نقابة الأشراف.. هي الوحيدة التي لايجتمع أصحابها علي مهنة واحدة .. وإن كانوا يجتمعون بفقيرهم وغنيهم.. بكبيرهم وصغيرهم.. علي الاتصال بالنسب الطاهر.. والعصب الشريف لسيدنا رسول الله [ .. كلهم يعودون إلي أبناء الحسن والحسين.. ورحم السيدة فاطمة الزهراء.. ابنة سيد الخلق عن طريق زواجها بالإمام علي بن أبي طالب.
من ينتسب إليهم لابد أن يحفظ نسبه مكتوبا.. ومسجلا.. ومن يثبت نسبه يحمل لقب شريف.. ليصبح تحت مظلة النقابة.
يمتد تاريخ النقابة إلي سنوات بعيدة في التاريخ.. اتخذت شكلا شبه رسمي في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري.. حتي أن المؤرخ المسعودي في كتابه »مروج الذهب« ذكر أن الخليفة العباسي المنتصر بالله الذي حكم من عام 247 إلي 248هـ، أنه كان يحسن إلي الأشراف.. ويأمر بكف الأذي عنهم ويمنحهم الأراضي.. ولما تولي من بعده الخليفة المستعين بالله.. كان يكرم من يفد إليه من أشراف المدينة ويصلهم بالمنح والهدايا.
بدأت نقابة الأشراف في مصر تخطو خطواتها الأولي أيام حكم أحمد بن طولون الذي رأي في جمع السادة الأشراف حوله وتوقيرهم دعما له في رغبته للاستقلال بمصر عن سلطة الدولة العباسية فأعطي الأشراف سلطة روحية ومعنوية وسمح بوجود نقيب للأشراف يرعي مصالحهم ليكون أحمد بن محمد طباطبا نقيبا للأشراف في 340هـ وتولاه من بعده العديد من سادة الأشراف.. فحمل الشرف السيد عمر مكرم المجاهد العظيم الذي تم عزله علي يد محمد علي ليعين السيد محمد السادات عام 1809م ثم تتابع النقباء فكان السيد محمد الدواخلي عام 1813م ثم السيد علي البكري وخلفه ابنه عبد الباقي وبموته خلفه السيد محمد توفيق البكري وفي عام 1895 صدر الأمر العالي بتعيين نقيب للسادة الأشراف من قبل الحاكم وتحديد مهام النقيب واختصاصاته وكيفية إدارة أعمال النقابة.. وأصبح السيد محمد توفيق البكري نقيبا رسميا بالإضافة إلي عمله كشيخ مشايخ الطرق الصوفية، ثم تولي من بعده السيد عمر مكرم الثاني حتي عام 1930.. ثم السيد محمد الببلاوي واستمر حتي عام 1953 وتم تجميد نشاط النقابة في هذا العام بعد قيام ثورة يوليو حتي أصدر الرئيس محمد حسني مبارك عام 1991 قرارا بعودة نشاط النقابة وتعيين السيد محمود كامل ياسين نقيبا للأشراف ثم خلفه السيد أحمد كامل ياسين عام 1994 وظل رئيسا للنقابة حتي توفاه الله وخلفه تلميذه وابنه البار السيد محمود الشريف.. الذي أصر في بداية حديثنا علي تأكيد حبه ووفائه للراحل أحمد كامل ياسين الذي اختاره كنائب له في حياته وخليفة له بعد وفاته.. ليحمل المسئولية والشرف بعد أن تم اختياره من قبل المجلس الأعلي للنقابة وجميع ممثلي النقابات الفرعية بالمحافظات ثم صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينه نقيبا للأشراف.
جاء السيد محمود الشريف نقيبا للأشراف.. وهو يحمل خبرات طويلة في العمل العام فهو ينتمي لأسرة برلمانية عريقة في سوهاج.. درس في كلية التجارة بجامعة القاهرة وحصل علي دراسات عليا في إدارة الأعمال من جامعة فستنج بانجلترا.. وكان عضوا بمجلس الشعب من عام 1990 حتي عام 2005.
