ما ورد عن آل البيت في حق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من آل البيت وتواتر ذلك عنهم تواتراً قطعياً ، ما ينكره إلا مكابر ومعاند ، وسأورد في هذا المطلب جملة مما نقل عن آل البيت في حقهما ليتبين للعاقل براءة آل البيت مما تنسبه الرافضة إليهم كذباً وزوراً وليتضح بطلان ذلك الزعم والتأويل الفاسد من أن تلك الأقوال صدرت عنهم تقيه ومداراة .
فقد ثبت عن علي رضي الله عنه بما لا يدع مجالاً للشك القول بتفضيل أبي بكر وعمر رضي الله عنهم :
1- فقد روى البخاري بإسناده إلى أبي يعلى عن محمد بن الحنفية([1]) قال : " قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر ، قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان ، قلت : ثم أنت ؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين "([2]).
2- وروى البخاري ومسلم بإسنادهما إلى ابن أبي مليكة([3]) أنه سمع ابن عباس يقول :
" وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي ، فإذا علي ابن أبي طالب ، فترحم على عمر وقال : ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وايم الله إن كنت لأظن أن
يجعلك الله مع صاحبيك ، وحسبت أني كثيراً أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا و أبو بكر وعمر ))" ([4]).
" وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي ، فإذا علي ابن أبي طالب ، فترحم على عمر وقال : ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وايم الله إن كنت لأظن أن
يجعلك الله مع صاحبيك ، وحسبت أني كثيراً أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا و أبو بكر وعمر ))" ([4]).
وفي ذلك دلالة واضحة على تفضيله رضي الله عنه لهما .
قال ابن حجر : " وفي هذا الكلام أن علياً كان لا يعتقد أن لأحد عملاً في ذلك الوقت أفضل من عمل عمر ، وقد أخرج ابن أبي شيبة([5]) ومسدد([6]) من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي نحو هذا الكلام وسنده صحيح وهو شاهد جيد لحديث ابن عباس لكون مخرجه عن آل علي رضي الله عنهم "([7]).
3- روى الإمام أحمد بإسناده عن شقيق([8]) قال : قيل لعلي ألا تستخلف قال : ما استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستخلف عليكم ، وإن يرد الله تبارك وتعالى بالناس خيراً فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم([9]).
4- وروى الحسن البصري([10]) عن قيس بن عباد([11]) ، قال : قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ليالي وأياماً ينادي بالصلاة فيقول: (( مروا أبا بكر يصلي بالناس فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرت فإذا الصلاة علم الإسلام وقوام الدين فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فبايعنا أبا بكر )) ([12]).
5- وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن سيار أبي الحكم([13]) أن أبا بكر لما ثقل أطلع رأسه إلى الناس من كوة فقال : (( يا أيها الناس إني قد عهدت عهداً أفترضون به ؟ فقام الناس فقالوا : قد رضينا ، فقام علي فقال : لا نرضي إلا أن يكون عمر بن
الخطاب )) ([14]).
الخطاب )) ([14]).
6- وروى الأمام أحمد وغيره بأسانيد إلى علي رضي الله عنه أنه قال لأبي جحيفة([15]) : ألا أخبرك بأفضل هذه الأمة بعد نبيها قال : قلت : بلى ولم أكن أرى أحداً أفضل
منه ، قال : أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وبعد أبو بكر عمر وبعدهما آخر ثالث لم يسمه )) ([16]).
منه ، قال : أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وبعد أبو بكر عمر وبعدهما آخر ثالث لم يسمه )) ([16]).
7- وروى الإمام أحمد أيضاً بإسناده إلى عبد خير([17]) قال سمعت علياً يقول : (( خير هذه الأمة بعد نبيها وخير الناس بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم أحدثنا أحداثاً يقضي الله تعالى فيها ما أحب )) ([18]) .
8- وروى ابن عبد البر بإسناده إلى النزال بن سبرة ([19]) عن علي عليه السلام قال : ((خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ))([20]) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر كما تواتر ذلك عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب موقوفاً ومرفوعاً وكما دل على ذلك الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة وأئمة العلم والسنة )) ([21]) .
وقال أيضاً : ويروي هذا عن علي ابن أبي طالب من أكثر من ثمانين وجهاً . ([22])
بل ثبت عنه رضي الله عنه أنه قال : (( لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري )) . ([23])
فمن فضله على أبي بكر وعمر جلد بمقتضى قوله رضي الله عنه ثمانين سوطاً ([24]) فكيف بمن تنقصهما أو سبهما كما تفعله الرافضة عليهم من الله ما يستحقون .
وبهذه النقول تتبين منزلة أبي بكر وعمر عند علي رضي الله عنهم ، والتي فيها الدليل القاطع والبرهان الساطع على أنه رضي الله عنه يعلم ما لهما من المنزلة و الاختصاص برسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس له ولا لغيره من الصحابة رضوان الله على الجميع .
