لا تشوهوا الأنساب في الامارات أو غيرها .. نفثة مكلوم.

بواسطة | سعيد حمدان
2008/02/23
ليس غريباً أن يصمت خبراء الأنساب وأهل الثقة والمعرفة والعلم في تاريخ الوطن وقبائله وحوادثه، أن يصمتوا كل هذا الزمن، وأن يتركوا أوراقهم وكتاباتهم وشهاداتهم محفوظة، لأن الكتابة في هذا الموضوع تعني الدقة والحيادية والمنهجية وتقصي وقائع الحاضر وتطوراته والبحث في تفاصيل الماضي، ومسيرة الحياة هنا والتحولات ومقارنة الروايات والمخطوطات. انه جهد وعناء وأمانة لثقل المعلومة المدوّنة لا يشعر بها إلا الباحث العالم.
الذي نراه اليوم في أسواقنا من كتب جديدة عن أنساب وقبائل الإمارات، يحتاج إلى قراءة ومراجعة، لأن في بعضها من التشويه والجهل ما يغير حقائق الواقع والتاريخ. واحد من هذه الإصدارات الحديثة حجمه يوازي “موسوعة أطلس العالم” السنوية في مقاسه وضخامته، وعليه اسم معده وهو من دولة عربية، لم نسمع أو نقرأ له من قبل أنه نشر بحثاً أو دراسة عن مجتمع الإمارات، وكل صلته بهذا المكان أن دعاه، كما يقول في مقدمة كتابه، صاحب مكتبة خليجية، فتولد المشروع، وخرج من زيارة قصيرة في ضيافة ذلك الناشر ان كتب تلك الموسوعة الضخمة التي يتجاوز حجمها 500 صفحة، وساعده، كما يذكر، أبناء إحدى القبائل الموجودون في دول عربية عديدة، والذين حصل بعض أبنائها على جنسية الإمارات فكانوا معه طوال إقامته، والذين يصفهم بأنهم من أشد المحبين والمخلصين لهذا البلد وهم من الأشراف وتربطني بهم مصاهرة، كما يصرح.
موسوعة عن أنساب الإمارات، لا تعريف فيها بهوية الكاتب، ولا هي دراسة منهجية لها بداية وعندها قائمة مراجع مبوبة في خاتمتها، قرأت بعضها، ولم أكمل ما فيها، شعرت بأسف وحسرة كأنني أقرأ عن مجتمع وقبائل أخرى، وليس مجتمعاً أعيش فيه وأعرف أهله جيداً، قبائل في العالي وأخرى مهمشة، وقبائل لم نسمع بها ولا نعرف أين تسكن، وأخرى أحضرها المؤلف من حقبة لويمر.
وطبعاً كتاب مثل هذا وغيره يحمل اسم قبائل الدولة سيبيع، فالمجتمع يشغله هاجس البحث والقراءة عندما يحمل الإصدار موضوعاً عنوانه الإمارات.
في الماضي كانت وزارة الإعلام حذرة من الموافقة على إصدار إذن الطباعة لأي كتاب يتحدث عن الأنساب، كان مبررها أن ذلك علم يحتاج إلى بحث ودقة وشهادات عدل تملك الخبرة وكانت محقة قي قرارها ذلك، فمن يرى مثل هذا الإصدار، يعرف حجم التشويه والظلم الذي سيلحق بالمجتمع لو فتح هذا الباب أمام كل مدع وهاوٍ ومستفيد وتاجر في عالم الكتب.
في الإمارات اليوم هناك أهم موسوعة في تاريخ الوطن وما تتضمنه من حوادث وأنساب، وهي ذاكرة صاحب السمو حاكم الشارقة، ودراسته العلمية عن تاريخ المنطقة، ومكتبته التاريخية وما فيها من وثائق دولية ومحلية نادرة بمتناول أي باحث الوصول إليها في المدينة الجامعية في الشارقة، وهناك مركز الوثائق والأبحاث في أبوظبي ومركز جمعة الماجد للتراث والتاريخ، وإصدارات لكتاب قضوا أعمارهم في توثيق تاريخ الإمارات مثل د. مرسي عبدالله، ومؤرخ بيننا أطال الله في عمره قضى سنوات طويلة وهو يبحث ويتقصى أنساب وقبائل الدولة، هو عمران بن سالم العويس، لم يفاخر ولم ينشر ما عنده حتى اليوم، وأظن أن أمانة الباحث وخوفه من التاريخ إن أخطأ أو قصّر هو الذي يشغله ويرده عن تجربة النشر.
تاجروا في الأسهم والعقارات والأغذية وغيرها. كل الأسواق مفتوحة أمامكم، إلا الكتاب، وتحديداً الذي يتحدث عن التأريخ والتوثيق والأنساب. لا تفتحوا الباب لأي مدعٍ أن ينشر ويتاجر ويشوه تاريخ القبائل.
المصدر : موقع جريدة الخليج الاماراتية ..

بحث سريع