصوفية
والذي أعلمه أن الزيدية والأشاعرة على تفاهم كبير في الحجاز ، ..) . أهـ ( مقابلة مع موقع إيلاف الجزء الثاني : المصدر موقع حسن فرحان المالكي ) .
و قد أثنى الكاتب الصحفي عبدالله أبو السمح على حسن فرحان في ( جريدة عكاظ تحت عنوان (الحق ينبغي ألا يضيع) ، نشر في العدد 11315 ) ، كما أثنت عليه الدكتورة عزيزة المانع بقولها ( .. فإنني لا أخفي إعجابي بشخصية الأستاذ المالكي التي تتميز بشجاعة نادرة مكنته من خوض غمار معارك كثيرة مع خصوم أشداء، وهو في كل المرات يثبت بقوة ، ثبوت العالم المخلص وراء ما يراه من حق ..) . ( جريدة عكاظ : المصدر موقع حسن فرحان ) .
كما أن العنصر النسائي له حضور في الموضوع ، ففي السؤال رقم 185 عن أم مالك الخالدي زوجة حسن فرحان توجَّه موقع إيلاف بإجراء اتصالات هاتفية مع ( عزيزة المانع ، و ناهد باشطح و أمينة البيطار ، و وفاء القنيبط لسؤالهن عن أهلية أم مالك .. فأصدرن فيها شهادت تزكية وثناء )؟!
هذا ، و قد ظهر حسن فرحان المالكي في برنامج ( حقائق التاريخ ) الذي ظهر فيه ( علي أبو الخير ) في قناة الكوثر الشيعية تحت عنوان ( الرسول الأكرم في مواجهة النفاق ) ، و خرج في اللقاء مع ( حميد النجدي ) الشخصية الشيعية المشهورة بلندن ، والذي أطل في حوارات قناة المستقلة الشهيرة . و قد كان محور اللقاء يدور في الوقيعة في صحابة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم و التعريض بهم و القدح و اللمز لهم و لا صلة له بالنفاق !
حسن فرحان المالكي كما في موقع قناة الكوثر الشيعية التي ظهر فيها علي أبو الخير
* زيد بن علي الفضيل : من الشخصيات التي تلعب دوراً مشتركاً بين الطرح العقلاني و الدعوة إلى التعايش بالاضافة إلى نفسه الزيدي الشيعي الواضح الكاتب زيد بن علي الفضيل .
محمد عطية الرافضي ومعه محمد تقي الطباطبائي الرافضي و السيد زيد الفضيل الزيدي
مكة المكرمة
زيد الفضيل يتحدث في القطيف
و زيد بن علي الفضيل يقدم نفسه على أنه (عضو جمعية المؤرخين الخليجيين وباحث في الشؤون اليمنية ، و كاتب و مفكر سعودي ) ، و قد عمل كـ ( محرر ثقافي و مراسل في جريدة الرياض كما كان يعمل في القسم الثقافي بمجلة الحج ) . و يعتبر أحد أبرز المشاركين فيما يسمى ( منتدى الروضة ) بجدة الذي يضم ( واصف كابلي ، و عدنان الزهراني ) . و أكد في محاضرة ( المثاقفة في التراث المكي ) في القطيف ( ..على أن المكيين عاشوا سمات وخصائص ثقافة المثاقفة بسبب ما قدر لمدينتهم أن تكون أول نموذج للمدينة الكونية تفتح ذراعيها للآخر مهما كان جنسه أو مكانته . ولخص توصيف الشخصية المكية ضمن خصائص الشخصية الحجازية …) . ( جريدة اليوم : السبت 1426-12-28هـ )
و الوجه الآخر لزيد الفضيل الذي لا يظهره ، هو أنه كاتب زيدي متطور ، ينتقد المناهج الدراسية في المملكة ، و يحاول جاهداً أن يربط بين ( أشراف الحجاز ) و ( المذهب الزيدي ) ، كما أنه دافع عن الفكر الحوثي الزيدي بجبال مران بصعدة ، و إذا انتقده فإنه يكتفي في الظاهر بتخطئة التصرف السياسي و الممارسات العسكرية لـ(حركة الشباب المؤمن ) .( انظر : مقال : أزمة الحوثي.. حتى لا نقع في فخ التاريخ . جريدة الشرق الأوسط العدد 9666 ) . و حركة الشباب المؤمن هي ( حزب الله اليمن ) .
و زيد الفضيل شبَّهَ حركة الحوثي بحركة مقتدى الصدر في العراق ، ( مقال : أزمة الحوثي.. لعبة سياسية لا يجيدها الدراويش . جريدة الشرق الأوسط العدد 9352 ) . كما أنه أثار التساؤلات عن الشيخ الزنداني بمقال (اليمن وأزمة الزنداني .. جانب من القصة . جريدة الشرق الأوسط العدد 9964 ) عندما طالبت الحكومة الأمريكية بالقبض عليه ! و أشار إلى دعم الزنداني للتوجه السلفي في اليمن من خلال " المعاهد العلمية " و " جامعة الايمان " و " مدارس الحديث " في صعدة ، و أبدى تبرمه من ذلك الدعم !
و عندما كتب د. برنارد هيكل – أستاذ من أصل لبناني في جامعة نيويورك – مقالاً بعنوان ( في معنى انتصار حزب الله . جريدة الشرق الأوسط عدد 10112 ) ، ردَّ عليه زيد الفضيل بقوله (..إن من يناصر حسن نصر الله ليس الإسلاميين وحسب كما يتصور الغرب الإسرائيلي، بل ويناصره كل الليبراليين القوميين ومختلف التيارات القومية أيضا في البلاد العربية، لكون حزب الله قد رفع علما لا يمكن الاختلاف عليه أبدا وهو علم فلسطين، ولكونه توجه بحربه إلى عدو لا يمكن الاختلاف عليه وهو إسرائيل وهو ما سيتحالف الجميع عليه حتى مع الشيطان ، إنه التاريخ يا سيدي ، ..) أهـ .
و قد خرج زيد الفضيل ( الكاتب والمفكر و المؤرخ السعودي ) في قناة المستقلة متحدثاً عن تاريخ أئمة اليمن و حكامه السابقين ، و اتصل به بعد المقابلة الرئيس علي عبدالله صالح ، و كتب عن أثر اتصال الرئيس به مقالاً بعنوان ( عندما حادثني الرئيس . صحيفة 26 سبتمبر رقم العدد (1155 .
و هذه المعرفة بتاريخ الأئمة و العناية به ، حاول أن يستفيد منها في الداخل ، فألقى في مؤتمر الجمعية التاريخية السعودية المعقود بمكة مسألة ارتباط الشريف قتادة بن إدريس أمير مكة بإمام الزيدية في اليمن عبدالله بن حمزة ، و لم يرد عليه أحد في ذلك المؤتمر مع تبرم بعض الأشراف من كلامه !! و هي من المسآئل التي يحاول الزيدية المعاصرون الدخول على الأشراف في الحجاز من خلالها ؛ و قد ردَّ أشراف الحجاز على هذه الدعوى و أبطلوها ، و لله الحمد .
و قد استضاف تلفزيون العالم الإيراني زيد الفضيل في بيروت للحديث عن قضية الجسر الذي يربط بين مصر والسعودية بتاريخ 7/6/2007 عندما أثارتها الصحافة و الإعلام .
زيد الفضيل في استوديو تلفزيون العالم الإيراني-بيروت
و ظهرت له أخيراً اهتمامات بالنسب ، فكتب باسم ( سيف الهواشم ) في ( موقع : منتدى السادة الأشراف – الكويت ) ، و ألَّف كتاباً عن مهاجرة الزيدية اليمنيين في المملكة العربية السعودية ، سماه ( الكواكب الدرية في أنساب الأسر الهاشمية اليمنية الساكنين قُطْر المملكة العربية السعودية ) ، و هو كما يقال ( دليل تعريفي بأنساب الأسر الهاشمية النازحة من اليمن في الربع الأخير من القرن الرابع عشر الهجري / العشرون ميلادي ) ، وطبع في عام 2005 ؟!
3- صوفية الحجاز التقليدية و دعاة ثقافة و هوية الحجاز من الأعيان و الوجهاء .
في موقع دولة الحجاز في الانترنت يوجد رابط لمجلة الحجاز ، و قد خرجت في أعداد منها تندد بالاعتداءات الوهابية على الآثار في مكة المكرمة و المدينة النبوية . و من عناوينها :
1. اليماني يندد بتدمير الآثار الإسلامية في الحجاز ويدعو لحماية ما تبقى منها.
2. متشددون يهدمون قبر ومدرسة السيد علي العريضي العلوي
3. لماذا دعم آل سعود الوهابية لتنشر الدمار في الحجاز .
و أبرز من يحيي دعوى آثار الحجاز اليوم الصوفية و الرافضة الاثني عشرية . و قد تتابعت في نهاية العام 1423 و العام 1424 – و هي الفترة التي ظهرت فيها تصريحات وخرائط التقسيم والانفصال – عدة مقالات في جريدة عكاظ و المدينة تندد بقضية هدم بعض آثار مكة و المدينة ، و ردَّ عليها عدد من العلماء والمشايخ و الكتاب . و أصدر الدكتور عمر عبدالله كامل في هذه القضية كتاب «لا ذرائع لهدم آثار النبوة» في (239) صفحة .
إصدار دار بيسان للنشر والتوزيع في بيروت
و إجمالاً يمكن تصنيف هؤلاء إلى نوعين : الصوفية التقليدية ، و وجهاء و أعيان حجازيين.
1-الصوفية التقليدية :
هؤلاء قلة في الحجاز ، و من أهم التصريحات الحديثة التي صدرت حول تصوف أهل مكة ، ما قاله معالي الشيخ أحمد زكي يماني في قناة الجزيرة عن صوفية أهالي مكة حيث قال ما نصه ( .. أهالي مكة يقال إنهم صوفيين ! وهم أبعد الناس عن الصوفية كما أعرف ، قد يكون هناك قلة قليلة يعني تعد على أصابع اليد ناس متصوفين ، لكن كونك إنك تكون على مذهب شافعي أو في حنفي أو آخر هذا لا يعني إنك أنت تكون صوفي )) . ( مقابلة أحمد زكي يماني بقناة الجزيرة 9/9/2006 )
و هذه الشهادة من معالي الشيخ أحمد زكي يماني لم تعد كبد الحقيقة ، فإن عامة أهل مكة من أهل السنة و الجماعة ، و لله الحمد ، و لا يعرف فيهم التصوف التقليدي إلا في بيوتات قليلة . و للأسف يوجد بعض الجهال اليوم يحاول أن يضخم من هذا الأمر و يبحث في وسائل إثباته عند السادة و الأشراف في الحجاز ، و هذا كذب و افتراء عليهم .
و الصوفية التقليدية يمرون اليوم بأزمة قيادة بعد وفاة الشيخ محمد علوي مالكي .
الشيخ محمد علوي مالكي
و هم يعملون في مسارات مختلفة لاحياء الهوية الحجازية ، و لقيادة التصوف في الحجاز ، و هذا لأسباب تخص طبيعة و ملامح رجال الصوفية المعاصرين في الحجاز ، فإنهم من مشارب و رؤى مختلفة ، كما أنهم يعودون لأصول نسبية مختلفة . و هناك قيادات شابة تحاول البروز و الظهور ، و إيجاد مواقع أقدام ثابتة ، و تبحث عن وسائل تلميع و تأكيد صورة الأسر و العوائل التي ينتمون لها ، ويؤكدون على رسالتها العلمية والدعوية ، و يستخدمون في ذلك شتى الوسائل التاريخية والاجتماعية .
و هي محاولات تمر بمرحلة مخاض ، و لكنها محكومة بمعادلات كثيرة ليست في متناول يدها بعد !