(( والرافضة لما لم يكن باستطاعتهم إنكار صدور هذا القول منه لظهوره عنه بحيث لا ينكره إلا جاهل بالأثار أو مباهت قالوا : إنما قال علي ذلك تقية … وأحسن ما يقال في هذا المحل : ( ألا لعنة الله على الكاذبين ) … وقول الرافضة إنما ذكر علي رضي الله عنه ذلك تقية محض كذب وافتراء على الله إذ كيف يتوهم ذلك من له أدنى عقل أو فهم مع ذكره له في الخلاء ومدة خلافته لأنه قاله على منبر الكوفة ، وهو لم يدخلها إلا بعد فراغه من حرب أهل البصرة ، وذلك أقوى ما كان أمراً و أنفذ حكماً ))([25]).
ومما يبطل ويكذب تلك التقية المشؤومة ما ثبت عن بقية آل البيت رضي الله عنهم أجمعين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( والنقل الثابت عن جميع علماء أهل البيت ، من بني هاشم من التابعين وتابعيهم ، من ولد الحسين بن علي ، وولد الحسن ، وغيرهما أنهم كانوا يتولون أبا بكر وعمر ، وكانوا يفضلونهما على علي ، والنقول عنهم ثابتة متواترة ))([26]).
قلت واليك جملة منها :
فقد روى الحاكم بسنده عن جعفر([27]) بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال : (( ولينا أبو بكر فكان خير خليفة الله وارحمه بنا وأحنه
علينا ))([28]).
علينا ))([28]).
وروى الدار قطني([29]) باسناده عن ابن حازم([30]) عن أبيه قال : قيل لعلي بن الحسين([31]) كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله r قال : كمنزلتهما اليوم وهما ضجيعاه([32]) .
وروى الذهبي بسنده إلى بسام الصيرفي([33]) قال : سألت أبا جعفر([34]) عن أبي بكر وعمر فقال والله إني لأتولاهما وأستغفر لهما ، وما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا ويتولاهما([35]) .
قال ابن كثير عند ترجمته لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وثناءه عليه وأنه أحد أعلام هذه الأمة علماً وعملاً وسيادة وشرفاً قال : وهو أحد من تدعي فيه طائفة الشيعة أنه أحد الأئمة الاثنى عشر ، ولم يكن الرجل على طريقهم ولا على منوالهم ولا يدين بما وقع في أذهانهم وأوهامهم وخيالهم ، بل كان ممن يقدم أبا بكر وعمر ، وذلك عنده صحيح في الأثر([36]) .
وروى الإمام أحمد بسنده إلى كثير النواء([37]) قال : سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال تولهما فما كان منهما أثم فهو في عنقي([38]) .
وقد تبرأ رحمه الله ورضي عنه مما تنسبه إليه الرافضة ، فعن جابر الجعفي([39]) عن محمد بن علي قال : (( يا جابر إن أقواماً بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر ويزعمون أني أمرتهم فأبلغهم أني إلى الله بريء منهم والذي نفس محمد بيده لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم لا نالتني شفاعة محمد إن لم أكن استغفر لهما وأترحم عليهما )) ([40]) .
وقد سئل رضي الله عنه عن قوم يسبون أبا بكر وعمر فقال أولئك المراق([41]) .
وروى الدارقطني وغيره عن أبي جعفر الباقر أنه قال : (( من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السنة )) ([42]) .
وروى أبو نعيم بإسناده عن عروة بن عبد الله([43]) سألت أبا جعفر عن حلية السيف فقال : لا بأس به ، قد حلى أبو بكر الصديق سيفه قال قلت : وتقول الصديق ؟ قال : فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال : نعم الصديق ، نعم الصديق ؟ فمن لم يقل الصديق فلا صدق الله له قولاً في الدنيا والآخرة([44]) .
ومما يبطل تلك التقية المشؤومة التي أتخذها الرافضة ستاراً لترويج باطلهم ما جاء عنه أيضاً عندما سئل عن أبي بكر وعمر فقال : إني أتولاهما فقيل له أنهم يزعمون أن ذلك تقية ، فقال إنما يتقى الأحياء ولا يتقى الأموات . وذكر هشام بن عبد الملك([45]) فقال : فعل الله به وفعل([46]).
