الطلاق

بواسطة | إدارة الموقع
2005/03/20

* الطلاق: هو حَلُّ قيد النكاح أو بعضه.
* حكمة مشروعيته:
شرع الله النكاح لإقامة الحياة الزوجية المستقرة، المبنية على المحبة والمودة بين الزوجين، وإعفاف كل منهما صاحبه، وتحصيل النسل، وقضاء الوطر.
وإذا اختلت هذه المصالح وفسدت النوايا بسبب سوء خلق أحد الزوجين، أو تنافرت الطباع، أو ساءت العشرة بينهما أو نحوها من الأسباب التي تؤدي إلى الشقاق المستمر الذي تصعب معه العشرة الزوجية، فإذا وصل الأمر إلى هذه الحال فقد شرع الله عز وجل رحمة بالزوجين فرجاً بالطلاق.
قال الله تعالى: (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) (الطلاق/1)
* من يملك الطلاق:
1- الطلاق من حق الرجل وحده؛ لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها المال، وهو أكثر تريثاً وصبراً وتفكيراً بعقله لا بعواطفه.
2- أما المرأة فهي أسرع غضباً، وأقل احتمالاً، وأقصر رؤيةً، وليس عليها من تبعات الطلاق مثل ما على الزوج، ولو كان الطلاق بيد كل من الزوجين، لتضاعفت حالات الطلاق لأتفه الأسباب.
3- الطلاق بيد الرجال، فالحر يملك ثلاث تطليقات سواء كانت زوجته حرة أو أمة، والعبد يملك تطليقتين.
* يقع الطلاق من كل بالغ عاقل مختار، ولا يقع الطلاق من مكره، ولا سكران لا يعقل ما يقول، ولا غضبان لا يدري ما يقول، كما لا يقع الطلاق من المخطئ، والغافل، والناسي، والمجنون ونحوهم.
* حكم الطلاق:
يُباح الطلاق للحاجة كسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، ويحرم الطلاق لغير حاجة، بأن كانت حياة الزوجين مستقرة، ويستحب الطلاق للضرورة كما لو تضررت الزوجة في البقاء معه، أو كرهت زوجها ونحو ذلك.
* يجب الطلاق على الزوج إذا كانت امرأته لا تصلي، أو كانت غير نزيهة في عرضها ما لم تتب وتقبل النصح.
* يحرم على الزوج أن يطلق زوجته حال الحيض والنفاس، وفي طهر جامعها فيه ولما يتبين حملها، وأن يطلقها ثلاثاً بلفظ واحد أو بمجلس واحد.
* يصح وقوع الطلاق من الزوج أو وكيله، ويطلق الوكيل واحدة ومتى شاء إلا أن يعين له وقتاً وعدداً.
* صيغ الطلاق: ينقسم الطلاق من حيث اللفظ إلى قسمين:
1- الطلاق الصريح: ويكون بالألفاظ التي لا تحتمل إلا الطلاق ولا تحتمل غيره كطلقتك، أو أنت طالق، أو أنت مطلقة، أو عليّ الطلاق ونحو ذلك.
2- الطلاق بالكناية: وهو اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره كقوله: أنت بائن، أو الحقي بأهلك ونحوها.
* يقع الطلاق باللفظ الصريح لظهور معناه، أما الكناية فلا يقع بها الطلاق إلا بنية مقارنة للفظ.
* إذا قال لزوجته (أنت علي حرام) فليس التحريم طلاقاً وإنما يكون يميناً فيها كفارة يمين.
* يقع الطلاق من جاد وهازل:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث جِدُّهُن جِدٌّ، وهَزْلُهُنّ جِدٌّ: النكاح، والطلاق، والرَّجعة)). أخرجه أبو داود وابن ماجه (1)
* صور الطلاق:
الطلاق إما أن يكون مُنَجَّزاً، أو مضافاً، أو معلقاً كما يلي:
1- الطلاق المنجز: أن يقول للزوجة أنت طالق، أو طلقتك ونحوها، وهذا الطلاق يقع في الحال؛ لأنه لم يقيد بشيء.
