ترجمة مختصرة للحسين بن علي رضي الله عنهما

بواسطة | د. أحمد المورعي
2013/06/02

اسمه ونسبه وسيرته :
هو الامام الشريف الكامل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا ومحبوبه ، واحد سيدى شباب اهل الجنة ، الشهيد ابو عبدالله الحسين بن امير المؤمنين ابي الحسن علي بن ابي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي القرشي الهاشمي المدني .
حدث عن جده وابويه وصهره عمر بن الخطاب وطائفه وحدث عنه والداه علي وفاطمة وعكرمة والشعبي وطلحة العقيلي وابن اخيه زيد بن الحسن وهمام الفرزدق وآخرون .
ولد في خامس شعبان سنة اربع من الهجرة ، وهو اصغر من الحسن ، وكان اشبه
برسول الله صلى الله عليه وسلم من صدره الى قدميه كما ذكر ذلك علي بن ابي طالب(1) ، وقال انس بن مالك حينما اتى برأس الحسين الى ابن زياد فجعل ينكث بقضيب معه اما انه كان اشبههما بالنبي(1) ، وعق عنه جده المصطفى بكبش، وكان فاضلاً ديناً كثير الصيام والصلاة والحج ، ويروى انه حج خمساً وعشرين حجة ماشياً(2) .
قال الذهبي : بلغنا ان الحسين لم يعجبه ما عمل اخوه الحسن من تسليم الخلافة الى معاوية ، بل كان رأيه القتال، ولكنه كظم واطاع اخاه وبايع ، وكان يقبل جوائز معاوية ، ومعاوية يرى له ويحترمه ويجله ، فلما ان فعل معاوية ما فعل بعد وفاة السيد الحسن من العهد بالخلافةالى ولده يزيد ، تألم الحسين وحق له ، وامتنع هو وابن ابي بكر وابن الزبير من المبايعة حتى قهرهم معاوية واخذ بيعتهم مكرهين ، وغلبوا وعجزوا عن سلطان الوقت ، فلما مات معاوية ، تسلم الخلافة يزيد ، وبايعه اكثر الناس ولم يبايع له ابن الزبير ولا الحسين ، وأنفوا من ذلك ورام كل واحد منهما الامر لنفسه وسارا في الليل من المدينة )(3) ، قلت وحصل ما حصل .
وقد ذكر الذهبي تصويب عبدالله بن عمر للحسين في مسير ، وقال : وهو رأى ابن الزبير وجماعة من الصحابة شهدوا الحرة ، وذكر ما حدث الى مقتله رضي الله عنه شهيداً(4) .
مات رضي الله عنه يوم عاشوراء سنة احدى وستين للهجرة ، زاد بعضهم يوم السبت وقيل يوم الجمعة وقيل يوم الاثنين وهو ابن ست او ثمان وخمسين ، قال ابن حجر : ( كذا قال الجمهور ، وشذ من قال غير ذلك )(1) وله من الولد علي الاكبر قتل مع ابيه ، وعلي زين العابدين وذريته عدد كثير ، وجعفر وعبدالله ولم يعقبا .
وقد اختلف في موضع رأسه وقبره فأما رأس الحسين رضى الله عنه فالمشهور عند أهل التاريخ وأهل السير كما ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية أنه بعث به ابن زياد الى يزيد بن معاوية ثم قال ( ومن الناس من انكر ذلك ، وعندي أن الاول أشهر فالله اعلم ثم اختلفوا بعد ذلك في المكان الذي دفن فيه الرأس فقيل إن يزيد بعث برأس الحسين الى عمرو بن سعيد نائب المدينة فدفنه عند أمه بالبقيع وقيل ان الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفى فأخذ من خزانته فكفن ودفن داخل باب الفراديس من مدينة دمشق ، قلت : ويعرف مكانه بمسجد الرأس اليوم ، وادعت الطائفة المسمون بالفاطميين الذين ملكوا الديار المصرية قبل سنة اربعمائة الى ما بعد سنة ستين وستمائة أن رأس الحسين وصل الى الديار المصرية ودفنوه بها وبنوا عليه المشهد المشهور به بمصر الذي يقال له تاج الحسين بعد سنة خمسمائة ، وقد نص غير واحد من أئمة أهل العلم على أنه لا أصل لذلك وإنما ارادوا أن يروجوا بذلك بطلان ما ادعوه من النسب الشريف وهم في ذلك كذبة خونة ، وقد نص على ذلك القاضي الباقلاني وغير واحد من أئمة العلماء في دولتهم حدود سنة اربعمائة ) (2) أ.هـ كلامه بتصرف .
وأما موضع قبره فقد قال ابن كثير : ( قد اشتهر عند كثير من المتأخرين انه في مشهد على بمكان من ألطف عند نهر كربلاء . فيقال إن ذلك المشهد مبني على قبره فالله أعلم ، وقد ذكر ابن جرير وغيره أن موضع قتله عفى أثره حتى لم يطلع أحد على تعيينه بخبر ، وقد كان أبو نعيم الفضل بن دكين : ينكر على من يزعم انه يعرف قبر الحسين ) (3) . ثم قال رحمه الله : ( ولقد بالغ الشيعة في يوم عاشوراء ، فوضعوا أحاديث كثيرةً كذباً فاحشاً ، من كون الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم وما رفع يومئذ حجر الا وجد تحته دم ، وأن أرجاء السماء احمرت ، وأن الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنه الدم ، وصارت السماء كأنها علقة ، وأن الكواكب ضرب بعضها بعضاً ، وامطرت السماء دماً أحمر ، وأن الحمرة لم تكن السماء قبل يومئذ ، ونحو ذلك . وروى ابن لهيعة عن أبي قبيل المعافري أن الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم وقت الظهر ، وأن رأس الحسين لما دخلوا به قصر الامارة جعلت الحيطان تسيل دماً ، وأن الأرض أظلمت ثلاثة أيام ، ولم يمس زعفران ولا ورس بما كان معه يومئذ الا احترق من مسه ، ولم يرفع حجر من حجارة بيت المقدس إلا ظهر تحته دم عبيط ، وأن الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم . الى غير ذلك من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شىء ، وأما ما روى من الأحاديث والفتن التي أصابت من قتله فأكثرها صحيح ، فانه قل من نجا من اولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة في الدنيا فلم يخرج منها حتى أصيب عرض وأكثرهم أصابهم الجنون ) (1) .

