نظرات في ( نظرات في كتاب نهاية الأرب) للقلقشندي-1

بواسطة | الشريف محمد بن حسين الصمداني
2011/04/18

أخبرني صديق حميم ، و ابن عمٍ كريم عن كتاب جديد صدر في الأنساب للمؤلف الأستاذ عبدالستار بن درويش الحسني البغدادي ، و قد حلاه محققه الأستاذ محمد بن عبدالله آل رشيد وفقه الله ، بقوله ( الأستاذ البحاثة المؤرخ ) ..

و يتناقل أهل العراق قصة وقعت للمؤرخ مصطفى جواد في برنامجه الشهير ( قل ولا تقل ) حول كلمة ( البحاثة ) يحسُن بالأستاذ محمد آل رشيد الاطلاع عليها !

 و قد يسر الله لي الاطلاع على الكتاب ، فوجدته يقع في 96 صفحة مع الفهارس ، وهو كتاب لطيف فريد في بابه ، أبان عن حسن معرفة الأستاذ عبدالستار الحسني بعلم النسب .

   و من لطيف القدر أنني أطلعتُ قريباً على موقع في شبكة الانترنت فيه ( أمالي ) للأستاذ الحسني البغدادي ، فوجدت المنشور له قليل ، لكنه أبان عن علو كعب في عالم الأدب و التصنيف ، و  أوضح سعة اطلاع ، و حسن معرفة بالمصادر والمراجع . 

   أصلُ هذا الكتاب

 

  أصل هذا الكتاب خمس مقالات نشرها الأستاذ عبدالستار الحسني البغدادي في مجلة البلاغ العراقية  في سنة1395 إلى 1396 . و قال محققها والمعتني بها : ( و لما اطلعت على هذه المقالات ، و ما فيها من النقد العلمي الرصين ، رغبتُ في نشرها ليعم النفعُ بها ، لاسيما أن الأستاذ المذكور مبرز في فنه ، لكن ليس له من الآثار المطبوعة ما يدل على مقامه العلمي ، فكان في جمع تلك المقالات و نشرها تنويهٌ بعلمه و فضله ، و قد استأذنته في ذلك فأذن أحسن الله إليه ، و زاد أن تفضل بإعادة النظر فيها و تصحيحها قبل الطبع ) أهـ. ص 6.

  عنوان الكتاب

 طبعت تلك المقالات بعنوان ( نظرات في كتاب نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي )  ، و قد قال المحقق : ( و قد كشف الأستاذ الحسني بثاقب نظره أوهاماً وقع فيها العلامة القلقشندي في كتابه و تتبع بالنقد أيضاً محقق الكتاب : الأستاذ علياً الخاقاني ..) أهـ. ص 6 .

فالمقالات في أصلها تتعقب جهتين :

1-  قول القلقشندي في متن ” نهاية الأرب ” .

2-  قول علي الخاقاني في تحقيقه و هامشه .

و قد أماط الأستاذ الحسني اللثام عن مراده ، فقال : ( لم يطلع على النهاية من طويل عهد ، بل وقع إليَّ في عهد متأخر ، و كان اطلاعي على طبعة الخاقاني قبل اطلاعي على طبعة الأعظمي التي تحتويها مكتبة أستاذنا العلامة الدكتور حسين علي آل محفوظ

  و قد هالني ما رأيتُ في الطبعتين من انتشار الغلط و ركوب الشطط و عدم الدقة في ضبط الأعلام ، حتى أني لم أتجاوز صفحة أرهقتها بالملحوظات إلا لأرهق أختها بمثل ذلك .

 و قد سرتُ مع الكتاب من بدايته إلى نهايته فلم أر توضيح معنى و لا زيادة بيان بل ما شممت للتحقيق فيه رائحة تشي بجهد مبذول أو تنم على عناء بالغ في كل ما قرأته من صفحاته التي تنيف على (435) صفحة باستثناء الفهارس .

  و ازداد عجبي من الخاقاني – ناشر الكتاب – حيث ادعى أن طبعته ” خرجت صحيحة قدر الإمكان ” على حد تعبيره في المقدمة ..) . أهـ.  ص 21 .