2- الطلاق المضاف: أن يقول لزوجته مثلاً أنت طالق غداً، أو رأس الشهر، وهذا الطلاق لا يقع إلا بعد حلول الأجل الذي حدده.
3- الطلاق المعلق: وهو ما جعل الزوج حصول الطلاق فيه معلقاً على شرط وهو قسمان:
1- إن كان يقصد بطلاقه الحمل على الفعل أو الترك، أو الحظ أو المنع، أو تأكيد الخبر ونحو ذلك كقوله: إن ذهبت إلى السوق فأنت طالق، يقصد منعها فهذا لا يقع، ويجب فيه كفارة يمين إذا خالفت.
والكفارة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
2- أن يقصد إيقاع الطلاق عند حصول الشرط كقوله: إن أعطيتني كذا، فأنت طالق مثلاً، وهذا الطلاق يقع عند حصول المعلق عليه.
* إذا طُلِّقت من لم يسم لها مهر قبل الدخول وجبت المتعة على الزوج، على الموسر قدره وعلى المقتر قدره، وإن طُلِّقت من لم يسم لها مهر بعد الدخول فلها مهر المثل من غير متعة.
قال الله تعالى: (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ) (البقرة/236)
* إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول أو الخلوة وقد فرض لها صداقاً فلها نصفه إلا أن تعفو أو يعفو وليها، وإن كانت الفرقة من قِبَلها سقط حقها كله.
قال الله تعالى((وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) (البقرة/237)
* إذا افترق الزوجان في نكاح فاسد قبل الدخول فلا مهر ولا متعة، وبعد الدخول يجب لها المهر المسمى بما استحل من فرجها.
الطلاق السني والبدعي
1- الطلاق السني: هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، وله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي ثلاثة قروء.
فإذا انقضت العدة ولم يراجعها طلُقت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، وإن راجعها في العدة فهي زوجته.
* وإن طلقها ثانية فيطلقها كالطلقة الأولى، فإن راجعها في العدة فهي زوجته، وإن لم يراجعها طَلُقَت، ولا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين.
* ثم إن طلقها الثالثة كما سبق بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره بنكاح صحيح، وهذا الطلاق بهذه الصفة وهذا الترتيب سُنِّي من جهة العدد، وسُنِّي من جهة الوقت.
* ومن الطلاق السني: أن يطلق الزوج زوجته بعدما يتبين حملها طلقة واحدة.
* قال الله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ …) ثم قال: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (البقرة/229-230)
* فإذا تم الطلاق وحصلت الفرقة فيسن للزوج أن يمتعها بما يناسب حاله وحالها جبراً لخاطرها، وأداء لبعض حقوقها كما قال سبحانه: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة/241)
2- الطلاق البدعي: هو الطلاق المخالف للشرع، وهو نوعان:
1- بدعي في الوقت: كأن يطلقها في حيض، أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها، وهذا الطلاق حرام ويقع، وفاعله آثم، ويجب عليه أن يراجعها منه إن لم تكن الثالثة.
وإذا راجع الحائض أو النفساء أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها، ومن طلقها في طهر جامعها فيه أمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلقها.
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((مُرْهُ فليراجعها، ثم لْيُطلِّقها طاهراً أو حاملاً)). أخرجه مسلم (2)
2- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((مُرْهُ فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر ثم يُطلِّق بعدُ أو يمسك)). متفق عليه (3)
2- بدعي في العدد: كأن يطلقها ثلاثاً بكلمة واحدة، أو يطلقها ثلاثاً متفرقات في مجلس واحد كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وهذا الطلاق محرم ويقع، وفاعله آثم، لكن الطلاق ثلاثاً بكلمة أو كلمات في طهر واحد لا يقع إلا واحدة مع الإثم.