قلت فإذا كان هذا هو حال الباقر في عدم الخوف في ذلك الزمن مع قلة الأنصار فكيف بعلي رضي الله عنه في زمن خلافته 0
قال ابن حجر الهيتمي : فانظر ما أبين هذه الاحتجاج وأوضحه من مثل هذا الإمام العظيم المجمع على جلالته وفضله ، بل أولئك الأشقياء يدعون فيه العصمة فيكون ما قاله واجب الصدق ، ومع ذلك فقد صرح لهم ببطلان تلك التقية المشؤومة عليهم واستدل لهم على ذلك بأن اتقاء الشيخين بعد موتهما لا وجه له ، إذ لا سطوة لهما حينئذ ثم بين لهم بدعائه على هشام الذي هو والي زمنه وشوكته قائمة ، إنه إذا لم يتقه مع أنه يخاف ويخشى لسطوته وقوته وقهره ، فكيف مع ذلك يتقى الأموات الذين لا شوكة لهم ولا سطوة([47]).
بل قد ثبت ذلك أيضاً عن ابنه جعفر الصادق والذي يعد الإمام السادس المعصوم عند الرافضة .
فعن سالم بن أبي حفصة([48]) قال : سألت أبا جعفر وابنه جعفراً عن أبي بكر وعمر فقالا لي : (( يا سالم ، تولهما وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى )) ([49]) .
وقد علق الذهبي رحمه الله على هذه الرواية بقوله : كان سالم فيه تشيع ظاهر ، ومع هذا فيبث هذا القول الحق ، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل ، وكذلك ناقلها ابن فضيل شيعي ثقة فعثر الله شيعة زماننا ما أغرقهم في الجهل والكذب ، فينالون من الشيخين وزيري المصطفى صلى الله عليه وسلم ويحملون هذا القول من الباقر والصادق على التقية([50]).
قلت ولم يكونوا في هذا العصر بأحسن حالاً من عصر الذهبي رحمه الله بل زادوا جهلاً وكذباً وبعداً عن الإسلام وشرائعه ، بل ما كان غلواً في السابق أصبح من ضروريات المذهب.
وما ذكر عن سالم وابن فضيل فهذا هو حال الشيعة الأولى الذين كانوا في عصر علي رضي الله عنه حيث لم يكن فيهم من يظهر تنقصاً لأبي بكر وعمر ولا فيهم من يقدم علياً عليهما وقد نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فبعد أن ذكر أنه تواتر عن علي القول بتفضيل الشيخين قال : ولهذا كانت الشيعة المتقدمون الذين صحبوا علياً أو كانوا في ذلك الزمان ، لم يتنازعوا في تفضيل أبي بكر وعمر ، وإنما كان نزاعهم في تفضيل علي وعثمان وهذا مما يعترف به علماء الشيعة الأكابر من الأوائل والأواخر حتى ذكر مثل ذلك أبو القاسم البلخي([51]) ، قال سأل سائل شريك([52]) بن عبد الله بن أبي نمر فقال له : أيهما أفضل أبو بكر أو علي ؟ فقال له : أبو بكر ، فقال له السائل : أتقول هذا وأنت من الشيعة ؟ فقال : نعم ، إنما الشيعي من قال مثل هذا والله لقد رقى علي هذه الأعواد فقال : ألا إن خير هذه بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ، أفكنا نرد قوله ؟ أكنا نكذبه ؟ والله ما كان كذاباً([53]) .
وروى اللالكائي بإسناده عن ليث بن أبي سليم([54]) قال : (( أدركت الشيعة الأولى ما يفضلون على أبي بكر وعمر أحداً )) ([55]) .
فهذا هو قول الشيعة الأولى وهو قول سائر أهل البيت فقد روى الإمام أحمد بسنده إلى عمرو بن قيس([56]) قال : سمعت جعفر بن محمد بن علي يقول : (( بريء الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر )) ([57]) .
قال الذهبي بعد إيراده : قلت هذا القول متواتر عن جعفر الصادق ، وأشهد بالله أنه لبار في قوله غير منافق لأحد فقبح الله الرافضة ([58]) .
وفي رواية عن سالم بن أبي حفصة قال : قال لي جعفر : (( يا سالم – أبو بكر جدي أيسب الرجل جده ؟ قال : وقال لي لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم في القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما )) ([59]) .
وروى اللالكائي بسنده أن جعفر بن محمد كان يقول : (( ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا أني أرجو من شفاعة أبي بكر مثله ولقد ولدني مرتين )) ([60]) .
ومعنى هذا الكلام أن أبا بكر جده مرتين وذلك أن أم جعفر بن محمد هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أ[ي بكر ، فأبو بكر جده من وجهين ، ولهذا كان يقول : (( ولدني أبو بكر الصديق مرتين )) ([61]) .
وعن زيد([62]) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : (( البراءة من أبي بكر براءة من علي فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر )) ([63]) .
وزيد هذا هو الذي بسببه سمي الذين يتبرءون من أبي بكر وعمر بالرافضة وذلك أنه لما خرج جاءت الرافضة إليه فقالوا : تبرأ من أبي بكر وعمر حتى ننصرك قال : بل أتولاهما قالوا : إذاً نرفضك فسميت بالرافضة([64]) .