السيد محمود الشريف.. يمتلك إلي جانب خبراته الطويلة في العمل السياسي والاجتماعي ونشاطه في نقابة الأشراف.. حضورا هادئا.. وبساطة وودا مؤثرا.
< وهو مادفعني إلي أن أسأله: عشت لفترة طويلة أجواء العمل السياسي والتشريعي المشحونة بالكثير من المشاحنات والمتغيرات.. ألا تفتقد هذه الأجواء بعد أن أصبحت نقيبا للأشراف؟!
ـ لايمكن أن أقول افتقادا بالمعني الحرفي للكلمة ولكن يمكن أن أقول أن هناك فرقا مابين أجواء العمل السياسي ومابين الروحانية والاستغراق في حب رسول الله [ وإن كنت لم ابتعد كثيرا عما اعتدت عليه فتربيت ونشأت داخل أسرة من صعيد مصر تعمل علي خدمة الناس أعطتني مساحة للتكيف في العمل السياسي وداخل نقابة الأشراف التي تضم عائلات وقبائل من مختلف محافظات مصر.. باختصار يمكن أن أقول أن العمل السياسي دربني علي الإدارة وحل الأزمات .
< لماذا لم تتدخل حتي الان في حل أزمة الخلاف المثارة مابين الشيخ علاء أبو العزايم والشيخ عبد الهادي القصبي علي من يرأس المشيخة وخاصة أن الاثنين من الأشراف؟
ـ أنا لم أترك هذا الأمر ونبذل محاولات قوية للتوفيق وتهدئة الأمور في مشيخة الطرق الصوفية وقد تمت مقابلات بيني وبين السيد عبد الهادي والسيد علاء أبو العزايم وبعض من السادة المشايخ من أجل حل الخلافات بشكل ودي وبطريقة تليق بمكانة الصوفية.
< يري البعض في »نقابة الأشراف« وسيلة للتمييز وللتفرقة بين أبناء الدين الواحد!
ـ أبناء الأشراف هم جزء لايتجزء من الوطن وشريحة من شرائح المجتمع.. فالشريف هو الذي يرجع نسبه إلي الرسول [ وهو القدوة والمثل وهذا الانتساب يلقي علي »الشريف« مسئولية مضاعفة من الالتزام بحسن الخلق وتنفيذ سيرة الرسول الكريم [ قولا وفعلا وهو أمر لا علاقة له بالتمييز وإنما له علاقة بالالتزام بالتقوي والعمل الصالح فالمسلم متميز بأعماله ومدي قربه وعلاقته بالله ولنتذكر قول رسول الله [ »أقربكم مني مجلسا يوم القيامة.. أحاسنكم أخلاقا.. الموطأون أكنافا.. الذين يألفون ويؤلفون« وقوله الكريم يحسم الأمر تماما.
أما »الأشراف« .. فشرفهم ناشئ من شرف الأصل للفرع.. فلقد شرف الله ذرية رسول الله [ بقوله تعالي : »إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا«.
< إذا كان الهدف الأول من وجود »نقابة الأشراف«.. هو إثبات نسبهم.. ألا تري أن الفائدة لاتعود إلا عليهم فقط..! أم أن هناك دورا آخر للنقابة يستفيد منه المجتمع ككل؟
ـ تسجيل وإثبات نسب الأشراف هو هدف واحد ولكن الدور الذي تقوم به النقابة مختلف تماما ولايقتصر أبدا علي مجرد إثبات النسب فمن خلال منهج وضعه النقباء السابقون رحمة الله عليهم تتحرك النقابة علي ثلاثة محاور أولها منهج الدعوة الإسلامية وإقامة المؤتمرات والندوات الدينية والدعوة إلي الوسطية.والتحلي بالخلق القويم ومقاومة الأفكار التكفيرية من خلال علماء الأزهر ورجال الدين من الأشراف وحتي محاربة بعض العادات الاجتماعية السيئة مثل عادة الثأر.
ويأتي بعد ذلك محور هام من تشجيع أبناء الأشراف القادرين لخدمة مجتمعهم وإقامة المشروعات الخيرية وسأعطي مثالا علي نوعية هذه المشروعات وهناك مثله كالسيد »نيازي سلام« رئيس مجلس إدارة بنك الطعام فهو من أبناء الأشراف.