الطلاق الرجعي والبائن
1- الطلاق الرجعي: هو أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة، وله مراجعتها إن رغب ما دامت في العدة، فإن راجعها ثم طلقها الثانية فله مراجعتها ما دامت في العدة، وهي في الحالتين زوجته ما دامت في العدة، يرثها وترثه، ولها النفقة والسكنى.
* يجب على المطلقة طلاقاً رجعياً وهي المطلقة طلقة واحدة أو طلقتين، بعد الدخول أو الخلوة أن تبقى وتعتد في بيت زوجها لعله يراجعها، ويستحب لها أن تتزين له ترغيباً له في مراجعتها، ولا يجوز للزوج إخراجها من بيتها إن لم يراجعها حتى تنقضي عدتها.
2- الطلاق البائن: هو الطلاق الذي تنفصل به الزوجة عن زوجها نهائياً، وهو قسمان:
1- بائن بينونة صغرى: وهو لطلاق دون الثلاث، فإذا طلق زوجته كما سبق طلقة واحدة ثم انتهت عدتها ولم يراجعها فهذا يسمى طلاقاً بائناً بينونة صغرى.
ومن حقه كغيره أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين ولو لم تنكح زوجاً غيره، وكذا لو طلقها الطلقة الثانية ولم يراجعها في العدة بانت منه، وله نكاحها بعقد ومهر جديدين ولو لم تنكح زوجاً غيره.
2- بائن بينونة كبرى: وهو الطلاق المكمل للثلاث، فإذا طلقها الطلقة الثالثة انفصلت عنه نهائياً، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً شرعياً بنية الدوام، ودخل الثاني بها ووطئها بعد العدة، فإن طلقها الثاني وفرغت من العدة جاز لزوجها الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين كغيره.
* المطلقة ثلاثاً تعتد في بيت أهلها؛ لأنها لا تحل لزوجها، ولا نفقة لها ولا سكنى، ولا تخرج من بيت أهلها إلا لحاجة.
* إذا شك الزوج في الطلاق أو شرطه فالأصل بقاء النكاح حتى يجزم بزواله.
* إذا قال الزوج لزوجته (أمرك بيدك) ملكت طلاق نفسها ثلاثاً على السنة إلا أن ينوي الزوج واحدة.
* متى يجوز للمرأة طلب الطلاق؟
يجوز للمرأة طلب الطلاق أمام القاضي إذا تضررت تضرراً لا تستطيع الحياة في ظله، كما في هذه الصور:
1- إذا قَصَّر الزوج في النفقة
2- إذا أضر الزوج بزوجته إضراراً لا تستطيع معه دوام العشرة مثل سبها، أو ضربها، أو إيذائها بما لا تطيقه، أو إكراهها على منكر ونحو ذلك.
3- إذا تضررت بغيبة زوجها وخافت على نفسها الفتنة.
4- إذا حُبس زوجها مدة طويلة وتضررت بفراقه.
5- إذا رأت المرأة بزوجها عيباً مستحكماً كالعقم، أو عدم القدرة على الوطء، أو مرضاً خطيراً منفّراً ونحو ذلك.
* يحرم على المرأة أن تسأل زوجها طلاق ضرتها لتنفرد به.
* إذا قال لزوجته إن حضت فأنت طالق طلقت بأول حيض متيقن.
* يقع الطلاق بائناً إذا كان على عوض أو كان قبل الدخول، أو كان مكملاً للثلاث.
* إذا قال لزوجته إن ولدت ذكراً فأنت طالق طلقة وإن ولدت أنثى فأنت طالق طلقتين فولدت ذكراً ثم أنثى طلقت بالأول ثم بانت بالثاني، ولا عدة عليها.
__________
(1) حسن بطرقه/ أخرجه أبو داود برقم (2194) صحيح سنن أبي داود رقم (1920). وأخرجه ابن ماجه برقم (2039) صحيح سنن ابن ماجه رقم (1658)
انظر الإرواء رقم (1826)
(2) أخرجه مسلم برقم (1471)
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (525)، وأخرجه مسلم برقم (1471)، واللفظ له.

بحث سريع