وقد أخطأ من نسب إلى زيد رحمه الله أنه كان يرى أن علياً أفضل من أبي بكر وعمر كما تزعم الزيدية ، وأنه كان يجوز إمامتهما على أساس القول بجواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل([65]) بل الثابت عنه أن كان يعتقد أفضليتهما على علي رضي الله عنه وأنهما استحقا الإمامة بذلك الفضل .
فقد روى ابن عساكر([66]) عن آدم بن عبد الله الخثعمي وكان من أصحاب زيد ، قال : سألت زيداً عن قوله تعالى : { والسابقون السابقون () أولئك المقربون ()}([67]) من هؤلاء ؟ قال : أبو بكر وعمر ، ثم قال : لا أنالني الله شفاعة جدي إن لم أوالهما .
وذكر عن كثير الكوفي ، أنه قال : سألت زيداً عن أبي بكر وعمر فقال : (( تولهما فقلت له : كيف تقول فيمن تبرأ منهما قال : أبرأ منه حتى تموت )) ([68]) .
وروى اللالكائي بسنده عن زيد بن علي أنه قال : أبو بكر الصديق إمام الشاكرين ، ثم تلا : { وسيجزي الشاكرين }([69]) . وعنه أيضاً أنه قال : البراءة من أبي بكر وعمر البراءة من علي عليه السلام )) ([70]) .
وذكر ابن جرير الطبري رحمه الله أنه عندما أظهر الرافضة في زمنه الطعن على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما منعهم من ذلك وقال لهم : (( ما سمعت أحداً من أهل بيتي يتبرأ منهما ولا يقول فيهما إلا خيراً )) ([71]) .
وبهذا يتبين أنه كان يعترف بفضل الشيخين على علي رضي الله عنهم وأحقية إمامتهما ، وأنه متبع لأهل بيته الذين سبقوه في هذا الاعتقاد ، وهو قول آل البيت باتفاق وقد نص محمد بن علي الباقر الإمام الخامس المعصوم عند الرافضة إجماع أولاد فاطمة على ذلك .
فقد روى الذهبي بإسناده عن جابر الجعفي عن محمد بن علي قال : (( أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن ما يكون من القول )) ([72]) .
وذكر ابن كثير عنه قوله فيهما أيضاً : (( ما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما رضي الله عنهما )) ([73]) .
وبهذه النقول عن آل البيت من ولد علي رضي الله عنهم والتي تنص على ثنائهم وتقديمهم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فضلاً عن محبتهما يتبين للعاقل أن الرافضة ومن سلك مسلكهم ليسوا متعلقين في الإسلام بشيء ولا متمسكين بقول أحد من القرابة أو الصحابة رضوان الله عليهم .
([1]) هو أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي ، المعروف بابن الحنفية المدني ، ثقة عالم من سادات قريش ومن الشجعان المشهورين والأقوياء المذكورين ، وقد ذهب طائفة من الرافضة إلى إمامته وأنه المهدي المنتظر خروجه في آخر الزمان ، مات بالمدينة النبوية بعد الثمانين . انظر البداية والنهاية (9/40-42) والتقريب (497).
([9]) المسند (2/186) و المستدرك للحاكم (3/79) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه و وافقه الذهبي، والسنة لابن أبي عاصم (2/575) حديث (1220) والبيهقي في الاعتقاد (227) وذكره ابن كثير في البداية والنهاية (5/220) و قال : إسناده جيد ولم يخرجوه ، و الهيثمي في مجمع الزوائد (9/47) و قال : رجاله رجال الصحيح غير إسماعيل بن أبي الحرث و هو ثقة .
([16]) المسند (1/106) وثمة روايات أخرى بهذا المعنى ، قال الساعاتي في بلوغ الأماني (22/181) سندها كلها صحيحة ، وهي موقوفة على علي رضي الله عنه ولكن لها حكم الرفع لأن مثلها لا يقال بالرأي . ورواه أيضاً في فضائل الصحابة (1/303) حديث (405) وقال محققه : إسناده صحيح . ورواه ابن ماجة في سننه (1/39) حديث (106) وابن أبي عاصم في السنة (2/571) حديث (203) وقال الألباني : إسناده حسن ، والطبراني في المعجم الكبير (1/64) وابن شيبه في المصنف (6/351) حديث (31950) والبخاري في التاريخ الكبير (3/306-307) .
([32]) فضائل الصحابة للدار قطني (11ل/19ب) ورواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/203) حديث (223) وفي الزهد (111) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (7/1299) حديث (2460) والزمخشري في المختصر من كتاب الموافقة بين أهل البيت والصحابة (127) والذهبي في السير (4/394-395) وابن كثير في البداية (9/110) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/54) رواه عبد الله وابن حازم لم أعرفه .