علي الجفري بصحبة محمد علوي مالكي
و لا زال بعضهم في طور التعرف و الاعلان عن تبادل الزيارات لبعضهم البعض ( انظر : جريدة الشرق الأوسط عدد 9617 ، تاريخ 18صفر 1426 زيارة سامي عنقاوي و أعضاء منتدى المكية لأحدية فدعق في بيت الأعمال ) .
و مع هذا كله ، فإن هذه البيوت الحجازية التي يدعى لها بالرسالة العلمية والتدريسية يدور محور اهتمامها حول التصوف ، و يختص بها طبقات معينة ينتقيهم بعناية مدرسيهم .. أما الدعوة إلى إفراد الله بالعبادة و الدعوة للسنة وترك البدعة فيها ، فلا يعرف لهم ما يعرف لبيوتات الحجازيين الأخرى كبيت : المعلمي ، و الشيخ عبدالله خياط ، و محمد حمزة ، و بيت نصيف ، و غيرهم .
و مع هذا ، فإننا نقول : سيظل الزمن و الظروف هما الكفيلان بإثبات القيادات الحقيقية و التاريخية للصوفية التقليدية في الحجاز ، و هو الأمر الذي يمر بكثير من المعوقات و العقبات .
التقارب الصوفي – الليبرالي :
ظهرت بوادر عملية للتقارب بين التيار الليبرالي والصوفي ، و ذلك عندما كرَّمَ محمد علوي مالكي محمد سعيد طيب في مساء الخميس 20/5/2004 ، و تم نشر تلك الأمسية في جريدة الندوة في الصفحة الأولى تحت عنوان : (الندوة ترصد احتفاء سماحة الدكتور السيد محمد علوي المالكي بالأستاذ محمد سعيد الطيب، في لقاء العلم الشرعي بالفكر الوطني المستنير) ( جريدة الندوة : الأحد 23/5/2004 ) .
كما أن بعض مسائل و قضايا الليبراليين من مسائل الاستقطاب والتجاذب الحاصلة في الحجاز ، و قد تميل بعض قيادات الصوفية الشابة للتصريح بأقوال الليبراليين في تلك المسائل لكسب مزيد من التعاطف أو للتقريب بين وجهات النظر ( انظر : القول في حكم الردة ، و قيادة المرأة للسيارة . قناة العربية : برنامج إضاءات : مقابلة مع السيد عبدالله فدعق بتاريخ الجمعة 9-6-2006 ) .

و يبدو في الصورة : د.سامي عنقاوي ، الثاني من اليمين ، ثم محمد علوي مالكي ، ثم هاشم السلمان ، ثم محمد سعيد طيب ، ثم علي باقر الموسى – مؤتمر الحوار الثاني بمكة
التقارب الصوفي -الرافضي :
عندما فجع المجتمع الصوفي بالحجاز بوفاة الشيخ محمد علوي المالكي ، قام وفد من الحوزة العلمية بالأحساء بزيارة ذوي الفقيد ، و هم : علي باقر الموسى «مدير العلاقات العامة» ، و عبد الجليل السمين «مدير شؤون الطلاب» ، و حسن اليوسف «مدير الإرشاد الديني» . وكان في استقبالهم : أحمد بن السيد محمد علوي المالكي ، و د. سامي عنقاوي ، و واصف كابلي ، و آخرون .
كما قام الوفد الرافضي أثناء العزاء بتسليم رسائل من أمين الحوزة بالأحساء ( هاشم السلمان ) إلى كل من : د. سامي عنقاوي ، و عمر عبدالله كامل ، و محمد سعيد طيب ، و آخرون .( المصدر : شبكة راصد الاخبارية ) .
2-دعاة هوية الحجاز و بعض الأعيان والوجهاء :
و هؤلاء شخصيات متنوعة ، منهم من استفاد جاهه من خدمته في الدولة ، و منهم من يستمد جاهه من تاريخ أسرته ، ومنهم من يستمد جاهه من ماله ، ومنهم من يجمع بين بعض ذلك . و من أبرز هؤلاء : معالي الشيخ أحمد زكي يماني ، وزير البترول السابق ، و معالي د. محمد عبده يماني وزير الاعلام السابق ، و د. الشريف السيد سامي عنقاوي و رجل الأعمال صالح كامل ، و غيرهم .
رجل الأعمال صالح كامل في زيارة الشيخ حسن الصفار
و بعض هؤلاء لهم ميول صوفية ، و لا يتحاشون من ذلك ، و البعض الآخر لا ينكر ميوله الصوفية تماماً ، لكنه يحب تقديم نفسه على أنه طالب علم ، و يدرس في الحرم الشريف ، و يكتفي بالانتساب لأحد المذاهب الأربعة المتبوعة ، وهذا مثل أحمد زكي يماني عندما يقول أنه شافعي المذهب مالكي الهوى .
و صوفية هؤلاء إنْ سُلِمت لهم ، صوفية تهتم بالجانب العملي والموسمي من التصوف ، كعمل الموالد و اهتمامهم بالآثار ، كما أنها تهتم بفقه التيسير و رفع الحرج ، و لهذا تستغرب من تحريم الموسيقى ، و من خير الوسائل عندهم لتقديم رؤيتهم إقامة مركز لفقه المقاصد ، كما فعله الدكتور أحمد زكي يماني . و قد أطلق موقع ( هدي الاسلام ) ليخدم هذه الفكرة .
و هؤلاء ليسوا من الصوفية التقليدية التي تقيم الدروس و تهتم بالطريقة و تربي الأتباع ، فإنه لا يعرف لهم نشاط ملموس في هذا الأمر ، و هم بعيدون عن هذه الأنشطة بسبب ما تحملوه و تكلفوه من الأعمال و الاهتمامات ؛ و لكنهم في نفس الوقت يبدون تضامنهم و دعمهم لأفكار و رجال الصوفية بشرط ألا تزاحم القيادات الشابة للصوفية التقليدية نفوذهم وجاههم في الحجاز .
و يأتي في سياق هذه الشبكة من العلاقات المعاصرة اليوم ، محاولات محمومة من بعض الأفراد و الأسر الحجازية لصناعة هالة و نوع من التشريف لأنفسها عبر حيازة السيادة و الشرف من خلال الادعاء المحض . و قد خرجت بعض إعلانات التهاني والتعازي و المناسبات المختلفة في الصحف المحلية لأسماء معروفة لامعة في المجتمع الحجازي تدعي السيادة والشرف ، وهي بمنأى عنه . و الواجب كف أيدي هؤلاء عن التلاعب بالنسب الشريف ، فإن بعض هؤلاء يعمل لمصالح شخصية ذاتية ، كما أن بعضهم ثبت ارتباطه بجهات خارجية معادية لوحدة البلاد . و هذا ما يؤكد ضرورة الاهتمام الجدي بوضع أنساب الأشراف اليوم .
1- معالي الشيخ أحمد زكي يماني :
وزير البترول في عهد الملك فيصل رحمه الله و بعده . و هو مهتم بفقه المقاصد كما يقول . و من الناس من يتهمه بالتصوف ! و أحسن ما يورد في هذا الشأن كلامه عن تصوفه حيث قال :" كم يقال عني إني صوفي ! و من أغرب اللي هذا قيل : إني صوفي علماني ! و ما أعرف أجمع بين هذه وهذه .. والصوفية يا سيدي إذا خلت من الخزعبلات ، هي أرقى مراتب الصفاء النفسي.. إذا صار ، و أنا ما وصلت إليها ، يعني بعيد جدا عنها ، أنا لا أعتبر نفسي متصوف لكن هذه لأنه كان فيما مضى إذا أردوا شتيمة إنسان قالوا له أنت شيوعي ، فلما أوشكت و زالت الشيوعية الآن الشتيمة أنت صوفي ) ( مقابلة قناة الجزيرة بتاريخ 9/9/2006 ) .
و قال عن نفسه ( تأثرت بطه حسين ، كنت أحرص دائماً على حضور محاضراته ) . ( مقابلة أحمد زكي يماني في قناة الجزيرة 9/9/2006 ) . و قد صدر منه – عفا الله عنه – قولٌ باطل في القران الكريم ، و كان منساقاً في ذكر علاقاته الواسعة التي يحب الحديث عنها من شاه إيران إلى بابا الفاتيكان ، حيث قال :( ومن طريف ما رأيت قطعاً من الجلد كُتبَ عليها آيات من القرآن بحروف غير منقطة وقيل انه أُجريت دراسات علمية لمعرفة عمر الجلد الذي كُتبت عليه الآيات فتجاوز عمره مائتين وخمسين وألف سنة ميلادية وهذا ما قادهم إلى افتراض أن بعض كُتاب الوحي من بني أُمية لم يسلموا ما لديهم أو بعضه من آيات الكتاب الحكيم عندما جُمع المصحف في عهد الصديق رضي الله عنه وأُتلفت جميع الآيات المتفرقة التي نزلت منجمة، وأنه عندما دانت دولة الأمويين في الشام وهرب عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس حيث أقام دولة الأمويين استطاع فيما بعد نقل الذخائر ومنها تلك القطع التي كُتب عليها آيات من القرآن أثناء نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الافتراض مع كل قرائنه يقرب من الصحة وينبئنا أن المسلمين إذا تفككوا واختلفوا فقدوا الكثير من تراثهم بل وفقدوا كيانهم، وذلك حال ملوك الطوائف فيما مضى وهو حال دويلات الطوائف في عصرنا هذا . وآيات الكتاب الكريم التي كُتبت في حضرة رسولنا عليه السـلام هي من أعز وأثمن ما أعرف من التراث. ) أهـ. ( انظر : من جعبة الذاكرة البابا والفاتيكان : لأحمد زكي يماني . جريدة المدينة –ملحق الرسالة 20ربيع الأول 1426 الموافق 29 أبريل 2005 ) ،
و بعد هذه المقابلة ، ثارت على معالي الشيخ الحجازي ردود فعل واسعة في حينه ، مما دعاه إلى إخراج توضيح و تفسير عن طبيعة ما قال ، و كفَّرَ فيه مَنْ قال بنقص القرآن . ( انظر : ملحق الرسالة ليوم الجمعة 17/5/1426هـ ) .
أحمد زكي يماني وزير البترول السابق في مقابلة قناة الجزيرة تاريخ 9/9/2006
و مما ينبغي أن يرصد و يسجل ، نفي صاحب المعالي أحمد زكي يماني عن نفسه تهمة القول بالانفصال والتقسيم في مقابلته مع قناة الجزيرة بتاريخ 9/9/2006 ، كما نفاها عن ابنته مي ، و سائر أبناءه . و قال عن كتاب مي الذي أثار الضجة :( طبعاً ثارت ضجة خصوصاً … إذا أنت الآن بتسألني يدعو إلى الانفصال وأنا قطعاً وأجزم إنه ما في أحد من أولادي يفكر في هذا الأمر أبداً. ) . أهـ. ( المصدر : مقابلته في قناة الجزيرة ) .
2- الدكتور الشريف السيد سامي عنقاوي :
من أبرز المهتمين بالآثار في الحجاز اليوم الدكتور الشريف السيد سامي عنقاوي ، و هو من السادة العنقاوية من ذرية الشريف أبي دعيج بن محمد أبي نمي الأول .
و هو آثاري حجازي ، كان مدير مركز أبحاث الحج سابقاً ، و شارك في تجديد و ترميم آثار مختلفة في جدة و مكة ، منها : ( منزل الشافعي، الكائن بحارة المظلوم في منطقة البلد بجدة. وباب الحرم وهو منزل تاريخي في مكة لصاحبه معالي الشيخ أحمد زكي يماني ) . و هذا المنزل التاريخي كما يقول صاحبه ( المنزل اللي ربنا أكرمني بتملكه ما هو أثر إسلامي بمعنى الإسلامي ، لكن هو من المنازل القديمة ، يقال : إنه آخر ملوك الهاشميين في الحجاز كان سكنه ، و في بداية العهد السعودي كان سكن الأمير فيصل ، الملك فيصل رحمه الله ، و وُلد له بعض الأولاد فيه ، منهم الأمير خالد الفيصل ، وُلد في هذا المنزل ، فهذا يعني عبارة عن تاريخ لكنه لا يعتبر من الآثار الإسلامية ) ( مقابلته بقناة الجزيرة بتاريخ 9/9/2006 ) .
