يلومونه لأنه تزوج بغير هاشمية ؟!

بواسطة | الشريف محمد الصمداني
2007/10/26

السلام عليكم و رحمة الله سعادة الشريف محمد الصمداني

كل أملي كبير بكم لأن توجهني و تنصحني في مشكلتي ، و هو أني شاب من الأشراف ، و تزوجت من فتاة عربية كريمة و لكنها ليست هاشمية و ذلك بعد عناء شديد مع والدي ، و استشارتي لكم هي : في كون والدي بعد زواجي طلب مني عدم الحديث في الأنساب و لا التدخل في هذه الأمور نهائيا ، و قد أشعرني بهذا التصرف و كأنني خرجت من النسب الشريف أو أنني عار عليه ؟!

رغم معرفتي و اطلاعي الكبير في هذا الأمر و أن الهاشمي تزوج منذ عهد الرسول عليه السلام و حتى اليوم من غير الهاشميات ناهيك أنه تزوج أيضا من غير العربيات و لم يعبه ذلك يوما و لم يقلل منه قدرا ،…

فهل لوالدي حق في ذلك ، و هل زواجي هذا يقلل مني قدراً ؟ و من أسرتي ؟ لدرجة أن أمنع من الحديث في نسبي و البحث و الاستزادة فيه !!!

أرجوك دلني و انصحني فأنا بأمس الحاجة لرأيك

الجواب
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه و من والاه ، وبعد :
فقد تلقيت رسالتكم و فهمت فحواها ، و قبل البدء في الجواب على رسالتكم الكريمة ، فإني أحصر صور زواج الهاشمي و الهاشمية في الآتي :
الصورة الأولى : زواج الهاشمي بهاشمية . ( الشريف بشريفة )
الصورة الثانية : زواج الهاشمي بغير هاشمية . ( الشريف بغير شريفة )
الصورة الثالثة :زواج غير الهاشمي بهاشمية . ( غير الشريف بشريفة )
و كما هو ظاهر من سؤالكم ، فأنت تسأل عن الصورة الثانية تحديداً ..
و جواباً لكم ، فإني أحصر الجواب في أمرين :
أولاً : أن طاعة الوالدين باب من أبواب دخول الجنة ، و قد ثبت في الحديث الشريف ( الوالد أوسط أبواب الجنة ) ، و قد ذكر البر بهما بعد ذكر التوحيد ، و في هذا تنويه بقدرهما و مكانتهما ، فطاعة الوالدين أمرٌ تحتمه الشريعة ما لم يؤدِ إلى معصية الله ، لحديث ( إنما الطاعة في المعروف ) .
ثانياً : أن مشورة والدك بترك الحديث عن الأنساب لا تخلو من أن تكون لأمور خاصة بينك و بين زوجتك ، أو لأمور تخص مكانة الوالد الاجتماعية ..!
فإن كان الأمر هو الأول ، فاعلم أخي الحبيب أن طاعة الوالد مما يتحقق به خيري الدنيا و الآخرة ، و قد يكون نهيه لك لمصالح يراها بحكم تجربته و معرفته بك و بزوجتك و واقعها و أهلها ، و لخشيته من عدم استمرار الزواج بسبب تباين الطباع و اختلاف العادات و التقاليد ، و هذا كثيرٌ مشاهد في الناس سواء أكانوا هاشميين أم لا ؟ و لا مدخل لكون المرء من بني هاشم في هذ الأمر ! و قد يشيرُ بعض عقلاء الآباء – أحياناً – بترك الزواج من ابنة العم إذا تربت في مكان آخر مختلف عن بيئة الزوج ، لأن ذلك يؤثر على الأخلاق والعادات و التقاليد و تربية الأولاد .. !
و إنْ كان الأمر هو الثاني ، فاعلم أخي الكريم أن زواجك من غير هاشمية لا حرج فيه ، و قد يكون هو المتعين في حقك ، لتحقق الاحصان و تفرد الزوجة بالدين و التقوى و الأخلاق الفاضلة ، و لعملك بحديث ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) ، و ليس هذا بعار عليك و لا على أبيك ، ولستَ بعارٍ على أبيك … ، و من هذا الذي يجرؤ على قول هذا في الاسلام ؟! و لا ينقص ذلك من قدرك و لا من قدر قبيلتك و أسرتك ، حتى و إن ظنوا أو ظن بعضهم ذلك ، ولا تمنع من الحديث عن نسبك على الجهة المشروعة دون تعصب أو غلو .. و قد ذكرتَ في سؤالك ما يدل على فهم جيد و إدراك لجانب من زاويا الموضوع ! و الوالد ينظر لزاوية أخرى في هذا الشأن ! و هو ما ذكرته لك في الأمر الأول .
و أحياناً يكون سبب هذا الأمر عند كبار السن ، هو الحساسية للمكانة الاجتماعية و السمعة أو لمجرد العصبية ، و هو أمرٌ خارج عن كونك هاشمي النسب ، فإن بني هاشم لا زالوا يتزوجون من غيرهم ، و هو موجود في الأشراف في الحجاز و غيرهم … و قد يكون ما ذكرت عن أبيك ناشيءٌ من الوجود في مكان أو إقليم ترى عامة القبائل حرجاً من الزواج بغير أقاربهم و قبائلهم أو من يكافئهم ، كما يشيع في بعض المناطق والأقاليم .. و هنا لابد من تقدير باب المصالح والمفاسد ..!
و اعلم أن حل هذه الأمور و إزاحة هذه العادات و التقاليد يحتاج إلى حكمة و علم ، و صبر و أناة ، لئلا تؤدي معارضتها أو تغييرها إلى محذورات أخرى شرعية من القطيعة والتدابر … و للعلماء الربانيين مسالك تربوية وشرعية ، فيها تقدير لفقه المصالح والمفاسد في هذا الشأن ، و قد تم نشر بعضها في الموقع ، فعليك بها .
و لأن الزواج قد حصل ، فالموقف الايجابي العملي الآن :
  1. أن تترك التفكير في موقف الوالد .
  2. أن تتفهم الظروف و الملابسات التي تستدعي منه القول بذلك من جهة القدر و الوضع الاجتماعي .
  3. أن تدرك حرصه الشديد على استمرار زواجك و نجاحه .
  4. حاول أن تسعى لافهامه بحاجتك الماسة لذلك الزواج .
  5. اذكر له أنه لن يؤثر على شيء مما يظنه الوالد .
  6. إلم يتيسر الاتفاق بينكما ، لشدة عصبيته أو لشعوره بالحرج ، فدعه ، و اترك ذلك للزمان .
  7. اهتم بأسرتك و زوجتك .
  8. عليك بالدعاء .
و أخيراً .. اعلم أخي أن هذا الأمر ليس مما ينبغي أن يمتحن به عامة الناس من الأقارب و الأفراد و الأسر ، و يجاهد الناس لتغييره ، فإن هذا لا زال موجوداً فيهم ، و كثيراً ما تعم به البلوى عندهم ، و لا تجعل هذ الأمر سبباً للقطيعة بينك و بين أقاربك و عشيرتك – خاصة شأن والدك و ماله عليك من الحق و الحرمة – ، و واصل حياتك الزوجية بكل طمأنينة و راحة .. ، فأنت تبني بيتاً مسلماً جديداًَ ، و أنت مطالب بتربية أهل البيت و إصلاحهم ، و الحرص على إمدادهم بالخير و الهدى ، و الهاشميون الأصلاء لا توقفهم مثل هذه العقبات اليسيرة في حياتهم ..!
وفقكما الله و جعل زواجكما زواجاً سعيداً مباركاً ..

بحث سريع