أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب

بواسطة |  د. ناصر بن علي الشيخ
2005/04/03
هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل : اسمه المغيرة أسلم عام الفتح وحسن إسلامه ، وكان قبل إسلامه من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى دينه ومن تبعه وكان شاعراً بارعاً هجا الإسلام وأهله وهو الذي رد عليه حسان بن ثابت رضي الله عنه في قصيدته التي مطلعها :
     ألا أبلغ أبا سفيان عني               مغلغلة فقد برح الخفاء
     هجوت محمداً أجبت عنه           وعند الله في ذلك الجزاء(1)
شهد أبو سفيان حنيناً وأبلى فيها بلاءاً حسناً وكان ممن ثبت ولم يفر يومئذ ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انصرف الناس إليه وكان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه وشهد له بالجنة وكان يقول : ((أرجو أن تكون خلفاً من حمزة )) وهو معدود في فضلاء الصحابة(2) . قال الذهبي رحمه الله تعالى : تلقى النبي صلى الله عليه وسلم في الطريق قبل أن يدخل مكة مسلماً فانزعج النبي صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه لأنه بدت منه أمر في أذية النبي صلى الله عليه وسلم فتذلل للنبي صلى الله عليه وسلم حتى رق له ، ثم حسن إسلامه ولزم هو والعباس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين إذ فر الناس وأخذ بلجام البغلة وثبت معه وكان أخا النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة أرضعتهما حليمة(3) . وكانت وفاته رضي الله عنه سنة عشرين للهجرة (( وكان سبب وفاته أنه حج فلما حلق الحلاق رأسه قطع أثلوثاً كان في رأسه فلم يزل مريضاً منه حتى مات بعد مقدمه من الحج بالمدينة سنة عشرين )) (4)
وأبو سفيان هذا وردت له بعض المنافقب دلت على جلالة قدره وهي :
1- ما رواه الطبراني بإٍناده عن أبي حبة البدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين لا ينظر في ناحية إلى رأى أبا سفيان بن الحارث يقاتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أبا سفيان خير أهلي أو من خير أهلي )) (5) .
2- وروى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى العباس بن عبد المطلب قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلقد رأيته وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكبها وأبو سفيان لا يألو أن يسرع نحو المشركين(6) . وفي هذا الحديث بيان منقبة عظيمة لأبي سفيان رضي الله عنه وهي فرط شجاعته وإقدامه لمناجزو أعداء الدين من المشركين ولاكافرين من أجل نصرة الإسلام ورفع رايته .
3- وروى الحاكم أبو عبد الله بإسناده إلى عروة بن الزبير قال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه كان أب قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شديداً عليه فلما أسلم كان أحب الناس إليه(7) . ففي قول عروة هذا بيان ما حصل لأبي سفيان بن الحارث من المكانة عند النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كان من أشد الناس عداوة له فإنه صار بعد ذلك من أحب الناس إليه رضي الله عن أبي سفيان وأرضاه .
4- وروى الحاكم أيضاً : بإسناده إلى عروة بن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( سيد فتيان الجنة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب )) قال : حلقه الحلاق بمنى وفي رأسه ثؤلول فقطعه فمات فيرون أنه شهيد(8) . فقول عروة هذا لابد أنه سمعه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يقوله من تلقاء نفسه ، والصحابة لابد أنهم سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم لأن هذا من باب الإخبار بالغيب لأنه متضمن الشهادة لمعين بالجنة ، ولا يخبر بهذا إلا المصطفى عليه الصلاة والسلام . ذلك هو أبو سفيان بن الحارث وتلك بعض مناقبه فقد كان من فضاء الصحابة وأجلهم رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين .



1- انظر طبقات ابن سعد 4/49 – 54 ، أسد الغابة 5/215 ، المستدرك 3/255 سير أعلام النبلاء 1/2002 ، البداية 7/114 .
2- الاستيعاب على حاشية الإصابة 4/84 .
3- سير أعلام النبلاء 1/203 .
4- الاستيعاب على حاشية الإصابة 4/85 .
5- أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 9/274 وقال : رواه الطبراني في الكبير والأوسط وإسناده حسن .
6- المستدرك 3/255 ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي .
7- المصدر السابق 3/255 وهذا مرسل ولعله أخذه عن أبيه أو غيره من الصحابة .
8- المستدرك 3/255 وأورده الحافظ في (( الإصابة )) 4/60 وقال : (( أخرجه الحاكم أبو أحمد من طريق حماد بن سلمة عن هشام عن عروة عن أبيه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أبو سفيان بن الحارث سيد فتيان أهل الجنة )) ثم ساق كلام عروة بكامله ثم قال : (( هذا مرسل رجاله ثقات )) اهـ .

بحث سريع