و يملك الدكتور عنقاوي داراً يطلق عليها اسم ( المكية ) في جدة – حي الشاطيء ، و قد بناها على أساس التراث الحجازي التقليدي ، وتعقد فيها بعض الندوات واللقاءات .
مدير مركز أبحاث الحج سابقاً د.سامي عنقاوي
و قد بزغ نجمه في الصحافة الدولية في الخمس سنوات الماضية ، فظهرت آراءه على مطبوعات : التايمز، واشنطن بوست، وول سترييت جورنال ، فوربس ، نيوز وييك ، نيويورك تايمز ، ناشيونال جيوغرافيك. وعلى تلفزيون : CNN ، و PBS ، و BBC ، و الحرة و غيرها .
و الدكتور سامي عنقاوي يصنفه البعض على أنه من دعاة الاصلاح المدني والوطني ، و هو من أشد المطالبين بالتنوع ، و يقيم في دارته بجدة ندوة ثقافية أسبوعية للشباب ، يحضرها لفيف من المثقفين والشباب ذوي الثقافة الحجازية ، و كان أحد أشهر نشاطاتها ، اقامة حفل موسيقي للسلام والتلاقح الانساني جمع بين فرقة جاز و بوب أمريكية قادمة من واشنطن ، و بين فرقة للفنون والمقامات الحجازية التقليدية، عُرفت باسم ( الجاز والحجاز ) ( انظر :جريدة الشرق الأوسط : عدد 9963 بتاريخ 9 صفر 1427 ) .
الرقص في دار المكية على أنغام ( الجاز والحجاز ) ؟!
* زيارة د.عنقاوي للرافضة :
من أكبر المستفيدين من توجهات د. عنقاوي الآثارية الرافضة الاثني عشرية ، فقد استضافوه في منتدى الثلاثاء بالقطيف ( منزل جعفر الشايب ) بتاريخ 26/11/1426 ، ليحاضر عن (المعالم والآثار الإسلامية في الحرمين الشريفين ) . و قد نشرت ( شبكة راصد الاخبارية : وثيقة الصلة بمنتدى جعفر الشايب ) : ( بانر دعائي ) على صفحتها الرئيسية تقول فيه ( خزي البلاط السعودي : ظلال قاتمة على آثار مكة المكرمة ) بعد نشر تقرير عن الآثار في صحيفة الاندبندنت ، تم الاستشهاد فيه بكلام و تصريحات د. سامي عنقاوي !

د.سامي عنقاوي يستعرض في منتدى الشايب -القطيف
سامي عنقاوي مع حسن الصفار في القطيف
و جعفر الشايب المذكور ، كان مشرفاً على " اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في الخليج والجزيرة العربية » ، التي أصدرت مجلة "Arabia moniter" الناطقة باللغة الانجليزية، والتي يتم كتابة التقارير المُشبعة بالتضخيم والمبالغة والافتراء ضد المملكة العربية السعودية .
المهندس جعفر الشايب
و كان من أبرز العاملين معه في هذه اللجنة : «توفيق السيف» – الأمين العام للحركة الإصلاحية الشيعية – و حسن الصفّار- المؤسّس والمنظّر والمُرشد للحركة –و حمزة الحسن – رئيس تحرير مجلة «الجزيرة العربية» و مشرف موقع ( قضايا الخليج ) ، و ميرزا الخويلدي – المسؤول عن دار الصفا للنشر – ، و زكي عبدالله الميلاد – ( ولد سنة 1385هـ بالقطيف ) الكاتب الصحفي المعروف بعكاظ – و هو ممن يعمل على المستوى الثقافي والحضاري ، وغيرهم.
زكي الميلاد
* طريقة عرض عنقاوي لشرائحه و صوره :
يقول أحد الكتاب الغربيين ( جون برادلي ) ما نصه :" في أمسية رطبة من أمسيات شهر رمضان الماضي، وفي حديقة مخضرة من فله تعود ملكيتها لعائلة أحد التجار القدماء في جدة، حدث أمر لم يكن معهوداً من قبل. مجموعة مختارة من الرجال والنساء السعوديين شربوا عصير البرتقال واستمتعوا، واستمعوا إلى محاضرة هاجمت النمط الصارم من الإسلام والمعروف بالوهابية ) .
ثم يقول ( .. و من خلال عرضه لشرائح مصورة تحدث العنقاوي عن تفتيت الوهابيين للثقافة الحضرية التاريخية لأهل الحجاز من التسامح والتنوع. وعند عرض شريحة ظهر فيها منزل النبي (صلى الله عليه وسلم) في حالة متقدمة من القِدَم . و حيث الحجارة قد تحولت إلى رماد تحت عجلات ضخمة لبلدوزر أصفر. و أبرز ما تم عرضه هو أحد المباني العثمانية الجميلة القديمة في المدينة، والتي تم تحطيم سقفه مؤخراً بواسطة ذراع آلة رافعة.
و بعد ذلك ، وعلى يسار الشريحة ظهرت صورة تمثال بوذا يتعرض للتحطيم بواسطة جماعة طالبان . و أخيراً ظهرت صورة مركز التجارة العالمي ببطء في الشاشة بين الصورتين السابقين ، و هو يحترق.
إن رسالة السيد/ عنقاوي كانت واضحة ، و هي أن جذور الإرهاب الإسلامي العالمي يمكن نسبته إلى أولئك البدو المتعصبين والمتزمتين المعروفين بالوهابية. " أهـ. (( الكاتب جون برادلي : صحيفة صنداي تايمز 3/21/2004 )) .
و السيد د. سامي محسن عنقاوي هو الذي خرج على الناس في ( قناة الحرة : برنامج المجلس – ( ثقافة الحجاز ) بتاريخ 27/3/2006 ) ، و ردَّ عليه في حينه الدكتورإبراهيم بن فوزان الفوزان في ( صحيفة : الجزيرة الأحد 04 ربيع الأول 1427 هـ 02 ابريل 2006 م العدد 12239 بعنوان ما الدافع لهذه المقابلة يادكتور الهندسة ؟! وهل هذا هو الوفاء منك لمآثر الدولة في الحرمين يادكتور؟!).
و هذا الاهتمام الغريب بالآثار و الترويج لدعوى تطاول الدولة و العلماء على بيت الله يثير تساؤلات مهمة و حيوية عن طبيعة و خفايا هذه الدعوى . و لهذا أشار الكاتب الصحفي صالح الشيحي في جريدة الوطن إلى بعض منها فقال : (( الناس باتوا أكثر وعياً.. وأسئلتهم أكثر حدة:
- لمصلحة من، يأتي حديث سامي عنقاوي لمجلة Forbes؟ تلك التي يتهم فيها السعوديون بأنهم يتطاولون على بيت الله؟ ـ نعم نُقدِّر الخبرات العلمية للسيد عنقاوي كونه حاصلاً على الدكتوراه في العمارة وكونه رئيس مركز أبحاث الحج لسنوات طوال..
لا ندخل في النوايا أبداً ، و أنا من أكثر الواقفين ضد محاكمة نوايا الناس.. لكن زهير يقول (من لا يتق الشتم يشتم ) ، أعني أن هناك من قد يتّهم السيد عنقاوي بأنه يستخدم المقدسات الإسلامية وسيلة لاستعادة وهج الشهرة الذي بدأ يخبو..
ـ نقدّر للسيد سامي عنقاوي ذكاءه لكننا نطالبه بأن يقدّر ذكاءنا أيضاً! ) . ( جريدة الوطن 19محرم 1427 ) .
كما أن مقابلات سامي عنقاوي في عدد من القنوات الفضائية أثارت التساؤلات بقوة حول طبيعة الاهتمام بالآثار عند هؤلاء الحجازيين ..و هل وراء ذلك مشروع و أجندة خفية ؟! و ما معنى ( التركيز على موضوع ثقافة الحجاز في قناة الحرة ) .. ؟! و لهذا قال أحد من حاوره (أحمد عدنان ) : (عذراً ، ولكن الذين شاهدوا لقاءاتك الأخيرة على إحدى القنوات الأمريكية، خاصة مع ارتدائك للزي الحجازي وحديثك عن الحجاز، أعطى انطباعا بأنك معادي للوحدة الوطنية وداعية انفصالي؟). و أجاب السيد عنقاوي بقوله : ( - هذه تهمة مردود عليها من عدة أوجه :
أولاً : إصدار الحكم بناء على حلقتين أو ثلاث بثتهاcnn غير موضوعي وغير منطقي، قبل أحداث سبتمبر وبعدها وأنا أتحدث لوسائل الإعلام الداخلية والخارجية، وفي حديثي معك قبل قليل، أكدت على أن الوحدة الوطنية من ثوابتنا، وفي صالوني (المكية) الذي ينعقد كل ثلاثاء لمناقشة مسألة فكرية، والتي زارها أكثر من مسؤول وأكثر من مفكر، كانت الوحدة الوطنية من الأسس التي لا نمسها ولا نقترب منها إلا بالاحترام والتمسك.
ثانياً : بعض وسائل الإعلام الغربية لا تتعامل بمهنية وحيادية مع الضيف، وبالتالي يظهر بصورة لا توضح مقصده أو تشرح أفكاره.
ثالثاً: وهو الأهم ، يخبرنا عز وجل في كتابه الكريم، أنه لم يخلقنا أمة واحدة، بل خلقنا مختلفين، وهذا يجرنا للحدث عن ثنائية التوحيد والتنوع، هل هناك تعارض؟ الإجابة لا، فالتنوع يثري الوحدة، والوحدة تنظم التنوع، وكلاهما يعضد الآخر ويضمن ديمومته، الحضارة الإسلامية جمعت المسلمين تحت راية دين واحد ولواء حاكم واحد، ومع هذا لم تطمس الثقافات المحلية للشعوب، بل فاعلت بينها وبين بعض، فكانت خاصية مميزة لحضارة متميزة، الذي يعتقد أن ارتدائي للزي الحجازي وحديثي عن العمارة الحجازية واعتزازي بانتمائي لمكة دعوة انفصالية، فقد جانب الصواب، بل الذي يريد محاربة التعددية وإلغاءها وجبر الناس على نسخة واحدة، نسخته هو، حينها هو المتهم بالعنصرية وعليه الدفاع عن نفسه، فأنا مكي حجازي سعودي مسلم إنسان، لا تناقض بين كل ما سبق، ليكن النجدي نجديا والحجازي حجازيا والشيعي شيعيا والوهابي وهابيا، لا يهم ما دمنا ننتمي إلى وطن واحد ودين واحد، أي قواسم مشتركة بيننا، وأحب أن أنتهي في هذه النقطة بأن تعريفي للحجازية ليس محصورا بالمكان فقط، بل بالفكرة أيضا، فكرة الإيمان بالتعددية. ) . أهـ.( المصدر : موقع إيلاف . انظر : www.elaph.com/Interview/2004/12/30867.htm ) .