كما أن هناك دورا آخر وهو التوعية السياسية والاجتماعية وتوضيح الأمور حتي لاتخلط الأوراق فبعد قضية كشف تنظيم حزب الله في مصر »أصدرنا بيانات وأقمنا مؤتمرات من خلال زيارات في عدة محافظات كانت رسالتنا فيها واضحة بأن أمن مصر خط أحمر لايمكن تجاوزه.
< لنعود إلي الحديث عن » تحقيق النسب«.. البعض يسعي لمحاولة الانتساب إلي النقابة لاستكمال »الوجاهة« بلقب »شريف« وهو لقب قد يفيده في موقعه وقد يلجأ في سبيل ذلك حتي إلي شراء شجرة عائلة.. فهل هذا ممكن؟!
ـ بل مستحيل أن يحصل علي لقب شريف إذا لم يكن يمتلك هذا الحق .. فالتحقق من النسب أمر شديد الدقة وتقوم به لجنة تضم علماء في التاريخ والأنساب وهجرة القبائل.. ويجب أن يقدم الشخص صورة البطاقة الشخصية بالاسم الرباعي ويقدم من خلال أوراق رسمية تثبت جدين بعد الاسم الرابع من خلال حجة أرض أو شهادات وفاة أو عقد زواج قديم مع شجرة العائلة ويتم ربط آخر جد ويكون ترتيبه السادس بشجرة العائلة ويتم بحث وتدقيق هذه الشجرة بالمستندات وأحيانا نستعين بشهادات من العائلة نفسها لإثبات نسب المتقدم بأنه معلوم ومشهور تسمي »شهادة تواتر«.
وقد حدث بالفعل أن تقدم كثيرون ومن بينهم شخصيات مشهورة وكبيرة للحصول علي النسب وبعد التحقيق لم يثبت نسبهم وتم الاعتذار لهم وتقبلوا الأمر.
أما عن ادعاء الشخص بانتسابه إلي عائلة شريفة وتقديم شجرة عائلة حقيقية ولاتخصه فهو أمر مستحيل بعد تتبع النسب الذي قد يقف في نقطة معينة نتيجة هجرة العائلة أو تحركها من بلد إلي بلد فيتم الاستعانة »بنساب« في البلد المعين لتحري الأمر.. ولذلك حتي إذا ادعي أحد انتسابه بشجرة عائلة حقيقية فهو أمر يمكن اكتشافه ولا يمكن أن يحدث.. ويكفي أن أقول أن عدد الأشراف المسجلين في مصر 75 ألف شخص فقط مع أن العدد الحقيقي للأشراف قد يتجاوز الخمسة ملايين 70٪ منهم في الصعيد ولايسجل معظمهم نتيجة التكاسل أو فقدان الأوراق.
< وإذا فقد الشخص »شجرة العائلة« فهل هناك جهة يمكن استخراج بدل فاقد منها.
ـ إذا فقد هذا المستند الهام فلا يمكن استخراج بديل له.. وهو أمر نادر الحدوث فكل عائلة تحتفظ بالشجرة الخاصة بها وتحرص علي وجود عدة نسخ منها لدي كبار العائلة.
< هناك أسماء بارزة في الحزب الوطني والحكومة تنسب للأشراف.. فهل قدموا جميعا أوراق إثبات نسبهم؟
ـ بالطبع فالسيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري من الأشراف وحسن الألفي وزير الداخلية الأسبق والدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي ود.حسن عباس زكي وزير الاقتصاد الأسبق والمهندس أحمد عز أمين التنطيم بالحزب الوطني وعضو مجلس الشعب وبالمناسبة.. انتماؤه للأشراف عن طريق عائلته وعضويته بالنقابة سابقة علي دخوله مجال العمل السياسي وقبل زواجه من كريمة المرحوم أحمد كامل ياسين وهناك الكثير من العلماء والأطباء والمهندسين من أبناء النقابة وأيضا الكثيرون من البسطاء.
