خطبة الجمعة في الحرم المكي

بواسطة | جمال سلطان
2007/08/28
كنت في الحرم المكي يوم الجمعة الماضي ، بعد أن فرغت من العمرة ضمن رحلة نظمتها نقابة الصحفيين المصريين ، أستمع إلى خطبة فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب ، ومنذ الدقائق الأولى من الخطبة وقد أدركت أن الرجل يمهد لحديث مهم ، لأنه ليس من عادة أهل السنة أن يؤكدوا على حبهم لآل بيت النبي الكريم وأن حبهم دين ندين الله به ونتقرب إليه بودهم ، فهذا تحصيل حاصل لديهم ومن المعلوم بالضرورة في دين الله ، لذلك كان مفاجئا أن يبدأ إمام الحرم خطبته بالتأكيد على هذه المعاني ، والإشارة إلى الكثير من نصوص السنة النبوية التي حملتها مراجع أهل السنة الكبرى مثل صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم وغيرهما ، والروايات التي نقلت عن النبي الكريم دعوته إلى إكرام أهل بيته وعترته الطاهرة ، وهي الروايات التي روى أكثرها الصحابي الجليل أبو هريرة ، والذي يتهمه غلاة الشيعة بكراهية أهل البيت ومعاداتهم ، رغم أنه راوي أحاديث النبي التي تحض على محبتهم وتجعله دينا للمسلمين ، المهم أن الشيخ بدأ خطبته بهذا التمهيد ، ثم انتقل بعد ذلك إلى انتقاد الدعاوى المذهبية التي تتخذ من دعوى محبة آل بيت النبي مدخلا لتخريب عقيدة أهل الإسلام واستباحة ما حرم الله وتكفير أهل الإسلام بما في ذلك الصحابة الكرام ، وأشار الشيخ في خطبته إلى أن كبر هذه الدعاوى تبنتها جهات "أعجمية" غير عربية ، في إشارة إلى إيران دون أن يسميها ، في حين أن الأشراف الموصولين نسبا بالنبي الكريم ، وأهل بيته ، وهم يسكنون بلاد العرب في الحجاز ومصر وغيرها من حواضر العرب لا يعرفون مثل هذه المذاهب المنحرفة ، وكانوا أولى الناس بذلك ، لأنهم نسب النبي وذريته وبقية أهل بيته ، فكيف انحصرت مثل هذه الدعوات في بلاد الأعاجم نشأة ومسارا وتاريخا وتأثيرا في بعض "الجيوب" العربية ، كان هذا هو مدار الخطبة ، والحقيقة أن مثل تلك الخطبة لا يعرف مقدماتها ولا خلفياتها إلا من عايش وتابع ما سبقها من أحداث ووقائع ، لعل أخطرها ما أعلنه نائب شيعي بحريني موالي لإيران تحت قبة البرلمان قبل أسابيع من تكفيره لأئمة وخطباء الحرمين الشريفين في السعودية ، بدعوى أنهم "نواصب" ، أي يناصبون آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بالعداوة والبغضاء ، وأنهم لا يحبون العترة الطاهرة ، وهو لون من ألوان التكفير الديني المتطرف ، ورفض النائب الاعتذار عما قاله ، رغم أنه ـ فوق أنه تطرف تكفيري ـ محض كذب واختلاق ، يعرف هو نفسه قبل غيره أنه كذب ، لأن كتب أهل السنة في أرجاء الأرض تحمل الحب والولاء لآل بيت النبي ، وهو أمر لا يتصور أحد خلافه أصلا عند أحد من المسلمين ، لا من أهل السنة ولا من غيرهم ، ممن ينتسبون إلى الإسلام ابتداءا ، ولكنه نوع من تكفير المختلف معه في المذهب ، يغلفه بحكاية عداوة أهل بيت النبي ، ولعل هذا ما عناه فضيلة الشيخ آل طالب بالمتاجرة بحب آل البيت ، كما أنني عشت قرابة عشرة أيام الفترة الماضية بين الحرم النبوي في المدينة والحرم المكي ، وكنت في غاية الضيق من سلوك المجموعات الإيرانية في الصلاة وفي المسجد ، من تعمد لمخالفة جموع المسلمين في الصلاة ، حيث يمثلون وضع الصلاة في جماعة خلف الإمام بينما هم يتهامسون ويتحدثون ويتعمدون مخالفة الإمام ، فيسجدون حين يقوم ويركعون حين يسجد وغير ذلك من سلوكيات عجيبة لاحظتها ، ثم يصلون بعده ، خلاف السلوكيات غير المقبولة التي تتم عند قبري الراشدين أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما ، وبدون شك فإن هذه السلوكيات الجمعية لا يمكن أن تصدر إلا عن توجيهات دينية رسمية تعبر عن منتهى التطرف الإيراني في التعامل مع الخلاف المذهبي .

بحث سريع