و قد وصف الدكتور منيع عبدالحليم محمود طبيعة دعوة سامي عنقاوي و تحدث عن مقابلاته الفضائية ، فقال ( … أن أهل الحجاز لا يجدون من يقومون مقامهم فى رعاية الأماكن المقدسة على الصورة الكافية، ولعل التأكيد على هذا المعنى يكون من الملك عبد الله الثانى بتبنى هذه الدعوة لتجعلها دعوة مقبولة، وهى دعوة يقوم بها حالياً الدكتور مهندس سامى عنقاوى ومعه مجموعة كبيرة من الأوروبيين والفرنسيين بصفة خاصة، ولكنه يتحدث دائماً مغلفاً بالخوف ، وهو كان قبل ذلك مديراً لمركز بحوث ودراسات الحج فى جامعة الملك عبد العزيز، وآخر حديث له فى هذا الامر كان فى إحدى القنوات الفضائية فبث هذه الدعوة لرعاية الأماكن المقدسة وإعادة تحديد الأماكن المأثورة عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى هذه الأماكن المقدسة، ولكنه كان فى نفس الوقت يحاول أن يتحفظ فى كلامه حتى لا يقع تحت طائلة العقاب لأنه سعودى الجنسية، نحن الآن فى عصر لم تعد هناك موانع من وسائل الاتصال، مواقع الانترنت موجودة، الجمعيات الأهلية موجودة، كل ما يمكن إيصاله وإبلاغه لتكوين رأى عام عالمى لهذا الأمر يمكن أن يوجد بسهولة ويسر …) أهـ. ( حوار مع الدكتور منيع عبدالحليم محمود حول ضرورة تدويل المقدسات : أجراه مركز المقدسات ، و نشره موقع صحيفة المثقف ) .
و اللافت للنظر ، أن الكاتب علي أبو الخير فسَّرَ كلام مي يماني بقريب من تفسير د. سامي عنقاوي حيث يقول عنها : (( .. فهي لا تدعو لفصل الحجاز عن الدولة السعودية كما يتخيل القاريء ، و لا هي تود إشعال فتيل تمزيق الدولة أو مساندة المشروع الأمريكي الداعي لتقسيم الدول الإسلامية على أسس عرقية أو مذهبية أو إثنية على غرار ما حدث للإتحاد السوفيتي أو دول البلقان ؛ و لكن ما نرى أن مي تريده هو تأصيل خصوصية الحجاز المتسامح ، و رفع القمع الوهابي للمسلمين المخالفين في المذهب والفكر )) بل ذهب علي أبو الخير للقول (( وهي نفس الرؤية التي يعكف عليها مركز المقدسات وما هدفت إليه أبحاثنا )) . أهـ .؟!! (( المصدر : مقال : أشراف الحجاز خصوصية التاريخ و المكان 1 . موقع صحيفة المثقف السنة الثانية العدد 398 تاريخ 14/7/2007 )) .
و هذه تقية السياسيين كما هو حال الرافضة في تقيتهم المشهورة . و سيأتي الحديث عن ذلك في خاتمة هذا التقرير .
* مجلس المكية بجدة .. و البيت الأبيض بواشنطن !
لما أرسل الرئيس الأمريكي بوش موفدته إلى الشرق الأوسط كارين هيوز ، أتت جدة لتحسين صورة أمريكا ، و كان موعد اللقاء في دارة المكية عند الدكتور سامي عنقاوي ، و لنستمع لشهادة أحد حضور هذا اللقاء المحموم :" … للأمانة, كان استقبل الدكتور سامي لشخصي لطيفاً وعفوياً وكريماً. صلينا العشاء سوياً وصلت خلفنا الملحق الثقافي الأمريكي وهي أخت أمريكية مسلمة محجبة حجاب محترم جداً جداً. ثم دخلنا في نقاش حول ما سوف يتم تداوله في الاجتماع. لم اتفق كثيراً مع أطروحاتهم الانهزامية الاعتذارية المخجلة أمام سفيرة بوش ! فاستأذنت الكلام وطرحت بعضاً مما أرى وبدأ النقاش بيني وبين الدكتور عنقاوي ، و كان نقاش مثير ومحترم .
مع مرور الوقت , إذا بأعداد الحضور تتزايد … اتضح لي بأن عددنا لن يكون 15 بل سيكون أكثر من ذلك بكثير، لم أبال كثيراً , حيث أنني أتيت هنا لإيصال رسالتي ، لكن المشكلة لم تكن في تزايد أعداد حضور الرجال , و لكن النساء , النساء , النساء . للأسف الشديد كانت الملحق الثقافي الأمريكي الأخت المسلمة أكثر تمسكاً منهم – كذا – في الحجاب . لا أبالي إن كان حجاب الأخوات هو حجاب كشف الوجه ، لأن له رأي شرعي معتبر رغم أنني لا آخذ به ، و لكن الذي حصل هو أن الجلسة تحولت لقاعة أفراح…!
الحضور النسائي كان فوق الخمسة عشر ونسبة 99% منهن أتين وكأنهن ذاهبات لزواج. العطور, المكياج , الشعور , و غيرها من المهازل . أما الرجال فكلهم من الأسماء المعروفة من التيار الصوفي والتيار الليبرالي بدأً من عبدالله الشريف ] هو : عبدالله بن فراج العوني العبدلي الشريف ، الصوفي الحجازي ، و الكاتب الصحفي المعروف [ ، وانتهاءً بالكاتب أنمار حامد مطاوع. كل هذه الليلة كوم , و هند الخثيلة كوم ثاني . سمعت عن مشاركة هذه المرأة في الحوار الوطني من قبل , و سمعت عن تحررها . و لكن لم أكن أتوقع بأنها على هذه الدرجة من الدنائة حيث أتت هذه الكهلة -العجوز- مبرزةً مفاتنها بشكل مقزز.
لم أستطع البقاء وأحسست بأن هذا الحضور لا يمكن أن يكونون يمثلون المجتمع السعودي . و إذا كانت هذه أشكالهم , فكيف سيكون كلامهم ؟ استأذنت صديقي وقلت له بأنني أنوي الانسحاب لأنني لا أعتقد بأنني استطيع توصيل رسالتي في جو مثل هذا حيث التناقض الشديد...وعند محاولة خروجي, وجدت الدكتور سامي عنقاوي والدكتور صادق المالكي ، و حاولا بأدب ثنيي عن الخروج ، و لكني أصريت على موقفي وشرحت لهما رأيي بكل صراحة ... للأمانة فإن الدكتور صادق صارحني بأن الوضع ليس كما خطط له .. قلت له بأنني متأكد بأن هذا الوضع لا تقره الصوفية المعتدلة التي نسمع عنها...!
عند ركوبي السيارة , فإذا بحبيبي الدكتور سعود المختار يصل... سلمت عليه ، و شرحت له طبيعة الوضع ، فقال لي بأنني ربما أبالغ... فقلت له سأنتظر ردك.. صعد الدكتور للأعلى وخرج في أقل من دقيقة ساخطاً.. ضحكت كثيراً وركب معي السيارة ثم اتجهنا لمنزل الأخ الكريم وليد البسام حيث حضرنا للدكتور طارق فدعق عرض رائع جداً عن عمران القدس ، حيث تكلم عن القدس من الناحية العمرانية والتخطيطية والتاريخية ، كانت محاضرة مذهلة بسبب كم المعلومات الجديد علي حول القدس... )) أهـ. المصدر ( فرحان : http://www.daralasr.com/blog/?p=193 ))
و المطلوب لخدمة ( القدر المشترك ) حالياً كما يقول د. سامي عنقاوي ( ...المطلوب هو فصل المذهب عن الدولة ، إن كان هذا مطلوبا في مرحلة التأسيس فليس مطلوبا في مرحلة البناء ، لأن الحاكم يجب أن يكون حياديا كي يحكم بين الأطراف المختلفة، لا أن ينزل إلى مستوى الخصم وهو الحكم... ) أهـ . ( مقابلته مع إيلاف : مصدر سابق )
إنّ الاستغلال السياسي للتوجه الصوفي التقليدي و أعيان و وجهاء الحجاز حاضر في ثنايا و تفاصيل المشروع الانفصالي ، و لهذا وجد في موقع دولة الحجاز رابط لـ( التصوف الاسلامي ) ، كما تستدل تلك المواقع بمواقف وكلام أولئك الأعيان و الوجهاء .
و للإنصاف والعدل ، فإن المشروع الإنفصالي التخريبي قد جنى على أدعياء الخصوصية الحجازية ، و على التصوف الحجازي ، و على أشراف الحجاز ، و غيرهم . و بعيداً عن تفسير النوايا و الخوض فيها ، كما قال الصحفي صالح الشيحي ، إلا أن الأسئلة تظل مفتوحة بدون جواب ، و إذا كان هؤلاء أذكياء بما فيه الكفاية ، فإن العبرة ليست بالذكاء و التترس خلف مجاز و تقية الألفاظ ، بل العبرة بمعاني الألفاظ وحقائق الأمور ، و هذا ما يتميز بكشفه الأذكياء الآخرون . قال سبحانه و تعالى ( أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم . و لو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ، و لتعرفنهم في لحن القول ، والله يعلم أعمالكم ) ..!
*******
خاتمة
1
و بعد ، فتلك الجولة في كشف أبعاد شبكة العلاقات الحاصلة بين مختلف التيارات المتعلقة بالحجاز بجوانبها الدينية والثقافية والسياسية ليست أدلة اتهام لكل الطوائف و الأسماء المذكورة بقدر ما هي إثارة لموضوع حيوي و مُلِح ، و يهم كل أفراد المجتمع بما فيها تلك الشخصيات و التوجهات كافة .
و لا ينبغي أن تظل هذه العلاقات تدور بين طوائف وفئات لا يدري أحدٌ إلى أين يقودون المجتمع ؟! كما أنها لا يصح أن تظل رهينة رفوف أو عقول أفراد بل الواجب أن توظف طاقات الأمة و المجتمع كافة علماً وعملاً لدحر تلك المخططات و إفشالها لما في ذلك من مصلحة ظاهرة للاسلام والمسلمين .
و قد ظهر من طيات التقرير أن القدر المشترك في الجانب الإجرائي والتنفيذي بين كافة التيارات يكون بالتهيئة لفصل " المذهب عن الدولة " ، فالصوفية و الرافضة في وجهها المذهبي الاثني عشري داخلياً تصعد الأمر و تضغط على الدولة لتترك مذهب الوهابية كما تدعي ، و التيار الليبرالي والمتأثر بهم من دعاة الهوية الحجازية و الرافضة في وجهها السياسي يطالب كذلك برفع المذهبية والطائفية كافة عن مؤسسات الدولة ، و تصبح دولة المجتمع المدني و مؤسسات القانون الوضعي ، و الوطن الواحد الذي لا يفرق بين أحد لدين أو اعتقاد . و بعض غلاة هؤلاء كالدكتور فؤاد إبراهيم الشيعي يرى أن ( الدولة الأم لم تولد بعد لأنها تعني التنوع المذهبي والاجتماعي والمناطقي وتعني الاندماج الوطني... ) ، كما يرى في كتابه ( الشيعة في السعودية ) : أن ميل الدولة السعودية إلى توصيف ذاتها عقدياً يعزز الانقسام .
و هذا القدر المشترك في جانبه العملي هو تهديد و إرهاب للوطن و للدولة ، سواء من الداخل أو الخارج ، و هو بشقيه يعود إلى حقيقة القول بالانفصال و التقسيم و الخروج من الوحدة . و لهذا لا يقبل التوجه الرافضي بوجهيه الكالحين ( الخارجي والداخلي ) أي ثناء أو تمجيد لمن شارك أو نظَّرَ أو ألَّفَ في عملية توحيد البلاد . و لهذا لما كتب الاعلامي الرافضي محمد رضا نصر الله عن رحيل المستشار التويجري في شبكة راصد الاخبارية ، تهكم به إخوانه من الرافضة في تلك الشبكة ، و غمزوا فيه ، مع أن عامة كلامه يدور في فلك التقية الشيعية المعروفة .
و من جهة الواقع ، فإن المملكة العربية السعودية لم تقل يوماً ما أنها تحكم بالمذهب الوهابي بل حتى المذهب الحنبلي تمَّ تجاوزه في قضايا كثيرة ، و لهذا لما ورد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحرية الدينية في المملكة القول ( إن الحكومة السعودية تفرض مذهباً سنياً متزمتاً، وتتحيز ضد المذاهب الإسلامية الأخرى ) ، ردَّ عليهم صاحب الفضيلة و المعالي الشيخ صالح الحصين الرئيس العام لرئاسة الحرمين الشريفين ، و أجاب عنه . ( مقال : الحرية الديينة في المملكة العربية السعودية : منشور بموقع العصر بتاريخ 5/8/2007 ) .