< وماذا عن د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب.. هل هو من الأشراف:
ـ لا .. هو ليس من الأشراف وليس عضوا في النقابة.. أما زوجته فهي التي تنتمي للأشراف.. ولم يدع الرجل أبدا أنه من الأشراف.
< وهل تهب الزوجة أو الأم النسب إلي الأبناء حتي إذا كان الأب لا ينتمي إلي الأشراف؟
ـ نعم يحمل الأبناء النسب عن طريق الأم أو الجدة ويسمي »نسب بطون«.
< أنا أعلم أن السيد أحمد كامل ياسين رحمه الله.. بذل جهدا كبيرا في أن يكون للنقابة دور فعال في مساعدة أبنائها فأسس صندوقا للزكاة من أبناء الأشراف لمساعدة الأشراف فما هي المشروعات الأخري التي ستقدمها النقابة لأبنائها في الفترة القادمة؟
ـ بعد إنشاء صندوق التكافل الاجتماعي لأبناء الأشراف لأننا سبق وأوضحنا أن الأشراف لاتجوز عليهم الزكاة أو الصدقات عائدين بذلك إلي سيدنا رسول الله [ عندما تناول أمامه سيدنا الحسن »تمرة« من صدقات زكاة الفطر فأخرجها الرسول من فمه، فقال له ألا تعلم أنها محرمة علينا لأنها للفقراء وتطهرهم وتزكيهم.
ونسعي الآن لعمل مشروع للرعاية الصحية كما سنهتم في الفترة القادمة بمشروع زواج غير القادرين من الأشراف والاهتمام بالأرامل والفقراء.. وكل هذه المشروعات سيمولها أبناء الأشراف فنحن لا نحصل علي مليم واحد من الدولة أو من أي مكان آخر.. ورسم عضوية الأشراف هو خمسة عشر جنيها في العام.
< هل معني ذلك أن من يستفيد من مشروعاتكم هم أبناء الأشراف فقط..؟!
ـ نفي وهو تبدو علي وجهه علامات الدهشة الشديدة.. هذا غير صحيح.. فإلي جانب المشروعات التي يستفيد منها أبناء الأشراف.. تساهم النقابة في العديد من المشروعات والجمعيات الخيرية.
المصدر : جريدة أخبار اليوم المصرية الأربعاء 13 من مايو سنة 2009م – 18 من جمادى الأولى سنة 1430هـ – العدد 3890
من ينتسب إليهم لابد أن يحفظ نسبه مكتوبا.. ومسجلا.. ومن يثبت نسبه يحمل لقب شريف.. ليصبح تحت مظلة النقابة.
يمتد تاريخ النقابة إلي سنوات بعيدة في التاريخ.. اتخذت شكلا شبه رسمي في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري.. حتي أن المؤرخ المسعودي في كتابه »مروج الذهب« ذكر أن الخليفة العباسي المنتصر بالله الذي حكم من عام 247 إلي 248هـ، أنه كان يحسن إلي الأشراف.. ويأمر بكف الأذي عنهم ويمنحهم الأراضي.. ولما تولي من بعده الخليفة المستعين بالله.. كان يكرم من يفد إليه من أشراف المدينة ويصلهم بالمنح والهدايا.