   فأصل المقالات إذن تتعلق بطبعة الخاقاني ( مطبعة النجاح بغداد 1378 ) ، لا بأصل كلام القلقشندي ، و لهذا قال الأستاذ الحسني ( .. و إني أحملُ تبعة هذا التحريف على النساخ غير النابهين ، و إلا فلا يعقل أن المؤلف ، وهو فزاري ، وله الإحاطة الكبيرة بالأنساب يجهلُ أن تكون فزارة عدنانية ..) أهـ. ص 22 .

   و لهذا ، لو قُيّد عنوان الكتاب بطبعة الخاقاني في العنوان ، لكان من الوجاهة و الحسن بمكان ، فيقال ( نظرات في كتاب نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي طبعة الخاقاني ) .

 و الناظر قد يذهب وهله إلى أن هذا انتقاد و تصحيح لمتن كتاب القلقشندي ، و هذا لم يرده الأستاذ الحسني بل قيده بطبعة الخاقاني ، مع عدم خلوه من تعقب لمتن الكتاب ، و مراجعته لأقوال القلقشندي والرد عليها ، كقوله ( ..و ليس من شك في أن بعض تلك الأوهام محمول على المؤلف ، وبعضها محمول على النساخ ، وللمطبعة من ذلك نصيب غير منقوص . ولستُ الآن بسبيل استقصاء موارد النظر في هذا الكتاب النفيس ، فإن ذلك مما قد يشق على كثير من القراء الكرام ، لا سيما غير ذوي الاختصاص ممن لا يجدون في الخوض في مثل هذه المباحث كثير جدوى ، و قصاراي في هذا العرض أن أنبه على المهم المهم مما اشتبه فيه موكلاً غيره إلى فطنة القاريء اللبيب و نباهته مبتدئاً بمقدمة الناشر و منتهياً بخاتمة المؤلف ) أهـ. ص 24.  و قال في ص 32 ( و ها نحن أولاء نسجل سائر ما أخذناه على المؤلف و الناشر و دار الطباعة لها من ذلك حصة الأسد ” بالطبع” ) . أهـ.  

  قال العلامة حمد الجاسر عن أفضل طبعات كتاب نهاية الأرب – طبعة الأبياري – : (طبعة ناقصة أيضاً ، وغير محققة و لا مقابلة على النسخ التي وصفها الأستاذ الفاضل في مقدمته ) . أهـ.  ( مجلة العرب 1: 118 ) . انظر ( مقدمة الرشيد للكتاب ص 10 ) .    

   فإذا كان هذا كذلك ، فحق كتاب القلقشندي لم يؤد حتى الآن ! و لا زال ديناً في رقاب النسابين !

 و من مصادر القلقشندي النسبية في الكتاب كلام ابن فضل الله العمري ، و الحمداني ، و ابن خلدون و غيرهم . و يتكرر عند هؤلاء طريقة خاصة بهم في عرض أنساب العرب ، و منهم الطالبية ، تحتاج إلى بحث مستقل ، فإن فيها شذوذات كثيرة عن الأصول المعتمدة في كتب نسب الطالبية . 

 

نظرات في ( النظرات )  

 

 لاحظت على الكتاب على صغره جملة ملاحظات لا تقلل من قيمة ما فيه من علم و جهد و تفنن في علم النسب سواء في متنه أو هامشه ، و هي على النحو التالي :

 

1-  ذكر الأستاذ النسابة الحسني رهط أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، فقال ( و هم بنو غفار بن مليل بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ..) . ص 22 ، و في ص 89 قال : ( بنو غفار بن مليل بن طابخة بن آلياس بن مضر ، وهم رهط أبي ذر الغفاري رضي الله عنه  ) .

قلتُ : هم بنو غفار بن مليل بن ضمرة ، ببقية النسب كما هو معلوم  .     

 

2-  ذكر الأستاذ الحسني في ص 23 ما وجد في مادة ( بلد ) من معجم البلدان لياقوت الحموي ، و ضربه مثلاً لدخول هامش عبدالكريم ابن الطاوس على المتن ، و مراده : تحديد مرقد أبي جعفر محمد بن علي ، أخي الحسن العسكري ، و جعفر الذي تسميه الإمامية الكذاب ، وحاشاه بل هو ( المصدَّق ) . و شأن أبي جعفر محمد عند الإمامية عظيم لأنهم يروون و يسندون قصة ولادة الغائب المنتظر من خلاله ، و لا ذكر له في ” الأصول المعتمدة ” .