إن حقيقة الأصل الذي تلتقي حوله مختلف تلك التيارات هو ضرب الأساس الذي قامت عليه الدولة ، و هو التحالف الاستراتيجي القديم بين الإمام محمد بن عبدالوهاب و الإمام محمد بن سعود رحمهما الله تعالى ، و هو ما يعني ضرب وحدة و مشروعية البلاد .
و قد قرَّرَ هذا الأمر و أكده أبرز الكتاب و المنظرين لـ( شرعنة الانفصال ) من تلك التيارات كالدكتور خالد الرشيد و حمزة الحسن و فؤاد إبراهيم و غيرهم .
2
إن واجب العلماء و طلبة العلم و الدعاة من أكبر الواجبات في مثل هذه الأحوال . و لم يعد ممكناً ولا مؤثراً أن تظل الجهود فردية أو شبه فردية في مواجهة مثل هذا النوع من الأعمال ، فإننا نقف أمام تيار يعمل على مستوى دول و حكومات ، و تخدمه مؤسسات و لجان متخصصة ، و هو منظم و مرتب و يملك أبعاداً استراتيجية واضحة على المدى القريب و البعيد ، و يمشي على ضوء هذه الاستراتيجية . فأنت تجد التنظيم على مستوى الأفكار و الطرح و التأثير ، كما تجد التنظيم في عمل الأفراد والملالي والشيوخ و الجدال عن صحة المذهب الاثني عشري و نفي التهم عنه ، كما أنهم يقومون بتبادل الأدوار ، سواء في الداخل أو الخارج . و أما التنظيم على المستوى العسكري ، فخير شاهد عليه ما فعله حزب الله الشيعي بإسرائيل ، و قريباً سمعنا تصريح قنصل إيران في الامارات السابق المنشق عادل الأسدي في قناة العربية عندما أشار إلى وجود ( خلايا إيرانية نائمة في الخليج، حيث تدرب إيران مواطنين من دول خليجية معظمهم من الشيعة ، و تتصل بهم ليأتوا إلى إيران ويخضعوا لتدريب عسكري وأمني ، ثم بعد ذلك يرجعون إلى بلدانهم في وضع جاهز لتنفيذ ما تأمرهم به إيران ) . و قال إنهم ( لا يدخلون إيران بجوازاتهم وإنما يحمل كل شخص ورقة خاصة يدخل بها إيران دون أن يظهر أنه قد ذهب إلى إيران، وهذا الأسلوب لدينا في وزارة الخارجية الإيرانية، حيث يذهب شخص مثلا لبلد ثالث مثل بريطانيا ومن هناك السفارة الإيرانية تعطيه ورقه خاصة بموجبها يذهب إلى إيران وعندما يرجع لبلده لا يظهر أنه كان في إيران." و تحدث عن كيفية تهريب الأسلحة لدول الخليج ( قناة العربية : بتاريخ الخميس 25 صفر 1428هـ - 15 مارس2007م ) .
و هذا يلزم نخبة الأمة من العلماء والدعاة أن يتنبهوا لهذا الخطر الماحق الذي يقترب شيئاً فشيئاً لتنفيذ مخططاته و رؤاه . و الأمة تستطيع أن تخرج عشرات الأفكار و المشاريع و البرامج لمواجهة هذا الغزو العقدي و الفكري في مسالكه و مساربه المتنوعة سواء في داخل البلاد أو خارجها . و قد ظهرت بوادر جهود مشكورة ، و أعمال و مشاريع صادقة ، تذب عن حياض الأمة و تدفع البلاء عن البلاد و العباد ، و هي جهود مخلصة لثلة مباركة من المشايخ و طلبة العلم و الدعاة ، و لكنها تشق طريقها في عالم مضطرب ، و فوضى سآئدة في عالم الأفكار ، نسأل الله أن ينمي هذه المشاريع و أن يحفظها و أن يهيء لها الجهات الداعمة و المساندة .
3
إن نظرة أئمة الرافضة و ملاليهم لأهل الحجاز تفوح بالحقد والكراهية إلى حد بعيد . فهذا الخميني يقول ( أنا أزعم بجرأة أن الشعب الايراني بجماهيره المليونية في العصر الراهن أفضل بكثير من أهل الحجاز في عصر الرسول صلى الله عليه و آله ...)( انظر : الوصية السياسية ص 23 ) .
فإذا كان هذا قولهم في أهل الحجاز في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم و صحابته الكرام فماذا سيقول هؤلاء في الحجازيين اليوم ؟! هل سيكون أهل الحجاز بكافة أطيافهم وألوانهم اليوم خيراً من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين يفضل عليهم الخميني جيل ثورته في إيران الفارسية ؟!
و لقد رأينا في تاريخ إيران الصفوية ماذا صنع المجلسي مؤلف " بحار الأنوار" و المقرب من السلطان الصفوي ، و تلامذته من التنكيل برجال الصوفية و اضطهادهم و تشريدهم في الأرض ؟! و كم من أسرة حجازية معروفة اليوم ترك أصولها و أجدادها بلاد العجم لأجل الاضطهاد الذي مارسه عليهم الرافضة الصفوية في قرون خلت ! و هذا العلامة النهروالي الحنفي ترك بلاد العجم و استقر بشيراز بسبب انتشار الرفض ، ثم ارتحل منها بأهله و أولاده إلى مكة بقصد الانقطاع !
توجد أمور تحتاج إلى تفسير من صوفية الحجاز و إزالة اللبس حولها ... فإنهم يصافحون الرافضة في العلن و يتبادلون الزيارات معهم ثم يتحدث بعضهم في مجالسه الخاصة السرية عن الرافضة الاثني عشرية و أنهم أعداء سيدنا أبي بكر وعمر ؟! عندما يُقدّم بعض الصوفية المرموقين و الوجوه الحجازية المألوفة كالدكتور محمد عبده يماني لكتاب الرافضي حسن الصفار ، فماذا يعني هذا ؟ و عندما يهون أحمد زكي يماني من خطر التشيع في مصر و من خطر إيران كما في محاضرته الأخيرة في جامعة القاهرة بعنوان «قراءة في المحطات الاستراتيجية للحالة العربية " ...فماذا يعني هذا ؟! هل أصبحت التقية و النفاق علانية و الصدق و الايمان سريرة ؟! أعيان و صوفية الحجاز يمارسون التقية على من ؟ و لمصلحة من ؟ و ما الداعي لهذا كله ؟ ما هو الثمن ؟ و ما هو المثمن ؟
هل يريد الصوفية التأكيد على وجود العلاقة بين التصوف والتشيع في ظل هذه الظروف الحساسة .. ؟ و هي العلاقة التي لا تحتاج إلى إثبات أو تأكيد على المستوى العقدي ..! أم يريدون إثبات روح التسامح و قبولهم بالتنوع الذي دعت إليه مي يماني في الهوية الحجازية ؟! أم يريدون مظاهرة أهل التشيع لكبح جماح الدعوة السلفية التي تعد العدو الأول للشيعة و الصوفية ؟!
و مع هذا كله ، فسيظل أهل السنة والجماعة ينظرون إلى صوفية الحجاز بنظرة معتدلة و مختلفة ... و لا يضعونهم في سلة واحدة ، و ليس أهل السنة ممن يعامل خصمه بنفس أسلوبه ، بل يرحمون و يعدلون ، لأنهم يُحَكِّمون الكتاب والسنة في مواقفهم و أعمالهم ، و يعرفون الرجال بالحق و لا يعرفون الحق بالرجال ، و لا يتعصبون لإقليم أو لإمام متبوع ... و لازال في صوفية الحجاز التقليديين و بيوت أعيانهم و وجهائهم معادن صدق ، و رجال عقلاء ، يدركون خطر الاقتراب من المد الشيعي الصفوي الايراني المعاصر .
إنَّ جميع من يضع هؤلاء أيديهم في أيديهم هم رجال إيران في المنطقة ، كحسن الصفار و جعفر الشايب و حمزة الحسن و د. فؤاد إبراهيم .... و حتى إحسان أبو حليقة الاقتصادي المعروف و عضو مجلس الشورى السعودي ، يخرج بياناً وزعه على وكالات الأنباء في مساندة السيستاني في العراق ، لمَّا حاولت بعض القوى الشيعية أن تعارضه أو تهمشه و تطرده من العراق ؟! و هو الأمر الذي أثار التساؤلات عند أقطاب الوسط الليبرالي السعودي ، فإن المتبادر إلى أذهانهم كونه ليبرالياً ، لكنه بعمله هذه أثار التساؤلات عندهم : عن وطنية الشيعة و ليبراليتهم ؟! كما أنه كشف عن ارتباطهم بالمخطط الصفوي الإيراني في المنطقة و بعدهم عن الشيعة العراقيين ؟! ( انظر : مقال أبوحليقة.. بين الولاء للوطن والولاء للمرجعية الشيعية في العراق ، لمحمد عبدالله ناب ، منشور بموقع إيلاف ، و راصد الاخبارية ) ..! و قد ردَّ عليه كتاب الشيعة في تلك الشبكة الاخبارية !
و حتى يظهر في الشيعة السعوديين وطنيون مخلصون ليست لهم ارتباطات خارجية أو ولاءات إيرانية ، حينذاك يمكن أن يفتح ملف ( الوطنية ) معهم ، فإن لم يظهر أحد – كما هو الحال الآن – ، فلا داعي إذن لمد الأيدي و الجسور مع أمثال هؤلاء الانفصاليين ، الذين يحضرون لساعة الصفر ، و يستفيدون بكل جرأة من ظروف و أحوال الحادي عشر من سبتمبر !
و أما دعوى الخصوصية و ثقافة الحجاز، فأين أهل الحجاز و الأمة عن هذه الدعوى طوال تاريخها الاسلامي ؟ لم نسمع بها تتردد إلا وقت القول بالتقسيم و الانفصال ، و هي بدون شك أداة من أدوات دعاة التقسيم و الانفصال الذين ينادون بتأكيد الخصوصيات الذاتية لكل المناطق . و قد عبَّرَ د. خالد الرشيد عن دعوى الخصوصية الذاتية و أنها من وسائل التهيئة للانفصال بكلام صحيح حيث فقال : ( إنّ الإلتصاق بتأكيد الخصوصيات الذاتية وتأييدها وتبجيلها والدعوة إليها، لا يستهدف مجرد الإحتماء من جور النظام السياسي، وإنمّا يتمّ اليوم توظيفها في الصراع السياسي ليصار في مرحلة لاحقة الى تأطير الوضع المحلي كقوة سياسيّة تتجه نحو الإنفصال. و مما يجعل الإتجاه نحو تأكيد الذات خطراً في هذه المرحلة، هو أن الظروف الدولية والداخـلـيّة تشجّع دعاة الإنفصال في دعوتهم ودعاواهم ..) ( انظر : مقال إشكاليات الوحدة والإنفصال في المملكة العربية السعودية (1) منشور بموقع قضايا الخليج : www.gulfissues.net ).
و قال أيضاً في مقال ( شرعنة الانفصال ) عن النخب أنها ( .. تخجل أحياناً من أن توصم بالإنفصالية، وتحسب خطواتها في هذا الإتجاه بحرص بالغ، كما يفعل أي سياسي حريص على ألاّ يدفع ثمناً يعلم أن المشاعر العامّة تميل إليه، وكأن تلك النخب تتمنّى أن يقوم غيرها بالجهد والإعلان عن خطاب إنفصالي شديد اللهجة لتستفيد هي منه في ضغوطها المطلبية على الحكم، وإذا لم يحدث ذلك فإن مقولتها المكرورة تقول: (لم آمر بها ولم تسؤني). أي لم آمر بالإنفصال، ولن يسوءني إن حدث! ) . ( مقال : شرعنة الانفصال .. منشور بموقع شؤون سعودية ) .