بدأت نقابة الأشراف في مصر تخطو خطواتها الأولي أيام حكم أحمد بن طولون الذي رأي في جمع السادة الأشراف حوله وتوقيرهم دعما له في رغبته للاستقلال بمصر عن سلطة الدولة العباسية فأعطي الأشراف سلطة روحية ومعنوية وسمح بوجود نقيب للأشراف يرعي مصالحهم ليكون أحمد بن محمد طباطبا نقيبا للأشراف في 340هـ وتولاه من بعده العديد من سادة الأشراف.. فحمل الشرف السيد عمر مكرم المجاهد العظيم الذي تم عزله علي يد محمد علي ليعين السيد محمد السادات عام 1809م ثم تتابع النقباء فكان السيد محمد الدواخلي عام 1813م ثم السيد علي البكري وخلفه ابنه عبد الباقي وبموته خلفه السيد محمد توفيق البكري وفي عام 1895 صدر الأمر العالي بتعيين نقيب للسادة الأشراف من قبل الحاكم وتحديد مهام النقيب واختصاصاته وكيفية إدارة أعمال النقابة.. وأصبح السيد محمد توفيق البكري نقيبا رسميا بالإضافة إلي عمله كشيخ مشايخ الطرق الصوفية، ثم تولي من بعده السيد عمر مكرم الثاني حتي عام 1930.. ثم السيد محمد الببلاوي واستمر حتي عام 1953 وتم تجميد نشاط النقابة في هذا العام بعد قيام ثورة يوليو حتي أصدر الرئيس محمد حسني مبارك عام 1991 قرارا بعودة نشاط النقابة وتعيين السيد محمود كامل ياسين نقيبا للأشراف ثم خلفه السيد أحمد كامل ياسين عام 1994 وظل رئيسا للنقابة حتي توفاه الله وخلفه تلميذه وابنه البار السيد محمود الشريف.. الذي أصر في بداية حديثنا علي تأكيد حبه ووفائه للراحل أحمد كامل ياسين الذي اختاره كنائب له في حياته وخليفة له بعد وفاته.. ليحمل المسئولية والشرف بعد أن تم اختياره من قبل المجلس الأعلي للنقابة وجميع ممثلي النقابات الفرعية بالمحافظات ثم صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينه نقيبا للأشراف.
جاء السيد محمود الشريف نقيبا للأشراف.. وهو يحمل خبرات طويلة في العمل العام فهو ينتمي لأسرة برلمانية عريقة في سوهاج.. درس في كلية التجارة بجامعة القاهرة وحصل علي دراسات عليا في إدارة الأعمال من جامعة فستنج بانجلترا.. وكان عضوا بمجلس الشعب من عام 1990 حتي عام 2005.
السيد محمود الشريف.. يمتلك إلي جانب خبراته الطويلة في العمل السياسي والاجتماعي ونشاطه في نقابة الأشراف.. حضورا هادئا.. وبساطة وودا مؤثرا.
< وهو مادفعني إلي أن أسأله: عشت لفترة طويلة أجواء العمل السياسي والتشريعي المشحونة بالكثير من المشاحنات والمتغيرات.. ألا تفتقد هذه الأجواء بعد أن أصبحت نقيبا للأشراف؟!
ـ لايمكن أن أقول افتقادا بالمعني الحرفي للكلمة ولكن يمكن أن أقول أن هناك فرقا مابين أجواء العمل السياسي ومابين الروحانية والاستغراق في حب رسول الله [ وإن كنت لم ابتعد كثيرا عما اعتدت عليه فتربيت ونشأت داخل أسرة من صعيد مصر تعمل علي خدمة الناس أعطتني مساحة للتكيف في العمل السياسي وداخل نقابة الأشراف التي تضم عائلات وقبائل من مختلف محافظات مصر.. باختصار يمكن أن أقول أن العمل السياسي دربني علي الإدارة وحل الأزمات .
< لماذا لم تتدخل حتي الان في حل أزمة الخلاف المثارة مابين الشيخ علاء أبو العزايم والشيخ عبد الهادي القصبي علي من يرأس المشيخة وخاصة أن الاثنين من الأشراف؟
ـ أنا لم أترك هذا الأمر ونبذل محاولات قوية للتوفيق وتهدئة الأمور في مشيخة الطرق الصوفية وقد تمت مقابلات بيني وبين السيد عبد الهادي والسيد علاء أبو العزايم وبعض من السادة المشايخ من أجل حل الخلافات بشكل ودي وبطريقة تليق بمكانة الصوفية.
< يري البعض في »نقابة الأشراف« وسيلة للتمييز وللتفرقة بين أبناء الدين الواحد!
ـ أبناء الأشراف هم جزء لايتجزء من الوطن وشريحة من شرائح المجتمع.. فالشريف هو الذي يرجع نسبه إلي الرسول [ وهو القدوة والمثل وهذا الانتساب يلقي علي »الشريف« مسئولية مضاعفة من الالتزام بحسن الخلق وتنفيذ سيرة الرسول الكريم [ قولا وفعلا وهو أمر لا علاقة له بالتمييز وإنما له علاقة بالالتزام بالتقوي والعمل الصالح فالمسلم متميز بأعماله ومدي قربه وعلاقته بالله ولنتذكر قول رسول الله [ »أقربكم مني مجلسا يوم القيامة.. أحاسنكم أخلاقا.. الموطأون أكنافا.. الذين يألفون ويؤلفون« وقوله الكريم يحسم الأمر تماما.
