تعويض والد ” الغريقة “

بواسطة | د. عبدالرحمن العرابي
2009/08/09

* من (حق) والد «غريقة بحر جدة» الشهيدة فاطمة علي الصعب المطالبة (بتعويض) عن فقد ابنته. فحسب ما نقلت هذه الصحيفة الرائدة يوم الخميس الماضي من:«أن السيد علي الصعب رفع دعوى ضد أمانة محافظة جدة، وأمله في معاقبة المتسبب في وفاة ابنته حتى لا تتكرر هذه المأساة من جديد لشخص آخر».

* كما نقلت «المدينة» أيضاً رأي مساعد وكيل أمين جدة للإصحاح البيئي د. محمد عبدالسلام:«نفيه مسؤولية أنبوب الصرف الصحي الذي يصب في البحر عن وفاة فاطمة، وقوله إن قوة الدفع من الأنبوب عادية، وتستند على الجاذبية الأرضية، ولا قوة دفع فيها».

* بكل (هدوء)، وبدون (تشنج)، وبكل (إنسانية) و(حيادية) في مناقشت
ه وتحليل هكذا حادثة (كارثية) على أهل «فاطمة» يجب (أولاً) التفكير في (الفقد) الذي أصاب العائلة وأسرة الغريقة هكذا في لمح البصر، وهي في ريعان شبابها، وفي أحد أيام ابتهاجها (بالنجاح) والانتقال الى مرحلة دراسية أخرى.

* أقول في هكذا حالة لا يجب أن تعمي أذهاننا وعقولنا في الانفعالات غير الموزونة، و(النفي) الروتيني الذي تعودناه عند وقوع كارثة أو حدوث مشكلة أو التسبب في خطأ فحسب ما نقلت كل الصحف المحلية ومنها «المدينة» فإن رجال حرس الحدود – وهم الاخبر والادرى بهكذا حوادث – يقولون إن دفعة المياه المتدفقة من أنبوب الصرف الصحي الذي يصب في البحر (أدى) إلى غرق فاطمة. أي أنه هو السبب (المباشر) في وفاة فاطمة.
* وكانت «المدينة» وشقيقاتها من الصحف السعودية قد نقلت عند بداية تغطيتها لحادثة غرق فاطمة عن والد الغريقة قوله (المؤكد): «أن دفعة من مياه الصرف الصحي فصلته عن ابنته وتسببت في غرقها».

* مَن يعرف منطقة النورس، ومَن شاهد الصور التي نشرتها «المدينة» نقلاً عن (جوال) أحد المتنزهين لفاطمة قبل غرقها (يدرك) أن المنطقة التي كانت تقف فيها لم تكن (عميقة)، بحيث يصعب عليها الخروج منها، أو أنها تتطلب قدرة سباحية كافية للبقاء فيها، فالمنطقة عادية، وبإمكان أي فرد (التجول) فيها، والتمتع بمياه البحر دون الخوف من غرق أو مد بحري.
* في ظل هكذا (وقائع)، وفي ظل هكذا (حقائق) كنتُ اُتوقع إحقاقاً للحق ومشاركة في رفع عبء (الكارثة) ومسح (المأساة) عن كاهل والد فاطمة وأهلها أن تقوم أمانة محافظة جدة، وهي المسؤولة المباشرة، ولا أحد غيرها، بمواساة الأسرة، وتقديم واجب العزاء، والتخفيف عن مصابهم في فقدان (زهرة) من فضاء محيطهم الأسري.

* لكن ما حدث وبكل أسف (طناش)، وكأن الأمر لا يعني الامانة في شيء، وكأن (فاطمة) غرقت في الخليج العربي أو الساحل الغربي من البحر الأحمر ربما في الشاطئ المصري أو السوداني أو الإريتري، بل إن مسؤولي الأمانة نفوا ولا زالوا ينفون كما في تصريح د. عبدالسلام أي مسؤولية لهم في موت فاطمة!!.

* بحق أقول إن أقل ما يمكن (إنسانياً) لمواساة والد فاطمة وأسرتها وهم يعيشون على «قد حالهم» الاعتراف بالمسؤولية، ثم تعويضهم بما يخفف مصابهم. فسكنهم ضيق، وهو ملحق في مدرسة، وراتب الأب قليل، والأسرة في أمسِّ الحاجة إلى العون الإنساني.. فهل (انعدم) الجود و(انكفأت) الشهامة عن هذه التربة المقدسة وعن أبنائها؟! علي الصعب وأسرته في انتظار المشاركة الحقيقية لهم لتخفيف مصابهم!!.

=====================================

صحيفة المدينة الاثنين, 3 أغسطس 2009

بحث سريع