   و مما له تعلق بهذه الفائدة – وتحتاج إلى بحث و تحرير – ما دخل في متن ” المجدي في أنساب الطالبيين ” للعمري حيث إن عبدالكريم ابن الطاوس كتب ( المجدي ) بخطه ، و أُدرِج فيه : خبر زيارته لمشهد أبي جعفر محمد في( بلد ) ، و أثبتها محقق الكتاب الأستاذ الدامغاني في متن كتاب المجدي ، فظُنت من كلام النسابة العمري ، و نسبت إليه ، و ليس ذلك من قوله بل هو كلام عبدالكريم ابن الطاوس .

  و توجد نصوص عدة محل استغراب و استشكال في ( المجدي ) عند مصنفي الشيعة ، كما في ” الكنى والألقاب ” ( 1/337 ) .   

 

3-  ذكر الأستاذ الحسني ص 24  ( ..، و كان معاصراً للفخر الرازي المفسر الشهير ، و هو الذي اقترح عليه أن يكتب قطعة في أنساب الطالبية ، كما أشار إلى ذلك ابن الفوطي ..) . و ذكر الأستاذ محمد آل رشيد في الحاشية رقم (1) أن المقصود كتاب ( الشجرة المباركة في أنساب الطالبية ) .

   قلتُ : كلا ، هذا لم يرده الأستاذ الحسني بل هو يعني كتاب “ الفخري في أنساب الطالبيين ” ، ولكن الأمر اشتبه على  محققه . 

 

4-   ذكر الأستاذ الحسني متعقباً على الناشر ( و ذكر كتاب مذيل الأنساب ..إلخ ) ص 29. ثم قال ( و الصواب أن الرجل حسني لا حسيني ، وهو من بني زيد الأسود الحسني نقباء شيراز ) .

    قلتُ : لعل الخاقاني جرى على ما في ” الذريعة ” إذ إنه ذكره بأنه ( الحسيني الشيرازي ) مع أنه ساق نسبه إلى الحسن رضي الله عنه ، فلعله تطبيع ، و في ذرية المصنف من يقال عنه ( الحسني الحسيني الطباطبائي ) ، و هو النسابة عبدالمؤمن بن الحسين ، و بذا خرجت العهدة من حيز الناشر . و مع ذلك ، فهو ليس من ” بني زيد الأسود ” كما ذكر الأستاذ عبدالستار بل نسبه المذكور يرجع إلى ( طاهر بن علي بن محمد الشاعر ) على ما في ( الذريعة ) ،  و محمد الشاعر من بني عمومة بني زيد الأسود .   

 

5- ذكر الأستاذ آل رشيد في حاشيته رقم (4) ص 33 نصاً مصحفاً فأثار الإشكال ، فأحببتُ التنبيه عليه ، وهو نقله من طبعة الأبياري ( و ربما وقع ذلك في الآخرين إذا كان أحدهما أكبر من الآخر ) . والصواب ( و ربما وقع ذلك في الأخوين ) .

 

6- وفي ص 33 : صوب الأستاذ الحسني نص ( السميقع بن ماكور ) بقوله ( و الصواب سميفع بن ناكور ) . قلتُ : الأظهر : ( سميع بن مأكول ) كما نقله الأستاذ المحقق محمد الرشيد في الحاشية .   

 

7- في ص 34 قال النسابة المؤرخ الحسني : ( و الثابت عن المحققين من علماء المسلمين أن آزر هو عم إبراهيم لا أبوه ، و إطلاق الأب على العم كثير في لغة العرب ، و عليه التنزيل في قوله تعالى ( و إذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) .