أما »الأشراف« .. فشرفهم ناشئ من شرف الأصل للفرع.. فلقد شرف الله ذرية رسول الله [ بقوله تعالي : »إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا«.
< إذا كان الهدف الأول من وجود »نقابة الأشراف«.. هو إثبات نسبهم.. ألا تري أن الفائدة لاتعود إلا عليهم فقط..! أم أن هناك دورا آخر للنقابة يستفيد منه المجتمع ككل؟
ـ تسجيل وإثبات نسب الأشراف هو هدف واحد ولكن الدور الذي تقوم به النقابة مختلف تماما ولايقتصر أبدا علي مجرد إثبات النسب فمن خلال منهج وضعه النقباء السابقون رحمة الله عليهم تتحرك النقابة علي ثلاثة محاور أولها منهج الدعوة الإسلامية وإقامة المؤتمرات والندوات الدينية والدعوة إلي الوسطية.والتحلي بالخلق القويم ومقاومة الأفكار التكفيرية من خلال علماء الأزهر ورجال الدين من الأشراف وحتي محاربة بعض العادات الاجتماعية السيئة مثل عادة الثأر.
ويأتي بعد ذلك محور هام من تشجيع أبناء الأشراف القادرين لخدمة مجتمعهم وإقامة المشروعات الخيرية وسأعطي مثالا علي نوعية هذه المشروعات وهناك مثله كالسيد »نيازي سلام« رئيس مجلس إدارة بنك الطعام فهو من أبناء الأشراف.
كما أن هناك دورا آخر وهو التوعية السياسية والاجتماعية وتوضيح الأمور حتي لاتخلط الأوراق فبعد قضية كشف تنظيم حزب الله في مصر »أصدرنا بيانات وأقمنا مؤتمرات من خلال زيارات في عدة محافظات كانت رسالتنا فيها واضحة بأن أمن مصر خط أحمر لايمكن تجاوزه.
< لنعود إلي الحديث عن » تحقيق النسب«.. البعض يسعي لمحاولة الانتساب إلي النقابة لاستكمال »الوجاهة« بلقب »شريف« وهو لقب قد يفيده في موقعه وقد يلجأ في سبيل ذلك حتي إلي شراء شجرة عائلة.. فهل هذا ممكن؟!
ـ بل مستحيل أن يحصل علي لقب شريف إذا لم يكن يمتلك هذا الحق .. فالتحقق من النسب أمر شديد الدقة وتقوم به لجنة تضم علماء في التاريخ والأنساب وهجرة القبائل.. ويجب أن يقدم الشخص صورة البطاقة الشخصية بالاسم الرباعي ويقدم من خلال أوراق رسمية تثبت جدين بعد الاسم الرابع من خلال حجة أرض أو شهادات وفاة أو عقد زواج قديم مع شجرة العائلة ويتم ربط آخر جد ويكون ترتيبه السادس بشجرة العائلة ويتم بحث وتدقيق هذه الشجرة بالمستندات وأحيانا نستعين بشهادات من العائلة نفسها لإثبات نسب المتقدم بأنه معلوم ومشهور تسمي »شهادة تواتر«.
وقد حدث بالفعل أن تقدم كثيرون ومن بينهم شخصيات مشهورة وكبيرة للحصول علي النسب وبعد التحقيق لم يثبت نسبهم وتم الاعتذار لهم وتقبلوا الأمر.