و من يغلو في طرح الخصوصية الحجازية و ثقافة الحجاز و يريد اختطافها لمفاهيمه الخاصة ، كالشريف السيد الدكتور سامي عنقاوي و غيره ، إذا أراد أن يستمع إليه الآخرون فليترك النعرة و العصبية الجاهلية ، فإن الزمان قد تجاوزها . و إنّ من يتهمهم بأنهم يحملون العصبية النجدية أو الوهابية – كما يدعون – فإنهم سيردون : بأنكم ترفعون شعار العصبية الحجازية و القول بثقافة الحجاز .. فما الفرق بيننا وبينكم كما تدعون ؟!
و نحن من أشراف الحجاز وسادته و من طلاب العلم و الدعاة ، نقول : إنَّ هوية الحجاز و ثقافته قد وحدت المسلمين بشعار ( أهل القبلة ) في كافة العالم ، كما أن ثقافة مكة فرضت قيوميتها على القلوب و الأبدان ليس في ردهات الحرم و الطواف ومنى وعرفات فحسب ، بل في العالم كله . فلمكة أسرارٌ شرعية ربانية تقهر و تزيل كل ما يعارض كلمة التوحيد . و كم من عامي جاهل جاء إليها ، فحج و اعتمر ، و صلى في حرمها فتجدد ركن الاخلاص في قلبه و اهتزت جوارحه بمتابعة السنن الثابتة و اتباع الهدي النبوي المحكم ، فأورثه ذلك صحة الايمان و قوة الدين . بل كم من مبتدع جاء إلى مكة فاستنار قلبه بآثار التوحيد و الايمان ، و قَلَّ ضرره و شرره ، و قهرته بأسرارها الشرعية و قيوميتها على القلوب ...!
إنَّ للحجاز رسالة دينية نافذة على القلوب و الأبدان والأخلاق ، و إنَّ محاولة طمسها أو تحريفها إلى أسماء ومصطلحات حادثة أو للاهتمام بعمارة آخر العهد العثماني أو عهد الأشراف مثلاً ، لهو جناية بالغة و تخريب و طمس للرسالة الشرعية للحرمين . و الأشراف في عهدهم كانوا يهدمون و يبنون و يشيدون القصور والبيوت و ما اعترض عليهم أحد لا من الأشراف و لا من غيرهم . فإنْ كان المقصود الاهتمام بالآثار كعلم دنيوي يدرس و يبحث فيه ، فيقال : إذن لا نكذب على رسالة مكة الدينية الشرعية في الأمة لنجعلها دنيوية محضة ، متحللة من الأوامر و النواهي الشرعية ، و نظل نقتات بين الميل بين مشروعين منفصلين ، هما : المشروع الصفوي الإيراني و مشروع ( النادي الأمريكاني ) !!
و ما وراء ذلك ، فليحدد دعاة هوية و ثقافة الحجاز مسائل البحث والحوار ، سواء أكانت قضايا الآثار أم التطرف و التشدد الوهابي المدعى أم الارهاب أم دعوى الظلم الاجتماعي أم عدم حيازة المناصب أم عدم استطاعتهم إبداء الآراء أم غيرها من المسائل بدلاً من أن تخلط الأوراق و يترك الخصم في حاجة إلى فرز و تصنيف الأوراق حتى لا يقع في الظلم والعدوان ؟!
و إذا كانت المسألة مجرد إعلان لحب الحجاز و تتيم به ، فلا يوجد مسلم على وجه الأرض بحمد الله إلا و يحب الحجاز ، بل قد يكون من الناس من هو أبعد الناس مسكناً عن الحجاز ، وهو أكثر ثواباً و أجراً لحبه و إخلاصه و قيامه بآثار الحجاز المعنوية في بلاده . و ليس لأهل الحجاز مزيد خصوصية بذلك إلا من جهة حب الأوطان و التشريف بالنسبة للمكان ، و هو تفضيل كوني قدري ، يثاب المرء فيه على قدر اتباعه للشرع لا بمعارضته .
إنَّ حب الحجاز خارج عن قضية الاقليمية لأنها شعيرة ربانية ، فإن اجتمع في الانسان حب الحجاز لأنه وطنه و مكان مولده ، ثم أضاف إلى ذلك حب الإسلام لرمزية الحجاز المعنوية ، فهناك يتأكد ذلك الحب و يزداد الولاء . و ليس حبُّ الحجاز بمجرد التباكي على آثاره المادية المدَّعَاة ، التي لا يعلم مقدار ثبوتها أو صحتها أحدٌ ، بل يجب التباكي أيضاً على آثاره المعنوية الصحيحة الباقية التي لا تزول و لا تحول ( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس والشهر الحرام و الهدي والقلائد .. ) ، وقال تعالى ( فيه آيات بينات مقام إبراهيم و من دخله كان آمناً ) ، و قال تعالى ( أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً و يتخطف الناس من حولهم ) .
إنَّ محاولة هذا التيار الخلط بين مسائل عامة منفصلة عن بعضها البعض ، و العزف على حب الأوطان ، و التغني باسم الحجاز ، مما يهز صورة أصحاب فكرة هوية الحجاز ، لأنهم يكشفون و تتجرد معانيهم التي يدعون إليها و تصبح عارية أمام الجمهور ، و حينذاك يدرك أضعف الحجازيين عقلاً : مقدار الابتزاز و الانتهازية التي تحمل هؤلاء للتسول من أي جهة ترفع صوت المعارضة للبلاد و مجتمعها المسلم السني ، و يكتشف القاريء العادي في نهاية المطاف أن هؤلاء انتهازيون و متاجرون باسم الحجاز ، و كم يؤسفنا حين يكون هذا قدرهم في الحياة الذي عاشوا لأجله ، والذي به يختمون حياتهم و تاريخهم الوطني ... !
و بعض أكابر هؤلاء ينقمون على المذهب الحنبلي ، و يريدون فصله عن البلاد ، لكن في نفس الوقت يصرحون بأنهم ( شافعية المذهب مالكية الهوى ) ( انظر كلام صاحب المعالي أحمد زكي يماني في جريدة المدينة ملحق الرسالة بتاريخ 17/5/1427 ) فهل يريدون إخراج الناس من المذهب الحنبلي إلى الشافعي أو المالكي فحسب ؟!!
واجب النصيحة لإخواننا الحجازيين هؤلاء يلزمنا بأن نذكرهم بأن جميع أسلافنا في الحجاز تركوا مقداراً فاصلاً بينهم و بين الرافضة الاثني عشرية ، في باب المذهب النظري فكيف حين يتعدى الأمر إلى الجهة العملية و الدخول في حقيبة المشروع الصفوي الايراني التي يراهن عليها في المنطقة ..!
هذا تاريخ الأشراف بين أيدينا يدل على بعد أهل الحجاز عن سائر المخططات الشيعية ، بل إذا ثبت على أحد في مكة أنه رافضي أو وجد في بيته كتب الرافضة ، فإنه ينفى بعد سجنه و تعزيره ، و هو أمر قديم في تاريخ الأشراف بالحجاز يعود إلى القرن التاسع الهجري و قبله ( انظر : بلوغ القرى لابن فهد 1/132-135) . و هذا من آثار مدرسة الحديث والأثر التي كان يقوم عليها الحفاظ و الأئمة كابن حجر والسخاوي و بني فهد الهاشميين المكيين ، و بقية الأعلام .
و عندما جاء ( الملا نصر الله ؟!!) في القرن الثاني عشر بمنشور مؤتمر الصلح و التقريب الذي عقده نادر شاه في العراق بين السنة والشيعة ، ليعلنه كـ( بلاغ مكة ) !! لم يسمح له شريف مكة الشريف مسعود بن سعيد بذلك بل أرسل بحامله الملا نصر الله إلى الخلافة العثمانية ، فضربت عنقه هناك !
و في عهد الأشراف أيضاً ، اتفقت الرؤية الشرعية والسياسية ، فكان علماء مكة و بتأييد من الأشراف ، قد التقوا بعلماء نجد في المسجد الحرام ، و اتفقوا على أصول الإيمان والتوحيد و الحكم بالشرع ، و أظهر علماء مكة – في ذلك الحين - تقديرهم للمسؤولية و واجبهم أمام الله تعالى و أمام المسلمين ، وأقرهم الشريف غالب بن مساعد أمير مكة على هذا الاجتماع ، و وضع ختمه بالموافقة و الإقرار بصحة هذا الدين العظيم الذي يدعو إليه علمآء نجد ، و هذا أمرٌ مشهور معروف !
و هذه عامة قبائل الحجاز من الأشراف و قبائل العرب الفاضلة الكريمة ( شيوخاً و أفراداً ) ، هم من أهل السنة والجماعة ، و لم نجد لهم أي اتصالات مشبوهة أو مناورات سياسية أو دعوات عصبية إقليمية ، بل هم مع الجماعة ، و يرون أنَّ من شذَّ شذَّ في النار ..
لقد رأينا بعض دعاة ثقافة الحجاز يحتكمون إلى عهد الأشراف إذا أرداوا تمرير بعض أفكارهم و رؤاهم حول التنوع والتسامح ، كما فعلته مي يماني في كتابها السالف الذكر ، عندما حاولت خطف و سرقة هوية الحجاز ، و كأن الناس لا يعرفون تاريخ الأشراف في الحجاز ؟!
و إذا كانت هذه مجرد أمثلة و شواهد تاريخية يوجد ما يعارضها ، فليترك إذن الجميع محاكمات الواقع و تطويع الزمان في شواهد و صور ذهنية تختزل التاريخ في حدث أو تصرف قديم العهد لمصلحة شخصية أو نزق أو مراهقة سياسية ، و لنحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله و سلم و ما أجمع عليه سلف الأمة ، فهذا هو محك الولاء والابتلاء في الاسلام .
4
إنَّ التاريخ شاهد على أن كثيراً من الطرح العقائدي و الفكري المخالف لمنهج أهل السنة والجماعة هو أهم وسيلة للتهيئة للانفصال و الاستقلال . و لو لم يظهر ذلك في جيل ، فإنه ستظهر آثاره فيما بعد ..! هل كان سقوط كثير من أقاليم بني العباس في أوج قوتهم إلا بسبب بدايات عقائدية أو فكرية ؟ بل لقد تعرضت الخلافة نفسها للاضطراب في بغداد وقت فتنة القول بخلق القران ؟ و هل كان هروب كثير من الخوارج إلى الأصقاع النائية و استقلالهم بحكمها إلا لمسببات فكرية وعقائدية ؟
لقد وقع الخليفة العباسي المأمون في فخ كبير ورَّطَ نفسه فيه و ورَّطَ الدولةَ العباسية من بعده لأكثر من أربعة قرون ، حيث مكَّنَ الفرق المبتدعة أن تظهر و أحياها بعد أن كادت أن تموت أو تذوب في تيارات أخرى .
احتاج المأمون العباسي لتأييد سياسته و عقله المعيشي الحاكم أن يقوم بعدد من التنازلات الظاهرية في زعمه ، و كان لذلك أبلغ الأثر فيما بعد ، لقد أعلن صراحة تفضيل علي على أبي بكر رضي الله عنهما ، و عين علي الرضا بن موسى الكاظم ولياً للعهد ، و أعلن ترك السواد شعار بني العباس ، و لبس الخضرة كشعار ( هو لباس الأكاسرة و مجوس فارس ، و هو منسوب للعلوية كشعار ) ؛ و كان ينصب مجالس النظر والجدال و الحوار ، كما رواه الطبري و غيره في كتب التاريخ .
لم تكن فرقة المعتزلة هي الفرقة الوحيدة التي أحياها و استنبتها المأمون بل حتى الرفض أحياه في بلاده ، ثم دارت دورة البدع و تمازج الاعتزال و الرفض ، و تمكنت البدع من جسد الدولة ، و أصبحت كالسرطان الملازم لها إذا عالج طرفاً و سكنه ظهرت أعراض المرض في طرف آخر ... و هكذا كان الشأن ، حتى تم الاستئصال لأطراف غالية و حساسة من خلافة بني العباس ..!
