بيان و خطاب مفتوح من الدكتور الشريف حاتم العوني للرئيس الايراني أحمد نجاد

بواسطة | إدارة الموقع
2009/06/16


فخامة الرئيس محمد أحمدي نجاد رئيس جمهورية إيران الإسلامية وفقه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد استمع العالم الإسلامي لخطابكم الأول والثاني الذي تعرضتم فيه لشخصيتين عظيمتين في التاريخ الإسلامي , وهما شخصيتا الصحابيين الجليلين : طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما , وهما عند أهل السنة (على الأقل) من سادة الأمة الإسلامية واثنان من العشرة الميشرين بالجنة .

وقد اعترف فخامتكم في خطابكم الثاني أنهما كانا قد قدما خدمات جليلة للإسلام بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي حياته , ولكنكم وللأسف الشديد عدتم على هذا الثناء بالنقض , عندما وصفتموهما بأنهما قد نكثا العهد بسبب ما حصل في موقعة الجمل , وأنهما بذلك قد فقدا المميزات التي استحقاها بجاهدهما وبذلهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبغض النظر عن الروايات التاريخية الملفقة أو المجتزأة التي تعزز رأيكم هذا حسب وجهة نظر أهل السنة , وبغض النظر عن التفسيرات البعيدة للحوادث الثابتة في التاريخ , وبغض النظر عن اللغة المتطرفة التي كتبت هذا الموضوع في الكتب الدينية والتاريخية لدى الشيعة والتي تبلغ حدا غاليا من التطرف , وحسب وجهة أهل السنة أيضا , بغض النظر عن ذلك كله وعن المناقشات الطويلة لأهل السنة له , فلم يكن من المنتظر منكم , وأنتم رئيس دولة , أن تسيئوا إلى مشاعر مليار مسلم من أهل السنة هذه الإساءة البالغة بتعرضكم لاثنين من كبار رموز الإسلام عندهم , ولا يليق برجل سياسة كبير في مستوى رئيس دولة أن يفعل ذلك ؛ لأنه سيخسر بذلك أكثر مما يربح , ويزيد من النار الطائفية في المنطقة اشتعالا , ويصل بها مستوى جديدا , لم يكن قد وصل إليه سابقا , فقد كان سابقا يقوده صراحة بعض رجال الدين وحدهم , فأصبح بخطابكم هذا يقوده السياسيون صراحة أيضا , بل يقوده رئيس دولة مثل فخامتكم .

ومع أني لا أسمح لنفسي هنا أن أناقشكم في قناعتكم الخاصة التي يوافقكم عليها عدد كبير من أبناء أمتكم العظيمة , ويخالفكم فيها أهل السنة كلهم , وهم الغالبية الكبرى من المسلمين ؛ إلا أن المنتظر من فخامتكم أن تعتذروا للعالم الإسلامي عن هذه الإساءة , فالقناعات الخاصة لا تجيز الإساءة لمشاعر مئات الملايين من المسلمين , وإذا كان الله تعالى قد نهانا أن نسب الأوثان التي كان يعبدها المشركون لكي لا يؤدي ذلك إلى مفسدة أعظم , وذلك في قوله تعالى (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) فمن باب أولى أن يكون مما ينهانا عنه الله تعالى أن نعلن بشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين , للسبب نفسه , وهو أن شتمهم سيزيد من نار الطائفية اشتعالا في المنطقة وسيسئ إلى مشاعر مليار مسلم .

وهذا الخطاب وإن كان خطابا خاصا مني , لكن المطالبة بالاعتذار هي في الحقيقة مطلب مئات الملايين من أهل السنة في العالم ممن ساءهم هذا التناول من فخامتكم , وأضيف إلى كونه مطلبا من عموم أهل السنة فهو أيضا مطلب يخصني ويخص من يوافقني الاعتقاد من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم , وهو أني تألمت كثيرا لتعرض فخامتكم لهذين الرمزين الكبيرين , وأومن أن جدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لو كان موجودا لتألم أكثر مني , لعظيم محبته لهما , ولعلمه بحقيقة ما حصل مما لا يطعن في دين هذين السيدين الجليلين ولا يبطل جهادهما وبذلهما العظيمين لتوطيد أركان الدين ونصرة الإسلام . ولا أتصور كيف يحتمل فخامتكم إيذاء جدي أبي السبطين رضي الله عنه (ولو احتمالا) , وإيذاء عشرات الألوف من ذريته من أهل السنة (يقينا) .

فخامة الرئيس ليتكم تقودون أمتكم العظيمة إلى تجاوز التأزمات التاريخية القديمة إلى انفراج عقلاني مصلحي , يبدد الأوهام التاريخية ويزيل الاحتقان الذي خلفته لعصرنا الحاضر . وخطابكم الأخير بخلاف ذلك تماما , فهل تفكرون مليا في إعادة النظر فيه ؟

وفق الله فخامتكم إلى ما فيه خير بلادكم وشعبكم , وأن يعينكم مع بقية قادة العالم الإسلامي على توحيد الصف ونصرة الإسلام والمسلمين .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


د. الشريف حاتم بن عارف العوني
عضو مجلس الشورى السعودي
{moscomment}

بحث سريع