أما عن ادعاء الشخص بانتسابه إلي عائلة شريفة وتقديم شجرة عائلة حقيقية ولاتخصه فهو أمر مستحيل بعد تتبع النسب الذي قد يقف في نقطة معينة نتيجة هجرة العائلة أو تحركها من بلد إلي بلد فيتم الاستعانة »بنساب« في البلد المعين لتحري الأمر.. ولذلك حتي إذا ادعي أحد انتسابه بشجرة عائلة حقيقية فهو أمر يمكن اكتشافه ولا يمكن أن يحدث.. ويكفي أن أقول أن عدد الأشراف المسجلين في مصر 75 ألف شخص فقط مع أن العدد الحقيقي للأشراف قد يتجاوز الخمسة ملايين 70٪ منهم في الصعيد ولايسجل معظمهم نتيجة التكاسل أو فقدان الأوراق.
< وإذا فقد الشخص »شجرة العائلة« فهل هناك جهة يمكن استخراج بدل فاقد منها.
ـ إذا فقد هذا المستند الهام فلا يمكن استخراج بديل له.. وهو أمر نادر الحدوث فكل عائلة تحتفظ بالشجرة الخاصة بها وتحرص علي وجود عدة نسخ منها لدي كبار العائلة.
< هناك أسماء بارزة في الحزب الوطني والحكومة تنسب للأشراف.. فهل قدموا جميعا أوراق إثبات نسبهم؟
ـ بالطبع فالسيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري من الأشراف وحسن الألفي وزير الداخلية الأسبق والدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي ود.حسن عباس زكي وزير الاقتصاد الأسبق والمهندس أحمد عز أمين التنطيم بالحزب الوطني وعضو مجلس الشعب وبالمناسبة.. انتماؤه للأشراف عن طريق عائلته وعضويته بالنقابة سابقة علي دخوله مجال العمل السياسي وقبل زواجه من كريمة المرحوم أحمد كامل ياسين وهناك الكثير من العلماء والأطباء والمهندسين من أبناء النقابة وأيضا الكثيرون من البسطاء.
< وماذا عن د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب.. هل هو من الأشراف:
ـ لا .. هو ليس من الأشراف وليس عضوا في النقابة.. أما زوجته فهي التي تنتمي للأشراف.. ولم يدع الرجل أبدا أنه من الأشراف.
< وهل تهب الزوجة أو الأم النسب إلي الأبناء حتي إذا كان الأب لا ينتمي إلي الأشراف؟
ـ نعم يحمل الأبناء النسب عن طريق الأم أو الجدة ويسمي »نسب بطون«.
< أنا أعلم أن السيد أحمد كامل ياسين رحمه الله.. بذل جهدا كبيرا في أن يكون للنقابة دور فعال في مساعدة أبنائها فأسس صندوقا للزكاة من أبناء الأشراف لمساعدة الأشراف فما هي المشروعات الأخري التي ستقدمها النقابة لأبنائها في الفترة القادمة؟
ـ بعد إنشاء صندوق التكافل الاجتماعي لأبناء الأشراف لأننا سبق وأوضحنا أن الأشراف لاتجوز عليهم الزكاة أو الصدقات عائدين بذلك إلي سيدنا رسول الله [ عندما تناول أمامه سيدنا الحسن »تمرة« من صدقات زكاة الفطر فأخرجها الرسول من فمه، فقال له ألا تعلم أنها محرمة علينا لأنها للفقراء وتطهرهم وتزكيهم.
ونسعي الآن لعمل مشروع للرعاية الصحية كما سنهتم في الفترة القادمة بمشروع زواج غير القادرين من الأشراف والاهتمام بالأرامل والفقراء.. وكل هذه المشروعات سيمولها أبناء الأشراف فنحن لا نحصل علي مليم واحد من الدولة أو من أي مكان آخر.. ورسم عضوية الأشراف هو خمسة عشر جنيها في العام.
< هل معني ذلك أن من يستفيد من مشروعاتكم هم أبناء الأشراف فقط..؟!
ـ نفي وهو تبدو علي وجهه علامات الدهشة الشديدة.. هذا غير صحيح.. فإلي جانب المشروعات التي يستفيد منها أبناء الأشراف.. تساهم النقابة في العديد من المشروعات والجمعيات الخيرية.
المصدر : جريدة أخبار اليوم المصرية الأربعاء 13 من مايو سنة 2009م – 18 من جمادى الأولى سنة 1430هـ – العدد 3890
{moscomment}