و لم يكن في مقدور الخلفاء العباسيين الذين جاءوا من بعد المأمون إيقاف صولة البدع حتى في عهد المتوكل السني ، فإنه لم يستطع القضاء على البدع بالكلية و قد استشرت في الناس . و لهذا لم يكن كافياً من الناحية الواقعية إخراج محاضر إبطال نسب العبيديين الباطنية في القرن الخامس الهجري ، و إثبات كفرهم و زندقتهم ، فإنَّ الواقع أكبر من مجرد بيان أو محضر ورقي ، قد لا يفهم المراد به كثيرٌ من عامة الناس بل قد يتجادلون حول تفسيره ! نقول هذا الكلام ، و نحن نؤيد ما قامت به هيئة كبار العلماء في البلاد من الرد على دعوة القذافي لإحياء الخلافة الفاطمية العبيدية الباطنية في مثل هذه الظروف و الأحوال . و العاقل من يأد الفتن في مهدها ، و يقضي على مسبباتها قبل انتشارها .
لقد كانت للمأمون فرصة تاريخية أن يجدد بها عهد بني العباس و أمة الاسلام من وراء ذلك ، لو أنه التفت لمذهب أهل الحديث و الأثر .. منهج أهل السنة والجماعة بشموله وكماله ، لكنه لم يوفق لذلك ، و ذلك لعدة أسباب ، من أهمها :
1. وجود وزراء و مستشارين مشبوهين متهمين بالمجوسية في دولته من أمثال بني سهل و بقايا البرامكة .
2. غالب جنس العرب كانوا مع أخيه الأمين ..و في هؤلاء أهل الحديث و أهل السنة .
3. ترجمته لكتب اليونان و إقباله على أهل الكلام و فتحه المجال واسعاً للجدل و الخصومة في الدين ..!
4. عجبه بنفسه و برأيه و ذكاءه و سياسته .
لقد رأى المأمون أنه سيكرس استقلالية البلاد و تعزيز وحدة الخلافة العباسية و المحافظة على المكاسب أمام المخاطر الماثلة و الجاثمة على صدر الدولة ، و ذك عبر تجييش طاقات من رجال الدولة القائمة و أبناءهم و خدمهم ، سواء من أبناء كبار القواد أو الوزراء أو الكتاب و العلماء ، و لم يدرك أن تصرفات بعض هؤلاء قد أصبحت جزءاً من المشكلة لا طريقاً للحل ..! و هؤلاء أقرب ما يكونون للحفاظ على هوية الوطن إن جاز هذا التعبير عن تلك الفترة ، فهم وطنيون باعتبار تاريخهم و تاريخ آباءهم في المشاركة في تشييد و بناء الدولة العباسية ، و لكن معنى الوطنية هذا ، لم يكن مطروحاً ليكون أرضية الالتقاء مع الرافضة الاثني عشرية .. ! بل كانت أرضية المناورة معهم تتم عبر تقريب العلويين ، و كانت هذه أنجع وسيلة لتشتيت و إرباك الشيعة الرافضة في زمانه ، و من أعظم مكاسبه امتصاص الخطر العلوي والخروج المتتابع ، و قد كان ملاحظاً في زمانه قلة خروج الطالبية عليه بخلاف عهد أبيه و أجداده ومن جاء بعده ..
يخطيء الوطنيون كثيراً عندما يجعلون من أساس فكرة " المواطنة " أرضية صالحة للالتقاء المشترك مع الرافضة ، و تجربة الأمة الطويلة مع الرافضة خير شاهد في هذا الأمر ، و هذه تجربة العراق حية جذعة الآن ، تدل بكل تفاصيلها و مآسيها العظيمة أن ولاء الشيعة الرافضة ليس لأوطانهم ...!
و لا توجد أرضية و قواسم مشتركة في التلاحم و إثبات اتحاد البلاد والعباد و قيادة الأمة لبر النجاة عند حلول الفتن من الدعوة لكلمة التوحيد و وحدة الجماعة ، فإنَّ هذا من أكبر أصول أهل السنة و الجماعة ، خاصة في البلاد التي خرج منها الإيمان و نزل فيها الوحي ، و إليها يأرز الايمان في آخر الزمان ، فالواجب في كل الأحوال والأوقات إعلان صوت دعوة الاسلام والتمكين لأهل العلم و الدعوة والحسبة خاصة في الحجاز و عدم التضييق عليهم في شيء من الأمور الظاهرة أو الباطنة ...
و إنَّ تعطيل آثار الحرمين المعنوية في الحجاز عن أداء رسالتها الدينية الشرعية ، و الإصغاء إلى زخرف دعاة هوية و ثقافة الحجاز ، و مجاراتهم في السماح بظهور الآثار المادية المشكوك فيها في الحجاز ، و الدعوة للتسامح المريب ، و التنوع الثقافي ، و أن مكة قرية كونية ، و إحياء سنن الجاهلية في الحجاز ، و فتح أبواب المهرجانات الغنائية والسياحية ، و المؤتمرات الاقتصادية المشبوهة ، لمما يعين ذلك كله المفسدين والمخربين ، و يصب في صالحهم ، و قد يؤخر ذلك مشاريعهم و يشتتها أو يمتصها ، لكن الشرع و الواقع يدلان على أنه لن يقضي عليها ...!
هذا ، و نسأل الله أن ينصر دينه و يعلي كلمته ، و يمن على البلاد والعباد بنعمة الأمن و الايمان ، و أن يحق الحق و يبطل الباطل و لو كره المجرمون ، و الحمد لله أولاً و آخراً ، و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين .
ملحق –رقم (1)
(( حزب الله الحجاز ))*
مع بداية قيام الثورة الخمينية في إيران وتولّيها للسلطة عام 1979 م، أوعز النظام الإيراني لأتباعه في السعودية، بالقيام بثورات ضد الحكومة السعودية القائمة، مما تسبّب هذا التحريض في قيام ما يسمّى ثورة الشيعة في القطيف عام 1400 هـ، حيث بدأت الشعارات والهتافات، مثل: «مبدؤنا حسيني، قائدنا خميني» «يسقط النظام السعودي» «يسقط فهد وخالد».
ومن خلال بروز الثورة الخمينية، والتواصل المنسجم بين إيران والقيادات الشيعية في السعودية، فقد عُهد إليهم بإنشاء منظّمة يكون مرشدها ومنظّرها هو الشيخ: حسن الصفّار، وتمت تسمية هذه المنظمة باسم:
منظمة الثورة الإسلامية لتحرير الجزيرة العربية[1].
وصارت تسمّى فيما بعد بمنظّمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية.
وكانت أهداف هذه المنظّمة تتلخّص في:
1- حماية الثورة الإيرانية في إيران وتمهيد تصديرها في العالم الإسلامي.
2- تحرير الجزيرة العربية! (السعودية) من الحكم الإسلامي السنّي، وإبدالها بحكومة شيعية موالية لإيران.
إذ ترى المنظّمة أن الحكم السعودي وبقية الأنظمة الخليجية: طاغوتية كافرة.
وتعتبر المنظّمة نفسها جزءاً من الثورة الخمينية الإيرانية، ولهذا يقول الشيخ حسن الصفار -مرشد ومنظّر المنظّمة-:
نطلب ونتوقّع من إيران أشياء كثيرة بحجم الأهداف التي رفعتها الثورة[2].
وترى المنظّمة أنه لتحقيق ثورة إسلامية، فإنّ ذلك يتطلب ثلاثة شروط:
1- هجرة القيادة وأداء الدور المطلوب من الخارج، بحيث يتوفّر مكان أكثر حرّية، مع وجود منظّمات ومؤسّسات أجنبية تدعم هذه المنظمة لوجستيّاً ومعنوياًُ.
2- الحسم في الثورات الشيعية لا يأتي إلا بالسلاح.
3- بناء جبهات متعدّدة مساندة للمنظّمة وأهدافها.
وكان مركز المنظّمة إيران، واستقرّت فترة في دمشق، ثم استقرّت أخيراً في لندن.
وكانت تُصدر نشرتها المعروفة بـ«الثورة الإسلامية»، وذلك في الثمانينات الميلادية.
ونظراً لحساسية اسم المنظّمة واسم المجلّة، وأنّ الاسم هذا لا يخدم مصالحهم ولا يجعل لهم قبولاً في بعض الأوساط، فقد تقرّر تكتيكيّاً نهاية عام 1990 م وبداية 1991 م تغييرها من «منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية» إلى «الحركة الإصلاحية [الشيعية] في الجزيرة العربية».
وكذلك تمَّ إيقاف نشرة «الثورة الإسلامية»، وإبدالها بـ: «مجلة الجزيرة العربية».
كما قاموا بإنشاء «دار الصفا» لطباعة الكتب التي تقوم بالافتراء والتحريض ضد المجتمع السعودي، كما تقوم «دار الصفا» بدعم من المنظّمة بإصدار التقارير والمعلومات لإرسالها للمنظمات الغربية واليهودية، حيث كانت المنظّمة تحظى بعلاقات وثيقة مع البرلمانيين الغربيين.
وصدر من «مجلة الجزيرة العربية» قرابة الثلاثين عدد، بداية من يناير 1991 م حتى منتصف 1993 م، وكانت المجلّة تحظى بدعم غير محدود من المنظمات الأجنبية، والتي تريد الانتقام من النظام الإسلامي، وتريد خلخلة وزعزعة الأمن وإثارة البلابل في السعودية.
وكان رئيس تحرير المجلّة هو: حمزة الحسن، ومدير تحريرها: عبد الأمير موسى.
ونظراً لأن من طرق تحصيل أهدافهم هو إنشاء جبهات متعدّدة لتحقيق مطالبهم، فقد أنشأت «منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية» لجنةً لحقوق الإنسان، وفضّلوا أن تكون بعيدةً عنهم، ومرتبطة بشكلٍ أكبر بالنظام الأمريكي، لتواجد كثير من المنظّمات الأمريكية واليهودية المرتبطة بالمنظّمة، فضلاً عن أن تكون جبهةً أخرى في مكان آخر.
فقاموا بإنشاء: «اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في الخليج والجزيرة العربية»، وقد أصدرت اللجنة مجلة "Arabia moniter" الناطقة باللغة الانجليزية، والتي يتم كتابة التقارير المُشبعة بالتضخيم والمبالغة والافتراء، فضلاً عن التعبير عن أفكار وأيدلوجيا منظمة الثورة.
وكان يشرف على اللجنة في واشنطن: جعفر الشايب، كما يقوم بو خمسين في لندن، وصادق الجبران بإعانته في إدارة اللجنة، وكان «توفيق السيف» من العاملين الفاعلين في هذه اللجنة وهو الأمين العام للحركة الإصلاحية الشيعية.
وأبرز العاملين في الحركة الإصلاحية الشيعية في الجزيرة العربية (منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية) سابقاً هم:
1- حسن الصفّار. مؤسّس ومنظّر ومُرشد الحركة.
2- توفيق السيف. الأمين العام للحركة.
3- حمزة الحسن. رئيس تحرير مجلة «الجزيرة العربية».
4- ميرزا الخويلدي. المسؤول عن دار الصفا للنشر.
وغيرهم من أمثال: عادل سلمان، وحبيب إبراهيم، وفؤاد إبراهيم، ومحمد الحسين، وزكي الميلاد، وعيسى المزعل، وجعفر الشايب، وصادق الجبران، وفوزي السيف.
وفي عام 1993 م – 1994 م تم الاتفاق بين الحركة وبين الحكومة السعودية، وتسوية الأمر مع الاتفاق على إقفال مكاتب الحركة في الخارج وإغلاق المجلات الصادرة عنها، وإنهاء النشاط السياسي في الخارج، وقطع العلاقات القائمة بين الحركة وبين المنظمات اليهودية والأجنبية، والانخراط الهادئ والفاعل في المجتمع والمؤسّسات الحكومية.