ما ورد في بشارته وفضله :
1- عن حذيفة وابي سعيد وعلي وابن مسعود وغيرهم قالوا : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة )(1) .
2- وعن جابر رضي الله عنه انه قال وقد دخل الحسين المسجد : ( من احب ان ينظر الى سيد شباب اهل الجنة فلينظر الى هذا ، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) اخرجه احمد في فضائل الصحابة(2) ، وذكره الهيثمي في المجمع ونسبه الى ابي يعلى وقال : رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعد وهو ثقة(3) ، قلت : والحديث صحيح .
3- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( هما ريحانتاى من الدنيا ) رواه البخاري(4) .
4 – عن يعلى العامري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حسين سبط من الاسباط ، من احبني فليحب حسيناً ) وفي لفظ ( احب الله من احب حسيناً ) رواه احمد(1) والترمذي وحسنه(2) وابن ماجه(3) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي(4) .
5- عن الحسين قال : صعدت المنبر الى عمر ، فقلت : انزل عن منبر ابي واذهب الى منبر ابيك ، فقال : ان ابي لم يكن له منبر ، فاقعدني معه ، فلما نزل قال : أي بنى من علمك هذا ؟ قلت : ما علمينه احد فقال : اي بنى ، لوجعلت تأتينا وتغشانا(5) .
6- عن ابي امامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله‏ صلى الله عليه وسلم ‏لنسائه : لاتبكوا حسيناً، فكان يوم ام سلمة ، فنزل جبريل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لام سلمة : لاتدعي احداً يدخل فجاء حسين وبكى ، فخلته يدخل ، فدخل حتى جلس في حجر رسول الله‏ صلى الله عليه وسلم ‏ ، فقال جبريل : ان امتك ستقتله ، قال : يقتلونه وهم مؤمنون ؟ قال : نعم ، وأراه تربته ) رواه احمد(6) ، وذكره الهيثمي وقال : رجال احمد رجال الصحيح(7) ، وصحح الذهبي اسناده(8) ، قلت : وهو صحيح .

وقد سبقت عدة احاديث في فضله عند ترجمة اخيه الحسن ومناقبه كثيرة جداً رضي الله عنه وارضاه.
هذا وقد وردت في ترجمته احاديث منكرة لاتصح منها :
1- عن ابي هريرة قال : كان الحسين عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يحبه حباً شديداً ، فقال :( اذهب الى امك ، فقلت : اذهب معه ، قال : لا ، فجاءت برقة فمشى في ضوئها حتى بلغ الى امه ) ، ذكره الهيثمي وقال : رواه الطبراني وفيه موسى بن عثمان الحضرمي وهو متروك(1) ، وذكره الذهبي في السير وقال : موسى بن عثمان الحضرمي شيعى واه(2) .
2- يروى ان فاطمة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏في مرض الموت ان ينحل ولديها شيئاً ، فقال :
( اما الحسن فله هيبتي وسؤددي ، واما الحسين فله جرأتي وجودي ) اورده ابن كثير في البداية والنهاية وقال : ( ليس بصحيح ، ولم يخرجه احد من اصحاب الكتب المعتبرة)(3) .
3- ويروى عن علي بن ابي على اللهبي عن جعفر بن محمد عن ابيه قال : قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏موضع الجنائز ، فطلع الحسن والحسين فاعتركا ، فقال النبي‏ صلى الله عليه وسلم ‏‏: ايها حسن ، فقال علي : يارسول الله اعلى حسين تواليه ؟ فقال : هذا جبريل يقول : ايها حسين “(4) .

بحث سريع