     ثم قال ( و هذا هو منشأ تشبث الذاهبين إلى تكفير آباء النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كفانا مؤونة الرد عليهم الإمام الماوردي الفقيه الشافعي ( ت 450 ) إذ قال في كتابه ( أعلام النبوة ) ما نصه : ” لما كان أنبياء الله صفو عباده و خير خلقه لما كلفهم من القيام بحقه استخلصهم لنفسه من أكرم العناصر و أمدهم بأوكد الأواصر حفظاًً لنسبهم من قدح و لمنصبهم من جرح لتكون النفوس لهم أوطأ ، والقلوب لهم أصفى فيكون الناس إلى إجابتهم أسرع ولأوامرهم أطوع ” . قلتُ : وفي الباب تفصيل موكول إلى مظانه فلا نطيل ) أهـ. كلام الأستاذ عبدالستار الحسني .

   قلتُ : و ما ذكره عن المحققين ليس بصحيح ، بل هم على خلافه . و قد صوّب إمام المفسرين والمؤرخين الطبري قول من قال : إن أبا إبراهيم هو آزر ، فقال ( فأولى القولين بالصواب منهما عندي قول من قال هو اسم أبيه لأن الله تعالى أخبر أنه أبوه وهو القول المحفوظ من قول أهل العلم دون القول الآخر الذى زعم قائله أنه نعت .

   فإن قال قائل : فإن أهل الأنساب ، إنما ينسبون إبراهيم إلى تارح ؟ فكيف يكون آزر اسماً له والمعروف به من الاسم تارح ؟

    قيل له : غير محال أن يكون كان له اسمان كما لكثير من الناس فى دهرنا هذا ، و كان ذلك فيما مضى لكثير منهم وجائز أن يكون لعباد الله والله تعالى أعلم ) أهـ .

    قلتُ : يشهد لقول الطبري رحمه الله تعالى ماذكره الله في القرآن الكريم من حكاية اسمين ليعقوب حفيد إبراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام ، فهو : إسرائيل ، و يعقوب .

  و قال الرازي ( .. و أما قولهم : أجمع النسابون على أن اسمه كان تارح ؟! فنقول : إنه ضعيف لأن ذلك الإجماع إنما حصل لأن بعضهم يقلد بعضا و بالآخرة يرجع ذلك الإجماع إلى قول الواحد والاثنين مثل قول وهب وكعب وغيرهما ، و ربما تعلقوا بما يجدونه من أخبار اليهود والنصارى ، و لا عبره بذلك فى مقابلة صريح القرآن ) . أهـ.

    والعجب من قول الأستاذ ( و عليه التنزيل في قوله تعالى ( و إذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) …) ! . و  التنزيل على أن آزر هو أبو إبراهيم ! و الناقل عنه يحتاج أن يفرد سالفته و ينثر كنانته ! و كذا استدلاله بكلام الإمام الماوردي ، فهو خارجٌ عن حرف المسألة و حدها !

    فهذه أقوال المحققين من علماء المسلمين في المسألة ، و ليس هذا محل بسط ! 

 يتبع ..

3 تعليق

  1. اياد التكريتي says:

    السلام عليكم
    ان المدعو السيد عبد الستار درويش الحسني هو انسان مدعي وكذاب واسمه الحقيقي ستار درويش خدام دويج العقابي ومن سكنه بغداد الرصافه ولديه اخ اكبر منه شيوعي اسمه حسن درويش الملقب بحسن الاعور ولديه 11 ولد كلهم لصوص وحرميه ويشتغلون بالتهريب والسرقه ومن المعيب على هؤلاء القوم ادعا نسبهم للرسول لسرقه اموال البسطاء والسلام عليكم

  2. اياد البغدادي says:

    السلام عليكم..
    ان السيد عبد الستار درويش الحسني البغدادي عالم جليل واديب لامع ومؤرخ ونسابة ثقة نادر…. من عمالقة علماء الاسلام الحقيقي في وقتنا الحاضر.. تحية خاصة له وندعو الله له بدوام الصحة و العافية بفضل من الله ورسوله الكريم..

  3. البغدادي says:

    اخي المدعي اياد التكريتي عيب تكتب كلام معيب وغير صجحيح بحق اعلام علماء المسلمين الحقيقيون.. ممكن انت مندس لغر تشويه سمعة اعلام الناس هل هي الغيرة ام الحسد
    العلامة الفاضل الاستاذ عبد الستار درويش الحسني من اشرف خلق الله في هذا الزمان الاغبر
    وشكرا

اضف مشاركتك هنا:

بحث سريع