ونظراً لانكشاف الثورة الخمينية الإيرانية على حقيقتها، وأنها ليست إلا ثورة شعوبية تريد النفوذ السياسي في المنطقة، ولأن هؤلاء يمشون على مبدأ التقية في الدين والسياسة، فقد رجع هؤلاء إلى السعودية ليؤدّوا الدور المطلوب منهم في داخل الدولة، وبقي عدد منهم في الخارج ليكملوا ما بدأه إخوانهم، وليستمروا على ما انقطع عنه شيعتهم[3].
وهؤلاء لا يزالون ينفّذون مخطّطاتهم في الداخل، مع أنّ تمّ الاتفاق على إغلاق النشاط السياسي القائم على الطائفية والنفوذ العنصري.
ومن آخر أعمالهم؛ ما صرّح به حسن الصفار في احتفالٍ شيعي في منطقة القطيف في شهر أكتوبر من عام 2006 م من تهديد مبطّن إذا لم يُستجب للمطالب الشيعية ذات التوجّه الصفوي بإحداث انفجار في الداخل الشيعي، تلميحاً إلى ما قام به الشيعة عام 1400هـ، وأحداث مكّة عام 1407هـ وغيرها.
- الجناح العسكري «حزب الله الحجاز».
في المنتصف الثاني من الثمانينات (تقريباً عام 1987 م) تم إنشاء الجناح العسكري لمنظّمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية، واتّفق على تسميتها بحزب الله الحجاز[4]، وكان هذا الحزب يتولّى العمليات الإرهابية في السعودية، والتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني لعمليات الإرهاب والفتنة في أيام الحج.
وتمّ تشكيل هذا الحزب عن طريق الحرس الثوري الجمهوري الإيراني، بإشراف ضابط المخابرات الإيراني: أحمد شريفي، وتمّ تجنيد بعض الشيعة السعوديين الذين يدرسون في «قم» الإيرانية.
ونظراً لاختلاف التوجّهات والنزاع على المرجعية السياسية في السعودية، مع قيام مصادمات شخصية بين أطراف في «حزب الله الحجاز» و «منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية» فقد قرّر القادة المنسّقين في إيران بإشراف الضابط الإيراني: أحمد شريفي أن يتمّ التفريق بين الحزب وبين المنظّمة، مع إعطاء امتياز العمل العسكري لحزب الله الحجاز.
ففي حجّ عام 1407 هـ قام أفراد من حزب الله الحجاز بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني في مظاهرة كبيرة قصدوا منها قتل الحجاج وتدمير الممتلكات العامة، وإثارة الفتنة في المسجد الحرام والأماكن المقدّسة[5].
كما قاموا بالتعاون مع حزب الله الكويتي في استعمال الغازات السامة في نفق المعيصم في مكة المكرمة، مما تسبب في جرح وقتل المئات من حجاج بيت الله الحرام.
وفي تاريخ 9/2/1417 هـ الموافق 25/6/1996 م قام أفراد من حزب الله الحجاز بتفجير صهريج ضخم في مجمع سكني في مدينة الخبر، وذلك بإيقاف هذه الشاحنة عند المجمع، ثم الهروب في سيارة مرافقة، وبعد أربع دقائق انفجر الصهريج، ومن أبرز المنفذين لتلك العملية والمتعاونين: هاني الصايغ، ومصطفى القصاب، وجعفر الشويخات، وإبراهيم اليعقوب، وعلي الحوري، وعبدالكريم الناصر وأحمد المغسل – ويُعتبر المسؤول عن الجانب العسكري في الحزب، وقائد عملية تفجير مجمّع الخبر -، وحسين آل مغيص، وعبدالله الجراش، والشيخ سعيد البحار، والشيخ عبدالجليل السمين.
بعد عملية تفجير المجمّع السكني في الخبر، تمّ القبض على هاني الصايغ في كندا وتمّ تسليمه للسعودية عن طريق أمريكا، وهرب عبدالكريم الناصر، وأحمد المغسل وإبراهيم اليعقوب وعلي الحوري إلى إيران، كما تمّ تهريب الشويخات من سوريا بعد أن تمّ إعلان موته في أحد السجون السورية بعد يوم من القبض عليه في سوريا بدعوى انتحاره! ويُقال أنّه قتل فعلاً في السجن عن طريق المخابرات السورية بتوجيه من إيران ليتمّ إخفاء وإعدام أحد مصادر معلومات عملية تفجير مجمّع الخبر السكني.
وأبرز كوادر هذا الحزب: عبدالكريم حسين الناصر – يُعتبر أحد القادة في الحزب -.
وهناك أيضاً: فاضل العلوي، وعلي المرهون، ومصطفى المعلم، وصالح رمضان، الذين تم القبض عليهم قبل عملية تفجير الخبر، إذ كانوا ينوون القيام بهذه العملية، مما حدا بأحمد المغسل أن يوكل العملية لخليّة أخرى – التي ذُكرت سابقاً-.
ومن أبرز رموزهم وقادتهم: الشيخ جعفر علي المبارك، وعبدالكريم كاظم الحبيل، وهاشم الشخص[6]، وكان هؤلاء يُعتبرون المنظّرين والداعمين لهذا الحزب.
وهناك مجموعات أخرى تشكل البناء الكامل للتنظيم، وللعلم فإن أفراد هذا الحزب يتلقون تدريباتهم في إيران ولبنان من أجل العمل على تنفيذ مخطّطاتهم في إسقاط الحكومات الإسلامية، وبناء نظام وحكومة موالية لإيران[7]!
ونظراً للقبض على كثير من رموز هذا الحزب، ورجوع بعض رموز المعارضة الشيعية من «منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية» فقد تقرّر للحزب مواصلة العمل السياسي والإعلامي في الخارج، ولا يزال الحزب إلى الآن يقوم بإصدار النشرات التحريضية والدعوات الداعية للعنف ومقاومة الحكومة والإصرار على تحريرها من الحكومة السعودية[8]!، كما أنّ له موقعاً على الانترنت يقوم فيه بجمع ونشر إصداراته وإصدارات منظمة الثورة الإسلامية.


3) منهم بعض من وقّعوا على اتفاقية المصالحة، فضلاً عن آخرين لم يأتوا أصلاً لإكمال مشروعهم في الخارج بدعم من المنظمات الأجنبية واليهودية، ومن هؤلاء الموجودين في الخارج: علي آل أحمد، المتعاون مع المنظمات الأجنبية ضدّ كل ما هو متّصل بالشأن السعودي الإسلامي.
وقد صرّح صاحب كتاب: الآثار النبوية، للمغربي، ص 11 ، بمشاركة شيعة السعودية إلى جانب الإيرانيين في هذه الأحداث.
وأيضاً صرّحت وأدانت جامعة الدول العربية أعمال النظام الإيراني في مكة المكرمة، وأعمال الشغب في حج 1407 هـ، وكذلك بقية التهديدات الإيرانية لدول الخليج والدول العربية، كما في: قرارات جامعة الدول العربية (ق 4695 – د.غ.ع – 25/8/1987 م).
7) المعلومات الواردة تم استقاؤها من جريدة الرياض ، الثلاثاء 4 ذي القعدة 1426 هـ – 6 ديسمبر 2005 م – العدد 13679، وكتاب: الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية 2/581 – 601، وشبكة الانترنت، ومصادر أخرى.
(*) المصدر : كتاب ( ماذا تعرف عن حزب الله ) ؟ لعلي الصادق .
ملحق – رقم (2)
عالم شيعي: حوزة النجف تسعى للسيطرة على الحجاز والشام والعراق
صرح أحد علماء الشيعة خلال مداخلة له بقناة "المستقلة" الفضائية – أمس – أن الحوزة الشيعية في "قم"، و"النجف"، تسعى للسيطرة على كل منطقة "الحجاز"، والشام، واليمن، والعراق، وأن هدف المرجعية هو "رئاسة العالم الإسلامي كله"، وأن تمدد الشيعة "ليس له حدود"، وأنهم يسعون إلى التمدد على كل الآفاق.
و جاءت تصريحات العالم الشيعي المعروف باسم " الكناني " ، في تعقيب على حوار بقناة "المستقلة" ، ردًا على أحد المحاورين ، من أهل السنة.
و قال في مداخلته: "يا سيدي، نحن أصحاب عقيدة واضحة وضوح الشمس، في الحقيقة، وبصراحة، كل من استضفتموهم يقولون سياسة، وليس عقيدة، العقيدة الجعفرية تقول، وبكل وضوح: "كل من لا يؤمن بولاية "علي" عليه السلام وأولاده، فهو لا يملك شيئًا، لا في الدنيا، ولا في الآخرة" وهذا رأي المتأخرين، والمتقدمين، والسيد الخميني رضي الله عنه، قال: "نحن نسعى إلى وحدة سياسية، وليست دينية" لأنه لا يستطيع على جلالة قدره أن يخالف ما قاله أهل البيت.
و أضاف: "ونحن نقول صراحة: نحن شيعة أهل البيت، لدينا قدوم عظيم، ليس له حدود، نحن نسعى إلى التمدد على كل الآفاق، بعد أن زال صدام، أصبح لدينا العراق، وهناك مواقع عديدة، نسعى للوصول إليها، نحن أمة لا تعرف الكلل والملل".
واستطرد قائلاً: "أنا أقول لك بصراحة: الخليج هو الثاني، واليمن الحوثيين، والزيديين إخواننا، سوف يكونون الطوق الذي نسعى إلى امتدادنا على كل المنطقة، نحن لا نسعى إلى الأندونيسيين، أو إلى الجزائريين، أو إلى أفريقيا، لأن هؤلاء يتبعون آفاق هذه المنطقة العراق".
ثم زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (بالحرف الواحد) على حد قوله: "رأس الأمة الشام ، والعراق ، و إيران ، ] هكذا [، و الجزيرة ، و اليمن " نحن نسعى إلى السيطرة على هذه المناطق ، لا يهمنا أندونيسيا ، و لا تهمنا أفريقيا ، لدينا طموح نسعى " ليل نهار " ، للسيطرة على كل الإسلام ، رأس الإسلام في الشام ، و غير الشام .
و يواصل حديثه : أما ما يقوله أهل السنة، بأنهم ليسوا بإخواننا، وأن الشيعة ليسوا بمؤمنين، فنحن لسنا بإخوانهم، ويشهد الله ورسوله، لا نتعرض عليهم لا في الدنيا، ولا الآخرة، نحن أمة عظيمة، أمة جاهدنا من ألف وأربعمائة سنة، كنا ألفي شخص يا رجل، الآن أصبحنا ثلاثمائة مليون، ماذا يقول أهل السنة، يعيش في وادي، والله، نسعى إلى السيطرة على الحجاز، وعلى نجد، وعلى الكويت، وعلى البحرين، والحوثيين موجودين إخواننا الزيديين "زيد بن علي بن الحسين بن علي"، وليس "زيد بن عمر بن الخطاب".
ثم استطرد كلامه موجهًا حديثه إلى الضيف السني: "نحن أمة لا تقطعنا حدود، نحن لدينا عقيدة واضحة، هي رئاسة الأمة الإسلامية بأكملها، رئاسة الأمة بقيادة المرجعية في النجف وقم، الذي يعجبه يعجبه، والذي لا يعجبه عليه أن يضيق البحر، هذا هو الوضوح في عقيدتنا، لا نجامل في عقيدتنا، لا نهادن في عقيدتنا".
المصدر : مفكرة الاسلام ، و للاستماع الى مداخلة الشيعي الصفوي ( المدعو الكناني ) : في قناة المستقلة على هذا الرابط .. http://up.9q9q.net/up/index.php?f=JJHggDab9
{moscomment}

بحث سريع